احصائيات

الردود
0

المشاهدات
672
 
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8


ثريا نبوي will become famous soon enough

    موجود

المشاركات
6,105

+التقييم
4.90

تاريخ التسجيل
Oct 2020

الاقامة

رقم العضوية
16283
01-12-2022, 04:48 AM
المشاركة 1
01-12-2022, 04:48 AM
المشاركة 1
افتراضي من الشعراء العرب - [2] مُظفرُ النواب في ميزان الزمن
من الشعراء العرب
[2]
مظفر النواب في ميزان الزمن

شوقي بزيع
الحوار المتمدن-العدد: 2801 - 2009 / 10 / 16 - 21:57
المحور: الأدب والفن
10/10/2009

قلَّ أن امتلك شاعرٌ معاصر القدرة على جذب الجمهور و”إغوائه” وشد انتباهه كما كان الحال مع الشاعر العراقي مظفر النواب.

واللافت في الأمر أن صاحب “الوتريات” لم يدخل إلى قلب جمهوره من باب القصيدة الخليلية الكلاسيكية كما فعل من قبله محمد مهدي الجواهري وبدوي الجبل وعمر أبوريشة وآخرون، بل من باب قصيدة الشعر الحر أو قصيدة التفعيلة التي ظل استقبالها والتفاعل معها مقتصرًا على النخبة المثقفة ومؤازري حركة الحداثة الشعرية التي استهلها في أربعينيات القرن الفائت السياب والملائكة والبياني.

ورغم أن النواب ظل يكتب القصيدة العمودية بين حين وآخر إلا أن القصائد التي دفعت الجماهير للالتفاف من حوله كانت تنتمي إلى الشكل الجديد الذي لم يلقَ في تجارب أخرى مماثلة الاهتمام نفسه والحفاوة إياها.
كيف استطاع مظفر النواب إذن أن يحقق في فترة قياسية، النجومية التي بلغها في السبعينيات، من ثم تواصلت صعودًا بعد ذلك، لتبدأ في أوائل التسعينيات بداية انحدارها؟ وهل يعود الفضل في تلك النجومية إلى الشعر وحده أم إلى عناصر أخرى لا علاقة لها بالنص الشعري أو بالإبداع المحصن؟

إن أسئلة كهذه تكتسب مشروعيتها من تراجع الظاهرة النوابية إن لم يكن أفولها بشكل شبه تام، وإذا كان غياب الشاعر عن القيام بأي نشاط يذكر في السنوات الأخيرة، بداعي المرض والتقدم في السن، هو السبب في نسيانه وسحب اسمه من التداول، فإن سببًا كهذا لن يكون في مصلحة الشاعر لأن هذا الأخير لا ينبغي أن يكون موظفًا عند قصيدته أو مروجًا إعلانيًّا لها، بل عليه أن يعرف كيف يتوارى إلى الخلف من أجل أن يتقدم النص أعزلَ وبلا ظهير إلى ساحة المواجهة مع المستقبل.

أغلب الظن أن نجومية النواب متأتية من إلقائه الفريد والاستثنائي لشعره والذي لم يكن يجاريه فيه أحد آخر. فاللهجة العراقية المشبعة بالشجن والتجويد الغنائي الذي عرف الشاعر ذو الصوت الرخيم على قوة كيف يتفنن في أدائه والترجيع الكربلائي المستوحى من تلاوة السيرة الحسينية، فضلًا عن التلاعب بالصوت صعوداً وهبوطاً كما يفعل أمهر الممثلين على خشبة المسرح، كل ذلك وسواه حوّل الشاعر إلى ظاهرة فريدة فيها من الغناء والتمثيل والتطريب بقدر ما فيها من الشعر، وإذا كان الفارابي في بلاط سيف الدولة قد أبكى الحاضرين وأضحكهم ودفعهم إلى النوم عبر التلاعب بأوتار عوده، فإن مظفر غالبًا ما كان يفعل الشيء نفسه في أمسياته الشعرية الشبيهة بالاحتفال.

