قديم 10-22-2010, 01:26 AM
المشاركة 41
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
خطة تطوير الهجوم وأسبابها :
كانت الخطة المعدة الأساسية لتطوير الهجوم باعتبارها المرحلة الثانية من الخطة بدر , تقتضي عددا من الضوابط التي غابت عن التنفيذ الفعلى لهذا التطوير ,
فبعكس المرحلة الأولى التي جرى فيها التطبيق مطابقا تماما للخطة الموضوعة وبحرفية بالغة , فقد تعرضت خطة التطوير لتعديلات جوهرية أملتها ظروف القتال السياسية مما كان له أثر كبير في تعطيلها ,
وبدأت الأحداث يوم 12 أكتوبر عندما فاتح المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع المصري رئيس أركانه الفريق الشاذلى في أمر تطوير الهجوم نحو الشرق ,
واعترض الفريق سعد الشاذلى ـ وكان له حق في اعتراضه ـ باعتبار التوقيت الغير المناسب الذى يطلبه الوزير حيث لم تستكمل قواتنا بعد استعدادها لتنفيذ التطوير وفق توافر عناصر نجاح الخطة والتى كان أهمها ضمان الحماية الجوية للقوات خارج حائط الصواريخ المصري عن طريق تأمين القوات بالدفاع الجوى المتحرك ,
كذلك لم تكن معلومات الإستطلاع كافية عن مواقع العدو ولم تتوافر أى صور جوية لجبهة القتال وهو ما يعنى أن تقدم القوات سيكون نحو المجهول , فى مواجهة عدو يمتلك كافة المعلومات

وفى اليوم التالى ـ ورغم اقتناع الوزير بوجهة نظر رئيس الأركان ـ إلا أنه عاد ففاتحه في نفس الموضوع وأبلغه أنها تعليمات سياسية بضرورة التطوير لتخفيف الضغط على الجبهة السورية التي كانت تعانى من تركيز في طيران العدو سبب لها خسائر ضخمة ,
ففي تلك المرحلة وجهت القيادة السورية رسائل عاجلة متواصلة عن طريق اللواء بهى الدين نوفل رئيس الأركان للقوات المشتركة كى تقوم مصر بتطوير الهجوم الشرق بأسرع ما يمكن كى تخفف الضغط على السوريين ,
وتحت هذا العامل الحساس لم يستطع الرئيس السادات أن يطلب مزيدا من الوقت فأصدر قراره السياسي الإلزامى للقوات المسلحة أن تقوم بتطوير عملياتها نحو الشرق يوم 13 أكتوبر ,
وكان اعتراض الشاذلى مبنيا على الخط الإستراتيجى الذى تقرر في مؤتمر الدفاع العربي المشترك عام 1971 م عندما أعلن وبوضوح أن مصر وسوريا إذا دخلا الحرب معا فلن يكون باستطاعة أحدهما أن تخفف الضغط عن الأخرى إذا تطلب الموقف ذلك الأمر , وأنه يجب عمل الحسابات على ذلك الأساس ,
فسوريا لا تستطيع تخفيف الضغط على مصر لأنها لن تستطيع أن تعبئ في مواجهة العدو طاقة أكبر من إمكانياتها ومصر لن تستطيع لأن الخروج من حائط الصواريخ أمام طيران متفوق للعدو لن يخفف الضغط
وقد اقتنع المؤتمر العسكري العربي بهذا الأمر في وقته [1]
ويضاف على ذلك حقيقة هامة للغاية كان الشاذلى يؤيد بها موقفه وهى أن العدو يحشد أمام الجيش المصري 8 ألوية مدرعة كاملة بينما يحشد على الجبهة السورية ست ألوية مدرعة ,
وليس متصورا أصلا أن يقوم العدو بسحب أى لواء مدرع من الجبهة السورية للمصرية لأنه لا يحتاج ذلك مهما كان ضغط المصريين لأن قوة الجيش المصري المواجه كانت أربعة ألوية مدرعة فقط أى أن العدو يتفوق عليه بالضعف ولا يحتاج أى إضافة ,
( ولفائدة القارئ فإن أمر تفوق العدو في المدرعات لم يقتصر فقط على أنه يحشد أمام المصريين 8 ألوية في مواجهة أربعة ألوية بل إن التفوق العددى يميل للعدو أكثر لأن اللواء المدرع العربي قوته 90 دبابة فقط بينما اللواء المدرع الإسرائيلي قوته 120 دبابة )
فأى تخفيف يتوقعه السادات من جراء تطوير الهجوم في هذه الحالة ؟!

غير أن وجهة نظر السادات كانت تستند إلى أن القوة التي يهدف لسحبها من العدو هى القوة الجوية حيث يهدف إلى جذب القوة الجوية للعدو إلى الجبهة المصرية لأن طيران العدو كان السبب الرئيسي في الخسائر الجسيمة التي تلقتها القوات السورية
بعد اندفاعها وخروجها من نطاق حائط الصواريخ ,
وتحت ضغط الأمر الواقع قام الفريق الشاذلى بإصدار الأوامر بإتمام أمر الهجوم صباح يوم 13 أكتوبر ,
وقام اللواء محمد غنيم بحمل التعليمات إلى قائد الجيش الثانى اللواء سعد مأمون , وقام اللواء طه المجدوب بحمل التعليمات إلى اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث ,
ودون ترتيب مسبق اتصل قائدا الجيشين وفى نفس الوقت تقريبا بالفريق الشاذلى معترضين على تنفيذ الأوامر بتطوير الهجوم بنبرة غاضبة مستنكرة لعدم جاهزية القوات في هذا الوقت ,
وإثر اعتراض قادة الجيوش تقرر أن يتم استدعاء قائدى الجيشين إلى المركز رقم 10 للوصول إلى حل , في ضوء سماع اعتراضاتهما المبنية على موقف الجيوش ميدانيا ,


الهوامش :
[1]ـ برنامج شاهد على العصر ـ شهادة الفريق الشاذلى ـ تقديم أحمد منصور ـ قناة الجزيرة

قديم 10-22-2010, 01:28 AM
المشاركة 42
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وتلخصت اعتراضات قائدى الجيشين في نفس المبررات التي سبق أن اعترض بها الشاذلى وأضافوا إليها صورة الموقف الميدانى المتمثلة فيما يلي :
أولا : العدو حشد ثمانية ألوية مدرعة بقوة 800 دبابة في مواجهة أربعة ألوية مصرية 400 دبابة فقط
ثانيا : الإفتقار الشديد للمعلومات حول مواقع العدو والتى لا غنى عنها لتنفيذ أى هجوم ناجح حيث أن عناصر الإستطلاع المصرية التي كان لها دور كبير في عمليات صد الهجوم قام الإسرائيليون باكتشاف أماكنهم والتخلص منهم بعد أن رصدوا وجودهم نتيجة دقة المدفعية المصرية في إصابة أهدافها مما استنتج معه العدو ضرورة وجود عناصر توجيه
ثالثا : لدى العدو رصد كامل وصور دقيقة عن أوضاع القوات المصرية بسبب طائرات التجسس التي عبرت فوق الجبهة واستكمل بها العدو معلوماته
رابعا : عدم جاهزية سلاح الطيران المصري لحماية القوات المتقدمة والتى ستخرج من نطاق حائط الصواريخ المصري والذي وقف سابقا خلف نجاح قواتنا خلال الفترة السابقة بعد أن تم تحييد الطيران الإسرائيلي ,
خامسا : عدم جاهزية كتائب الدفاع الجوى المحمولة لأخذ أماكنها لتحل محل حائط الصواريخ لأن هذه الكتائب في حاجة لمزيد من الوقت كى يتم تنظيمها ودفعها , وطلب تطوير الهجوم في التوقيت الحالى لا يفي أبدا بالوقت المناسب ,

وأصر السادات على موقفه ولم يستجب للقادة إلا بشكل جزئي عندما قام بتأجيل الهجوم من 13 أكتوبر إلى 14 أكتوبر أى لمدة أربع وعشرين ساعة فقط في أول تدخل سياسي في سير المعارك الحربية مما كان له الأثر السلبي بكل تأكيد على التفوق الكاسح الذى تمت به مراحل الحرب الأولى دون تدخل ,

