احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3241
 
محمد محضار
من آل منابر ثقافية

محمد محضار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
401

+التقييم
0.08

تاريخ التسجيل
Jan 2011

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
9663
07-26-2011, 03:19 PM
المشاركة 1
07-26-2011, 03:19 PM
المشاركة 1
افتراضي فاقد الشيء ...........محمد محضار
هذا النص عمره ثلاثون سنة... ..........


المكان مقصف الكلية.
الزمان الصباح .
موسيقى غربية تصدح من الحاكي. الطلبة والطالبات يتناولون إفطارهم.
كان يجلس في أقصى اليمين وحيدا، أمامه هلالية وكوب قهوة سوداء، وفي يده تحترق لفافة تبغ رخيص، عيناه كانتا زائغتين، لاتكادا تثبتان على شيء، وجهه كانت تعلوه صفرة وشحوب، على مقربة منه كانت تجلس طالبتان، سمراء وشقراء، كانتا تدخنان
بنهم، وتدردشان بلغة فرنسية خالصة، قالت الشقراء:
- البارحة يا صديقتي، قضيت ليلة ممتعة مع شاب لطيف وسخي، تصوري أنه دعاني للعشاء بفندق النفيس، وفي الفيلا التي قضينا بها بقية الليل، قدم لي هذا الخاتم من الماس. افترثغر الفتاة السمراء عن ابتسامة مغرية، وقالت:

- إنك ساحرة ياعزيزتي ، وعيونك الزرق تستعبد كل الرجال.
- ردت الشقراء: عيب صديقي الوحيد أنه متزوج .. لكن لايهم ما دام يصرف علي بسخاء.
- لابد أنه ابن لأحد كبار الميسورين.
- بل هو رجل أعمال يملك مصنع للمربى، وثلاثة مقاهي..
- والله وقعت ياصديقتي، وعرفت أين تقعين، سيملأ جيوبك ذهبا، فلا تضيعي الفرصة، إنه كنز ثمين.
غيرت الفتاة الشقراء جلستها، ووضعت ساقا على ساق، فانحسر ثوب تنورتها، وتجاوز ركبتيها بعدة سنتيمترات، أشعلت لفافة تبغ، نفثت دخانها بانتشاء وقالت:
- ترى أين وصلت فصول حكايتك، مع ذلك المهووس بحبك، الذي يطاردك؟
-أتعنين صاحب قصائد الغزل؟؟؟؟
- نعم
-إنني أشفق عليه من أفكاره المتخلفة، فهو على ما يبدو، مازال يعيش بعقلية عصور الأزمنة الحجرية، ويحتاج إلى من يغيره.. تصوري أنه يغرقني بالقصائد، رغم جفوتي له، وتجاهلي إياه.
- إنني أكره هذا النوع التقليدي من الشبان.
- لكنهم يقولون أنه النوع الأكثر إخلاصا.
- أنا يا صديقتي لا أفهم شيئا في الإخلاص، ولا أؤمن بالمعنويات، والميثاليات..نظرتي للحياة مادية صرفة..
ألقت الفتاة السمراء نظرة على ساعتها، رفعت رأسها إلى صديقتها وقالت:
- هل ستحضرين حصة علم البصريات؟
- لا .. فقد مللت من ثرثرةذلك الأستاذ العجوز وتلقينه العقيم .. وأنت؟
- أنا أيضا لن أحضر.
غادرت الفتاتان المقصف تحت وابل من نظراته الجائعة، تراقصت ببابله جمل الحوار الذي دار أمامه. شعر بالإحتقار إزاء نفسه، دب الوهن في أعضاء جسده، وتغلغل في أعماقه، رسم القرف على سحنته ألوانا متمازجة من انعدام الرغبة والدونية.
الإنسان يحس أحيانا إذا تمادى في التفكير،أنه يعيش دون هدف، دون غاية، وأن خصوصياته مهدوردة، وفرديته غائبة، بالمقارنة مع البعض الآخر، ممن جادت عليهم الأقدار باليسر، وسعة الحال، فهم يتمتعون بلب الأشياء، ويتذوقون قيمة الحياة بحق، أما أمثاله، فإنهم يكتفون بالفتات، ويقنعون بالأشياء الأقل جودة.
ترك المقصف، التحق بالمدرج الثالث، كان الأستاذ الفرنسي قد بدأ في إلقاء محاضرته حول تكوين الخلية، جلس في الخلف، ضاعت نظراته بين الوجوه، لم يكن يسمع شيئا، أو يفهم شيئا.
انتهت المحاضرة عاد إلى البيت، قابلته أمه بأسمالها البالية، وأسنانها الصفراء البارزة، تجاهلها ودخل غرفته الضيقة التي يتقاسمها مع أخيه، ارتمى على السرير الخشبي، وغاب في لجة من الأفكار، تبعته أمه، اِقتربت من السرير، قرفصت، مدت يدها المغضنة، ولمست شعره بحنو ثم قالت:
- مالك يا بني.. لماذا أنت على هذا الحال؟
رفع رأسه تأملها مليا،رد عليها بتجاهل:
-لاشيء،أشعر ببعض الصداع في رأسي، وأريد أن أرتاح، أدخلت يدها في جيب سروالها البلدي، وأخرجت حرزا منقما بالصمغ مدته له قائلة:
خد هذا الحرز ، ضعه في جيبك، فقد خططته لك عند جارنا الفقيه بوجدرة، سيحميك من عين البشر، ويساعدك في دراستك.
أخذ منها الحرز، ألقى عليه نظرة ازدراء، ثم رمى به من النافذة المفتوحة وصرخ في وجهها:
-كفى.. دعيني أعيش الواقع كما هو.
-لكن يا بني، حرز الحاج بوجدرة فيه البركة!
-بوجدرة محتاج إلى من يمنحه البركة، إنه مجرد مشعوذ أفاق، يضحك على السدج والبسطاء.. -أرجوك أُتركيني أرتاح.
خرجت الأم تجر أذيال الخيبة، وتلعن هذا الزمن وجيله العاق. خيم صمت رهيب على الغرفة الضيقة.. إستعاد صاحبنا من جديد شروده، وغاب في عالم أحلام اليقظة يعب منه فهو عزاء فاقد الشيء في هذا الأيام الشاحبة.



