قديم 12-09-2012, 07:32 PM
المشاركة 21
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


سادسا: رواية أن الأمة لا تجتمع على باطل، وسأبين أن هذه الرواية مخالفة للقرآن والأحاديث النبوية وللسنن الكونية.


تأمل أخي قوله تعالى:


أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36) أم لكم كتاب فيه تدرسون (37) إن لكم فيه لما تخيرون (ن:38)


طبعا لم يكن عند مشركي مكة أيام نزول السورة أي كتاب فلم يعرف عنهم ذلك. فالكتاب المقصود هو الكتب التي اتخذها الناس حسب مذاهبهم فيختارون منها ما يشاؤون.


ذكرت في إحدى مداخلاتك أن علينا أن نعود إلى أمهات التفاسير وذكرت تفسير الطبري على وجه التحديد.

لا أدري إن كان قد فاتك أن الطبري أورد 800 رواية عن أحد الرواة في تاريخه. لعلمك أخي فهذا المروي عنه من أكبر الكذبة بتاريخ الرواة بشهادة رواة الحديث.

فقال يحي ابن نعيم عنه: فَلْسُ خيرٌ منه. واتهم بالزندقة كما قال ابن حبان.
فهل تريدني أن أعتمد تفسير الطبري (الذي لم يتمكن من إدراك كذب رواته) كمرجع معصوم وأترك القرآن الكريم المحفوظ؟


يأخي الكريم إن في تفسير الطبري ما يخجل الإنسان من قوله بحق نبينا الكريم، فللنتبه ونتفكر قليلا لما نقرأ.


فمثلا وردت رواية في تفسير الطبري والله إني لا أدري بأي الكلمات أصفها لكني أترك الوصف لك. فقد أورد الطبري في تأويل الآية 37 من سورة الأحزاب الكريمة:


وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا (الأحزاب:37)

فأورد الطبري:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش، ابنة عمته، فخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا يريده وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما وقع ذلك كرِّهت إلى الآخر، فجاء فقال: يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال: ما ذاك، أرابك منها شيء؟ " قال: لا والله ما رابني منها شيء يا رسول الله، ولا رأيت إلا خيرًا، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أمسك عليك زوجك واتق الله، فذلك قول الله تعالى ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها.


هل تفكرت قليلا في هذا الاتهام الشنيع في حق أخلاق نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام والنية المبيتة التي كان يحملها في قلبه بناء على رواية الطبري؟ هل ترضاه لنفسك أخي قبل أن ترضاه لغيرك وخصوصا لسيد الخلق ذو الخلق العظيم؟

أستغفر الله تعالى وأبرأ أنا من هكذا أقاويل.

فتأكد أخي من حذف هذه الروايات المعيبة من التفاسير "نهائيا" قبل أن تزكيها لغيرك.


وعلى فكرة فقد سألتني في مداخلة سابقة عما لو كنت قد عرضت أفكاري على "العلماء" قبل عرضها للناس. عفوا أخي عفوا، على المفسرين أن يراجعوا كتبهم وينقحوها مما يسيء إلى كلامه تعالى وإلى الأنبياء الكرام قبل أن يراجعوا أقوالي، عليهم قبل محاورتي أن يعيدوا النظر في تفاسيرهم قبل أن يأتوني بأقوال لا يستطيعون الدفاع عنها.



سأتكلم تاليا عن حديث مهم وهو الذي تفضلت بسرده: لا تجتمع أمتي على ضلالة.


هذا الحديث هو مما يستخدم كثيرا إذ به يثبت المرء أنهم دوما ومهما فعل وقال على حق لأنه (وهم الممثل الوحيد للدين) لن يجتمع على ضلالة، هكذا يكون تبسيط الأمور.



ليس لنا أن نفرح بهكذا "تنزيهات" إذ إن لكل فكر ضال ولكل من المذاهب والفرق المتباعدة مهما كان "مبرراته ومسوغاته" التي تبدو لأصحابها "شرعية قانونية" ليثبتوا لأنفسهم أنهم هم وحدهم فقط من يمثل الأمة أو من يمثل الإنسانية. فلكل من الأديان الأخرى ما يشبه هذا المعنى وبذا يتم التفريق بين الناس بشتى أديانهم ومذاهبهم.


فتأمل قوله تعالى:

بل الإنسان على نفسه بصيرة (14) ولو ألقى معاذيره (القيامة:15)


قالمعاذير في الآية هي المسوغات والحجج التي يستعملها الإنسان فردا أو جماعات أو أمما لتبرير أفعاله.


يأخي العزيز عندما تكتب المجتمعات دستورها وتضع الأطر العامة الكبيرة التي تحدد هويتها وجوهر فكرها وعلاقتها بالمجتمعات الأخرى فإن عليها أولا استخدام مفردات ومعاني كلمات الدستور بطريقة لا لبس فيها ولا تأويل. بغير هذا فالمجتمع لا يجني من وراء دستوره المبهم إلا الخلافات والتخبط بين معاني كلمات الدستور.


وما يجري حاليا في دول الربيع العربي من خلافات حول كتابة الدستور دليل حي على ما نقول.


الآن، هل رواية "لا تجتمع أمتي على ضلالة" وفي روايات أخرى "لا تجتمع أمتي على خطأ" واضحة المعاني والمفردات قوية بحيث تصلح أن تكون بما يشبه الدستور أو تعريف الفكر العام للمجتمعات؟


فهل تستطيع تعريف كلمة "الضلالة" أو كلمة "أمتي" في الرواية؟

هل الضلالة المقصودة هي الإلحاد، أم النفاق، أم الشركيات، أم الموبقات، أم الكبائر، أم المعاصي، أم حتى دون ذلك كترك السنن والمندوبات والعمل بالمكروهات؟


مثلا هل حلق اللحية وسماع الموسيقى من "الضلالات" المقصودة؟ فلو قلت نعم فهات الدليل. وإن قلت لا فعليك أن تثبت ما تقول للكثير من الناس.


وما هي الأمة هنا؟ هل هم أهل القبلة، أم فرقة أو مذهبا من المذاهب، أو مجموعة محددة من الناس؟ ولو كانت مجموعة من الناس فما هو أقل عدد مقبول لأفراد المجموعة؟ بمعني هل لو اجتمع 100 شخص من أمة الإسلام على الحق فهل يمثلون المجموعة المحقة؟
أما لو قلت إن المقصود هو الثلاثة القرون الأولى، فالسؤال إذن ألم تتفرق الأمة من ذلك الوقت؟


فإن لم يكن عندك جواب واضح من القرآن أو من السنة النبوية للسؤالين أعلاه فهل لنا أن نستخدم هذه الرواية ونجعلها مبررا وإثباتا لكل ما نقول ونفعل؟


فأطلب من حضرتك توضيح معنى كلمة "ضلالة" من منظورك. ولعلمك أخي فإن غيرك سيدخل "ترك السنن" في هذه الضلالة إذ أن ترك السنن تعمدا عند البعض يرقى لدرجة الكبائر، وكل له مبرارته وشيوخه "المتخصصين" الذين لن يعدموا الدلائل فالأسلاف كثير، وأرائهم أكثر بكثير.


أم لكم كتاب فيه تدرسون (37) إن لكم فيه لما تخيرون (ن:38)



هذا من جهة. ومن جهة أخرى فهذه الرواية تخالف أحداديث متواترة بل الأهم والأدهى أنها تخالف سنة كونية خالدة:


ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين (هود:119)



فلآية واضحة : خلقنا من أجل الاختلاف.


أما عن معارضة الرواية لأحاديث أخرى فأعرض لك حديثين نبويين هنا:


أولا:
أحاديث: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذوة بالقذوة، ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه".


فالحديث واضح في بيان اتباعنا سنن وطرق الأمم الأخرى، وبالتحديد اليهود والنصارى. ونعلم يقينا أن الاختلاف والمذهبية كانت من أهم سيمات هذه الأمم ونحن على إثرهم لا محالة،فهل ستثتسني أمتنا من هذا الحديث؟ ألا تجد معارضة واضحة بين الروايتين؟

فلماذا تأخذ براويتك وتترك روايتي؟



ثانيا:
أحاديث: "تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً".


"لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي".


فالأحاديث واضحة بأن "أمتي ستفترق" وهو ما يعارض روايتك أيضا.


ومن هي هذه الفرقة الناجية برأيك؟ لا شك عندي أخي أنك ستقول "هي ما أنا وسلفي عليه"، لا شك عندي ... لا شك، فكل الأديان تقول ذلك.






يتبع ....



قديم 12-09-2012, 07:36 PM
المشاركة 22
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


سابعا: عدم إدراك معنى "وأخر متشابهات" من الآية السابعة من آل عمران.



أخي الكريم. أكثرت من تكرارك القول بأن بالقرآن الكريم آيات محكمات وأخر متشابهات. ثم تقول أنك تتبع المفسرين الذين يفسرون القرآن بالقرآن.


فهل فسروا كلمة " ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ " من الآية السابعة من آل عمران:


هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابهاتٌ (آل عمران:7)


بالمعنى العام الشامل الذي يؤكد أن جميع آيات القرآن محكمة كما جاء في مطلع سورة هود:


الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير (هود:1)


فهل تجد تفسير القرآن بالقرآن هنا؟


أما أنا أخي الكريم فقد فعلت وأرجو (للمرة الثانية) منك أن تحاورني في هذا الموضوع الهام المنشور في هذا المنتدى، والذي تجده كذلك في موقعي:


http://www.alraqeem3.net/index.php/a...05-24-18-28-43




وأخيرا: إنَّ الكثير من الناس سيقول ما الداعي لتفسير آيات عقدية كان تفسيرها مسرحاً للاختلاف والقتال والتفرق بين المسلمين فيما مضى من القرون؟ فهناك مذاهبٌ كاملة تفرقت عن الصف الإسلامي نتيجة تفسير وفهم مثلا آيات الاستواء على العرش بطرقٍ مختلفةٍ. فما الداعي لإثارة الفتنة من جديد؟ وما الذي سيضيفه فهمٌ جديدٌ – مهما كان مقبولاً – للاستواء على العرش؟ فلم لا نقول كما قال الأسلاف "الاستواءُ معلومٌ والكيفُ مجهول والسؤالُ عنه بدعة!"؟


الجواب على هذه الأسئلة كما يلي. إنَّ الفتنة والاختلافَ بين الفرق والمذاهب إنَّما كان نتيجة الجهل والتخلف في فترات من تاريخ الأمة، والجهل لا ينبغي أن يكون أبداً سبباً لمزيد من التخلف والجهل والظلام. في الحقيقة، لو فهم التأويل الصحيح للاستواء على العرش - كما شرحته في مقال هنا - فلم يكن هناك من اختلاف وتفرق. فالجهل هو الذي يُنبتُ التفرقَ، فكيف نسكت عنه؟

إن الحق واحد واضح بَينٌ يجمع الناس ويوحدهم، والباطل كثير مختلف يفرق الناس ويشرذمهم.


