احصائيات

الردود
3

المشاهدات
18605
 
الدكتور سيد نافع
من آل منابر ثقافية

الدكتور سيد نافع is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
29

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Nov 2011

الاقامة

رقم العضوية
10647
12-16-2011, 03:49 PM
المشاركة 1
12-16-2011, 03:49 PM
المشاركة 1
افتراضي ألا وان في الجسد مضغة.....ألا وهي القلب
- يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ التغابن: من الآية11.
- وقال عليه الصلاة والسلام : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري ومسلم.
القلب :
- ان قلب الإنسان هو منبع روحه وليس مجرد مضخة فقط كما يعتقد الكثيرين , وهو عقله الباطن وبؤرة شعوره ,وبه تُحَس آلام الانسان وأحزانه وأفراحه و تُختزن مشاعره وأحاسيسه ، فالقلب هو العقل الحقيقي للإنسان , وهو أيضا جهاز كشف كذب بديع , لأنه جهاز الرؤيا الحقيقية ومن لا يري بقلبه فهو الأعمى , لأن العمى الحقيقي ليس في فقد البصر وإنما في فقد البصيرة ، والقلب أيضا مركز الذاكرة الدائمة , وقد يري الإنسان مخزون قلبه و عقله الباطن في نومه بالرؤى والأحلام .
اذن فالقلب هو الجزء المدرك المسئول في الإنسان , و بصلاحه يكون صلاح باقي الجسد وبالتالي صلاح النفس
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ﴿ إن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد باقي الجسد ألا وهى القلب﴾ فبالقلب يعقل الإنسان وبه يرى وفيه تختزن ذاكرته وذكرياته
* العين والبصر والقلب (العقل ) للتعلم واكتساب الخبرات ﴿ وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ النحل78
ونستطيع القول:- ان العقل السليم فى القلب السليم وليس فى الجسد السليم كما يقول الناس في أمثالهم، فهناك من تراه يرفع الأثقال وجسده رياضي مكتمل اللياقة , ومع ذلك فهو يفتقر إلى العقل والإدراك السليم والتصرف اللائق .
والله سبحانه وتعالى يقول :-
*﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور{46} ﴾ (الحج)
ويقول سبحانه :-
* ﴿ إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ{37} ﴾ (ق)
ويقول سبحانه:-
*﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ الأعراف179
* وتنقسم القلوب إلي ثلاثة أقسام :-
1- قلب صحيح أجرد الا من حب الله , و هو قلب المؤمن وهو القلب السليم الصحيح , و لا نجاة يوم القيامة إلا لمن أتى الله به . فهو متجرد مما سوى الله , فيه سراج يضيئه هو نور الإيمان , وهو قلب سليم في تجنبه الشبهات وسلامته من الشهوات.
2- قلب أغلف منكوس و هو قلب الكافر والمنافق الذي لا يصل إليه نور الإيمان , كما قال تعالي عن اليهود ﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ{88} ﴾ (البقرة) فهي التي ضرب عليها الأكنه و الران جزاء إعراضهم عن الحق ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً{45} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً{46}﴾ (الإسراء)
﴿ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً{88} ﴾ (النساء) ، أي نكسهم و ردهم إلى الباطل الذي كانوا فيه بسبب نفاقهم و هذا هو أشر القلوب و أخبثها فهو إنسان عرف ثم أنكر و أبصر ثم عمي , فهو يعتقد الباطل حقاً و يوالي أصحابه , و الحق باطلاً و يعادي أهله ، وفسقة المسلمين هم من أصحاب القلوب المنكوسه والتي طبع عليها وضرب عليها الران جزاء إعراضهم عن الحق والعياذ بالله.
3- قلب سقيم مريض وهو قلب يتنازعه دافعان ، دافع إيماني منج , و دافع هلاك نتيجة حبه للشهوات المحرمة ووقوعه في الشبهات , وهو للغالب منهما ، وهذا الإنسان هو الغافل المفرط , وهو صاحب النفس اللوامة التي تلومه علي التفريط في حق الله و ارتكاب المعاصي إذا ما غلب عليه دافع الإيمان .