وكانت الخطة التي تم إعدادها بغرض جذب المجهود الجوى للعدو إلى الجبهة المصرية تتمثل في أن يتم التطوير اعتبارا من أول ضوء يوم 14 أكتوبر ( أول ضوء وآخر ضوء تعبيرات عسكرية تفيد الغروب والشروق وتحديد القتال النهارى والليلي ) على أن يسبقه تمهيد بالمدفعية لمدة 15 دقيقة مع ضربة جوية مركزة ضد الأهداف المعادية في العمق ,[1]
بينما تركز قوات الدفاع الجوى مجهودها في تأمين قوات الإشتباك في اندفاعها إلى المحاور الأربع الرئيسية للهجوم , وهى :
محور ممر متلا : لواء مدرع من الفرقة 4 المدرعة للإستيلاء على الممر الغربي وتأمينه , وتعاونه كتيبة مشاة ميكانيكى من الفرقة 6 مشاة ميكانيكى تعمل كمفرزة أمامية ( المفرزة هى قوات متقدمة كدفعة أولى للهجوم )
محور ممر الجدى : لواء مشاة ميكانيكى من الفرقة 7 مشاة يتقدم شرقا بمعاونة اللواء 25 مدرع مستقل ( اللواء المستقل هو اللواء الذى لا يتبع فى قيادته فرقة معينة بل يتم تكليفه بمهام منفردا أو ملحقا بإحدى الفرق عند الحاجة )
محور الطاسة : ونظرا لخطورة هذا المحور باعتباره أكثر المحاور حيوية بالنسبة لقوات العدو فقد تقرر له فرقة كاملة مدرعة هى الفرقة 21 مدرعة
محور بالوظة : اللواء 15 مدرع المستقل

غير أن تطبيق الخطة شابه بعض القصور نتيجة العجلة ,
وسنتعرض لإحدى معارك التطوير كمثال على بقية المعارك وهى معركة اللواء 3 المدرع , فقد تمت جميعها بنفس الكيفية من الهجوم وجذب المجهود ثم الإرتداد لرءوس الكباري
ففي البداية لم يتمكن اللواء من الإستفادة بالضربة الجوية المعاونة له لعدم جاهزية الطيران
فضلا على ذلك أن اللواء 3 المدرع لم يستطع أن يحصل على وحدات الدعم المخصصة له مثل سرية المقذوفات المضادة للدبابات وسرية مدفعية 57 مم مضادة للطائرات وفصيلة مهندسين عسكريين ,
مما اضطره إلى أن يقوم بالهجوم بدون هذه الوحدات , واكتفي بالتمهيد النيرانى بالمدفعية لمدة 15 دقيقة , لم يكن لها أثر كاف أو قوى نتيجة لأن ضرب المدفعية تم بطريقة الضرب الحسابي لعدم وجود عناصر توجيه فى المقدمة تكفل للمدفعية تصحيح أهدافها لتدخل فى نطاق التأثير ,
ورغم هذا فقد نجح اللواء 3 المدرع فى تحقيق المفاجأة الوحيدة فى خطة تطوير الهجوم ـ حيث أن الخطة بأكملها كانت مكشوفة للعدو كما سبق القول ـ وذلك أنه عندما بدأ اللواء المدرع طريقه إلى هدفه لم يأت بالطريق المتوقع للعدو وقام بحركة التفاف للإفلات من الستائر المضادة للدبابات التى نشرها العدو أمام مواقعه ,
فاتجه اللواء المدرع محاذيا للجناح الأيسر للعدو من خلال وادى مبعوق ووادى المر ووصل إلى أبعد عمق بلغته وحدة مصرية فى حرب أكتوبر حيث وصل إلى الكيلو 25 فى عمق سيناء ,
وقد اعترفت المراجع الإسرائيلية أن المفاجأة الوحيدة التى جرت فى تطوير الهجوم المصري كانت طريقة الهجوم التى اتبعها اللواء 3 المدرع

وبدأت اشتباكات اللواء عندما تعرض لقصف الطيران المكثف بالإضافة لصواريخ إس إس 11 المضادة للدبابات ورغم الخسائر التى منى بها اللواء فقد استطاع الصمود واحتلال خطوط فتح مناسبة واشتبك بشدة مع قوات العدو ودمر له 13 دبابة , وخسر اللواء مجموعة مدفعيته نتيجة للقصف الجوى واستشهد فى المعركة قائد اللواء العقيد نور الدين عبد العزيز وتولى رئيس أركان اللواء المسئولية ونجح اللواء فى تأمين الخط المكتسب وطلب تدعيمه لاستكمال الهجوم نحو ممر متلا
وبعد أن أتم اللواء مهمته ونظرا للسيطرة الجوية للعدو وعدم وجود مدفعية مضادة صدر أمر قائد الجيش الثالث بارتداد اللواء إلى منطقة رأس الكوبري وتم ارتدادها إلى رأس كوبري الفرقة 19 مشاة دون خسائر إضافية , لتتم عملية إعادة كفاءة اللواء وتجديد خسائره بسرعة ,
وبمثل هذا النسق من الهجوم واستنزاف قوات العدو والإرتداد إلى رءوس الكباري تمت عملية التطوير على بقية نطاق الجيش الثالث ثم الجيش الثانى وساعدتها هذه المرة طلعات الطيران المركزة بعد إتمام استعدادها بالإضافة إلى قوة المدفعية المتمثلة فى 500 مدفع ضد أهداف العمق للعدو[2]



الهوامش :
[1]ـ المعارك الحربية على الجبهة المصرية ـ جمال حماد ـ مصدر سابق
[2]ـ حرب رمضان ـ اللواء حسن البدرى وآخرون ـ مصدر سابق

قديم 10-22-2010, 01:29 AM
المشاركة 43
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفى أول أيام التطوير وقبل وصول النتائج حدثت مفاجأة غير سارة فى نطاق الجيش الثانى إذ أصيب اللواء سعد مأمون بأزمة قلبية مفاجئة نتيجة المجهود الخرافي المبذول وتولى مكانه اللواء تيسير العقاد رئيس أركان الجيش الثانى ثم تولى بعده بأيام اللواء عبد المنعم خليل مما كان له أثر سلبي فى كفاءة المتابعة نظرا لخبرة اللواء سعد مأمون فى أوضاع جيشه , ولم يكن هناك بد من تغيير القيادة للحالة الحرجة التى مر بها قائد الجيش واستدعت إخلاءه إلى مستشفي القصاصين ثم إلى مستشفي المعادى العسكري بالقاهرة رغم الإلحاح والإصرار الذى قام به اللواء سعد مأمون حتى لا يتم إخلاؤه ,
وهى فدائية عظيمة ضرب بها هذا القائد مثلا فى الإخلاص والبطولة ,
ويجدر بنا هنا أن نؤكد أن ما تردد حول أسباب الأزمة التى ألمت باللواء سعد مأمون غير صحيح , حيث تناولت بعض الأخبار أنه أصيب بالأزمة نتيجة فشل التطوير وهذا غير صحيح لأن الأزمة واكبته قبل وصول أى نتيجة فعلية لعملية التطوير وهو ما أكده اللواء سعد مأمون نفسه فى رسالته بهذا الشأن للمؤرخ العسكري جمال حماد
هذا فضلا على أن الأمر لم يكن فيه صدمة لهذه الدرجة التى تؤدى لانهيار قائد الجيش ! ولو أننا تأملنا الظروف التى أحاطت بقواد الجيوش والمقاتلين لأدركنا أن احتمالية إصابة أيا منهم بهذه الأعراض أمر طبيعى وغير مستغرب فى جو قتال مستمر لأكثر من عشرة أيام بلا نوم أو راحة تقريبا !

