احصائيات

الردود
1

المشاهدات
2429
 
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي

طارق الأحمدي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
853

+التقييم
0.14

تاريخ التسجيل
Apr 2007

الاقامة

رقم العضوية
3325
04-10-2012, 10:26 PM
المشاركة 1
04-10-2012, 10:26 PM
المشاركة 1
افتراضي مغــزل الصــوف
المشاركة عــ 2 ـدد : مغزل الصوف




استعداد .. استعداد .. جندي .. استعدااااد
انطلقت الصفارات بأصواتها المرتفعة عبر أرجاء الثكنة المرابطة على حدود إحدى المدن .. وارتفع معها صوت الضابط سليمان وهو يقف في مكانه الذي اعتاده و روائح التبغ لا تزال عالقةً بملابسه العسكرية .. وبعد دقائق من الفوضى اصطفت الفرقة العسكرية في أماكنها .. نظر الضابط بنظراته القاسية التي لم يعتد غيرها , وأخذ يملي أوامره بصوتٍ مرتفع يزلزل مسامع من أمامه :
_ اليوم سنقوم بعملية إنزال و تحويط بلدة الكرمي .. لا أريد أن أرى فيها أي مخلوقات تمشي فوقها غيركم .. الذي يفتح أنوار بيته تهدونه على من فيه .. النافذة التي تفتح تطلقون الرصاص باتجاهها .. الأصوات التي تعلو من أي منزل أو مسجد تخرس .. ابدؤوا بقصف المآذن .. لا أريد أي أصوات تكبير .. مفهوم ..
صاح الجنود بصوت واحد :
_ عـُلم سيدي
تدافع قسم من الجنود نحو الشاحنات الكبيرة .. أما القسم الآخر فقد ركب الدبابات .. كل جندي في الثكنة يحفظ القوانين .. و نسبة الخطأ صفر إلى مئة , وبعد أن اكتظت الشاحنات بالجنود .. انطلقت متوجهةً إلى البلدة المقصودة , فقد علا هتافات أهلها في الآونة الأخيرة ولم تتوقف بالمطالبة بحقها في العيش عيشةً كريمة .. فكان لا بد أن تنال نصيبها من الترويع والتنكيل كما حدث لشبيهاتها ..
انطلقت الشاحنات تسابق ساعات الليل لتصل قبل طلوع الفجر ,و لم تكن الطرقات مهيأة للعبور , فواجهتها صعوبات كثيرة أثناء الرحلة , وكان ارتطام العجلات بالحفر المتناثرة هنا وهناك يثير حفيظة الجنود المكدسين في الصناديق الخلفية , فتسمع بين اللحظات الشتائم واللعنات على السائق .. ومنهم من يلعن حظه العاثر , ومنهم من يتطاول على الذات الإلهية - والعياذ بالله - جميع قسمات الوجوه تعلوها شقاءٌ يشبه الموت كما هو الوطن الآن .
أما علاء فقد كان من بين الجميع يحمل هموماً كالجبال , وكانت علامات الاختناق باديةً على وجهه مما سيلاقيه بعد ساعات , لم يتخيل أن الأمور ستسوء عما كانت عليه قبل الثورة , فمعاناته مع الفقر كانت طويلة من زمن الطفولة إلى أيام شبابه ,

أراد أن يستعيد رباطة جأشه ولكن صديقه حسن الذي كان ينفث دخان سجائره في وجهه زاد من توتره واختناقه .
_ ألا تستطيع الانتظار حتى نصل ؟
_ هع عندما تحتاج الذهاب إلى المرحاض يا بغل هل ستمسك نفسك ؟
_ إذا كنت بالشاحنة نعم
_ لأنك بغل ههههههه