والناس تقسم أنواعا باعتبار القلوب والأرواح وليس الصور والأجسام .
والقلوب أنواع
القلب الصحيح :-
وهو السليم وهو قلب المؤمن ولا ينجو يوم القيامة إلا من أتى به ﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89}﴾ (الشعراء)
فالقلب السليم : هو قلب من سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ومن كل شبهة تعارض خيره فسلم من عبودية ما دون الله من البشر والمال والعلم والهوى ؛ وسلم من تحكيم غير سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) سلم لمحبته لله ورسوله , خوفا من غضب الله وسعيا لرضاه, وتوكله عليه وحده والإنابة إليه والذل له , وإيثار مرضاته في كل حال , والتباعد عن سخطه بكل وسيلة , وهذه هي العبودية الحقة , فالعز هو في طاعة الله والذل في البعد عنه , فعندما تكون عبداً لله مخلصاً له في طاعتك لا تبتغى بها غير وجهه سبحانه وتعالى تكون بذلك قد تخلصت من عبودية ما سواه " وضمنت بذلك إن تدخل في ولاية الله سبحانه وتعالى وأمنت شر الخلق جميعا "
﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64} ﴾ (يونس)
فلكي تكون ولياً من أولياء الله عليك بالإيمان به وبتقواه لتدخل بذلك في ولايته .
والله سبحانه وتعالى يدافع عن عباده من المؤمنين ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ{38}﴾ (الحج) فمن كان الله معه فقد فاز بالعزة في مرضاته لله سبحانه وتعالى , لأن الذل في إيثار مرضاة العباد على مرضاة الله سبحانه وتعالى .
فصاحب القلب السليم إن أحب , أحب في الله , وإن أبغض أبغض في الله ,وإن أعطى أعطى لله ,وإن منع منع لله . وبذلك سلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسول الله ((صلي الله عليه وسلم)) , ويكون قلبه انعقد انعقادا محكماً على الإئتمام به والاقتداء به وبصحابته لقول الرسول ((صلى الله عليه وسلم)) ﴿أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ﴾ ، وكذلك بالسلف الصالح والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
القلب الميت :-
و هو قلب الكفار و المنافقين وعتاة العصاة من المسلمين ,فهو قلب قاس جاف , لا حياة فيه , لأنه لا يعرف ربه , ولا يعبده ولا يأتمر بأمره ولا يؤثر مرضاته . فواقف على شهواته وملذاته , ولو كان فيها سخط ربه , وهو قلب لا يهم صاحبه الا الفوز بشهوته وحظه , رضي بذلك ربه أم سخط , فهو إن أحب أحب لهواه وإن منع منع لهواه .
وهو قلب الهوى امامه, والشهوة مبتغاه , والجهل سائقه , والغفلة مركبة . وهو في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور وبسكرة الهوى وحب الدنيا مخمور ، ينادى إلى الله والى الدار الآخرة من مكان بعيد فهو لا يسمع لناصح ولا يستجيب لداع ٍ , ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير .
وهذا القلب هو قلب المنافق والكافر وفسقة المسلمين الذين يصرون علي المعاصي و الكبائر ولا يتوبون ويرجعون إلى الله ويموتون مصرين عليها ، والمنافق هو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام وقد تجد فيه قشرة من الدين سطحية .
فهم فى الدرك الأسفل من النار ، وآيات المنافق كما أخبر عنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي ثلاث " إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ومن كانت فيه واحدة ففيه خصلة من خصال النفاق حتى يدعها " .
وصاحب هذا القلب خبيث الروح , لأن الروح الخبيثة تسكن الجسد الخبيث والقلب الخبيث .
وصاحب هذا القلب أيضا صاحب النفس الأمارة{ وأمارة هي صيغة مبالغة} فهي لا تأمر إلا بكل سوء ولا تنهى إلا عن كل خير, فالمنطق عنده معكوس يرى الحق باطلاً ويعادى أهله والباطل حقاً ويوالي أهله فهو لا يقبل الحق ولا ينقاد إليه والعياذ بالله.