هناك حلان لا ثالث لهما لهذه الأمة:


الأول: أن ننسى جميع ما يفرقنا من أمور الدين ونعود لكوننا بشر نعيش على أرض واحدة ونجعل التقيد بالدين من عدمه مسألة شخصية. في هذه الحالة سيقل الاختلاف والحروب والجفاء والإقصاء والتقتيل والتفجير والحقد والبغضاء فيما بيننا ونبدأ من جديد بتكوين مجتمعات مبنية على نظم مادية بحتة.


هذا فا فعلته أوربا بعدما خنقها الكهنة المتدينون بسلطتهم "الإلهية" فتقدمت وتطورت الشعوب بأنفسها بغير وصاية من أحد.


الثاني: أن نترك جميع ما يفرقنا إبتداء من الأسماء التي سمينا بها أنفسنا وما أنزل الله تعالى بها من سلطان (سني، صوفي، شيعي، ...)، وأن نترك جميع ما اختلف السلف فيه من تفسير القرآن الكريم لأن ذلك من أصل ما يفرقنا، نترك ونترك .... ، نترك كل ذلك ونعود لقرآننا ونعتصم به من جديد ونفهمه فهما "توحيديا" يجمعنا لا يفرقنا.



فإن لم نأخذ بالحل الثاني، فسنأخذ بالحل الأول، حل أهل الكتاب. وهذا ليس بغريب أو مستبعد. لأننا وكما في الحديث سنتبع سنن وطرق من كان قبلنا حذو القذوة بالقذوة، ولو دخلوا جحر ضب لدخلناه.


الحلان أحلاهما مر. وأجزم أننا سنأخذ بالحل الثاني وهو العودة للقرآن بعيدا عن كل ما يفرقنا و يقسمنا.



ونسأل الله الكريم أن يجعلنا ممن قال فيهم:


الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب (الزمر:18)





اللهم افتح علينا بالحق إنك أنت الفتاح العليم
وصلي وسلم على سيد الخلق والمرسلين
نبينا محمد المصطفى المبعوث الأمين


قديم 12-09-2012, 11:06 PM
المشاركة 23
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
سلام الله على الحاضرين
أمضيت وقتاً هنا
واستمتعت وأفدت جداً
ولا يسعني أن أضيف جديداً
بارك الله فيكم .. نقاش رائع ومثمر


تحية ... ناريمان

قديم 12-11-2012, 01:30 AM
المشاركة 24
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأخ الفاضل د. نبيل أكبر ..
كنت أتمنى فى الواقع لو أنك التزمت بالمنهج المحدد فى النقاش ــ والتى عرضته فى البداية ــ لأن تشعيب الحوار لا يخدم الموضوع ,
لهذا سأحاول بقدر طاقتى حصر نقاط النقاش مرة أخرى لا يتبلبل منا القارئ ..
واسمح لى ..
فقد بحثت فى كل هذا الإطناب والتطويل عن إجابات محددة لما طرحته عليكم من أسئلة , فلم أجد إجابة معينة تفيد على أى سؤال ..
بل فى الواقع رأيت عددا من التناقضات سأبينها فى موضعها إن شاء الله ..

أحب فقط أن ألفت نظركم إلى نقطتين هامتين أراك تصر عليهما رغم أنى أوضحتهما أكثر من ثلاث مرات حتى الآن ..
فإنى أراك تعيد الطرح والدفاع فى غير الموطن الذى طلبناه , وهاتان النقطتان هما :
أولا : أنك تصر على أنى أطالبك بالإلتزام بأقوال السلف فى التفسير !! , رغم أنى فى الردود السابقة أوضحت لك مرارا أننى لم أطلب ذلك بل طلبت منك الإلتزام بالقواعد العلمية بالتفسير ولك مخالفة تفاسير السلف قاطبة لو أنك امتلكت الدليل والبرهان الواضح على ما تقول ..
وضربت لك أمثل فى الرد السابق على استنباطات الشعراوى و تفسيرات الكبيسي والسامرائي ومكتشفات الزندانى وزغلول النجار
وكل هؤلاء خالفوا تفسيرات السلف فى آيات الإعجاز العلمى واللغوى , وقبلنا منهم هذه التفسيرات لأنها كانت مبنية على العلم والدليل والبرهان ..
ورغم أنى قلت هذا صراحة إلا أنك دافعت فى صفحتين كاملتين من ردك على إتهام أنا لم أوجهه لك أصلا , والتزام لم أطلبه منك .. وإنما طلبت منك إلتزام المنهج العلمى بالتفسير وليس الإعتماد على الرأى المجرد .. ولم أطلب منك الإلتزام بآحاد المفسرين بل بالسنة المنقولة عن النبي عليه السلام وعن الصحابة , فهذه هى التى لا ينبغي مخالفتها ..

ثانيا : كل ما دافعت به فى ردك الأخير عن حرية استخدام العقل فى استنباط التفسيرات الجديدة , كان دفاعا بغير قضية , لأنى وكما أكرر دائما لم أنف ولم أحجب التفكر فى آيات الله !
وكيف أمنعها ونحن مأمورون بها , وإنما كان المنع كما أسلفت مرارا هو الإعتماد على الرأى فى المطلق , أو القول بتفسير جديد فى شأن آية محكمة قطعية الدلالة ورد تفسيرها بالسنة أو أقوال الصحابة الموقوفة التى تعامل معاملة المرفوع أو إجماع أهل التفسير بالأثر ..
وهذا ما يقرره كافة علماء التفسير .. كقاعدة علمية ثابتة ..
فتأتى أنت وبدلا من أن تدافع عن وجهة نظرك فى إلتزام المنهج العقلي المجرد من أى إثبات علمى , تأتى لتدافع عن حرية الإجتهاد فى تفسير القرآن الكريم !!
وهذاما منعناه ولا تكلمنا فيه ..

وهناك ملحوظة لاحظتها فى ردودك الأخيرة أتمنى أن تترفع عنها .. لأنها من مناهج أصحاب البدع وأنا أربأ بك متابعتهم فى ذلك ..
إذا لاحظت أن تكثر من القول والطعن فى علمائنا السابقين , وفى ردك الأخير أوردت ما رأيته وأردت أن يراه القارئ على أنها مآخذ تنتقص من مقدار هؤلاء العلماء , فاعلم ــ إن لم تكن تعلم ـــ أننا لو طعنا فى جهود علماء الأمة فى التفسير والحديث والفقه وعلوم اللغة لما بقيت لنا حضارة أصلا , فهؤلاء هم مصدرها ..
أما تعمدك تتبع السقطات لهؤلاء العلماء للتدليل على وجهة نظرك فهذا كما قلت لك لا ينتهجه واحد من أهل السنة , كما أنه ليس من الضرورى لإثبات وجهة نظرك أن تنتقص أقدار السابقين , فالعلماء متتابعون فى ركب الحضارة يضيف بعضهم إلى إنجاز بعض , ويعرفون الفضل فيما بينهم ..

نأتى الآن للنقاط الجديدة التى أوردتها فى ردك الأخير ..

فلو قال كل منا "بعصمة رأيه" المبني على "عصمة سلفه هو" لصعب إيجاد فريق واحد يتفق حتى في المواضيع "العقدية" ذلك أن الأسلاف كثير والآراء في أي مسألة كثيرة بحيث يجد فيها كل منا ما تهوى نفسه فيتشبث برأيه متعللا بنفس منطقك أن أسلافه لا ينازعون وأن الأمة لا تجتمع على باطل، وكل هذا ما هو إلا كلام عائم لا يستند إلى دليل قرآني أو إلى حديث موثق ولا إلى الواقع المرير الذي تعيشه الأمة هذه الأيام، وهو واقع بطبيعة الحال لم ينزل عليها من السماء، بل كل منا ورثه من سلفه

مقالتك بأننى أقدس الأسلاف أو أقول بعصمتهم , هى مقولة من لم يطالع ردودى السابقة أخى الكريم !!
فلو أنك طالعتها لوجدتنى أحفظ لعلماء السلف قدرهم وفى نفس الوقت لا أقول بعصمتهم بدليل أننى ضربت من الأمثلة ما يكفي على خطأ بعض تفسيراتهم فى القرآن الكريم والتى خالفها بعض علمائنا المعاصرين وكان الصواب إلى جانب المعاصرين لا القدامى ..
وأشهر هذه الأمثلة هى تفسيرات آيات الإعجاز العلمى بالعلم الكسبي المعاصر الذى كان يفتقده السلف ..
فمن أين أتيت بأنى أقول بعصمة السلف ؟!!
هذه واحدة ..
الثانية أننى عندما طالبتك بالدليل من أقوال السلف على ما تقول , فهذا ليس راجعا إلى أنى ألزمك بقول السلف فى المطلق ..
بل يعود إلى أنك تعرضت لآيات محكمة قطعية الدلالة لا يجوز فيها الإجتهاد إما لورود تفسيرها بالقرآن الكريم نفسه أو بالسنة أو بأقوال الصحابة ,
وأنت تخالف ذلك وتزعم أن كافة آيات القرآن مفتوحة للتفسير ــ وفق ما هو ظاهر من قولك ــ وهذا يخالف أبسط منطق لأن أقسام السنة النبوية منها سنة مفسرة للقرآن ومفصلة لإجماله , وبالتالى فقول السنة النبوية المشرفة هو المعتمد ولا مال هناك إطلاقا لأى تفسيرات أخرى ..