لم يجد علاء بداً من مرافقة حسن , فقد كانا من قرية واحدة , وبالرغم من اختلافهما الشديد إلا أن الأقدار شاءت جمعهما في رحلة الجحيم هذه ..
ساد الصمت أرجاء المكان بين وقتٍ وآخر .. وكان يُسمع صوت دندنةٍ خافتة تصدر من أحد الجنود اللذين يقبعون في مؤخرة الشاحنة .. لم يستطع علاء التركيز في شيء , ملامح أمه وقد تكاثرت عليها خطوط الزمن .. شهادته الجامعية التي لم يكملها .. نادية , تلك الفتاة التي لطالما رمقته بعينيها المفعمتان بالحياة , وتلك الابتسامة المشرقة وهي تمر من أمام المقهى وهو ينتظر لحظة مرورها بفارغ الصبر .. إلا أن أكثر ما كان يشغله خوفه على أمه التي لم يتبقى لها في المنزل غير أخته المطلقة منى ..
_ برضاي يا بني احترس وخذ بالك من نفسك .. لا تذهب إلى أي مكان دون أن تقرأ آية الكرسي ..
لا يزال في سمعه رنين صوتها ودعاءها
_ يا رب احفظه ورده لي سالماً .. يا رب ليس لي غيره ..
بكاؤها المرير جعل علاء يتشبث بالحياة أكثر من قبل , حتى التفاصيل الصغيرة شعر بقيمتها وجمالها , بائع الحليب .. روائح الخبز .. أبناء العم سعيد الذين كانوا يثيرون المشاكل مع جميع أبناء الحي تذكرهم وكان يتوق للقياهم ..
لم يقطع فوضى ذكرياته العارمة غير توقف الشاحنة قرابة البلد المشئومة بكيلو مترين
نزل سائقوا الشاحنات ليفتحوا أبوابها الخلفية , وبدأ الجنود بالتسلل نحو البلدة بهدوء وحذر خشية الكمائن التي قد تواجههم .
انقسمت الفرقة إلى مجموعات , وانضم كل عشرة جنود إلى بعضهم البعض , علاء لم يفارق حسن طوال الرحلة , ومضيا في طريقٍ وعرة غير التي يسلكها أهلها , ومع اقتراب الفجر علا دوي القنابل يفتت قطع الصمت ويروع الأهالي العزل .. اتجهت الدبابات نحو المنازل والمساكن , وبدأت تطلق قذائفها هنا وهناك .. صراخٌ وعويل أخذ يتصاعد من بعض البيوت , وأخرى لم يسمع لها أي صوت بعد أن سقطت على رؤوس ساكنيها ..
كان علاء بين كل ما يحدث وكأنه في حلم .. أخذ يركض من مكان لآخر دونما يشعر .. علا خفقانه وأحس أن قلبه سيقفز من صدره .. تمنى أن يتوقف كل شيء ولكن توالي الضربات أجهضت أمانيه , أخذ يلحق حسن دون أن يفكر في وجهته ولم يأخذ أنفاسه حتى اختبآ خلف أحد الجدران القديمة التي تفصل الجنود عن الأهالي .
_ بربك متى ينتهي كل هذا ؟؟ أرجوووك لم أعد أستطيع الإحتمال
_ اخرس هل تريد فضحنا .. أسكت .. أسكت
_ أريد أن أرجع .. لم أعد أحتمل
_ علاء .. سينتهي كل شيء قريباً .. تماسك ما بك ؟؟
وضع علاء يديه على أذنيه بينما كان حسن يبحث في الجدار عن ردمٍ يخرج من خلاله فوهة رشاشه , إلى أن وجد على طرف الجدار جزاءً ضعيفاً .. فتناول حجراً وأخذ بضربه حتى أحدث فتحةً تتسع لرأس سلاحه .. كان أكثر ما يدهش علاء قدرة صديقه على التماسك بالرغم من مشاهد الموت التي عبثت بالمكان ..
بقي الحال على ما عليه حتى هدأ القصف بعد ساعاتٍ من طلوع الفجر , لكن أحداً لم يجرؤ على الخروج من منزله مخافة أن تصيبه رصاصات القناصة الذين ملئوا المكان .
أحس علاء بالهدوء بعد أن سكنت الأصوات من حوله , لكن الوحشة ملأت قلبه بعد أن تجرأ وأخذ ينظر إلى الدمار الهائل الذي حل بالدور والأحياء
آآآآآآآه هل نحن آدميون .. ما الذي نفعله بالبشر .. ما أرحم الجوع والفقر بجانب ما يحدث الآن .. ما أقسى الإنسان على أخيه الإنسان ..