قلب تمده مادتان :-
وهذا القلب فيه حياة وبه علة , فهذا القلب فيه من الإيمان بالله والإخلاص له والتوكل عليه ما هو مادة حياته . وفيه من محبة الشهوات والحرص على تحصيلها والحسد والكبر والعجب وحب الذات والعلو والفساد في الأرض بالرياسة ما هو مادة هلاكه وعطبه وهو للغالب منهما .
فهو ممتحن بين داعيين :- داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة , وداع يدعوه إلى العاجلة , وهو يجيب أقربهما إليه باباً وأدناهما إليه جواراً ، فصاحب هذا القلب هو صاحب النفس الحائرة التي لم تستقر على حال يشاكل حالتها ( النفس اللوامة )
﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً{84} ﴾ (الإسراء)
صاحب هذا القلب هو صاحب النفس اللوامة فهو إما إلى السلامة أدنى وإما إلى العطب أدنى ، وهذا القلب إما يزداد مرضه فيموت فيكون صاحب نفس أمارة . وإما يصحو ويفيق من علته ويكون صاحب نفس مطمئنة لذلك اقسم الله سبحانه و تعالي بالنفس اللوامة و هو سبحانه لا يقسم إلا بكل جليل وعظيم وذلك ليلفت النظر إلى خطورة وأهمية هذه النفس, فصاحب هذا القلب عليه أن يحذر من السقوط والتمادي في الرذيلة وإلا مات قلبه والتحق بالنفس الأمارة , وعليه أن يجاهد نفسه وشهوته ويطلب من الله العون ليصبح صاحب قلب لين واع مخبت ويلتحق بالنفس الهادئة المطمئنة وتطيب روحه وبدنه .
*-وقد جمع الله سبحانه وتعالى بين هذه القلوب الثلاثة في قوله :-
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{52} لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ{53} وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{54} ﴾ (الحج)
*-فجعل الله ما يلقى الشيطان على قلوب الناس فتنة لمن في قلبه مرض والقاسية قلوبهم , فإن اشربوا الفتنة زادت أمراضهم وزادت قسوتهم , وإن قاوموها ورفضوها صحت قلوبهم ، فالفتن للاختبار والتمحيص وأحياناً مداً للغي فالله سبحانه يقول :-
· ﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ{10} ﴾ (البقرة) هذا إن أصروا على تشرب الفتن واستعذبوها ، أما قلب المؤمن فهو القلب الناجي من الفتنة حيث يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة , فهو قلب مخبت لربه مطمئن به مستسلم لقضائه راض به , لا يضره ما يلقيه فيه الشيطان من فتن الشك والريبة , إلى أن تصل به المرحلة إلي الترقية فى درجات الإيمان فلا يكون للشيطان سلطان عليه * ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ{42} وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ{43} ﴾ (الحجر)
فالشيطان وان القى الفتن فى القلوب ليكتسب أعواناً وأتباعاً يؤنسوه في نار جهنم هو بإذن الله لتمحيص القلوب فالذين فى قلوبهم مرض ويصرون عليه تزيد الفتن موت قلوبهم . وهناك من يرفض الفتن ويقاومها فيصح قلبه ويزداد إيمانا بالله سبحانه وتعالى
شبهات { كالبدع والضلال}
فالفتن إما
شهوات { كالمعاصي والغي والظلم }
وفتن الشبهات تؤدى إلي فساد العلم والاعتقاد ، وفتن الشهوات تؤدى إلى فساد النية والإرادة والقصد
ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) شبه التصاق الفتن من شهوات وشبهات بالقلب كما يلتصق الحصير بجنب النائم وتؤثر فيه شدة التصاقها ، والقلب إذا عرضت عليه فتنة وأشربها كما يتشرب الإسفنج الماء نكتت فيه نكتة سوداء وهكذا حتى يسود تماماً وينتكس { ينقلب ويصير كالكوز المقلوب} ويصير أسود مرباد { أي فيه بياض يسير يخالط السواد} وينتهي به الحال إلى أن يشتبه عنده المعروف بالمنكر وربما استحكم عليه مرضه حتى يعتقد المعروف منكرا و يعادي أهله والمنكر حقا ويوالي أهله فهو متبع الهوى ، ومعبوده وإلهه هواه .