ثم تقول ..
وهذا ما يؤدي آخر المطاف إلى الإقصاء والتكفير والسيادية والدموية، الداء الذي ينزف جسد الأمة هذه الأيام . فالشباب الذين "يستمعون" إلى شيخ تكفيري واحد يجلس خلف مذياعه يكفر ويخطئ كل من خالفه، هؤلاء الشباب يجدون الأسباب والشرعية لما يقومون به، والسبب هو أنهم لا يتحملون فكرا آخر، فإما معي وسلفي وإما عدو مبين حق عليه العذاب المهين

ولست أدرى فى الواقع ما هى علاقة موضوعنا بأصحاب المنهج التكفيري أو المتشدد ؟!
أليس هذا إقحاما غير مناسب فى الموضوع وترهيب لمحاورك فى الرد عليك ؟!
وهل يعنى التصدى للتكفير أن ندع كتاب الله تعالى لكل من قال فيه برأى دون رد ؟!

ثم تقول :
والدليل والبرهان في جميع كلامي هو: العقل السليم (إذ بدونه لن نختلف نحن عن الكائنات الحية من حولنا)، والاستدلال بالقرآن الكريم ثم بالأحاديث النبوية الموثقة.
وهذه أول التناقضات !!
تقول إن المنهج السليم هو العقل ثم الإستدلال بالقرآن والسنة النبوية المطهرة الموثقة !!
عجبا !
لو كان هذا منهجكم أيها الأخ الفاضل لما كان بيننا أى خلاف من أى نوع , لأنى ــ على خلاف ما قلت أنت ــ لم أطالبك برأى السلف وحده قط ,
بل طالبتك بالقرآن والسنة الثابتة ,
فلو كان القرآن الكريم وتفسيره الظاهر القطعى الدلالة من منهجك فمن أين أتيت بالله عليك بأقوالك العجيبة فى آية الشك ؟!
ألم تقل هناك أن المقصود بالطيور هى مجموعة من الطيور رباها إبراهيم عليه السلام ثم تآلفت معه , ثم خرجت بعيدا عنه وناداها فأتت إليه !!
وهذا كما يلاحظه أى قارئ للآية الكريمة يخالف ظاهر منطوق الآية مخالفة صريحة وواضحة , فضلا على أنه لا يمل أدنى معجزة فى ذاته ...
وتقول إن السنة النبوة الموثقة من منهجك ..
فكيف تكون السنة من منهجك وأنت تنكر أن فى القرآن متشابه غير قابل للتفسير ومحكم قابل للتفسير وهذا ظاهر القرآن وسياقه ,
كما تقول بعدم وجود النسخ !!
وهذا كله ثابت بالسنة النبوية الصحيحة المتواترة !!
وأكرر هذا ثابت بالتواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام فأين هو إلتزامك بالسنة !

ثم أتيت توضح ما أطلقت عليه أننى أتهمك به وهو ليس اتهاما أخى الفاضل , بل هو تقرير للكلام الذى تحدثت به , وتسميته بالإتهامات يخرج به إلى نطاق شخصي أفضل أن نبتعد عنه ..
أولا : قلت فى دفاعك أنك تلتزم بتفسير القرآن للقرآن , والواقع أننى لم أجد جديدا فى دفاعك عن تفسيرك لآية شك إبراهيم , لأننى سبق أن بينت لك وللقارئ الكريم مخالفة ما قلته وجئت به لصريح منطوق الآية ..
والغريب أنك تدلل على أنك تفسر القرآن بالقرآن ثم تأتى بمثال آية شك إبراهيم !
فمن أين وجدت هذا التفسير الذى ذهبت إليه بين آيات القرآن على أن الطير المقصود لم يُــقطّع ولم يدعه إبراهيم على رءوس الجبال بل هى طيور رباها إبراهيم عليه السلام وتآلفت معه وأن ما حدث لم يكن فيه إحياء للطيور المذبوحة والتى لم تُذبح أصلا ..
فمن أين لك بمعرفة هذا من غير بيان من القرآن نفسه ولا من السنة ؟!

قديم 12-11-2012, 01:36 AM
المشاركة 25
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثانيا ..
تقول فى دفاعك عن نقطة أنك لم تلتزم بالضوابط العلمية فى التفسير ..
أخبرتك أخي من قبل أنني أرجو ألا أكون ممن قال تعالى فيهم: { وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون{الأنعام:26}
أي من الذين ينهون الناس عن البحث في القرآن بأي شكل من أشكاله، وفي نفس الوقت هم لا يجرؤون وينئون عن ذلك بأنفسهم، فهم يهلكون أنفسهم وما يشعرون.
ولست أدرى ما حاجتك إلا اتهامنا باتهامات بلا دليل واحد من قولى !
هل رأيت فى كلامى منعا لك أو لغيرك من التدبر بالقرآن ؟!,
وهل فى قولى أنه يجب علينا عدم الإعتماد على الرأى المطلق فى القرآن التزاما بأوامر النبي عليه الصلاة والسلام , هل هذا تسميه منعا لك من التدبر بالقرآن
هل قولنا أنه يجب على من تصدى لتفسير القرآن أن يحيط بمبادئ اللغة العربية وقواعدها وبالحديث الشريف فى جانب التفسير وبالتفسيرات الواردة عن الصحبة وبعلم الناسخ والمنسوخ وبأسباب النزول , إلى آخر هذه المبادئ الضرورية , هل ترى فى هذا منعا لك من التدبر ..
أنت للأسف لم تجب على السؤال مباشرة وذهبت للمرة الثانية أو الثالثة إلى أنى أمنعك أو أنادى بمنع الناس من القرآن ؟!
فلماذا لا تجيبنا على نقطة البحث مباشرة , وهى ضرورة الإحاطة ببعض مبادئ العلوم قبل التصدى لتفسير القرآن كما هو موجود فى قواعد أى علم من أو نوع ؟!
ثم تقول :
أخي الكريم عرفت عظمته تعالى من كتاب الخلق المبين وعرفت قلة قيمتي أمامه تعالى فكيف لي أن أضع قيودا وضوابطا على كلامه العزيز المجيد؟ لا بل وأفرض هذه القيود على الناس؟ من أنا؟
هل نفهم من ذلك أنك تنادى بأن يتصدى لتفسير القرآن كل أحد هكذا دون أى ضوابط ؟!
وأنه لا لزوم إطلاقا لأى قواعد يجب الإلتزام بها أو أى علوم يجب على المرء الإغتراف منها حتى يصدى للتفسير ؟!
ثم رأيتك تقسم القواعد والضوابط تقسيمات ما قال بها أحد من العلماء , لأن الضوابط المعروفة هى ما سبق أن كررناه مرارا وهى تخص وجوب الإحاطة باللغة وبعلوم التفسير حتى يمكن للمرء الإدلاء بدلوه فى هذا المجال ..
ثم تقول أنى أنا الذى يفرض قيودا على الناس ؟!
فهل المنهج العلمى والإلتزام به من وجهة نظرك هى قيود يجب تلافيها ؟!
وهل يجوز أن نخضع تفسير كتاب الله لكل الناس بغض النظر عن ضحالة معرفتهم حتى بالقواعد الكلية لعلوم التفسير ليخرجوا علينا بتأويلات تخالف ظاهر القرىن وتنكر أساسيات من التفسير بمجرد الرأى ؟!
ثم أتيت لى بنماذج على أخطاء بعض المفسرين !!
فما الذى يهمنا من ذلك أو يفيدك فى إثبات وجهة نظرك ؟!
أنا ما قلت أنهم معصومون ثم أتيت أنت هنا بتلك الأمثلة لتلزمنى بأننى أقول ذلك ؟!
لا أيها الأخ الفاضل كل البشر خطاءون , وأخطاء المفسرين موجودة كما هى أخطاء علماء كل العلوم , ولكنها أخطاء أتت من علماء أحاطوا علما بكل علوم التفسير , ورغم ذلك أفلتت منهم هنات , فكيف تدعو بعد ذلك لأن يتصدى للتفسير من لا يفقه شيئا فى تلك العلوم ؟!

نعم، يجبُ إعطاءُ الصحابةِ الكرام ومن تلاهم من الأخيار فضلَهم لصحبتِهم وقربِهم من سيِّدِ الخلق، ليس إلَّا. فَدِينُ الله تبارك وتعالى نورٌ له فضل على الناسِ ولا فضل لأحد على دِين الله، لا في نَشرِه ولا في حفظه ولا في تطبيق شرائعه، فَكَفى متاجرة بالدين!
عجبا !
وتقول أنك تعمل بالسنة أيها الأخ الفاضل ..
وتسمى تقديرنا للصحابة والسلف على أنه متاجرة بالدين ؟!
وتقول أن الفضل فى الصحبة والقرب من النبي عليه عليه الصلاة والسلام فقط وليس فى العلم ولا فى حفظ الدين وعلومه ولا شرائعه ؟!
هذا يخالف أول ما يخالف القرآن الكريم أيها الأخ الفاضل ..
فقد امتدح الله عز وجل الصحابة فى علمهم وفقههم وفى فضلهم ونشرهم للدين والشريعة فى عشرات الآيات , بل حفزنا وسمانا مؤمنين بشرط أن نؤمن بمثل ما آمنوا هم ..
يقول تعالى :
[فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ] {البقرة:137}
وقولك يخالف السنة النبوية أيضا ,
فالنبي عليه الصلاة والسلام زكى الصحابة ــ ليس لفضل الصحبة فقط ــ بل لفضل العلم وحفظ الشرع ونشر الدين .. وقال فيما معناه ..
( فلو أنفق أحدكم ملئ أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه )
وقال فى تزكية الأجيال الثلاث الأولى :
( خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
وامتدح علمهم بالقرآن الكريم بالذات , فقال عن معاذ بن جبل أنه إمام العلماء يوم القيامة , وكان عبد الله بن عباس حبر الأمة فى زمانه وأعلم الصحابة بالتفسير , وعلى ابن أبي طالب كان يعلم من آيات القرآن الكريم ما دفعه لأن يقول للناس ( سلونى عن كتاب الله ما شئتم )
وكما قلتها وأكررها ..
ليس معنى أن ننادى بأنه لا عصمة لأحد بعد النبي عليه السلام , ليس معناه إنكار فضل السابقين , وحديثك عن أن أحدا ليس له فضل فى دين الله يحتاج منك مراجعة لأن الفضل فى نشر هذا الدين ليس معناه المن به , فهم لم يمنوا بل بذلوا أرواحهم وأنفسهم فى سبيل نشر الدين فى كافة أصقاع الأرض فكان فضلهم من الله ..
وهو الذى أمرنا عز وجل وأمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن نلتمس خطاهم بالأحاديث الثابتة الصحيحة وأن نقتدى بهداهم .. لا أن نسقطهم ونسفّه تلك الأجيال التى لولاها لما كان من بعدهم مسلمين فى جوانب الأرض كلها ..