وعودة إلى أجواء القتال ,
فنتيجة للضغط الذى مثلته القوات المصرية ازدادت المعارك ضراوة في الأيام التالية واتسعت مساحة القتال لتشمل مساحة 15 ـ 18 كيلومتر شرقا ,
وفور أن اتخذ العدو الخطوة المطلوبة بتحويل قوته الجوية إلى الجبهة المصرية صدرت أوامر القيادة العامة للقوات بعودة المفارز المتقدمة إلى رءوس الكباري والإستعداد لصد الضربة المضادة المتوقعة من العدو خلال يوم 15 أكتوبر
وشهدت تلك المعركة أعنف معارك الدبابات فى التاريخ الحديث ,
فلم يحدث أن تكاثفت فى معركة واحدة مثل هذه الأعداد الهائلة من الدبابات على الطرفين ولا حتى خلال معارك الحرب العالمية الثانية , ولا حتى فى طريقة قتالها حيث وُجدت بعض الدبابات من الطرفين فى مواجهة مع بعضهما البعض ولا يفصلهما إلا متر أو مترين !
لا سيما وأن نطاق الأرض الذى جرت عليه المعركة كان ضيقا بالنسبة لحشد الدبابات الهائل الذى زاد عن 2000 دبابة من الجانبين فى مراحل متعددة كانت لإسرائيل وحدها 1200دبابة
وانطلقت هذه الدبابات فى مفارز متعددة استهدفت رءوس الكباري خلال 15أكتوبر بغرض تصفيتها والإستيلاء عليها , ومركزا هجماته على الجانب الأيمن للجيش الثانى الميدانى , واستخدم فى هذا الهجوم المروع فيض الدبابات الأمريكية الحديثة والأسلحة الجديدة المضادة للدبابات والمجهزة لمواجهة طريقة الهجوم المصرية فى استخدام المشاة ,
وفشلت جميع محاولات العدو لتصفية رءوس الكباري لترتد جميع قواته بعد أن فشلت فى تحقيق الهدف

وقامت القوات الجوية بدور جبار في تلك العملية حيث شهدت ساحة المعارك أروع إنجازات الطيران المصري خلال فترة عملية التطوير حيث نفذت القوات الجوية 500 طلعة وأسقطت للعدو 17 طائرة خلال معارك 14 أكتوبر الذى تقرر اتخاذه عيدا للقوات الجوية فيما بعد ,

وعند تقييمنا لعملية تطوير الهجوم شرقا ينبغي أن نعرف أولا الهدف الإستراتيجى منها وهو ــ كما يقول اللواء عبد المنعم واصل [1] ـ ليس الهدف الأصلي للخطة فى الوصول للمضايق بل هو تخفيف الضغط عن القوات السورية , ولهذا وفور أن تأكد للقيادة المصرية حدوث ذلك صدرت الأوامر بالتمسك من جديد برءوس الكباري واحتواء الهجمات المضادة ,
ولا شك أن عملية التطوير حازت اعتراض القادة للأسباب الوجيهة المتقدمة إلا أن الخطأ لم يستمر طويلا وتتخذ القيادة قرار استمرار الهجوم بغرض تنفيذ الجزء الثانى من الخطة باحتلال المضايق , بعد أن تداركت نفسها وعادت القوات من جديد فى حماية حائط الصواريخ ونجحت فى صد كافة هجمات العدو وتكبيده خسائر مروعة

إلا أن التأثير السلبي الكبير الذى أحدثته عملية تطوير الهجوم شرقا فى غير وقته المناسب لم يكن فى تنفيذ العملية ذاتها بقدر ما كان فى قرار القيادة دفع الفرقة 4 المدرعة التى كانت خلف الجيش الثالث والفرقة 21 المدرعة التى كانت خلف الجيش الثانى إلى الضفة الشرقية للمشاركة فى عملية تطوير الهجوم ,
فهاتان الفرقتان كانتا هما الضمان الإستراتيجى الموجود خلف الجيشين الميدانيين لمنع أى عملية تسلل يقوم بها العدو , ووجود هاتين الفرقتين ـ بعد أن رصدهما العدو ـ كان هو السبب الرئيسي الذى منع الجيش الإسرائيلي من تنفيذ عملية الإختراق والعبور إلى الضفة الغربية من ثغرة الدفرسوار ,
ومجرد وجودهما فى حد ذاته كان شهادة تفوق للتخطيط المصري بلا جدال حيث توقع القادة بدقة أن النقطة الوحيدة الصالحة للإختراق هى منطقة الفصل بين قوات الجيش الثانى والثالث عند منطقة الدفرسوار , رغم وجود نقاط أخرى عند أطراف القناة ,
وحددت القيادة هذه النقطة كنقطة محتملة يقوم من خلالها العدو بالنفاذ إلى الضفة الغربية وتهديد مؤخرة الجيشين وعمل البلبلة المطلوبة لكى يخفف من ضغط قواتنا عليه فى الشرق فنضطر لسحبها ونتخلى عن كل مكاسب الحرب فى الشرق لكى نواجهه فى الغرب بعد أن نجح فى الإختراق ,
أى أن التخطيط الإسرائيلي كان متوقعا بالكامل لدى القيادة المصرية التى اتخذت التدابير لمنعه بوضع فرقتين مدرعتين عند نقطة المفصل كفيلتان بتدمير أى قوة للعدو تحاول العبور
وفور أن أخطأت القيادة المصرية بسحب الفرقتين ودفعهما للعبور للشرق بغرض المعاونة فى تطوير الهجوم رصدت الأقمار الصناعية هذا التغير الجوهرى ليصدر قرار رئيس الأركان الإسرائيلي بتنفيذ خطة ( الغزالة ) أو ( القلب الشجاع ) كما يسمونها أيضا والتى شارك فيها شارون وكلمان ماجن وإبراهام أدان قواد المدرعات ووضعوا عليها كافة آمالهم فى الحرب لتتحطم تلك الآمال تحطيما على صخرة الدفاع المصري فيما بعد وتفشل إلى الأبد محاولة إسرائيل بتغيير مجرى الحرب كما سنرى



الهوامش :
[1]ـ مذكرات عبد المنعم واصل ـ دار الشروق ـ

قديم 10-28-2010, 03:05 PM
المشاركة 44
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

قــصة الــثــغــرة




ونأتى لواحدة من أهم معارك حرب أكتوبر والتى بدأت كفرصة إسرائيلية وانتهت كفرصة مصرية للإطاحة بنصف الجيش الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية .. وفى ضربة واحدة !
لولا أن سريان وقف إطلاق النار وعدم تصعيد الموقف بين الدولتين العظميين هو الذى أنقذ الفرق الثلاث الإسرائيلية التي نفذت الثغرة على مراحل , بعد أن قررت القيادة المصرية بالفعل تنفيذ الخطة ( شامل ) لإبادة الثغرة أيا كانت الخسائر
ولكى نفهم الثغرة وأحداثها وما أثير حولها من انتقادات للجانب المصري كانت أغلبها في الواقع آثار اختلاف القيادات وبالتحديد الخلاف الواسع الذى وقع بين السادات والفريق الشاذلى وتطور إلى عداء مستحكم ونجم عنه الكثير من الإتهامات المتبادلة بين الطرفين كان أغلبها لا علاقة له بالواقع ,
فتحول اختلاف الرأى إلى تراشق بالإتهامات وكان السادات هو البادئ بهذا العدوان وهو ما دفع الشاذلى إلى تصعيد الخلاف ودخل في منعطف خطير دون أن يدرى ,
لأنه في غمرة هجومه على السادات وفى محاولة بيان صحة رأيه انزلق إلى محاولة تضخيم حجم النجاح الإسرائيلي رغم أن هذا النجاح المزعوم لم يكن له أثر من الواقع الفعلى ولم تستفد إسرائيل شيئا في موقفها واضطرت لتنفيذ الإنسحاب على المراحل التالية لوقف إطلاق النار بعد أن خرقته مرارا للوصول إلى أهدافها دون نجاح
هذا مع الإحتفاظ الكامل بتقديرنا العظيم لأسد حرب أكتوبر سعد الشاذلى واعتراف الجميع أن السادات ترصد له واتهمه بما لم يكن فيه لمجرد إبداء رأى مخالف له في كيفية معالجة الثغرة

فلكى نفهم أحداث الثغرة يجب النظر إليها بعيدا عن وجهات نظر الأشخاص والإعتداد بالحقائق الواقعية على الأرض ونتائج المعارك وآراء المحللين المحايدين وآراء الإسرائيليين أيضا
وكل تلك الآراء جزمت بأن الثغرة تحولت من فخ دبره الجيش الإسرائيلي إلى فخ وقع فيه هذا الأخير وكانت خسائره الضخمة علامة أخرى إضافية على سلسلة الفشل التي منى بها في تلك الحرب ,
فضلا على أن تحديد الهزيمة والنصر في أى معركة مرهون بتحقيق الأهداف , وقد حددت القيادة الإسرائيلية أهدافها من الثغرة ولم تنجح ـ رغم اختراقها وقف إطلاق النار ثلاث مرات ـ في تنفيذ أى هدف من هذه الأهداف
يقول ديان عن معركة المزرعة الصينية إحدى معارك الثغرة :
( إن الخسائر التي تكبدناها في الثغرة لم تكن متوقعة على الإطلاق ولما تفقدت منطقة المزرعة الصينية رأيت ما لم أشاهده في حياتى كلها مئات الدبابات المحطمة تتناثر في كل مكان وعشرات الجثث الممزقة من التي ترتدى زى جنود جيش الدفاع )
وديان تفقد المعركة في صحبة أحد القادة المشاركين فيها الذى لفت نظره أثر المنظر على ديان فقال له
( هل تأملت وادى الموت هذا ! ) [1]
وخسرت إسرائيل فى الثغرة 127 طائرة وخسرت 400 دبابة على مراحل أيام القتال فيها أمام قوات صاعقة ومظلات فقط بدون قوات مدرعة ليتكرر للمرة الثانية مسلسل السقوط المدرع الإسرائيلي أمام المشاة المصريين وحرب العصابات التى نفذتها قوات الصاعقة بجدارة ,
وإذا كانت القيادة الإسرائيلية لديها الإستعداد لخسارة المعدات بلا حدود , فقد قابلت الجانب المصري الذى لديه استعداد أكبر لتحمل الخسائر البشرية وفى المعدات نظير منعها من الوصول إلى هدفها باحتلال السويس والإسماعيلية