*-وقلب أبيض : فيه نور الإيمان فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وعلم أن الحق في خلافها فيزداد نوره وإشراقه وقوته. ويعلم بطلان ما يلقيه الشيطان فيزداد إيمانه بالله , ويثبته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا في الآخرة . ويمن الله عليه بنعمة اليقين { واليقين درجات } ولا يأتي إلا بالتجارب الملموسة كما طلب إبراهيم الخليل من ربه أن يريه كيفية إحياء الموتى .
والعبرة بخواتيم الأعمال حتى لا يطمئن المؤمنون إلي أعمالهم فيتهاونوا , أويقنط العصاة من رحمة الله فيزدادوا في غيهم و ظلمهم فتصير الدنيا إلي الفوضى ، فالمؤمن لا بد أن يواظب على طاعته حتى يختم به بعمل أهل الجنة و العاصي لا يقنط من رحمة الله و من التوبة فقد يكون نهاية عمله من نوع عمل أهل الجنة فيدخلها .
في النهاية تقسم القلوب إلي قسمين : فالقلب الذي تمده مادتان إما يصح فيصبح قلبا ً أبيضا ً أو يموت فيصبح قلبا ً أسودا مرباد و هو الذي فيه بياض بسيط يخالط السواد ، فطريق الآخرة إما إلي الجنة وإما إلي النار ولا طريق ثالث .
- روي عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله r :
﴿ تعرض الفتن علي القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتي تعود القلوب إلي قلبين قلب أبيض فلا تضره فتنة مادامت السموات و الأرض ، وقلب أسود مرباد كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ﴾ (أي الكوز المائل الذي لا يستقر فيه الماء)
-جاء أناس إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم على أحدنا أن يتكلم به ، قال أوقد وجدتموه ؟ ، قالوا نعم ، قال ذاك صريح الإيمان .
قال النووي رحمه الله ذاك صريح الإيمان ومحض الإيمان لاستعظامكم البوح بما يعرض ويلتصق بالقلب من فتن ، ، فاستعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلاً عن اعتقاده , إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفى عنه الريبة والشك ، قلت وأشد الفتن التصاقاً بالقلب للتمحيص هي فتنة الشك ، الفتنه المقصودة هنا هي فتنة الشك لاستعظام القوم عن البوح بما يعرض على قلوبهم وما يدور في صدورهم , وهو من أشد أنواع الوساوس والتي يحاول أن يصل بها الشيطان إلى قلب المؤمن فيعجز لحياة هذا القلب واتصاله بخالقه ، أما القلب الفاسد فيتلاعب به الشيطان ويغويه ويضله ويستسلم لفتنه وشكوكه ، والقلب الأبيض هو قلب المؤمن ، والقلب الأسود هو قلب الكافر والمنافق وفسقة المسلمين ، فالفتن التي تلقي على القلوب هي فتن الشهوات و الشبهات ، و تكون سبباً لامتحان القلوب و تمحيصها ، هذه الفتن تلتصق بالقلوب كما يلتصق الحصير بجنب النائم و توثر فيه و تعاد و تتكرر مرة بعد أخري كما ينسج الحصير عوداً عوداً ، ومع كل فتنة يتشربها القلب تنكت فيه نكتة سوداء و كل قلب ينكرها و يعرف أن الحق في سواها تنكت فيه نكته بيضاء ، حتى تصير في النهاية القلوب إلي قلبين : قلب أبيض و هو قلب المؤمن وهو صاحب النفس المطمئنة و الروح الطيبة ، وقلب أسود مرباد وهو قلب الفسقة والكفار والمنافقين
-روى ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله من خير الناس ؟ قال﴿ كل مؤمن مخموم القلب ﴾
قالوا : وما مخموم القلب ؟ قال : ﴿ هو التقي النقي الذي لا غش فيه ولا بغي ولا غدر ولا غل ولا حسد ﴾ رواه ابن ماجة وقال العراقي صحيح ، وقلب أسود و هو قلب الكافر و المنافق والفسقة فهم أصحاب النفوس الأمارة والأرواح الخبيثة .