وإعطاء الفَضل لمن قرُب من سيِّدنا محمد لا يستوجب إعطائه العلم إلا أن يكون قولا وعلماً موثقاً لسيِّدنا رسول الله أو حجَّةً راجحة. أما التمجيد بعمومه وإعطاء الفضل في كل شيء للسلف، فإنَّه يفَرق الناس، ويُكرِسُّ العنصريةَ، ويعمي البصائر، ويجمد العقول، ويقتل الطموح، وهذا حال الأمة ...
بغض النظر طبعا عن أنك خالفت السنة نفسها فى تفسيراتك ..
إلا أنك أوضحت فى قولك أن أقوال الصحابة رضوان الله عليهم لا تلزمك إلا إذا كانت فى التحديث عن النبي عليه السلام !
فهل يا ترى بهذا المعنى علينا أن نطرح جانبا تفسيرات عبد الله بن عباس وعلى بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب وغيرهم ممن لهم جل التفاسير المأثورة ,
نطرح هؤلاء الذين تربوا بالقرآن ومع القرآن ونزل فيهم الوحى , لنأخذ ممن ؟!
لنأخذ كما تقول من معين العقل والتفسير بلا منهج !
أنا فى الواقع لا تعليق لى على هذا وأتركه للقارئ وحده ..
هذا أمر ..
الأمر الثانى أنك أكثرت فى وصف مساوئ المنهج السنى فى التفسير وأنه سبب ضياع الأمة رغم أن الأمة لم تضع إلا فى عصرنا الحاضر , وعندما كانت تلتزم بنهج السنة ونهج الصحابة كانت الأمة فى أعلى عليين فى كافة المجالات وكانت دولة الإسلام أعلى دولة فى العالم ..
وللمفارقة لم يبدأ انهيار الأمة إلا بعد ظهور بدع المنهج العقلي والفلسفي ..

ثم تقول :
فهل تجد في جميع التفاسير أيا من هذه الأسئلة المهمة؟ فضلا عن الجواب عليها؟
ومن قال أن التفاسير المأثورة عن السلف قد حوت واحتوت كافة آيات القرآن ؟!
ألم أقل لك أنك تدافع فى غير القضايا والأسئلة التى نثيرها ؟!
وأجدنى مرغما على تكرار أن القرآن الكريم مفتوح للإجتهاد إلى يوم القيامة وقد أوردت لك حديث النبي عليه السلام فى ذلك .. حيث قال أنه لا يشبع منه العلماء ..
وضربت لك أمثلة العلماء المعاصرين الذين استنبطوا تفسيرات لآيات أخطأ فيها مفسروا السلف أو لم يتعرضوا لها أصلا ..
ومع ذلك فقد أرهقت نفسك فى إثبات أمر مسلم به أصلا وهو أن كتب السلف لا تحتوى كافة التفسيرات بالطبع..
ثم تقول ساخرا من بعض تفسيرات القدماء ..
ولكن للأسفِ الشديدِ فبدلاً من البحث عن الحِكِم البالغةِ في القصص، استنفذَ الناس طاقاتَهُم في أخبار لا طائِلَ منها ولا جدوى ولا دليل. فهل" اسم النملة "طافية" أو مُنذِرة أو "خومي" أو "لافية" يفتح لنا بابا من أبواب العلم والتقدم مثلا!
وقولك هذا قول إما أنه صادر عما لم يطالع أى تفسير من التفسيرات المعتمدة , أو أنك طالعته وتخفي ما رأيت ..
لأنه لنا عدة ملحوظات على كلامك ..
أولها : أن التفسيرات المأثورة لأهل السنة هى التى يجب الإهتمام بها أما التفسيرات المبتدعة فلا , وفى تفاسير أهل السنة نجد أنهم قد أفاضوا فى شرح الحكم المستنبطة من القصص القرآنى حتى أن بعض العلماء كابن كثير أفرد لقصص القرآن وقصص الأنبياء مؤلفات مستقلة ..
ثانيها : توحى للقارئ بقولك هذا أن تفاسير أهل السنة لم تحتو على الأشياء المهمة واستنفذت أغراضها فى أمور غير مهمة , ولعمرى هذا افتراء رهيب ما كان أبعدك عنه !
فتلك التفاسير أيها الأخ الفاضل هى التى أسست لكل علوم القرآن والفقه وأطنبت وشرحت ولم تدع آية من آيات الأحكام إلا بينتها , أما فى آيات القصص والعبر فقد نقلوا فيها كل ما يحيط بها من الأشياء المهمة والتفاصيل غير المهمة أيضا ,
أى أنهم اهتموا بالأصول كما اهتموا بالتفاصيل بعكس ما توحى للقارئ أنهم صرفوا الجهد فى تعقب اسم نملة سليمان !!
ثالثها : من الغريب أنك تستنكر وتسأل عما يفيدنا معرفة اسم النملة بينما أنت نفسك انتهجت نفس النهج عندما ألفت تفسيرا عبارة عن قصة خيالية لآية شك إبراهيم ,
والسؤال الذى نسأله لك بالمقابل ,
ما هو باب العلم والفقه الكبير الذى سيفتحه علينا مثل تفسيرك هذا ؟!
وما هو التقدم الذى ستجنيه الأمة لو آمنت بقولك أن آية شك إبراهيم لم يكن بها فيها معجزة إحياء الموتى ؟!
هل تصدق أخي الكريم أن الله تعالى يقول "أربعة من الطير" ثم يأتي إنسان مفسر ((لا ينازعه أحد)) ليقول ربما "سبعة من الطير" ؟؟؟ وتنقل هذه الجراءة عبر القرون ثم لا ينقدها أحد؟؟؟
لا أدري إن كان هذا الرأي يحقق "ضوابطك" للتفسير؟
فهل يحقق هذا الرأي ضابط الأدب مع كلامه تعالى وعدم المزايدة عليه؟
هل تجد في هذا القول "تكذيب أو تشكيك" في كلامه عز وجل؟
أم هل يحقق ضابط اللغة بمعنى أن العدد " أربعة" قد يعني العدد "سبعة" في حالة كون المعدود طيرا؟
أرجو منك الإجابة والدفاع عن رأي "السبعة" طيور.
وإن كنت لا تتفق معه، فهل لي أن أسأل لماذا لم ترد عليه من قبل؟ أم لأن الرجل من السلف؟
أمر غريب للغاية يا دكتور ؟!
ولماذا أدافع عن رأى جاهل خالف النص القرآنى ؟!
أنت هنا تعود لنفس النغمة التى تلزمنى بها أنى أنادى بعصمة أقوال السلف ؟!
وهذا عجيب وغريب للغاية , ليس فقط لأنى لم أقل هذا قط , بل لأن السلف أنفسهم اختلفوا فى التفسير فى الآيات الغير المجمع على تفسيرها واجتهدوا عبر العصور , وخالفهم فى اجتهادهم الكثيرون من معاصريهم ومن معاصرينا أيضا ..
أما قولك أننى لماذا لم أرد عليه من قبل ؟!!
فهذا أعجب مما قبله !
فمن هو الذى قال بهذا الرأى , ؟! وماذا يمثل ؟!
وحتى لو كان عالما معتمدا ومعتبرا من أهل السنة , فهل ترانى ملزما بالرد على مخطئ فى التفاسير عبر العصور ؟!
هل يقول بهذا عاقل يا دكتور ؟!
إن المرء يرد ويستنكر ما يقف عليه من الأقوال , وليس بالضرورة أننى إذا رددت عليك أقوالك لمخالفتها القرآن والسنة أن أرد قبل ذلك على كل من أخطأ عبر العصور ؟!


قديم 12-11-2012, 01:45 AM
المشاركة 26
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثم تقول :
كنت أخي في مداخلة سابقة أسميتني نجما من نجوم علوم الأرض، فلك الشكر والتقدير. لكن هل لي بسؤال:
كيف عرفت أني ذلك بينما لم تقرأ لي بحثا متخصصا؟
ترى هل للشهادة دور في تقييمك لي؟
لو كان كذلك فكيف عرفت أنني لم أزور شهادتي؟ أو أن شخصا آخر كتبها لي؟ أو أنني تخرجت ولم أدرك من مواد التخصص شيئا؟ أو أنني نسيت كل ما درست؟ أو ... أو ...؟
يا سبحان الله !
ما الفائدة من هذا الجدل وهذه المماحكة اللفظية أيها الأخ الكريم ؟!
لقد قلت لك أنك متخصص وعالم فى مجال تخصصك الذى حصلت فيه على الدكتوراه وفق تعريفك الذى عرفت به نفسك ..
فهل ترانى كنت مخطئا أننى لم أفترض أنك تكذب فى قولك هذا ؟!
لقد رأيت سيرتك الذاتية وافترضت الصدق فأين الغريب فى هذا الأمر ؟!
وحتى لو لم تكن كذلك فأنا لست خبيرا ولا ملما بعلوم الأرض حتى يمكننى تقييم كلامك عن نفسك فى هذا العلم ..
إنما أمتلك التقييم فى مجال القرآن والسنة وفق ما أعرف ودرست فيهما , ولهذا كان نقاشي لك فى هذا الموضوع وحده ..

يأخي الكريم صحيح أن تخصصي هو في علوم الطبيعة ولكن ذلك لا يعني أنني جاهل في أمور ديني وفكري فلقد أمضيت في دراسة كتب الفسير "وضوابطه" وكتب الحديث والسيرة ومخالطة المتخصصين أضعاف ما أمضيت في دراسة مواد تخصصي.
وهل من درس أمهات كتب التفسير وضوابطه وعمل بها .. يمكن أن يقول بمثل أقوالك فى القرآن الكريم ..
أين هذه الضوابط من صرفك ألفاظ القرآن عن مدلولها الصريح بلا قرينة صارفة ؟!
وأين هذه الضوابط من مخالفتك لأحاديث صحيحة فى التفسير ؟!
وأين هذه الضوابط من قولك بعدم وجود النسخ فى القرآن , مخالفا بذلك نص القرآن ونص السنة المفسرة له أيضا ؟!
العبرة ليس بما تقوله عن نفسك , فلو أنك أعلم أهل الأرض بالتفسير وجئت بأقوالك هذى لرددناها عليك دون أى تردد ..
فأقوال العلماء يستدل لها ولا يستدل بها أخى الفاضل ..