ويقول الخبير الإستراتيجى الأمريكى ( ديوبويه ) فى كتابه ( النصر المراوغ ـ وهى تسمية تعبر عن المحتوى ) :
( إن ما فعلته إسرائيل بنفسها من خلال هذه العملية التليفزيونية أنها وضعت نفسها فى موضع من يحقق غرض المصريين بتطويل الحرب وزادت خسائرها لدرجة مروعة ولم ينقذها إلا الولايات المتحدة عن طريق اتفاقية فض الإشتباك )
وكان هذا المحلل هو الذى أطلق على معركة الثغرة اسم المعركة التليفزيونية وهو الإسم الذى اشتهر فيما بعد وظن البعض أن المصريين هم من أطلقوه ,
وانتقد بعض المحللين المصريين هذا المسمى دون أن يعلموا أنها شهادة من خبير أمريكى


الهوامش :
[1]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ مصدر سابق

قديم 10-28-2010, 03:06 PM
المشاركة 45
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ولكن لماذا تم اعتبار الثغرة معركة تليفزيونية مظهرية فى نظر الخبراء العسكريين ,
رغم أن الثغرة ـ كخطة ـ تعتبر إحدى الخطط البارعة التي كان بإمكانها لو نجحت أن تغير موازين القتال
إجابة هذا السؤال هى المدخل لفهم موضوع الثغرة من خلال فهم طبيعة التفكير الإسرائيلي الذى خبرته مصر بعد أن عركتها التجربة وأدركت أبعاده ولهذا لم تفلح معها إسرائيل فى هذه المرة ,
فالإستراتيجية الإسرائيلية تعتمد اعتمادا مطلقا فى تأمين نفسها على عناصر معينة لا يمكن أن تغيرها ,
أولها : الإعتماد على الحرب الخاطفة التى لا تكلف جهدا أو ضحايا بطريقة الصدمة المربكة للخصم
ثانيها : استخدام الإعلام استخداما أسطوريا كسلاح فى حرب نفسية تحقق لها من الأهداف ما تعجز عنه القوة العسكرية بحيث يجنح للإستسلام ولا يكلف الجيش الإسرائيلي عائقا بالمقاومة

وقد طبقت هذا الأمر بنجاح فى حرب يونيو عندما نفذت ضربة الطيران فأفقدت القيادات المهتزة اتزانها وصدر قرار الإنسحاب الغريب الذى فتح سيناء بكل سهولة أمام العدو وبلا معارك ,
وعندما فوجئ العدو بحرب أكتوبر اعتمد نفس الإستراتيجية كحل أخير ينقذ الوضع ويرد مصر عن كل مكاسبها وهو حل توجيه ضربة إعلامية فى المقام الأول تسبب إرتباكا وقلقا وحيرة يدفع مصر للتخلى طواعية عن مكاسبها ,
وكانت الفكرة من تجهيز وإعداد الجنرال إريل شارون وتتلخص فى أن تقوم قوة إسرائيلية بعبور الضفة الغربية لقناة السويس بحيث تقبع فى مؤخرة الجيوش الميدانية حيث لا توجد قوات مقاتلة بالطبع ,
وتقوم القوة الإسرائيلية ـ حسب إمكانياتها ـ باحتلال السويس أو الإسماعيلية أو المدينتين معا نظرا لشهرتهما العالمية الواسعة بسبب قناة السويس التى ارتبط اسمها بالسويس المدينة , والإسماعيلية باعتبار أنها مقر شركة قناة السويس وكلتا المدينتين معروفتين للعالم أجمع منذ حرب العدوان الثلاثي المعروفة باسم ( حرب السويس )
فإذا سقطت السويس والإسماعيلية بما لهما من الشهرة الواسعة سيكون لهذا النصر دوى فى العالم يمحو بعضا من العار الإسرائيلي , لا سيما إن تم التخطيط له بإتقان بحيث يتم فرض وقف إطلاق النار بعده مباشرة قبل أن تأتى الفرصة لمصر لترد الهجوم ,
وبالتالى عندما يجلس الإسرائيليون للمفاوضات فى فض الإشتباك بعد وقف إطلاق النار سيكون التفاوض من موقف قوة حيث يقبع الإسرائيليون باحتلال أهم مدينتين فى القناة
هذا فضلا على تهديد مؤخرات الجيوش الميدانية والتسبب فى إرتباكها , فتكون القوات المصرية مضطرة إلى أن تقبل بهذا الوضع دون مقاومة ـ لعدم وجود احتياطى فى الخلف ـ أو أنها تقوم بسحب قواتها من الشرق للغرب بهدف مقاومة الإختراق وهذا يحقق للإسرائيليين ما يتمنونه وهو تخلى مصر عن مكاسبها على الأرض قبل وقف إطلاق النار

وألح شارون فى عرض خطته منذ الثامن من أكتوبر ,
واجتمع مجلس الأركان لدراسة الموقف ودراسة نقاط الإختراق واختاروا بين الثلاث نقاط المرشحة منطقة الدفرسوار بالذات لكونها المفصل بين قوات الجيش الثانى والجيش الثالث ,
ولكى نعرف ما هو مفهوم الثغرة عسكريا ,
نتعرف أولا إلى تقسيم الجيوش فى المفاهيم العسكرية , بشكل مبسط
فالقوات المسلحة تتكون من وحدات صغري تكبر شيئا فشيئا إلى أن تكّون جيشا أو جيشين أو ثلاث حسب إمكانية الدولة
ومفهوم كلمة جيش فى العلم العسكري ليس معناها كما هى عند العامة حيث يعتبر هذا المفهوم مقصودا به القوات المسلحة فى مجموعها , فجيش الدولة هو قواتها المسلحة
أما كلمة الجيش فى العلم العسكري فهى أكبر التصنيفات التى تتكون منها القوات المسلحة لأى دولة , أى أن مفهوم القوات المسلحة مفهوم عام يضم تحته مفهوم الجيش
فتقسيم القوات يبدأ وينتهى كالتالى :
الفصيلة : وهى مجموعة صغيرة من الأفراد يقودهم ضابط صغير الرتبة كالملازم والملازم أول وهما أول سلم الرتب العسكرية
السرية : وهى مجموعة أكبر وحدتها الفصيلة فالسرية تتكون من مجموعة فصائل وقوادها بين رتبة النقيب والرائد
الكتيبة : وهى الوحدة الأعلى حيث تتكون من مجموعة كتائب ويكون قائدها غالبا فى رتبة المقدم
اللواء : وهو أول التقسيمات الكبري حيث يتكون من مجموعة كتائب وقائد اللواء غالبا يكون فى رتبة العقيد , والألوية هى الوحدات التى تعتبر صراعاتها مع العدو معركة من معارك الحرب
فالحرب فى العلم العسكري مجموعة معارك , والمعركة الواحدة يتم إطلاقها على الصراع الذى يتقاتل فيه من الجانبين مجموعة تكون على الأقل بحجم لواء فما أعلى , فأى اشتباك يتم بين لواءين أو أكثر هو معركة كاملة من معارك الحرب
الفرقة : وتتكون من مجموعة ألوية وقائدها يكون فى رتبة العميد
الجيش : ويتكون من فرقتين أو أكثر حيث تكوّن الفرق فى الميدان جيوشا ميدانية يتولى قيادتها من هم فى رتبة اللواء فأعلى وهى واحدة من الرتب القيادية الكبري فى الجيوش ,
ولا يعلوها إلا ثلاث رتب وهى الفريق والفريق أول ثم أخيرا رتبة المشير ( الماريشال ) وهى أعلى درجات السلم العسكري ولا يجوز منحها إلا لمن تقدم بإضافة جديدة غير مسبوقة في العلوم العسكرية أو التطبيقات الميدانية
وليس متصورا أن يكون في القوات المسلحة لأى دولة أكثر من شخص واحد في تلك الرتبة الحساسة وقد لا يوجد أصلا من يحملها حيث يكون الفريق أول رتبة من رتب وزارة الدفاع لأى دولة عادية ,
أما في الدول العظمى فالأمر يختلف قليلا نظرا لحجم الجيوش فيجوز أن يتوافر في رتبة الماريشال أكثر من شخص وقد كان في الإتحاد السوفياتى السابق بعد الحرب العالمية الثانية 12 ماريشالا حازوا هذه الرتبة بعد نصرهم في أكثر من ثلاث معارك ميدانية كبري في ميدان القتال
وأشهر من حمل رتبة الماريشال عالميا هو الماريشال أدوين روميل قائد الفيلق الألمانى والماريشال مونتجمرى قائد القوات البريطانية الذى تمكن من رد هجوم قوات روميل قبل استيلائها على العلمين