* ولنلحظ أقسام القلوب وأقسام الأنفس وأقسام الروح : نجدها نفسها بما يعني أنه إذا ذكر القلب كان المقصود السر الكامن فيه وهو أنه منبع الروح التي هي النفس .
ذاكرة القلب : لفت انتباه الأطباء بعد عمليات نقل القلب التغيرات النفسية والسلوكية والادراكية في الكثير من الحالات وكذلك انتقال أشياء من ذاكرة الشخص الميت (المتبرع ) إلى الآخر الحاصل علي القلب فبحثوا عن السبب , كان كل بحثهم منصبا ً على الجانب المادي فقط مع أن الحقيقة أن الذاكرة في الأساس قلبية روحية .
الذي لفت انتباه بعض أطباء الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك ظاهرة غريبة تتعلق بأولئك المرضى الذين تمّ لهم زراعة القلب ، وعمليات زراعة القلب كانت بدأت عام 1967 ثم تطورت هذه العملية حتى إننا نجد اليوم كل سنة أكثر من ألف عملية زراعة قلب تتم في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، والأطباء الذين راقبوا حالة هؤلاء المرضى وجدوا شيئاً غريباً ، أن المريض فور تغيير قلبه تتغير أمور عميقة في شخصيته ، وتحدث تغييرات جذرية في شخصية هذا المريض.
وعمليات زرع تتم في حال اشرف المريض على الهلاك يكون بسبب خلل في نظام عمل القلب أو بسبب انسداد شرايين القلب انسداداً كاملاً أو غيرها من الاضطرابات في نظام عمل القلب مما يستدعي تغيير هذا القلب, فيستبدل بقلب إنسان آخر مات مثلاً منتحراً أو مات بسبب حادث أو إصابة مفاجئة فيأخذون القلب من هذا المتوفى ويضعونه في صدرالمريض فيعيش بذلك بقلب غير قلبه .
ومن غرائب التغيرات التي تطرأ على ذوي القلوب المزروعة , ما حدث لطالبة في علم النفس كان لديها فشل في عمل القلب بسبب خلل خلقي بالقلب ولدت به , وكان عمرها ثمانية وعشرين عاماً عندما قاموا باستبدال قلبها بقلب شخص آخر مات حديثاً فماذا كانت النتيجة ؟
عندما أفاقت بعد العملية وجد الأطباء أن هناك تغييرات في شخصية هذه المريضة فعلى سبيل المثال: كانت لا تحب الألعاب الرياضية أبداً، وفجأة بعد أن تم زراعة القلب لها أصبحت من المتابعين للعبة كرة القدم ، هناك أنواع من المأكولات لم تكن ترغب في تناولها قبل العملية وبعد العملية أصبح لديها ميل شديد باتجاه هذه الأطعمة . و تغيرات أخرى كثيرة حدثت لهذه الفتاة .
-كذلك طفل تم أيضاً استبدال قلبه بسبب خلل وراثي في القلب ، وعندما قام الأطباء باستبدال قلبه بقلب طفل آخر، ماذا حدث؟ حدث لديه خلل في الدماغ ، في الجانب الأيسر، وعندما بحث الأطباء عن سبب هذا الأمر وجدوا أن الطفل الأصلي صاحب القلب الأصلي كان لديه خلل في الدماغ في الجهة اليسرى .
وهناك مئات العمليات التي أجراها الأطباء في زراعة القلوب وجميعها كانت تحدث معها تغييرات عميقة في شخصية هذا المريض .