وقلت :
فقد اتهمتني بالجهل في اللغة العربية بحجة أقل ما يقال عنها أنها غريبة لا أساس لها إذ قلت حضرتك أنني مخطئ (في ستين مقالا) لأنني لا أعرف الفرق بين الاستعمال الحرفي والمجازي للكلمات وبذا فإني ضعيف في اللغة لأن الأصل في التمييز بين الاستعمال الحرفي والمجازي من منظورك يعتمد على "العلم باللغة".
وهذا كلام أبعد ما يكون عن الصواب أخي العزيز إذ إن التمييز بين الاستخدام الحرفي والمجازي لا يعتمد على اللغة من قريب أو بعيد، بل يعتمد على "العقل" والسياق فقط.
هذه قاعدة لغوية جديدة ننتظر أن نعرف منك مصدرها ..
بالإضافة إلى أنها مغالطة بالطبع ..
فالإستخدام الحرفي والمجازى عندما قلت أنه يظهر بالسياق , كلامنا عن السياق نفسه هو ما سميته أنت بتحكيم العقل فى مثالك هنا :
فلو كنت جالسا في مقهى ودخل رجل شجاع أعرفه فقلت : جاء الأسد. فهل يفهم من كلامي أن أسدا من الغابة دخل المقهى؟
طبعا العاقل سيفهم مباشرة أن إنسانا بصفات الأسد قد جاء. أما الغير عاقل فقد لا يفهم إلا أن أسدا حقيقيا قد جاء.
فالسياق معناه معرفة الظروف التى قيلت فيها العبارات ..
أما قولك أننا لا نعرفها بالسياق بل نعرفها بالعقل فذا يدل على أنك لا تعلم المقصود من كلمة ( سياق ) ..
والدليل على هذا أنك إن طالعت أى كتاب للبلاغة لن تجد فيه العقل مصدرا من مصادر التفرقة بين المجاز والحقيقة ..
وتقول :

رابعا: إدعائك بأنني أعتمد "الرأي" في التأويل
كثيرا ما يقال عني أني أقول في القرآن بعقلي أو برأي. فأتعجب. فعلا أتعجب.
أفلا تتعجب أخي لو اجتمع الناس عليك وقالوا: فلان يمشي على قدميه!؟ فإن لم تمش على قدميك فعلام تمشي إذاً؟
فعندما أقول "برأي" فذلك معناه أنني أقول بعقلي وقلبي. الآن، كيف يمكن تفسير القرآن، أو أي شيء آخر، من دون عقل؟ هل المصحف وكتب السنة النبوية مع معاجم اللغة العربية قادرة على العمل بشكل تلقائي لتفسير القرآن؟
هذه مغالطة أخرى إلى جانب العديد من المغالطات الواردة فى ردك للأسف ..
فهل عندما نقول لك أنك تعمل بالرأى المجرد , أو التفسير بالعقل المجرد نعنى أننا ننكر عليك العمل بالعقل أصلا ؟!!
أين بالله عليك وجدتنى أقول هذا ؟!!
العمل بالعقل المجرد كما هو ظاهر قولنا هو العمل بغير دليل أو مستند علمى فى مجال أى علم كان ..
فاستخدام العقل الإستخدام الصحيح إنما يكون باستخدامه كوسيلة فى الإحاطة بمبادئ العلوم قبل التصدى لها ..
كما قلت أنت بنفسك وشهدت على نفسك أن المصحف والسنة وكتب اللغة لن تعمل وحدها ..
بالضبط نحن نتفق معك ولم نقل لك أن تترك الكتب تعمل وحدها , هدانا الله وإياك ..
إنما قلنا استخدم هذه الكتب فى تحصيل مبادئ العلوم ثم أقم منها الدليل على ما تأتى به من تفسير ..

وفى الواقع أنك أطنبت كثيرا جدا فى حرف الموضوع عن مساره ومناقش نقطة البحث بشكل مغلوط يبدو للقارئ كما لو أنى أنكرت عليك استخدام عقلك أو أجبرتك على استخدام التفاسير القديمة !!
وأعتقد أنه أسلوب غير مناسب للدفاع عن وجهة نظرك ..
ووجهة نظرك تستطيع إثباتها بطريق واحد فقط أن تقيم الدليل على ما أتيت به من تفسيرات ..

قديم 12-11-2012, 01:49 AM
المشاركة 27
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أما قولك أن هناك مواضيع في القرآن لا ينبغي أن تمس (كموضوع "العقيدة" مثلا) فلا أجد له دليلا من القرآن ولا من السنة وليس لبشر من طين أن يحدد ما هو مسموح مما هو ممنوع بلا دليل قرآني واضح لسبب بسيط وهو أن الناس لن تتفق أبدا على شيء واحد في أي أمر وشأن، وبالتالي ليس بإمكان أي إنسان أن يقرر أمرا عظيما كهذا إلا أن يفرضه "فرضا" على العقول كما هو الحال الآن. ولا ينبغي فرض أي أمر كان على عقول الناس، فكما تعلم فلا إكراه في الدين.

تقول أنك لم تعثر على دليل يمنع الخوض فى حديث العقائد ؟!
فماذا عن قول النبي عليه الصلاة والسلام ( تفكروا فى خلق الله ولا تفكروا فى ذات الله فتهلكوا )
وماذا عن حديث النبي عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب عندما وجد في يده صحيفة من التوراة تتعرض لهذه الأمور فنهاه أشد النهى وقال ( أمتهوكون فيها ابن الخطاب )
وماذا عن إجماع الصحابة رضوان الله عليهم على عدم الخوض فى تفسير آيات المتشابه وآيات صفات الله عز وجل ؟!
ثم تقول :
فأرجو بعملي أن أكون متبعا للسنة النبوية، ولا أجد نفسي مخالفا لحديث موثق واحد. وخلافي مع البعض ليس مع القرآن الكريم أو السنة النبوية العطرة وأعوذ به تعالى من ذلك، إنما هو في فهم القرآن والسنة النبوية واستخلاص الدروس والعبر منهما.

تقول أنك تتبع السنة ولا تخالف حديثا موثقا واحدا ..
فما رأيك بحديث النبي عليه الصلاة والسلام ( من قال فى القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ )
وماذا عن إنكارك النسخ وهو ثابت بالسنة المتواترة ؟!
وماذا عن حديث النهى عن الخوض فى أمور العقيدة ؟!
وماذا عن الحديث الذى أورده ابن كثير فى تفسير آية المتشابه والمحكم , والتى تنكر أنت أن فى القرآن محكما ومتشابها ؟!
ثم جئت باستنكار لحديث ( لا تجتمع أمتى على ضلالة )
رغم أن الحديث ثابت عند علماء الحديث سندا ومتنا ..
فهل أنت من أصحاب إخضاع السنة الثابتة لتعارضات العقل وحده على منهج المعتزلة والقرآنيين ؟!
واعتراضاتك على الحديث لا تقدح فى صحته البتة , لأنك اعتمدت على أحاديث اختلاف الأمة وعلى آيات القرآن التى تجزم بوقوع الإختلاف ..
ونقول أنه لا يوجد أى تعارض ..
لأن الإجتماع المقصود إنما المقصود به الفرقة الناجية وهى أهل السنة التى وردت فى حديث النبي عليه الصلاة والسلام :
( فإن من يعش بعدى فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى ... )
وبالتالى فإن الفرق البدعية واختلافها ليس داخلا هنا فى إجماع الأمة ,
إنما الداخل فيه هم العاملون بالكتاب والسنة الصحيحة معا ..
ولا توجد أمة من المسلمين أو فرقة تعمل بالسنة المنقولة بالإسناد الصحيح إلا أهل السنة فقط وخالفتهم سائر الفرق البدعية الأخرى ..

سابعا: عدم إدراك معنى "وأخر متشابهات" من الآية السابعة من آل عمران.
أخي الكريم. أكثرت من تكرارك القول بأن بالقرآن الكريم آيات محكمات وأخر متشابهات. ثم تقول أنك تتبع المفسرين الذين يفسرون القرآن بالقرآن.
فهل فسروا كلمة " ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ " من الآية السابعة من آل عمران:
هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابهاتٌ (آل عمران:7)
بالمعنى العام الشامل الذي يؤكد أن جميع آيات القرآن محكمة كما جاء في مطلع سورة هود:
الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير (هود:1)
فهل تجد تفسير القرآن بالقرآن هنا؟

ورغم أننى رددت عليك فى هذه النقطة إلا أنى سأعيد الرد ..
فالمقصود من المحكم كما بين المفسرون معنيان , المحكم نظما وهى الواردة فى آية سورة فصلت , والمحكم من ناحية المعنى وهو الوارد فى سورة آية آل عمران ..
فالقرآن من حيث النظم والترتيب محكم كله ,
ومن ناحية المعنى فيه المحكم وفيه المتشابه ..
وهناك نقطة خطيرة لم تلتفت إليها أيها الأخ الفاضل ..
أن القرآن الكريم تحدث صراحة عن وجود آيت متشابهة لا يتبعها أو يرغب فى تفسيرها إلا أهل الضلال والزيغ ,,
فلو أننا أخذنا بقولك فى عدم وجود متشابه؟!
لان عليك أن توضح لنا هذا التضارب بين الآيتين ؟!

وفى النهاية ألخص محور القاش الرئيسي مرة أخرى من مشاركتى السابقة ,
وأكتفي بهذا الرد على كل التفريعات التى خرجت بها من الموضوع ,فإذا كانت لديك إضافة على النقاط الرئيسية التى سأوردها فتفضل بها أما إن كان ما لديك هو تفريعات أخرى فأفضل أن نترك الحكم هنا للقارئ فيما سبق منعا لتكرار نفس الردود فى كل مرة ..