قديم 10-28-2010, 03:07 PM
المشاركة 46
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أما في الدول العادية لا سيما بمنطقة الشرق الأوسط فهذه الرتب تكون غالبا رتبا سياسية وهى أحد أوجه السلب الكبري في الواقع , فالمشير عبد الحكيم عامر عندما تولى قيادة القوات المسلحة تمت ترقيته من رتبة الرائد إلى رتبة اللواء دفعة واحدة ثم تمت ترقيته لرتبة المشير دون أن يضيف لثقافته العسكرية شيئا يذكر عن معارفه في رتبة الرائد !!
واختلف الأمر في حرب أكتوبر بالطبع حيث تمت إعادة تنظيم الجيش المصري وأصبحت قيادته عسكرية محترفة على أعلى المستويات العلمية ,

وكان المشير أحمد إسماعيل هو أول ضابط مصري يحمل هذه الرتبة عن استحقاق وجدارة بعد معارك حرب أكتوبر التي لم تكتف بالإضافة إلى العلوم العسكرية بل غيرت مفاهيم العلوم العسكرية أصلا وألغت نظريات عريقة في قتال المدرعات سادت وانتشرت بعد الحرب العالمية الثانية

وبالإضافة إلى التقسيمات النوعية السابقة للقوات المسلحة توجد فى القوات المسلحة مجموعات مستقلة ,
وهى المجموعات التى يتم تشكليها بحيث لا تتبع فرقة معينة , مثل اللواءات المستقلة والفرق المستقلة فى بعض الدول
وهذه اللواءات لا تتبع قيادة أى جيش ميدانى بل تتبع القيادة العامة وهى التى تخصص لها المهام
والدولة من الممكن أن يكون لها جيش واحد فقط أى فرقتان أو ثلاث , حسب إمكانياتها , ومن الممكن أن يرتفع عدد الجيوش حسب قدرة الدولة ,
ولهذا فالدول العظمى لها ست جيوش أو أكثر تصاحبها مجموعة من الأساطيل التى تعجز الدول الصغري عن مضاهاتها ,
وأرقام الجيوش الميدانية تبدأ من رقم 2 , ولا يوجد جيش رقم 1 لأن الجيش الأول له اصطلاح آخر وهو المنطقة المركزية التى تضم قوات احتياط القيادة العامة ومركزها العاصمة

أيضا هناك ملاحظة هامة ,
وهى أن الجيوش المكونة من فرق إنما تنطبق على قوات المشاة والمدرعات فقط أى القوات البرية التى تسمى سادة المعارك , أما الأسلحة الأخرى فتقع خارج نطاق قيادة الجيوش الميدانية ويكون لها قيادات مستقلة تتبع القيادة العامة وهيئة الأركان فى القوات المسلحة ,
وهذه الأسلحة هى القوات الجوية والبحرية وقوات الصاعقة والمظلات وسلاح المخابرات الحربية والإستطلاع وسلاح حرس الحدود والمدفعية والدفاع الجوى
فهذه الأسلحة تعمل كجيوش مستقلة تتلقي أوامرها من القيادة العامة للقيام بمهام منفصلة عن مهمة الجيوش الميدانية أو تتدخل لمعاونة الجيوش بناء على طلب قادتها من القيادة العامة

وبالنسبة للجيش المصري أثناء حرب أكتوبر
فيتكون من المنطقة المركزية فى القاهرة بقيادة اللواء عبد المنعم خليل وجيشين ميدانيين هما الجيش الثانى الميدانى ومقره السويس والجيش الثالث ومقره الإسماعيلية ,
وكان الجيشان فى حرب أكتوبر تحت قيادة اللواء عبد المنعم واصل واللواء سعد مأمون وقوامهما خمس فرق مشاة بتعداد حوالى مائة ألف جندى وفرقتان مشاة ميكانيكية وفرقتان مدرعتان احتياطى للقيادة العامة بالإضافة إلى ألوية الحرس الجمهورى التي عملت أيضا كاحتياطى وتم التخطيط لتدخلها في الثغرة
وقد عبرت هذه القوات للضفة الشرقية أثناء الحرب , بينما عبرت الفرقتان الإحتياطى أثناء تطوير الهجوم ,
وباقي تشكيل القوات المسلحة فى حرب أكتوبر كان يتكون من وزير الدفاع أحمد إسماعيل ورئيس الأركان سعد الدين الشاذلى ورئيس هيئة العمليات محمد عبد الغنى الجمسي وقائد القوات الجوية حسنى مبارك وقائد البحرية فؤاد أبو ذكرى وقائد الدفاع الجوى محمد على فهمى وقائد المخابرات الحربية فؤاد نصار ومدير سلاح المدفعية اللواء محمد سعيد الماحى والعميد نبيل شكرى قائد قوات الصاعقة والعميد محمود عبد الله قائد المظلات واللواء كمال حسن على مدير سلاح المدفعية

ومن مبادئ العلم العسكري أن أضعف النقاط التى من الممكن أن يخترقها العدو أثناء القتال فى أى معركة هى نقاط الفصل بين الوحدات المختلفة ,
فكل وحدة من وحدات الجيوش تجاورها وحدة مماثلة , وتتوزع مسئولية المناطق بينهما , ومن هنا فإن أضعف نقطة ليس عليها التركيز هى النقطة التى تفصل بين لواء ولواء آخر أو بين فرقة وأخرى أو بين جيش وآخر ,
وكانت نقطة الفصل بين الجيشين المصريين تقع فى منطقة الدفرسوار وهى منطقة ضيقة لا تقع تحت مسئولية أى جيش من الجيشين بل هى فراغ جزئي طبيعى بين قوات الجيشين ,
ومن عوامل التفوق فى أى قيادة عسكرية أن تسد ثغرات الإختراق المتوقعة للعدو أثناء الإشتباك لكونها نقاط تفوق يستطيع العدو من خلالها النفاذ والقيام بحركة إلتفاف وتطويق قوات الخصم من الخلف حيث تقع أضعف المراكز وهى الخطوط الخلفية التى لا تقاتل وتقع بها الوحدات الإدارية والطبية ومراكز القيادة



قديم 10-28-2010, 03:08 PM
المشاركة 47
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وكان من عوامل تفوق التخطيط المصري فى حرب أكتوبر أنه توقع خطط العدو للقيام بهذا الإختراق ,
ولم يكتف بتوقع الفعل وإنما قامت هيئة العمليات بدراسة مواقع الإختراق المتوقعة وتخير نقطة الدفرسوار تحديدا كنقطة وحيدة للنجاح ,
ولا شك أن الخبرة التى وقفت خلف هذا الإختيار تستحق الإشادة فى ظل ضعف الإمكانيات التى كانت تعمل بها القوات المسلحة ,
واتخذت القيادة المصرية التدابير لمنع العدو من هذه المحاولة وكانت التدابير حاسمة تمثلت فى وضع فرقتين مدرعتين كاملتين هما الفرقة 2 المدرعة والفرقة 21 المدرعة خلف الجيشين ,
ولا شك أن وضع فرقتين مدرعتين بحجمهما الهائل وتسليحهما الهائل ( الفرقة المدرعة تختلف عن فرقة المشاة لأن تسليحها الرئيسي هو الدبابات ) كان يقضي على أدنى أمل فى تنفيذ محاولة الإختراق , ولهذا فقد قوبل اقتراح شارون بالرفض القاطع نظرا لعدم خلو موضع الثغرة وصعوبة النجاح فى النقاط المقترحة الأخرى ,
ولكن تخلت القيادة المصرية عن حرصها عندما اتخذت قرار تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر ,
ونظرا لأن التطوير سيتم فى ظل تفوق جوى للعدو وبلا غطاء من حائط الصواريخ فقد استلزم الأمر معاونة ضرورية من المدرعات وتمثلت هذه المعاونة فى دفع الفرقتين 2 , 21 المدرعتين إلى الشرق وتخليهما عن مكانهما لمشاركة قوات الهجوم ,


