احصائيات

الردود
3

المشاهدات
2232
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
04-20-2013, 09:49 PM
المشاركة 1
04-20-2013, 09:49 PM
المشاركة 1
افتراضي ضاعت وهلت العماية
شريفة عفيفة يلف جسدها لحاف رمادي وعلى رأسها حجاب باهت شحب لونه ، يعلوها نقع السفر لكأنها تشارك في مغامرة رحلة إلى الماضي ، لفحت الشمس وجهها الوضاء فاعتلته سمرة حزينة جعلتها أمة في زمن الحرية ، أمضت في رحلتها أياما معلومات سطرت في ذاكرتها حياة البدو الرحل وهم وراء قطعانهم يجوبون الأرض بحثا عن الكلأ ، تعد لحظاتها بكل دقائقها و أحداثها المشبعة بالغرابة واللامنطق ، هي تقصد ذلك المخيم ، هناك تأتي أخبار سارة ، كانت من عائلة بجاه ومال قبل أن ترث لقبهم لوحدها ، تعرف معنى الاصطياف ، تعلم أن المخيم فيه مسبح ورمال إن كان شاطئيا ، فيه ظلال وأنهار إن استوطن الجبل ، فيه خيام مكيفة بأريج الواحات إن تربع على بساط الصحاري ، هي تعي أن جيوبها ماعادت تحتفظ بما يجعلها سيدة أمرها ، كلما غمست فيها يديها وجدتها تصفر خاوية ، حتى ملابسها التي كانت بها تتميز وتذكرها بماضيها القريب قايضت بها قوتها ، تلك الحقيبة التي زينت سفرياتها عبر المدائن لم تمنحها غير زليفة خزفية مشقوقة من حساء وحفنة تمر في أحشائه ديدان ، سيرا على الأقدام تعاند القدر ، تورمت أصابع قدميها ، و تصلبت عضلاتها ، وفاحت روائح غريبة عنها من جسمها ، فظنت أنها جيفة متحركة ، لولا صحبة نساء لطيفات لسن مثلها يخففن من معاناتها لوضعت حدا لحياتها ، فهن اعتدن على شظف العيش و قسوته لكن المنازل المدمرة والموت المسعور جعلهن يغادرن تلك البلاد التي لم تمنحهن يوما ما يحفظن به عهود الولاء ، فهن مستضعفات و أولو أمرهن أكلتهم الثورة و ما تزال تقول هل من مزيد ، تريد منهن فلذات أكبادهن وهم في سن المرح ، منهن من يحملن على ظهورهن رضعا أيتاما في زمن الربيع .

هي لايزال جرح تحمله في داخلها طريا ، دخلت المخيم فوجدت نفسها في أول يوم ضحية نظرات تفترس فيها الحياء ، كما افترست ذئاب القهر و الثورة والطريق عذرية كانت فيها مصونة ، أخذت لها صور ومنحت بطاقة هوية جديدة رقم آخر ينضاف لسلسلة أرقام حياتها ، أشخاص يصفون جنات عرضها السماوات والأرض لكل من ضاق به المخيم ، وجدت نفسها إما أن تذعن للقمة عيش صاغرة وإما أن تركب قارب الرذيلة بدون وجهة ، في المخيم لا ماء ولا كهرباء ولا أمان ، لا لباس ولا طعام ، بل وعود تلو الوعود ، و سلسلة حوارات لاتنتهي ، انخرطت مكرهة في اللعبة الجديدة فكان من حظها رجل في السبعين ، يملك من متاع الدنيا الكثير ومن العقل القليل ، تاهت في بيته لا خروج ولا هواء ، لا كسوة إلا إزار أسود لا تفارقه إلا عندما يريد الرجل أن يخضر عينيه ، سجن في الوطن وسجن في المخيم وسجن عند أهل المروءة الذين يصدحون بتقديم خدمة لنساء بلد افترسته نزوة و شدود السياسة ، تبسمت ساخرة من أقدار أمة تهذي ، لسان أهلها يقطر عذوبة وفعالهم تدهش الأباليس ، صبرت واحتسبت لعل الزمان يمضي بسرعة ، تنتظر متى يحين موعد الفرج ، ربما حين يتصيد مالكها بنت مخيم أخرى تمضي عقوبة سجنها ، وحتى وإن أفرج عنها فغد ها كثير ظلامه .
مسحت عن وجهها تعب الأيام وهي تقول : " حمدا لك ربي "


قديم 04-21-2013, 10:46 AM
المشاركة 2
صفاء الأحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هي أنثى من هذا الزمان ، هشمت أطراف حياتها أحكام القدر ، وباتت حبيسة الأيام .
لا هي تملك أن تغير من أمرها شيء ، ولا هي قادرة على استيعاب ما ألم بها من سوء .. أهو حظ عاثر أم صفعة قدر مكتوب عليها تلقيها بجوارح جاثية أمام سوء زمانها تستجدي عطف و رحمة من بشر لا قلوب لهم ..


جميلة هذه القصة أخي ياسر .. أحسنت الوصف و أصبت التعبير ..
قرأتها مرارا .. لتترك في نفسي أثر عميق ..


بإنتظار جديدك ..

مودتي.



أدرتُ ظهري للشفق ، وسرت بخطٍ موازٍ للنور ،
و كأنّ المغيب لا يعنيني !!


قديم 05-12-2013, 07:45 PM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قضية المرأة ستبقى حاضرة بقوة حتى تنال ما تستحقه من تكريم ، فالمرأة نصف المجتمع ، و الجنة تحت أقدام الأمهات ونحن ما زلنا نصر على جعلها مجرد وسيلة و نعمة من النعم سخرت للذكور ولا يزال البعض يعتبر نفسه مالك أمرها و محدد سلوكياتها ، وتبقى الوصاية عليها هي القاعدة ، شكرا لتفاعلك مع النص أختي صفاء .

قديم 05-13-2013, 05:57 PM
المشاركة 4
آية أحمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
كثيرا ما تحدّثنا عن المرأة وما تعانيه من انتهاكات في بلادنا العربية،
لكنّ الثورات و الحروب التي اجتاحت هذه البلاد جعلت الحديث
عن هذه المرأة يأخذ مسارا آخر أكثر رعبا وأشد رهبة، لأن الأمر
قد أتى على الأخضر واليابس، وهاهي القصة تسلط الضوء على هذه
الكريمة ابنة الأغنياء وهي تعيش أفظع وضع عاشته المرأة على
وجه الأرض، لتبرز لنا بقوة شناعة الثورات في ظل غياب العقل
السياسي وطغيان الأنانية...

ساحر أسلوبك السردي الذي صاغ لنا هذه الأفكار التي تمخر
الكرامة وتحط على الجرح فتلهبه...

أحسنت يا ياسر.
تحياتي القلبية.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ضاعت وهلت العماية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اذا تنازل الرجال ضاعت النساء اعزاز العدناني منبر الحوارات الثقافية العامة 0 05-01-2022 07:58 AM

الساعة الآن 04:39 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.