أولا :هل تنادى بالفعل بأنه ليس هناك قواعد أو مبادئ ينبغي للمرء أن يكتسبها لكىي خوض فى تفسير القرآن وأهمها العلم بالسنة المفسرة والعلم باللغة العربية وآدابها وقواعدها , والعلم بالتفسير المأثور عن الصحابة , والعلم بإجماعات المفسرين فى الآيات المحكمة قطعية الدلالة ؟!
وأنت تصديت للقرآن بالرأى الشخصي بلا أى مستند حتى من اللغة العربية , فمثلا فى تفسيرك لآية شك إبراهيم عليه السلام , صرفت الفعل عن معناه الحقيقي إلى معنى مجازى دون وجود قرينة صارفة كما تقول قواعد اللغة العربية فى معالجة المجاز والصريح ..
ولكى لا تعود فتتهمنى بأنى أمنع الإجتهاد فى تفسير القرآن فقد سبق أن أوضحت وها أنذا أكرر ..
أننى لا أقول بذلك ولا يمكن أن أقول به , لأن التدبر فى القرآن مفتوح إلى يوم القيامة بشروطه التى حددها أهل العلم والإختصاص , وباتباع الدليل فى التفسير لا مجرد الرأى الذى نهى عنه النبي عليه السلام ..
والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن القول فى القرآن بالرأى المجرد نهيا صريحا فى حديث :
( من قال فى القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ) وفى رواية ( فليتبوأ مقعده من النار )
هذا فضلا عن النهى الوارد عن الصحابة فى ذات الشأن ..
وأنت تدعو لنفس هذا الأمر حيث الإجتهاد بالعقل المفتوح بغض النظر عن الإلتزام بالقواعد العلمية الصحيحة أو اشتراط إقامة الدليل فيما نذهب إليه
ثانيا :ما هو موقفك من السنة النبوية تحديدا؟!
لأنك قلت أنك ملتزم بالسنة ومع ذلك خالفت الأحاديث الصحيحة بل والمتواترة كأحاديث النسخ فى القرآن , فضلا على الأحاديث الصحيحة فى النهى عن القول فى القرآن بالرأى وأحاديث الحكم والمتشابه
ثالثا :وهى النقطة الأهم ..
أنا ما ناديت أبدا باحتكار علوم تفسير القرآن أو قصر تفسيره على السلف !!
والدليل أننى لفت نظركم إلى آيات الإعجاز العلمى وقلت لك صراحة أن القرآن به مئات الآيات التى تنتظر الجهد فى تقصي آثارها , ولم أتحدث عن حصر التفسير إلا فقط فى الآيات المحكمة القطعية الدلالةالثابت تفسيرها فى السنة أو فى أقوال الصحابة أو فى إجماع المفسرين ..
هذه واحدة ,
والثانية ,
أننى لم أمنعك من التصدى للتفسير بل فقط طلبت منك التزود أولا بمبادئ العلوم المؤهلة لهذا الأمر , وهو ما أراك تنكره رغم أنه مبدأ علمى محض , فلا يوجد علم على وجه الأرض يتصدى له أصحابه دون الإحاطة بقواعد تلقيه أو مبادئ علومه , وإلا فما هو الفرق بين العامة وبين أهل العلم فى كل تخصص ..
وهل يستطيع الطبيب أن يتصدى للطب دون إلمام بمبادئ دراسة الطب ؟!
بالمثل فى علوم القرآن والتى هى أصعب وأقدر العلوم على الإطلاق ..
ولو كان التصدى للتفسير يجوز من كل أحد بلا ضوابط , فلماذا إذا نهانا النبي عليه الصلاة والسلام , عن القول فى القرآن بالرأى المجرد
فماذا سنفعل فى هذه الأحاديث وهذه القواعد ؟!

هذا هو محور النقش الأصلي وردودك عليه , نتركها للقارئ الكريم بعد البيان
أما إقتناعك أو إقتناعى بأينا على الحق فهذا نتركه للدليل , والله يوفقنا جميعا لما فيه الهدى ..

قديم 12-11-2012, 10:38 PM
المشاركة 28
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مرحبا بك أختنا العزيزة ناريمان

اللهَ تعالى نسألُ أن يوفقنا ويفتح علينا بالحق وأن يغفر لنا إن أخطأنا ويجعل أعمالنا مضاعفة في سبيله.

تشرفنا بمرورك وندعوا الإخوة والأخوات أن يثروا الحوار بما تجود به خواطرهم

سأعود بعد عدة أيام إن شاء الله تعالى لانشغالي خلال الإجازة الأسبوعية لأكمل الحوار مع محاوري العزيز الأستاذ محمد،

ودمتم،


قديم 12-17-2012, 11:00 AM
المشاركة 29
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

أخي العزيز محمد جاد

السلام عليكم ورحمة الله تعالى


لم تجبني عما لو كان يغضبك ذكر مثال "الفسوة والفسية" الذي ضرب في التفاسير على الله سبحانه وتعالى يعلم آدم الأسماء، وعن الرواية التي تطعن في أخلاق نبينا الكربم ذو الخلق العظيم! أعتذر مرة أخرى وبشدة عن ذكر هكذا كلمات في هذا المنتدى الكريم. ولكن ليس أعز من القرآن الكريم عندي فإن قيلت في حقه تعالى وقرأتها أجيال وأجيال فما الضر من ذكرها هنا؟ أوَ أعزّ من القرآن وجلاله تعالى؟




أحسب بعدم جوابك أنك تكره أن يقال هذا الكلام عليك، وسؤالي فإن كرهته على نفسك فلم لم تكرهه على الله تعالى وعلى أنبيائه؟


تقول أخي أنك غير ملزم بالدفاع عن الأخطاء المثبتة في التفاسير.

أجدها مفارقة عظيمة أن لا تلزم نفسك بنقد روايات تسيء إلى الله تعالى وإلى أنبيائه الكرام في الوقت الذي أجدك تلزم نفسك بالرد على من يعمل على إزالة هذه الإساءات!


اسمح لي أن أقول بل أنت ملزم بذلك، وكل من يقرأ مثل هكذا أقوال ملزم. ودليلي مرة أخرى هو القرآن وليس غير ذلك.


فعن حادثة الإفك الذي رميت به أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قال تعالى:

لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12) لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون (13) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم (15) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم (16) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (17) ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (النور:18)

فإن كان من الإفك والبهتان العظيم رمي أم المؤمنين في أخلاقها، فكيف هو الحال بنبينا وبالله تعالى؟ بل نلقيه بألسنتنا وهو عند الله بهتان وإفك عظيم...


فقد يخطئ الإنسان في الاستنباط ولا شك ولا بأس بهذا طالما اتخذ الوسائل وبذل الجهد، لكن هناك فرق واسع بين هذا وبين ضرب أمثلة السوء على الله تعالى وعلى أنبيائه الكرام.


ألا نستطيع التمييز بين الخطأ العلمي وبين الإساءة في استخدام الكلمات؟ ألهذا الحد وصل بنا الحال في البحث عن مبررات؟


قل لي كيف تبرر الغضب على أصحاب الرسوم المسيئة لنبينا الكريم من الأوربيين في الوقت الذي تجد المبررات على نفس الإساءات، وأين؟ في كتب التفسير؟!


لكم كان الأولى بنا أن نعمل سويا على تنقيح مراجعنا من كل إساءة لله تعالى ولأنبيائه قبل أي شيء آخر.


سؤال: هل تساعد إنسانا طلب منك المساعدة في الوقت الذي تعلم أنه يعلق بيت شعر في صالونه يستخف فيه منك؟



أما عن قولك أنك لم تقل بمنعي من التأويل فنعم ولكنك تفعل ذلك فعلا في كل كلمة تجهيل لي.

هذا التجهيل والاستعلاء الفكري على الآخرين من موروثاتنا الفكرية الراسخة التي علينا أن نعيد النظر فيها.


فأنت أخي الكريم اعتمدت تجهلي بناء على حجة واحدة وهي عدم إلمامي باللغة والتفاسير وقد بينت لك بالتفصيل أنك أبعد ما تكون عن ذلك.

فقد قلت حضرتك أنني مخطئ (في ستين مقالا) لأنني لا أعرف الفرق بين الاستعمال الحرفي والمجازي للكلمات وبذا فإني ضعيف في اللغة لأن الأصل في التمييز بين الاستعمال الحرفي والمجازي من منظورك يعتمد على "العلم باللغة"!


وعندما طلبت منك مرتين أن تضرب لي مثلا واحدا يثبت كلامك لم تفعل. وعندما أثبت لك بعدة أمثلة أن العقل أو السياق هو المرجع في التمييز بين الاستعمال الحرفي والمجازي غيرت كلامك وقلت إنك تقصد باللغة السياق وألصقت تهمة الجهل بي مرة أخرى إذ قلت أنني لا أعلم أن السياق من علوم اللغة!


يعني أنت أخي لا زلت مصمما على إبعاد العقل عن الموضوع.

سبحان الله. ما اللغة بلا عقل؟ ما السياق بلا عقل؟ ما أنا وما أنت بلا عقل؟


يأخي الكريم يأتي العقل قبل السياق وقبل كل شيء آخر.

ففي المثال الذي ضربته لك: لو كنت جالسا في مقهى ودخل رجل شجاع أعرفه فقلت: جاء الأسد. فهل يفهم من كلامي أن أسدا من الغابة دخل المقهى؟

أين السياق هنا؟ لا سياق طبع. فكيف عرفت أن الأسد المقصود إنسان؟ أليس بالعقل فقط.

ففي بعض الحالات يكفي العقل وحده للتمييز بين المجازي والحرفي وفي أخرى أكثر تعقيدا يلزمنا السياق وقبله العقل.



هذا العقل الذي هجرناه أخي الكريم ...

أعتقد أن أكبر أزمة مرت بها الأمة الإسلامية، بالرغم من كثرة الأزمات السياسية، هي تلك التي وقعت بين علماء الطبيعة وعلماء الشريعة في مراحل مبكرة من تاريخ الأمة.


أشهر رجال الدين سلاح التكفير، فخسر علماء الطبيعة، فأطفأت الأنوار وانكفأ الناس وماتت العلوم.
ماتت بهذا جميع علوم الطبيعة والمنطق فأصبحت كلمة "المنطق والعقل" مرادفة في الأذهان لكلمة "الضلال والزندقة".


علينا الآن إحياء علوم المنطق والعقل والطبيعة من منظور قرآني.

أذكر زميلا تونسيا فاضلا كان يدرس الفيزياء النووية في أحد أقوى وأشهر المعاهد العالمية "معهد ماساتشوتس" وكان رياضيا عبقريا بكل المعايير. قال لي مرة أنا أشعر بتأنيب الضمير عند دراستي هذه لأنني لم أدرس في الشريعة!