والتقطت الأقمار الصناعية الأمريكية تحرك الفرقتين ,
وفورا بلغ النبأ للقيادة الإسرائيلية لتعود خطة شارون إلى المائدة مرة أخرى ويتم اتخاذ التدابير لاستثمار هذه الفرصة التى فتحت الطريق أمام المحاولة ,
وهى أول مرة تتخلى فيها القيادة المصرية عن حصافتها وبراعتها , وعن هدوئها الذى استفز العدو استفزازا مميتا كونها قابلت الهجمات المضادة بأعصاب هادئة وتنفيذ تكتيكى لا مزيد عليه , فإذا بها تستجيب لضغط قرار التطوير الذى طلبته القيادة السورية , تحت الضرورة الملحة وفى عجلة لم تكن على مستوى التخطيط المبدئي الفذ
ولم يكن متوقعا من التطوير أن يحقق أهدافه إلا فى جذب الجهد الجوى الذى كلف القوات المصرية خسائرها فى الدبابات فضلا على انفراد الجبهة المصرية بمواجهة الأسلحة الأمريكية الجديدة والتى لم تحتاجها إسرائيل فى الجبهة السورية بعد أن استغل الطيران الإسرائيلي اندفاع القوات السورية خارج مظلتها الدفاعية ليتمكن من استخدام الطيران المتفوق ضد المدرعات بشكل بالغ التأثير , رغم أنه تكبد خسائر فادحة في مواجهة البطولات السورية الخارقة
ولكن قَـبـِل العدو التضحيات بالطائرات والمدرعات في سبيل رد الهجوم السورى لخطورته على المستوطنات حيث تشرف الجولان على مستوطنات العدو مما جعل الجيش السورى يهدد العمق السكانى للعدو مباشرة ,
لهذا ركز العدو في هجماته المضادة باستخدام الطيران والمدرعات وأصبحت المعركة سجالا بينه وبين القوات السورية وتكبد الطرفان خسائر مروعة في عدد من أعنف معارك القرن العشرين , وكان نجاح القوات الإسرائيلية الجزئي على جبهة الجولان في هجماتها المضادة معتمدا باستمرار على التفوق الجوى وخروج السوريين من نطاق حائط الصواريخ
وهو الأمر الذى لم يتكرر مع الجبهة المصرية إلى الحد الذى دفع ديفيد إليعازر رئيس الأركان الإسرائيلي إلى التعبير عن ذلك بقوله :
( قد اتضح لنا أن مصر برغم القتال الشرس والضاري والشديد تسير فى هدوء عجيب فى تنفيذ خطتها ... فعلى الرغم من الكثافة الكبيرة لمعداتها وأسلحتها الثقيلة وعلى الرغم من وجود 60000 جندي عبروا إلى الضفة الشرقية للقناة فإنها لا تحرك قواتها شبرا واحدا .. إلا بعد أن تحقق قواتها تمركز مضمون أو ما نسميه نحن فى العسكرية تمركز جزري أي أنها قبل أن تحرك أسلحتها الثقيلة شبرا واحدا تضمن لها أيضا تغطية جوية وحماية كبيرة .
إذا ما معني كل هذا ؟ إن له معني واحدا أن مصر لاتتحرك عشوائيا كما كان الحال فى الحروب السابقة ...
ولا تتقدم لمجرد أن الطريق أمامها مفتوح للتقدم !!! إنها أولا تقدم صواريخ ارض جو لضمان الحماية الجوية .... ثم تزيد من تعميق وتحصين رؤوس الكباري ثم تقدم بقية الأسلحة الأخري ..) انتهى كلام إليعازر

قديم 10-28-2010, 03:09 PM
المشاركة 48
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بداية الثغرة وتطورها :[1]
بعد المعارضة الشديدة التي كانت تلقاها خطة الثغرة من القيادات الإسرائيلية مثل ديان نفسه ونائب رئيس الأركان إسرائيل تال اتخذ مجلس الوزراء الإسرائيلي قراره بالتنفيذ على تردد ,
وكانت الخطة المعدة للتنفيذ كالتالى ,
* فرقة الجنرال شارون والتى يطلق عليها اسم المجموعة 139 المدرعة وتتكون من ثلاثة ألوية مدرعة ومهمتها إنشاء رأس كوبري في منطقة الدفرسوار ليلة 15 /16 أكتوبر وجسرين للعبور أحدهما من الكباري السابقة التجهيز والآخر يتكون من المعديات المتلاحمة على أن يكون أحدهما على الأقل جاهزا للإستخدام صباح 16 أكتوبر ,
والمهمة الثانية هى تأمين قوات العبور من الجانب الأيمن حيث أن الجانب الأيسر مؤمن بمياه البحيرات المرة أما مهمة التأمين غرب القناة فقد تم إسنادها إلى لواء مظلات معزز بكتيبة دبابات
* فرقة الجنرال إبراهام أدان وهى المجموعة رقم 162 المدرعة ومهمتها تدمير القوات المصرية بين ترعة الإسماعيلية وقناة السوس شرقا وتدمير كتائب الصواريخ المصرية لإتاحة الفرصة أمام الطيران الإسرائيلي للتدخل بحرية في العمليات ثم حصار وعزل الجيش الثالث المصري من الخلف وتدميره وإبادته
* فرقة الجنرال كلمان ماجن وهى مجموعة العمليات رقم 252 وكانت مهمتها التعضيد والحماية للفرقتين السابقتين ,

وبمجرد نجاح العمليات الأولى يتم اختراق مدينتى الإسماعيلية والسويس واحتلالهما والسيطرة على مؤخرة الجيش الثالث وإبادته وبهذا يتمكن الإسرائيليون من قلب المعركة لصالحهم في الأيام الأخيرة ,

غير أن التخطيط على الورق لم يكن بنفس السهولة واليسر الذى توقعه الإسرائيليون فقد تعثرت مراحل تنفيذ الخطة من البداية واختلت التوقيتات المحددة لكل فرقة وبدلا من أن تواجه مقاومة ضعيفة ـ كما كانوا يتصورون ـ واجهوا مقاومة شرسة عنيدة وخسائر كبيرة دعتهم للتفكير في مساء 16 أكتوبر لإلغاء العملية برمتها وإصدار الأوامر لقوات المظلات التي عبرت للضفة الغربية أن تخلى مواقعها وتنسحب لشرق القناة مرة أخرى
فقد انعزلت هذه القوة كجيب محاصر حتى مساء 16 أكتوبر ولم تقم فرقة شارون بمهمتها في إنشاء رأس الكوبري وإنشاء الجسور في صباح ذلك اليوم كما كان مخططا ولا حتى بعد مرور 24 ساعة من الموعد مما جعل قوات المظلات الإسرائيلية رهن الكشف في أية لحظة ,
وما يهمنا في تلك النقطة أن نلفت النظر إلى نظرة القيادة الإسرائيلية لعملية الثغرة على أنها باب للدعاية والتأثير النفسي , فقد كانت الفرق الإسرائيلية الثلاث يوم 16 أكتوبر لم تنجح في إبرار أية قوة مدرعة شرق القناة كما كان مخططا ولم تفلح أيضا في إقامة أى جسر للعبور فضلا على أن لواء المظلات الإسرائيلي العابر كان مختبئا بين الأشجار والمزروعات لحين إتمام عملية العبور المتوقعة ,
ورغم ذلك فإن جولدا مائير في خطابها مساء يوم 16 أكتوبر أعلنت أن لها قوات تقاتل بشجاعة على الضفة الغربية للقناة ! وهذا في محاولة منها لإبطال تأثير خطاب الرئيس السادات التي أذيع في نفس اليوم سابقا على خطاب جولدا مائير ولم يكن هناك أثر واقعى لما أعلنته أو تاجرت به , في أول ظهور إعلامى لها منذ بدء الحرب
بل ساهم خطابها في انتباه القيادة المصرية بشكل نسبي إلى محاولة الإختراق وإن لم تستوعب القيادة المصرية أبعاد العملية برمتها وأنها عملية إختراق واسعة النطاق وظنت أنها عملية تخريب تقوم بها مجموعة صغيرة , وهو ما تسبب في تأخير تصرفها بشأنها إلى يوم 18 أكتوبر حيث أدركت أبعادها كاملة