لم تكن كلمات علاء بمقدورها تجاوز شفتيه .. وإلا فهو خائن لتراب الوطن الذي مرغه بدماء الأبرياء ...
أما حسن فقد كان يشعل السيجارة تلو الأخرى وهو يركز نظره على عمود كهرباءٍ كان بمقربةٍ منه .. وفجأةً قطع هدوء علاء وحسن صوت طرقاتٍ سريعة على أحد الأبواب المجاورة ..
طفلٌ لم يتجاوز الثامنة من عمره يبكي ويتلفت حوله مخافة أن يراه أحد ..
_ علاء .. أنت أقرب إليه .. بسرعة
_ ماذا ؟!
_ عليك أن تقتله
_ هل جننت .. أنه طفل .. ألا ترى .. طفل
_ ليس طفل .. هو كلب .. مجرد كلب
_ لا أستطيع
_ إن لم تقتله ستخالف الأوامر .. ولا تدري ماذا سيفعل بك
هز علاء رأسه بعد أن أغرقت عيناه بالدموع
_ اقتله هياااا
ارتعشت يدا علاء وهو يصوب سلاحه نحو الطفل ... وبعد أن ثبت سلاحه .. أغمض عينيه وضغط على الزناد ..
سقط على ركبتيه ومعها سقط كل شيءٍ من عينيه .. تهاوت الشعارات .. انسلخ عن آدميته .. وصار قلبه خالياً من أي إيمان .. لأول مرةٍ يدرك معنى أن يكون ملحداً وبلا دينٍ يعرف ..
_ هل قتلته ؟؟ هل قتلته ؟؟
_ نعم .. لقد أصبته في رأسه
ألجمت الصدمة فم علاء لساعةٍ أو تزيد .. ولم يعد باستطاعته أن ينظر إلى شيء .. أو يغير من جلسته .. وبعد أن جاءت الأوامر بالانسحاب في وقتٍ لاحق .. لم يستجب علاء و لم يسمع أياً من النداءات .. كل ما أحس به , يد حسن وهو يرفعه من زنده عن الأرض ثم يدفع به ليركض أمامه .. كان حرياً بمن يراه أن يظن بأنه سكير أو مجنون ..
صعد الجنود على متن الشاحنات التي انطلقت بهم عائدةً إلى الثكنة , وبعد نزول الجنود من الشاحنة لاحظ العديد منهم التغير المفاجئ الذي ظهر على علاء .. سأله أحدهم
_ ما بك ؟
لم يجبه علاء بل حدق طويلاً في وجه الجندي ..
لكن حسن أجاب عنه :
_ قتل إرهابياً
تلفت علاء مشدوهاً بما قاله حسن وأخذت كلماته تخرج من شفتيه بحروف متقطعة
_ ل م يكككن إرهابياً .. كان طفلاً .. كااان ططفلاً .. قد قتلت طفلاً .. قتللللت طفلاً
ثم علا صوت علاء وهو يقول :
_ أنا قاتل .. أنا قاتل
التف الجنود حوله وأخذوا يضحكون ويتغامزون .. أنت بطل .. وحش .. أنت وحش .. نحن تحت أمرك يا سيادة الوحش .. ههههه ...
أخذ الجنود بالتصفيق والصفير وعلت قهقهاتهم من حوله ليتحول المشهد إلى مهرجان يضحك من شدة البكاء ..
في اليوم التالي وعند بدء عمليات الهجوم المقررة , اصطف جميع الجنود في أماكنهم باستثناء علاء الذي لم يكن بين الحاضرين , وعندما سئل عن سبب تغيبه تبين أنه قد حلت عليه لعنة المرض وارتفعت حرارته دون سابق إنذار ..
لم يجد علاءٌ كف أمه الحانية تمسح جبينه أو تلاعب خصلات شعره الناعم ذي اللون البني .. ولم يجد رشفة ماء باردة تطفئ نيران جسده المشتعل تحت غطاءه الرث الثقيل .. ولم يكن لأحدٍ أن يهتم بحالته البائسة أو سقمه ... ومع هذا لم يشعر بالسكون الذي خلفه ذهاب الجنود إلى مواقعهم التي كلفوا بها ..
علاء .. يا علاء .. أحضر لي مغزل الصوف .. لا أريد .. سأتأخر عن أصدقائي .. انهم ينتظرونني في الخارج .. علاء .. نفذ ما طلبته منك .. أمي أريد أن أخرج للعب .. لن تخرج إلى أي مكان .. أمي أرجوك سوف أحضره .. لا أريد منك شيئاً .. ولكنك لن تخرج اليوم ..