لاحظ أن هذا ليس شخصا اعتياديا. فكم من الناس في مثل ذكائه هجر علوم الكون لخوفه من "الزندقة"؟ كم من العقول خسرنا – و لا نزال – بسبب هذا الفكر؟


وجدت في بعض الكتب من يكفر الشاعر والعالم "عمر الخيام" بسبب رأي له في أحد كتبه في أحد أيامه.

وأنا أتسأل لماذا يكفر إنسان في قبره وهو في ذمة الله تعالى؟

تلك المعركة الصامتة لا تزال على أشدها، أحياء وأمواتا ...


كل منا له أخطاءه. أستطيع أن أمسك إنسانا بكلمة قالها في فترة من فترات حياته وتقلباتها وأكفره بها وأرسلها معه في ظرف إلى قبره. مهما قال بعدها أو قبلها ... مهما قدم للمسلمين وللإنسانية من علوم ... مهما تاب وعاد ... لا يهم كل ذلك. ما يهم هو أنه قال كلمة أختلف معها في أحد أيامه.



أعتقد جازماً أنه لو لم يخسر علماء الطبيعة المعركة، لكانت الأمة الإسلامية قد وصلت إلى ما نحن به هذه الأيام من التطور التكنولوجي في غضون 200 سنة أو أقل. فكم من المجد أضعنا؟


هذه المعركة ليست خاصة بالمسلمين، بل نجدها في كل الأديان. ونحن نتبعهم حذو القذوة بالقذوة ودخلوا جحر ضب فدخلناه. خرجوا منه وسنخرج بعدهم.

كفر الغرب بالله تعالى وآمن بالمادة فظهر لأنه أخذ بالأسباب التي وضعها تعالى لكل الخلائق. وعلى النقيض، هجرنا علوم المادة بحسن نية تقربا إلى الله تعالى فاختل الميزان وضعفت العقول وتفشى الجهل فوصلنا لحالنا.

بحث الغرب في المادة وأسرارها من منظور مادي بحت، وعلينا الآن لتصحيح الوضع النظر للمادة من منظور قرآني إلهي.


والقرآن الكريم أهل لذلك، ولكن علينا الإيمان بذلك أولاً كي يستمر عطاء الله تعالى لنا.



يأخي الكريم أرجو عدم المزايدة علي بحب الصحابة الكرام فقد قلت رأي فيهم أكثر من مرة. هم كرام بررة لقربهم من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ليس إلا. فإن لم يكن هو عليه الصلاة والسلام، ما كانوا هم رضي الله تعالى عنهم. ولكن هذا لا يعني إضفاء العصمة لهم بحال من الأحوال وخاصة أنهم لم يدعوا ذلك.


كما إنني كما تلحظ لا أتكلم أبدا عن إنسان بعينه ولم أذكر اسم أي إنسان في مقال من مقالاتي ولكني أنقد الفكر الذي يجانب الصواب، وشتان بين الأمرين.

وهذه أيضا إشكالية كبرى في فكرنا إذ لا نستطيع التمييز بين نقد الفكر وشخصنة الأمور.


بالنسبة لتمسكك بأن في القرآن ما هو منسوخ، فللمرة الثالثة أو الرابعة أدعوك لمحاورتي في الموضوع على الرابط في هذا المنتدى:



http://www.mnaabr.com/vb/showthread....9682#post89682



وبالنسبة لموضوع الناسخ والمنسوخ الذي تردده دائما وتحسبه ملاذا أخيرا وقلعة حصينة لك، فسأفرد مقالا مفصلا فيه وأرجو أن تحاورني فيه هناك، ولن يكون حاله بعد ذلك بأفضل حال من قلاع "ضوابط التفسير" و "لا تجتمع أمتي على ضلالة" و "أنني لا أفسر القرآن بالقرآن" التي يبدو ولله الحمد أنني قد أزلتها من فكرك إذ لم تلجأ إليها في مداخلتك الأخيرة.



أقدر لكم أخي جهدك ووقتك الثمين وللقرآء الكرام وتأكد أنني لا أسعى إلا لطرح الأفكار، ثم لكل منا اختياره ثم حسابنا جميعا عليه تعالى...


وفقنا الله تعالى جميعا وفتح علينا بالحق أبدا ما أحيانا


وسبحانه وتعالى عما نقول علوا كبيرا


قديم 12-19-2012, 05:31 AM
المشاركة 30
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأخ الفاضل ..
عجبت .. وحق لى أن أعجب فى الواقع ..
والسبب هو التهرب الذى تلجأ إليه من موطن البحث ونقطة النقاش التى يدور حولها الحوار ..
وأنا هنا بحاجة إلى لفت نظرك الكريم لحقيقة مهمة لعلها توضح لك أن الهدف من النقاش ليس إلا مجرد النصيحة لك ولك وحدك تحديد قبولها من عدمها ..
أقول هذا لأنك تجادل فى الموضوع وتدافع عن وجهة نظرك بطرق لا يمكن أن تكون من طرق صاحب المنهج الواثق من صحة منهجه ..
فبدلا من أن تركز فى أصل الموضوع وتدلل بالأدلة الصحيحة المقبولة عمليا وعقليا فيما ذهبت إليه , رأيتك تنحو منحى تفريع النقاش لنقاط متعددة , ثم رأيتك تتجاوز الأسئلة التى أحاول أن ألخص بها نقطة البحث ,
وتصر على التفريع فى النقاش ثم تعجز أن تأتى بدليل أو حتى قرينة على أى فكرة من أفكارك ..
فبالله عليك ..
ألا يدعوك هذا لبعض الوقت فى التأمل ومراجعة النفس ؟!
نحن هنا لسنا بصدد خلاف سياسي أو حتى خلاف فقهى سائغ فى أمور الإجتهاد التى لا يجوز فيها الإنكار ويجوز فيها إعمال العقل المجرد ..
بل نحن بصدد ثوابت رأيتك فى موضوعاتك تنهال عليها هدما بأفكار ليس لها من الصحة أى مقدار , لأنها ببساطة تفتقر إلى أدنى دليل علمى !
وقد اردت مرارا تكرارا أن أوضح لك أنه ليس من هدفي إسقاطك أو إسقاط أفكارك حتى تعالج ردودك بهذه العصبية بل أوضحت لك ــ مع التكرار ــ أن الحديث فى القرآن بالرأى المجرد من أى قرينة أو دليل هو أمر يذهب بالمسلم إلى أن يتبوأ مقعده من النار كما أفاد حديث النبي عليه الصلاة والسلام ..
وهذا هو سبب ردى عليك المرة تلو الأخرى ..

ولم أصادر على أى فكرة من أفكارك بل ناقشتك فى واحدة منها ــ وهى محتوى هذا الموضوع ــ وسألتك دليلا واحدا يقوم عليه تفسيرك الغريب والعجيب لآية شك إبراهيم , وسألتك مصدرا واحدا لهذا السيناريو العريض الذى خالفت به تفسير القرآن بالقرآن بموجب نص الآية وسياقها , كما خالفت به السنة المفسرة لنفس الآية فضلا عن إجماع المفسرين ..
فلم أر لك إلا كلاما مرسلا مطولا ليس فيه دليلا واحدا ولا حتى شبهة دليل ..
ثم تطور الأمر معك إلى أسلوب آخر من أساليب التهرب التى كنت أود ألا تجرنا إليها ..
وهى أنك تدافع عن نفسك بالطعغن فى الآخرين !!
فرأيتك تكتب كلاما غريبا يطعن فى الأجيال السابقة من العلماء ويوحى للقارئ بأنه شرذمة من الجهلاء , وأنك أنت بمنهجك الجديد من ستقوم تفسير وبيان القرآن بيانا واضحا !!
وبغض النظر عن أن هذا الكلام ليس له قيمة فى مواجهة أجيال المفسرين العظام , إلا أنه حتى لو صدق لامك هذا , فلا يعنى هذا أبدا أنك على حق فيما ذهبت إليه من آراء !!
فالدفاع عن وجهة نظرك يكون بإقامة الأسانيد والأدلة عليها ,
أما الدفاع بطريقة أن فلان أخطأ , وعلان أجرم !!
فهذا للأسف الشديد ــ سامحنى ــ أسلوب المفلسين الذين لا يجدون لوجهات نظرهم أى دليل يقطعون به الجدل فيما يذهبون إليه ..