أما ظروف عبور لواء المظلات الإسرائيلي المعاون بكتيبة دبابات فقد خرج بقيادة دانى مات التابع لفرقة شارون لاختيار الموقع الأول للعبور في منطقة تم انتخابها على اعتبار خلوها من القوات المصرية ,
وأرسل قائد اللواء سرية دبابات لتكون بمثابة حاجز أمام أى تدخل للقوات المصرية من الشمال والشرق , ولكن هذه القوة دخلت في فخ محكم أعدته قوة تابعة للواء المصري 16 مشاة وتم إبادتها بالكامل ,
ووصل بقية اللواء المدرع الإسرائيلي إلى منطقتى الإنزال المنتخبتين وفوجئ اللواء بأن إحدى النقاط طينية لزجة مما أعاق استخدامها فاقتصر العبور على نقطة واحدة فقط ,
وقبل عملية الإنزال مباشرة أمر قائد اللواء بفتح المدفعية على المنطقة المنتخبة في الضفة الغربية لتطهيرها من أى قوة مصرية قد توجد بها , وصبت المدفعية الإسرائيلية 70 طنا من المتفجرات والقنابل كلها ذهبت هباء لخلو الموقع من أى قوة مصرية !
ووصل اللواء أخيرا إلى الضفة الغربية في منطقة خالية من القوات المصرية وعلى الفور بدأت وحدات اللواء في تنظيف المنطقة وتعرض بعض أفراد القوات المصرية المتحركين على أبعاد مختلفة لنيران غير متوقعة لهم من هذا اللواء نظرا لأن العبور الإسرائيلي كان حتى هذه اللحظة غير معلوم بالنسبة للقيادة المصرية ,
وبدأ الإعداد صباح 16 أكتوبر للعبور المنتظر للمدرعات ووصلت معدات العبور للمنطقة ,
وأصبح للإسرائيليين قوة لواء مظلات على الضفة الغربية مدعم بقوة 30 دبابة ولكن بدون أى اتصال بينها وبينها قيادتها في الشرق ولم يتم حتى تلك اللحظة تأمين رأس الكوبري على الضفة الشرقية أو إنشاء أى جسر مما جعل قوة المظلات معزولة عن قيادتها ومعرضة للكشف المبكر وهنا كادت عملية العبور تفشل نظرا لتأخر معدات العبور وتجاوز المدة الزمنية المقررة لعبور فرق المدرعات ,

وكانت المنطقة المختارة للإنزال غرب القناة هى منطقة حصن مستميد الذى كان أحد النقط الحصينة لخط بارليف ووقع في يد القوات المصرية ,
وكان هذا الموقع خاليا بعد تطهيره ولم تضع فيه القوات المصرية أى نوع من الحماية وتركته خاليا مما جعله نقطة اختيار مثلي للتحرك الإسرائيلي ,
ولكى تصرف القيادة الإسرائيلية أنظار المصريين عما يجرى غرب القناة قامت القوات الإسرائيلية بهجوم مركز عن طريق الغارات الجوية المكثفة على رءوس كباري الجيش الثانى الميدانى بالإضافة للهجوم المدرع على الفرقة 16 مشاة والفرقة 21 مدرعة
حتى يعتقد المصريون أن الهدف الرئيسي للهجوم الإسرائيلي هو طى جناح الجيش الثانى المصري ,
ونجحت خطة الخداع لمدة 24 ساعة وتمكن الإسرائيليون من السيطرة على نقطة الإنزال في حصن مستميد السابق ذكره وكذلك حصن تل سلام وكلاهما كان قد سقط في يد الجيش المصري في بداية الحرب وغفلت القيادة المصرية عن وضع مراقبة في هذه الحصون أو حتى القيام بتدميرها ,
وعلى إثر النجاح الإسرائيلي في الإستيلاء على الحصنين سادت بعض أجواء التفاؤل في القيادة الإسرائيلية كما كان لتقدم أحد الألوية المدرعة بقيادة آمنون دون مواجهة مقاومة تذكر أثر في زيادة مساحة هذا التفاؤل ,
وتقدم لواء آمنون أكثر وأرسل كتيبتى دبابات في طلائعه لكنها واجهت مقاومة عنيفة ونيران مكثفة عند منطقة تقاطع الطرق التي دارت فيها معركة مدرعة عرفت بنفس الإسم ( تقاطع الطرق ) عندما فتحت قوات اللواء 16 مشاة نيرانها على الكتيبتين فتم تدمير 27 دبابة إسرائيلية في أول فاتحة خسائر للمدرعات الإسرائيلية ,
فاضطر لواء آمنون إلى محاولة الفرار من الإشتباك مع لواء 16 مشاة واندفع نحو الشمال وهناك وجد آمنون نفسه بمحض الصدفة في قلب الوحدات الإدارية الخلفية التابعة للجيش الثانى ,


الهوامش :
[1]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ مصدر سابق

قديم 10-28-2010, 03:10 PM
المشاركة 49
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وكانت مواضع الوحدات الإدارية الخلفية موضوعة في هذا المكان على اعتبار أمانها الكامل من قوات العدو وكانت بها الوحدات الإدارية بالإضافة إلى اللوريات والمركبات ومنصات الإطلاق لصواريخ الدفاع الجوى ,
ورغم الفرصة التي سنحت للواء المدرع الإسرائيلي باعتبار أن نقطة هجومه كانت في أضعف المناطق الدفاعية بالنسبة للجيش الثانى بالإضافة إلى أن هجومها كان سيستهدف المناطق الحساسة إلا أن النيران التي فتحتها كتيبتى المدرعات التابعتان للفرقة 21 المدرعة على اللواء الإسرائيلي نجحت في رد القوات الإسرائيلية إلى الجنوب بعد تكبدها خسائر فادحة ,

ولكن كل هذه الخسائر الإسرائيلية في المعركتين السابقتين كانت أقل كثيرا من المعركة الكبري التي جرت بعد ارتداد اللواء المدرع الإسرائيلي أمام دفاعات كتائب الفرقة 21 وهى المعركة المعروفة باسم ( معركة المزرعة الصينية ) وقد أوضح المؤرخ العسكري جماد حماد في كتابه ( المعارك الحربية على الجبهة المصرية ) أن مسمى المزرعة الصينية هو المسمى للإسرائيلي لمنطقة قرية الجلاء ,
ونظرا لأن المعركة تعتبر من عيون الإنتصارات المصرية فقد نقل المؤرخ جماد حماد وصف المعركة من المراجع الإسرائيلية والذي ننقله بدورنا هنا منعا لأى تحيز أو مبالغة ,
فعقب فشل لواء آمنون المدرع في مهمته وهى تأمين نقطة العبور بالإستيلاء على النقطة الحيوية ( تقاطع طريق طرطور مع الطريق العرضي رقم 1 )
صدر الأمر إلى الماجور ناثان قائد كتيبة مشاة ميكانيكى مدعمة بسرية دبابات لمهاجمة نقطة تقاطع الطرق ,
وتقدمت سرية الدبابات في المقدمة كمفرزة أمامية وتبعتها العربات المدرعة , ولم تلبث العربات أن فوجئت بأن سرية الدبابات تم تدميرها عن آخرها وحطامها تملأ الطريق ,
وقبل أن يفيق رتل العربات المدرعة من المفاجأة انهالت عليه النيران من حيث لا يدرى مما أرغمها على التوقف وأفاد قائدها هاليفي أنه لا يستطيع التحرك وأنه أصيب بخسائر جسيمة ,
وعندما تقدمت باقي العربات المدرعة لنجدة هاليفي تعرضت لنفس التدمير بعد أن باتت المنطقة مركزا لضربات النيران المصرية شديدة التأثير ,
وهكذا سقطت كتيبة المشاة الميكانيكى المدعمة بسرية دبابات في فخ محكم في قطاع اللواء 16 مشاة واضطر الجنود إلى الفرار من عرباتهم تاركينها لمصيرها وهرب قائد الكتيبة بنفسه وتم إنقاذه بأعجوبة