محمد محضار مراكش 1980


نشر هذا النص بجريدة بالعلم يوم 22 غشت 1985



قديم 07-26-2011, 03:51 PM
المشاركة 2
د. محمد حسن السمان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأخ الفاضل الأديب محمد محضار
على الرغم من أنني سجّلت إعجابي , بمقدرتك الأدبية سابقا , أجدني مشدودا لأعود فأسجّل إعجابي بنصوصك من جديد , ماأجملها من متعة حين أقرأ نصا لك , وفي لوحة " فاقد الشيء " التي لم يعجبني عنوانها , نظرا للتقليدية في اختياره , فقد استهويتني بقوة , لأتابع مفردات اللوحة , والصور التي تضمنتها , يالك من أديب متمكن يملك القوة على استدراج القارئ للمتابعة , لقد عشت كل صورة قدمتها , كأنني اراها , أو تحدث أمامي , مستخدما اللغة الرصينة القوية الواضحة , بعفوية ويسر , وتنقلت بين المشاهد , لتقدم لوحتك القصية الرائعة , لقد قدمت لنا رسالة مجتمعية مفتوحة , تقدم النقد بشكل غير مباشر , وتدفع نحو الايجابية , بين إراءة الاختيار الذاتي بالوانه , والدفع غير المعلن باتجاه الايجابية .

تقبل تقديري واحترامي
أخوك
د. محمد حسن السمان

قديم 07-27-2011, 01:06 PM
المشاركة 3
حاتم الحمَد
مؤسس ومدير شبكة ومنتديات منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الجميل محمد محضار


على الرغم من تحفظي على بعض لقطات القصة

إلا أنني أعجب كثيرا بمقدرتك القصصية السلسة

والجميلة من خلال أحداث القصة.


بورك قلمك أيها الصديق.

قديم 07-27-2011, 06:02 PM
المشاركة 4
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأخ الفاضل الأديب محمد محضار
على الرغم من أنني سجّلت إعجابي , بمقدرتك الأدبية سابقا , أجدني مشدودا لأعود فأسجّل إعجابي بنصوصك من جديد , ماأجملها من متعة حين أقرأ نصا لك , وفي لوحة " فاقد الشيء " التي لم يعجبني عنوانها , نظرا للتقليدية في اختياره , فقد استهويتني بقوة , لأتابع مفردات اللوحة , والصور التي تضمنتها , يالك من أديب متمكن يملك القوة على استدراج القارئ للمتابعة , لقد عشت كل صورة قدمتها , كأنني اراها , أو تحدث أمامي , مستخدما اللغة الرصينة القوية الواضحة , بعفوية ويسر , وتنقلت بين المشاهد , لتقدم لوحتك القصية الرائعة , لقد قدمت لنا رسالة مجتمعية مفتوحة , تقدم النقد بشكل غير مباشر , وتدفع نحو الايجابية , بين إراءة الاختيار الذاتي بالوانه , والدفع غير المعلن باتجاه الايجابية .

تقبل تقديري واحترامي
أخوك
د. محمد حسن السمان
أستاذي الجليل هذا النص ضارب في القدم كتبته وأنا طالب بكلية العلوم بمراكش، بطل النص يمثل أنموذجا لجيل تقاسمته الحداثة بإيجابياتها وسلبياتها ، والتقاليد المجتمعية السائدة بحمولتها المثقلة وجوبا بمعتقدات متجاوزة يعيش عليها الاهل...هنا يقع بطلنا تحت طائلة انفصام قاتل يمس كيانه ويعري ذاته.........مودتي أستاذي الجليل دام لكم وهج العطاء

رب ابتسامة طفل خير من كنوز الدنيا اجمع
قديم 07-27-2011, 06:06 PM
المشاركة 5
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأديب الجميل محمد محضار


على الرغم من تحفظي على بعض لقطات القصة

إلا أنني أعجب كثيرا بمقدرتك القصصية السلسة

والجميلة من خلال أحداث القصة.


بورك قلمك أيها الصديق.
صديقي العزيز تحفظك مقبول ، النص كتبته وأنا دون العشرين ، فطبيعي أن يدفعني حماس الشباب إلى تجاوز الخطوط الحمراء والإفراط في الوصف والتصوير ، النص رغم ما يعتريه من علات هو محاولة للكشف عن حقائق ثابتة في حياة جيلي...........

رب ابتسامة طفل خير من كنوز الدنيا اجمع

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: فاقد الشيء ...........محمد محضار
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فاقد المرساة جورج جريس فرح منبر شعر التفعيلة 2 12-29-2021 11:54 AM
ليل بلا قمر...........محمد محضار محمد محضار منبر شعر التفعيلة 2 09-16-2013 12:29 AM
زمن السفالة...........محمد محضار محمد محضار منبر القصص والروايات والمسرح . 1 10-09-2011 10:41 PM
ليل حزين..........محمد محضار محمد محضار منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 09-26-2011 04:10 PM
قصة عصفور............محمد محضار محمد محضار منبر القصص والروايات والمسرح . 2 07-19-2011 02:58 PM

الساعة الآن 03:23 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.