-ومثال آخر هناك طفل أيضاً قتل ، فأخذوا قلبه ووضعوه لطفل آخر لديه فشل في عمل القلب وإذا بهذا الطفل بدأ يرى كوابيس وأحلاما ًمزعجة ، وبدأ يحس وكأن شخصاً يريد أن يقتله وهذه الحالة استرعت انتباه الأطباء فلما سألوه عن أوصاف هذا الشخص الذي يحاول قتله وصف لهم بدقة ما يراه ، وبالبحث توصلوا أن هذا الشخص هو القاتل ، من هنا نستطيع أن نستنتج أن هناك تغييرات مهمة جداً تحدث لهؤلاء الذين يزرعون القلب. .. فما هو التفسير العلمي لهذه الظاهرة ؟
هذه الظاهرة المحيرة لم يجد لها العلماء إلا تفسيراً واحداً وهو: أن في القلب مراكز خاصة بالذاكرة ، يعني القلب ليس مجرد مضخة لضخ الدم , إنما في خلايا هذا القلب برامج أودعها الله تبارك وتعالى تتحكم في عمل هذا القلب وتستقبل هذه البرامج المعلومات وكل ما يسمعه ويراه الإنسان ويتم تخزينه في القلب ثمّ يصدر القلب أوامره إلى الدماغ ليقوم بأداء مهامه . وليس هذا كل شيء فالقلب منبع الروح والروح هي المسؤولة عن الإدراك والوعي واليقظة وكذلك الذاكرة .

إذن يمكننا القول إن العقل هو القلب وليس الدماغ ، طبعاً هذه النتائج هي ملامح لظاهرة غريبة يراها الأطباء اليوم فهذا هو الدكتور (جاك كوبلاند) أشرف على أكثر من 700 حالة زراعة قلب فماذا وجد هذا الطبيب؟
الذي وجده أن هؤلاء المرضى تحدث دائماً مع كل تغيير للقلب تغييرات عميقة في شخصيتهم ، ولذلك قال أنا لا أستبعد أن يكون هناك شيء ما في هذا القلب نجهله تماماً ، (الحقيقة الغائبة عنهم أن القلب هو منبع الروح) ، وهنالك الكثير من الأطباء الذين يؤكدون هذه الحقيقة اليوم ولكن ليس لديهم دليل مادي ملموس على ذلك سوى الظواهر التي يشاهدونها أمامهم .
وهنا تتجلى أمامنا عظمة القرآن تتجلى أمامنا هذه الآيات العظيمة عندما قال رب العزة تبارك وتعالى﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ إذن هذا سبق قرآني في علم النفس ، هذا السبق أكّد لنا أن القلب فيه مراكز كثيرة ويقول كثير من علماء الغرب اليوم إن خلايا القلب تختزن الذاكرة وتختزن ما يسمعه الإنسان وما يراه .
-فعندما أجريت عمليات نقل القلب من إنسان ميت إلي حي تغير إدراكه وفكره وسلوكه وأحسوا بأنهم ليسوا بمفردهم وأن معهم شخص آخر وهذا ما أشار إليه أبن القيم في تعلق الروح بالجسد بعد الموت في القبر ، وهذه ليست هواجس وخيالات كما يعتقد البعض بل حقيقة . . فروح صاحب القلب المنقول لها اتصالٌ به ، وهذا النوع من العمليات يحتاج إلي المتابعة النفسية للمرضى المنقول لهم قلوب أموات ، فالمتوقع لهذا المريض أن يتأثر بأفكار وأحاسيس صاحب القلب ، وقد يرى أحلاماً وكوابيس وقد يري انبساطاً وراحة انعكاساً لحياة البرزخ . . كما قال أبن القيم ( أن للروح اتصالاً بالبدن في عالم البرزخ ).
فللروح بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغيرة الأحكام :- " كتاب الروح لابن القيم "
– تعلقها به في بطن الأم جنيناً .
– تعلقها به بعد خروجها إلي وجه الأرض .
– تعلقها به في حال النوم : . . فلروح تعلق بالبدن من وجه ومفارقة من وجه آخر في حال النوم . . .