ورغم محاولاتى الدائبة فى إهمال المحتوى الخارج عن الموضوع فى ردودك , وإعادة القاش لنقطته الرئيسية إلا أنى فوجئت بك تتهمنى أنا بالهروب !!
فسبحان الله ..
ألا تتابع النقاش من بدايته وتشارك فيه حتى ترى كم مرة أعدت عليك نفس الأسئلة ولم أجد منك استجابة على نقطة واحدة منها ؟!
الأمر الثانى أنى سأريحك وأجيبك عن النقاط الخارجة عن الموضوع هذه المرة ,
لا لشيئ إلا لأدعوك للمرة الأخيرة إلى الإلتفات إلى أصل النقاش , وإدراك الحقيقة التى تحاول أن تتهرب منها وهى أنك تنتهج نهجا فى التعرض لكتاب الله تعالى هو نهج أهل الشبهات وطريق أهل البدع والأهواء .. عافاك الله وإيانا منهم ..
فليتك تتدبر قليلا فى هذا الأمر وتراجعه ..
إنك دعوت فى نقاشك هذا صراحة إلى القول فى القرآن بالرأى المطلق , ومن أى أحد , ورفضت رفضا تاما القواعد العلمية التى يجب على الباحث فى القرآن الكريم أن يتحلى بها , وكأنى بعلوم التفسير ــ على صعوبتها ــ لا تمثل شيئا عندك فى منهج البحث العلمى !
وحجتك فى ذلك قائمة على شيئ واحد ألا وهو أن الإجتهاد مفتوح فى القرآن الكريم , وسبق أن قلنا لك أنه مفتوح بالطبع , ولكن بالأصول العلمية لأى علم , وإلا كانت العلوم نهبا للعوام والجهلاء
واعتمدت على أقوالك بأخطاء العلماء ..
ناسيا أن أخطاء علماء التفسير إنما هى كأخطاء غيرهم فى شتى أنواع العلوم , فلا يوجد أحد معصوم بعد الأنبياء عليهم السلام , وأخطاء العلماء مردودة عليهم ببيان الصواب وليس فى خطئهم أى عيب فالطبيب الممارس العالم قد يخطئ ولكن هذا لا ينفي أنه طبيب انتهج منهج علوم الطب بوجه صحيح فتعلمه علما صحيحا , وبالتالى فإن أخطاءه ستكون نادرة إلى جوار إنجازاته ..
وكذلك أهل التفسير فى كل عصر لهم أخطاؤهم ولكن علمهم أثمر لنا من المعارف ما يعفو هذه الأخطاء ..
لكن الجريمة الحقيقية ــ وليس الخطأ ــ أن نسمح بأن ينتهج أحد فى كتاب الله القول المطلق بلا علم ودون أن يتسلح بالقواعد العلمية الصحيحة للخوض فى التفسير تحت زعم أن كافة علماء التفسير كانوا يخطئون !!
والإجتهاد المفتوح فى القرآن الكريم ..
ليس معناه ولا من محتواه آيات الأحكام , ولا الآيات التى فسرها القرآن أو حسمت تفسيرها السنة أو الصحابة ,
فهذا القسم من القرآن الكريم لا يقربه مفسر لأنه الله عز وجل سهل تفسيره للأمة وانتهى الأمر ,
ولو أنك لاحظت منهجك لوجدت أنك لا تذهب إلا لنوعين من الآيات ..
الأول : الآيات المحكمة التفسير التى ورد تفسيرها بسياق القرآن الكريم أو السنة أو تفسير الصحابة
الثانى : آيات المتشابه , والتى لا يتتبعها إلا أهل الزيغ كما أخبر القرآن الكريم بنفسه ,
وأنت ترفض الوقوف عندما أمرنا الله ورسوله الوقوف عنده تحت زعم حرية العقل وتحت زعم أن هذا الوقوف كان سببا فى تخلف الأمة , رغم أن الأمة الإسلامية عاشت أزهى عصورها وكانت سيدة العالم عندما رجعت والتزمت بهذا المنهج الوقاف عند حدود الله ورسوله عليه الصلاة والسلام والإلتزام بالسنة فيما أمر النبي عليه السلام ونهى عنه !

هذا هو محور النقاش للمرة الأخيرة يا دكتور ..
والحقيقة أنه عيب كبير على شخص مثلك من المفروض أن نتعلم منه أصول البحث العلمى , فإذا بنا نراه يخالف أبسط مبادئ هذا البحث !
وبعد تناولى ردودك اليوم أرجو أن تعود لقراءة الفقرة السابقة , وتحدد موقفك النهائي منها بالقبول أو الرفض لينتهى النقاش عند هذا الحد , خوفا من استمرار الجدل والتكرار ونحن منهيون عن الجدل والمراء لا سيما فى أمور الدين ..

تقول :
لم تجبني عما لو كان يغضبك ذكر مثال "الفسوة والفسية" الذي ضرب في التفاسير على الله سبحانه وتعالى يعلم آدم الأسماء، وعن الرواية التي تطعن في أخلاق نبينا الكربم ذو الخلق العظيم! أعتذر مرة أخرى وبشدة عن ذكر هكذا كلمات في هذا المنتدى الكريم. ولكن ليس أعز من القرآن الكريم عندي فإن قيلت في حقه تعالى وقرأتها أجيال وأجيال فما الضر من ذكرها هنا؟ أوَ أعزّ من القرآن وجلاله تعالى؟
أحسب بعدم جوابك أنك تكره أن يقال هذا الكلام عليك، وسؤالي فإن كرهته على نفسك فلم لم تكرهه على الله تعالى وعلى أنبيائه؟
والله ما تجاهلتها إلا لإعفائك أنت من الحرج يا دكتور نبيل !
فلست أدرى والله ما الذى تمثله لك هذه الكلمات من حجة ,
هل تعطيك الدليل على ما ذهبت إليه من أفكار !
هل تمنحك أو يمنحك هذا الغمز فى علماء التفسير ما تفتقر إليه من حجة وبرهان ؟!
والأهم من ذلك :
ألم يكن من الأولى أن تلتفت إلى الأسئلة التى وضعناها لك وهى أسئلة كاشفة عن طبيعة خطئك العلمى فيما ذهبت إليه ؟!
ونقول وبالله المستعان :
أن الكلمتان لا تمثلان أى حرج مما تحاول الإيحاء به ولو كنا نتعامل فى الدين بمثل تعاملك هذا لما صلح أمر الفقه كله ! فهو لا يحتوى فقط الفسوة والفسية , بل يحتوى ما هو أكبر من ذلك وأطم فى أحكام الطهارة مثلا , وفى تفسير آيات الأحكام , وفى علاج أمور الزواج .. وغيرها
فهل فى استخدام الشرح لهذه الأمور يمثل عندك طعنا فى القرآن الكريم !
ما أشد غيرتك المحمودة على القرآن ..
وكنا نتمنى والله لو تمتد هذه الغيرة إلى حيث يجب أن تضعها فى موضعها الصحيح ألا وهو الغيرة على كتاب الله من القول على الله بغير علم ..
ثانيا :
ما لم تنتبه أنت إليه ــ وهو دافع الحرج ــ أن هذا التفسير الذى تستنكره , ليس رأيا للمفسر ,
بل هو رواية أوردها بن جرير وابن كثير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما , حيث أوردا الرواية من حيث أن ابن عباس قال علم آدم الأسماء كلها وأسماء كل شيئ حتى الفسوة والفسية ..
وهذه الرواية لم تثبت بسند صحيح متصل عن ابن عباس ..
أى أنها رواية ضعيفة ولا تحمل أى حجة , وحتى لو صحت الرواية فالقائل هنا هو ابن عباس ترجمان القرآن وليس ابن كثير أو الطبري
وأنا لم أشأ اتهامك بالتدليس على القارئ من أنك أتيت بها توحى أنها كانت رأيا مطعونا فيه لأحد المفسرين , وهو ما ثبت خطؤه لك الآن ,
فإن كنت تعلم أنها رواية ضعيفة ومجرد رواية لا رأى للمفسر , فهذا تدليس على القارئ واتهام باطل كعادة اتهاماتك لمفسري أهل السنة ..
وإن كنت لا تعلم أنها رواية , فقد كان من الأحرى بك ألا تثير الأمر من بدايته وأن تكف عن تتبع عورات المفسرين , فليس هذا بنهج أهل العلم ..

وتقول :
تقول أخي أنك غير ملزم بالدفاع عن الأخطاء المثبتة في التفاسير.
أجدها مفارقة عظيمة أن لا تلزم نفسك بنقد روايات تسيء إلى الله تعالى وإلى أنبيائه الكرام في الوقت الذي أجدك تلزم نفسك بالرد على من يعمل على إزالة هذه الإساءات!
اسمح لي أن أقول بل أنت ملزم بذلك، وكل من يقرأ مثل هكذا أقوال ملزم. ودليلي مرة أخرى هو القرآن وليس غير ذلك.
فعن حادثة الإفك الذي رميت به أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قال تعالى:
سبحان الله ..
والله إنك تضحكنى رغما عنى يا دكتور ..
أولا : أنا لست أدرى ما العلاقة أو الرابط الذى يربط بين حادثة الإفك وبين إلزامك لى بأخطاء المفسرين ..
ثانيا وهى الأهم : فى أى منهج علمى بالله عليك وجدت هذه القاعدة التى تلزمنى فيها بأخطاء المفسرين رغم أنى أنتمى إلى منهج أهل السنة القائم على إنكار الخطأ على صاحبه , وعدم الأخذ والرد إلا عن صاحب مقام النبوة كما قال الإمام مالك بن أنس ..
وما هى الحجة التى تتمسك بها حتى تلزمنى بما لم ألتزم به !
هل رأيتنى قلت أن مفسري القرآن معصومين , أو رأيتنى ألزمتك بمفسر معين قلت لك أن ما سواه باطل !!
ثالثا : ما الذى يمثله لك هذا الإلزام فى محور النقاش ..
هل لو كنت ملتزما بأخطاء المفسرين , تكون أنت ساعتها على الحق فيما ذهبت إليه من أفكار شاذة فى القرآن والسنة ؟!
رابعا : لو أننى اتبعت معك نفس الأسلوب , لكنت أنا المحق وأنت المخطئ ..
فأنت تحاول إلزامى بما لم ألتزم به أصلا ولا شأن لى به
بينما ترفعت أنا عن ألزامك بما تستحقه أقوالك ..
فهل رأيتنى ألزمتك باعتقاد المعتزلة والقرآنيين منكرى السنة النبوية بسبب أنك تنكر النسخ وتنكر الأحاديث بالإنتقاد العقلي ولا تعتد بمنهج أهل السنة القائم على الإسناد والمتن ؟!
وهل رأيتنى ألزمتك بصفات أهل الزيغ والبدع اعتمادا على أنك نهجت نهجهم فى تفسيرك لآيات القرآن ؟!
راجع نفسك يا دكتور فكلامك وردودك تحمل الكثير من المغالطات , وأنا لا أريد تتبعها وليس هذا أسلوبي معك لأنى لا زلت أعتقد أننا فى حوار تكامل يهدف للحق وليس فى حوار مناظرة يهدف للغلبة ..
ولهذا ترانى طويت كشحا عن كثير من تلك المغالطات طمعا فى أن تنتبه معى إلى ما أريد الوصول إليه معك ..









مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: هل شك سيدنا إبراهيم بقدرة الله تعالى على إحياء الموتى؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصص القرآن سيدنا إبراهيم و النمرود أ محمد احمد منبر الحوارات الثقافية العامة 2 05-14-2015 07:38 PM
إحياء النحو - إبراهيم مصطفى د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 10:08 PM
كتاب التذكرة بأحوال الموتي وأمور الآخرة للقرطبي - تحقيق : الصَّادق بن محمد بن إبراهيم د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-26-2014 11:41 PM
الدنيا والآخرة.....أقوال سيدنا الامام علي رضي الله عنه وأرضاه مازن الفيصل منبر الحوارات الثقافية العامة 6 11-27-2013 12:04 AM
أحسن الله عزاءكم في وفاة مشرفة منابر جيداء عبد الرحمن رحمها الله تعالى عبدالسلام حمزة المقهى 31 10-01-2011 12:47 AM

الساعة الآن 11:30 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.