وبعد هذه النتيجة المخزية فكر آمنون قائد اللواء المدرع في وسيلة لإنقاذ العربات المدرعة المتورطة في الأمام وهكذا خصص سرية دبابات أخرى اندفعت تجاه العربات المدرعة المتورطة عند قرية الجلاء ولم تكد الدبابات الإسرائيلية تتقدم إلىالمنطقة حتى انهالت عليها قذائف البازوكا والآر بي جى 7 مما أرغمها على الإنسحاب دون أن تنجح في إنقاذ أحد , رغم أن ناثان قائد الكتيبة المشاة الميكانيكية أخذ يناشد قائده آمنون التدخل لإنقاذ باقي كتيبته ,
ولم يكن ناثان يدرك أن قائده آمنون نفسه قد تورط في فخ آخر وأنه يصارع الموت مع بقية وحدات لوائه الذى مُنى بخسائر فادحة ,
وعندما شعر قائد الكتيبة باليأس قرر حمل جرحاه والفرار بنفسه بعيدا عن المعركة وعندما أخذ في التحرك البطيئ وراء خطوطهم فوجئ بقوة من الفرقة 21 المدرعة أمامهم ولم تلبث تلك القوة أن أبادتهم جميعا عن آخرهم ,
ورغم الخسائر العنيفة التي حاقت بالقوات الإسرائيلية
فإن آمنون حاول مجددا الإستيلاء على موقع تقاطع الطرق وأمر أحد ضباطه بأن يقوم بتكرار الهجوم باستخدام كتيبة دبابات من ناحية الغرب لعله يفلت من المقاومة المصرية العنيفة ,
ولكن قائد الكتيبة الجديدة نفسه الماجور بروم قتل على مسافة 30 مترا من المواقع المصرية ومنيت دباباته بخسائر جسيمة فقام آمنون بإرسال سرية دبابات أخرى بقيادة الماجور إيتان للهجوم من ناحية الجنوب فلم تلبث أن لحقت هذه السرية بمن سبقها
وفشل الهجوم للمرة الثالثة
هذا الوصف السابق كله لمعركة المزرعة الصينية هو وصف إسرائيلي صرف لأحداث المعركة وهو يكفي فخرا لوحدات الفرقة 21 المدرعة واللواء 16 مشاة ,

وهكذا فشل شارون الذى يتبعه اللواء المدرع بقيادة آمنون في مهمته الرئيسية لتأمين معبر الدفرسوار ,
وكان ثمن الفشل باهظا بكل المقاييس حتى أن آمنون نفسه قائد اللواء عندما صعد إلى تبة مرتفعة تطل على أرض المعركة أفزعه منظر الأرض وهى مغطاة بأشلاء الدبابات والعربات المدرعة وجثث القتلى من جنوده ,
وعندما وصلت الأنباء للقيادة الإسرائيلية كادت تلغي العملية كلها للمرة الثانية واقترح موشي ديان أن يسحبوا لواء المظلات العابر قبل أن يذبحه المصريون إذا اكتشفوا موقعه غير أن جونين وإليعازر ـ رغم الخسائر ـ أصروا على الإستمرار ,
ولما كان الإستمرار لا يعنى شيئا دون الإستيلاء على موقع تقاطر الطرق فقد أصدر شارون أوامره لآمنون بتكرار الهجوم بطريقة جديدة على نفس المنطقة بعد أن قام بدعمه بكتيبتى دبابات عقب الخسائر التي دمرت لواء آمنون ولم يتبق له إلا 27 دبابة بعد القتال البطولى الذى قامت به الوحدات المصرية المتمركزة في منطقة تقاطع الطرق ,
وآثر آمنون ألا يتقدم للهجوم مباشرة كما في المرات الثلاث السابقة والتى خسر فيها معظم دباباته والنسبة الأكبر من ضباطه وجنوده ولهذا لجأ إلى معركة استنزاف عن طريق الضرب المباشر من بعيد مستغلا التعب الذى حاق بالقوة المصرية المدافعة ونقص الذخيرة الفادح بها ,
فانسحبت القوة المصرية من أماكنها بعد وصول تعزيزات آمنون للمعركة غير المتكافئة وبعد أن نجحت في الليلة السابقة في إبطال هدف آمنون بفتح طريق طرطور , ولم ينجح آمنون في الإستيلاء على موقع تقاطع الطرق ـ رغم إخلاء القوات المصرية ودخول آمنون إليه ـ فلم يلبث أن انسحب أيضا منه بعد أن اضطر لذلك نظرا لحاجته الشديدة لإعادة تنظيم اللواء عقب الخسائر الكارثية التي حلت به , وعدم كفاية التعزيزات ..

قديم 10-28-2010, 03:11 PM
المشاركة 50
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ونظرا لفشل شارون في مهمته لتأمين معبر الدفرسوار ودبت الخلافات بين القادة وبين شارون الذى كان يري عدم انتظار جسور العبور والتأمين والإنطلاق للعبور مباشرة على المعديات والأطواف بحجة أن لواء المظلات الذى عبر منطقة الدفرسوار لم يواجه أى قوات مصرية في نقطة الإنزال ومن ثم فإن مهمة التأمين التي فشل فيها وكلفته لواءه المدرع ليس لها داع ,
وعبر الجنرال جونين عن شعوره تجاه شارون بقوله :
( لقد خيب آمالنا جميعا , أنا لست أدرى ماذا أصابه في هذه الحرب ؟! )
وفى منتصف نهار 16 أكتوبر تم إجراء تعديلات جوهرية في الخطة بعد النتائج التي منيت بها قوات شارون وصدرت الأوامر لفرقة إبراهام آدان بمهمة التطهير والتأمين بينما تتولى فرقة شارون منطقة المزرعة الصينية بعد منحه الفرصة لتجديد الكفاءة القتالية لفرقته عقب الخسائر الجسيمة التي تكبدتها قواته في ليلة أمس وزادت عن 70 دبابة و300 قتيل بخلاف المصابين

وتقدمت فرقة إبراهام آدان المدرعة والتى تم تزويدها بلواء مظلات كامل لتصبح قوة جبارة , إلى أداء المهمة التي فشل فيها شارون , وكان لواء المظلات بقيادة الكولونيل عوزى الذى وضع نفسه تحت قيادة الجنرال آدان والذي كلفه بمهمة التقدم على محورين لتطهير محورى أكافيش وأبو طرطور على أن تصحب المظليين قوة كتيبة مدرعة للإضافة ,
وبنفس السيناريو السابق تقريبا ما إن تقدمت كتيبة الدبابات كطليعة لقوة المظلات حتى تعرضت لنيران كتيبة اليسار في قطاع اللواء 16 مشاة وخرجت رسميا من المعركة ,
وخلفها هذه القوة نحو المزرعة الصينية الذين تقدموا إلى المنطقة وفوجئوا بعشرة رشاشات ( جرينوف ) تطلق رصاصاتها بغزارة شديدة لتحيل المنطقة إلى جحيم ,
وتناثرت حطام كتيبة الدبابات وإلى جوارها عشرات من جثث المظليين على طول خط الدفاعات المصرية بعد أن تمكن المصريون من اصطيادهم وهم من مواقع حصينة ,
وحاول باقي المظليين الإنسحاب من طريق طرطور إلى طريق أكافيش لكنهم فشلوا حتى في مجرد رفع رءوسهم من وضع الإنبطاح بعد أن تكفلت الرشاشات المصرية بحصارهم من كافة الإتجاهات
وأصيب إبراهام آدان بالإحباط وهو يري نفسه عاجزا في نفس موقف شارون السابق ,
فضلا على أنه في ضوء هذا الموقف كان سيفقد يوما آخر كاملا دون أن يتم إنشاء أى جسر للعبور فيه مما كان يعرض القوة التي عبرت القناة من المظلات إلى خطر الإبادة بعد أن انعزلت تماما ليومين كاملين ,

ولكنه تلقي برقية مشجعة من قائد سرية الإستطلاع التي دفعها من فرقته بإتجاه محور أكافيش واكتشفت سرية الإستطلاع خلال عبورها إلى معبر الدفرسوار أن الطريق خال تماما ,
واكتشف برن أن قوة المظلات التي تتعرض للإبادة في طريق طرطور كانت قد شغلت المقاومة المصرية تماما عن الطريق الآخر وبالتالى أصبح طريق أكافيش مفتوحا ولكن على جثث المظليين الذين تم إبادتهم إلا قليلا وتدمير سائر معداتهم
وتمكنت فرقة إبراهام آدان من إقامة أول جسر للعبور صباح يوم 17 أكتوبر


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حدائق الايمان فى حرب رمضان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حدائق بابل المعلقة أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 10-10-2015 08:37 PM
ll~ زهُورٌ مِن حدائق ِ الفـَـصيح ِ .. أمل محمد المقهى 25 12-30-2014 01:56 PM
فردريك نيتشه .. بين الايمان والالحاد فارس كمال محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 5 05-03-2014 09:43 PM
في حدائق حبك منى شوقى غنيم منبر البوح الهادئ 5 10-01-2011 02:17 PM

الساعة الآن 07:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.