كان علاءٌ يحدق إلى السقف بعينين ذابلتين .. والعرق يتصبب عن جبينه .. أنفاسه قد ملأت المكان .. و كل ما يطغى على عقله ذكرياته في المنزل مع أمه وهي تغزل الصوف بيدين لم تكلا يوماً عن العمل أو تتباطأ في شيء ..
ما أجمل سترتك يا علاء ..
حقاً ؟؟ إنها لا تعجبني ..
لماذا ؟؟ أمي حاكتها ..
ولكنها جميلة يا علاء ..
لا أحب الصوف ..
علاء الجو بارد لا تنزعها ..
لا أحب ارتداء الصوف ..
زاد مرض علاء .. وأخذت حرارته بالارتفاع , ولكنه لم يجد أي رعاية تساعد في تعجيل شفاءه , غير أن حسن في فترة تواجده كان يبلل قطعة قماش بالماء ويضعها على رأسه وما أن يذهب عنه حسن حتى يعاوده ارتفاع الحرارة .. إلا أن أكثر ما كان يزعج من معه .. سماعهم لهلوساته التي لم يع شيئاً منها .. فتراها تعلو تارة.. وتنخفض تارةً أخرى ... وقد لا يسمع له حساً , و كان أكثر ما يردده .. قتلته .. لا أحب مغزل الصوف ..
بقي علاء على حالته تلك ثلاثة أيام بدأ بعدها بالتعافي واستعادة صحته ووعيه .. لكنه كان محطماً من الداخل .. ولم يجد مخرجاً من الهموم التي تكاثرت عليه .. تمنى لو أنه مات في ذلك اليوم المشئوم , أو أنه لم ينضم إلى صفوف الجيش التي تتبجح في دفاعها عن ثرى الوطن ..
بدأت فكرة الهروب من الثكنة تلازمه على الدوام .. و لم يتردد في الهرب بل حسم أمره في نفسه لكنه لم يمتلك الجرأة في إخبار حسن على ما عزم عليه .. أخذ يتحين فرصة مناسبة يتسلل من خلالها إلى أي مكانٍ دون هذه الهاوية التي لا تخرج أحداً منها سالماً ..
و بعد أسبوعين من تعافيه وبدء خروجه مع أفراد الجيش .. استطاع علاء التسلل ماشياً على قدميه إلى قرية مجاورة لا تبعد عن المدينة المستهدفة التي يحاصرها الجنود من جميع النواحي إلا بضع كيلو مترات ..
وعند دخوله إلى القرية أول شيءٍ فعله هو رفع سلاحه إلى أعلى وهو يصرخ ويقول :
_ الأمان .. الأمان
رحب أهالي القرية بعلاء واستقبلوه بحفاوة كبيرة شعر معها بالفرح الذي مُنع دخول قلبه منذ أن غادر منزله من أشهر ... تدافع الناس البسطاء إليه .. كل واحدٍ يريد حسن ضيافته بالرغم من قلة المئونة وقلة ذات اليد ..
استطاع علاء أن يرفع رأسه مجدداً .. ويعتز بهويته .. استطاع أن يحدق في عيون الشمس ويقَبل ثرى الوطن .. تطهر من آثامه وخطيئته التي لم يكن لها أن تغفر دون تضحية عظيمة كهذه .. وشعر بأنه قد ولد من جديد ..
إلا أن فرحته بين أهله الجدد لم تكتمل .. بعد أن جاءت الضربة من الداخل .. قد دُس خبر علاء مع أحد الخونة من أبناء هذه القرية المضيافة مقابل ثمن زهيد يقتات منه هو وعياله ..
لم يكن لعلاء أن يستسلم بسهوله , فهو يعرف ما سيلاقيه من صنوف التعذيب إذا وقع بأيدي هذه القوات المجرمة .. خرج من القرية متسللاً أثناء الليل .. وابتعد متجهاً إلى أماكن يعلم عدم تواجد أيٍ من أفراد الجيش فيها .. لكن القدر شاء أن يواجه دورية عسكرية .. قامت باللحاق به بعد أن ارتابت منه لما رأته وحيداً في الطريق ..
اقتيد علاء للتحقيق معه .. وبالرغم من توجسه إلا أنه صمد ورفض الإجابة عن أيٍ من الأسئلة الموجهة إليه .. وكان بين سؤال وآخر يتلقى الصفعات و الركلات من كل اتجاه .. عصبت عيناه و كبلت يداه من الخلف .. وأعيد إلى الفرقة العسكرية التي كان ينتمي إليها .. لكن مفاجأته كانت كبيرة بعد أن أزيحت العصابة عن عينيه فقد رأى قرابة عشرة أفراد من الجيش قد انشقوا وقرروا الانضمام إلى ثورة الأهالي .. وبعد أن تم اصطفافهم إلى الجدار .. أمر الضابط بتصويب الأسلحة إلى رؤوسهم ..
أدرك علاء مصيره وما خبأه القدر .. لكنه لم يظن للحظة أن الذي سيصوب السلاح عليه , هو رفيق الدرب والنضال .. حسن ..
حدق حسن بعيون علاء وهو يوجه إليه السلاح .. لكن علاء ابتسم ابتسامةً أخيرة .. لم يدرك حسن كنهها ومغزاها ..
استطاع علاء الاختيار بين أن يكون حراً أو عبداً .. نعم لقد مات علاء .. لكنه بعث روحه ليعيش هذا الوطن ..

تمت ..









قديم 11-19-2012, 04:24 PM
المشاركة 2
علي مدحت علي زيدان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ياه قصة مأساوية جدا ما هذا البشع لماذا وصل الانسان لكل هذا الظلم يارب انقذ أخواننا في سوريا و باقي البلاد المظلومة. و شكرا للمؤلف الرائع في حبك قصته وشكرا لمجهود أستاذ طارق.
تقبلوا مروري.
وشكرا.

( اللهم اعنا على اسرائيل ; ووحد كلمة المسلمين )

( وزود العلماء ورجال الدين ; وحرر فلسطين)

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.