إضافة إلى كل ذلك بدا الشعر عند مظفر منتزعاً من عالم مشهدي مترع بالصور الكثيرة التي تنطبع في ذهن المستمع كما لو أنه أمام شاشة سينمائية، وهذا البعد التصويري في شعره كان متصلاً بالمحسوس والأيروتيكي من مثل “وشجيرات البر تفوح بدفء مراهقة بدوية/يكتظ حليب اللوز ويقطر في الليل”.
وغيرها من الصور المماثلة التي يمكن للمستمع أن يحفظها بسهولة، وأعتقد أن مثل هذه اللقى النوابية مضافاً إليها البعد الصوفي في شعره وما يستتبعه من خمريات وشطحات وصفية، هي ما يمكن أن يوفر لمظفر قدرة نسبية على مقاومة النسيان أو مخاتلة الزمن.

لكن المشكلة الأساسية عند مظفر النواب تكمن في استسلامه لإغراء جماهيرية طاغية سرعان ما تبدأ بالتناقض بعد استنفاد دورها وأغراضها، وإذا كان الشاعر والمفكر المكسيكي أوكتافيو بات قد تحدث عن الأقلية الأهلية التي تبدأ بقراء للشاعر العظيم قلائل ومعدودين ثم تكبر وتتسع ككرة الثلج سنة بعد سنة.

فإن الحال مع النواب يبدو بخلاف ذلك تماماً حيث إن الجمهور الذي يأنس للاستماع ويطرب للإلقاء الكرنفالي ما يلبث أن ينحسر ويتناقص مع الزمن، فالشاعر الذي تعتمد جماهيريته على الإلقاء المؤثر وحده لن يستطيع أن يحتفظ بهذه الموهبة مدى الحياة تبعاً لمشكلات الشيخوخة وعوارضها، كما أن اختفاءه عن المسرح بداعي الموت سيكون سبباً كافياً لأن تلاقي قصيدته المصير إياه.

المشكلة الأخرى عند مظفر النواب هي في تسييس الشعر بشكل مفرط إلى الحد الذي تصبح معه القصيدة شعاراً أيديولوجياً، أو تسجيلاً مدعماً بالشتائم والأسماء والوقائع عن الواقع العربي الراهن، أو توصيفاً للحروب وإعادة انتاج منظومة لأعداد الشهداء والمصابين ولنتائج المعارك والمواجهات كما لو أن الشاعر مراسل حربي يعمل على كتابة التقارير وتوثيق الوقائع الجارية، فما الذي سيبقى من هذا الشعر بعد انتهاء المواجهات ودوال الدول وتغير الظروف؟ وما الذي سيبقى من الشتائم بعد أفول نجم هؤلاء وانحسار ذكرهم؟ ثم أليس هذا النوع من الكتابة هو مجرد تنفيس آني عن الاحتقان الذي يستبد بالناس للحظات قليلة ثم ينتهي مفعوله بانقضاء الحدث، بقدر ما هو مجرد استمرار معدلٍ قليلاً لثقافة المديح والهجاء في المجتمع العربي القبلي

لا أعرف إذا ما كانت هذه الملاحظات قاسية قليلًا بحق مظفر النواب الذي يرقد الآن على فراش المرض. لكن ما أعرفه هو أن موهبة الشاعر العالية كان يمكن ان تدفعه، لو أحسن استثمارها، إلى مقدمة المشهد الشعري العربي دون أن أغفل بأي حال تجليات هذه الموهبة في غير قصيدة ومكان.


منقول بتصرف/ حيث تم تصويب أخطاء الرقن وغيرِها






مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: من الشعراء العرب - [2] مُظفرُ النواب في ميزان الزمن
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من الشعراء العرب - [1] د. محمد أبو دومة ثريا نبوي منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 1 09-09-2023 10:21 PM
وداعاً مظفّر النواب موسى المحمود منبر الحوارات الثقافية العامة 17 08-18-2022 12:46 PM
الشاعر مظفر النواب عبد الكريم الزين منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 8 06-02-2022 10:42 AM
النواة ( ق ق ج ) نعيم الاسيوطي منبر القصص والروايات والمسرح . 3 08-06-2012 04:07 PM
من روائع الشاعر ( مظفر النواب ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 47 10-11-2010 08:12 AM

الساعة الآن 01:39 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.