فرسول اللهr يقول : ﴿ ما من عبد ينام يتملى نوماً إلا عرج بروحه إلى العرش ﴾ .
ويقول تعالي : ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ الزمر42
- تعلقها به في البرزخ : . . فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقاً كلياً بحيث لا يبقى لها التفات إليه فهي ترد إلي بدن الميت وقت سلام المسلم عليه وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن الحياة المعهودة قبل يوم القيامة .
- تعلقها به يوم القيامة : وهو أكمل الأنواع تعلقاً بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتاً ولا نوماً ولا فساداً . . فأهل الجنة في نعيم مقيم وأهل النار في جحيم أبدي فلا نوم ولا موت ولا فناء وهو أتم وأشد الأنواع تعلقاً حيث لا مفارقة .
ذاكرة خلايا القلب :-
ومن الأشياء العجيبة أن خلايا القلب والرئتين تصدر ترددات صوتية خاصة بها ، فقد قام أحد العلماء الباحثين في جامعة كاليفورنيا منذ أشهر قليلة ببحث حيث أخذ بعض الخلايا من قلب إنسان وقام بدراستها فوجد أن هذه الخلايا تصدر ترددات صوتية خاصة بها ، ولكن هذه الترددات غير مسموعة ، يعني هي في المجال غير المسموع الذي لا يسمعه الإنسان بسبب ضعف هذه الترددات فاستخدم ما يسمى كمبيوتر ذري من أجل التقاط الإشارات الصادرة من هذه الخلايا ووجد بأنها ترددات صوتية تصدرها خلايا القلب ، وهنا ربما نتذكر أن الله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾ الإسراء 44 ، وقال أيضاً ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ الرعد 28
لذلك دائماً أنصح كل إنسان أن يلجأ في علاج نفسه من أي خلل أو أي حالة نفسية أو أي مرض إلى القرآن الكريم لأن هذا القرآن أودع الله فيه تبارك وتعالى قوة شفائية ، أودع في آياته لغة تفهمها خلايا القلب ، لذلك قال تعالى﴿ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ .
والقلب يمثل العقل الباطن أما المخ فيمثل العقل الظاهر ، ولا غنى للإنسان عنهما لكن ما هو المحرك الحقيقي للإنسان والذي يستمد منه طبعه وسلوكه ؟ هذا يعتمد على أيهما يغلب على الإنسان , إدراكه القلبي أم إدراكه الذهني ، وهل يعقل الأمور بقلبه أم بذهنه.
وهذا يدعونا لمناقشة موضوع شائك ويلتبس على الكثيرين ألا وهو العقل في الإنسان .
العقل صفة للإنسان المدرك لحقائق وبواطن الأمور ، والعقل لفظ مشتق من عقال الدابة للسيطرة عليها ، والإنسان العاقل هو الكيس الفطن الذكي .
وقد روى بن ماجة والطبراني في الكبير أن بن عمر رضي الله عنه قال : كنت جالساً مع رسول الله فجاء رجل من الأنصار فسلم على النبي فقال يا رسول الله أي المؤمنين أفضل ؟ قال) أحسنهم خلقاً ( ، قال فأي المؤمنين أكيس ؟ ) قال أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم لما بعده استعداداً أولئك الأكياس (. حديث حسن – رواه بن ماجة والطبراني في الكبير وأخرجه مالك
- الترمذي : عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله ) الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله( رواه الترمذي وبن ماجة وأحمد والطبراني في الكبير
والكيس هو العاقل الفطن وهو من دان نفسه أي عقلها وأذلها وحاسبها ولم يجعلها تقوده بل أمسك بلجامها وهذا هو مقياس العقل الصحيح ، فالعاقل من عمل لدنياه ولم يغفل عن أخراه لذلك قال رسول الله ) اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لأخرتك كأنك تموت غداً ( وتحقيق التوازن بين الدنيا والآخرة لا يستطيعها إلا عاقل ، لكن من عمل للدنيا وغفل عن الآخرة فهو السفيه والعاجز ، فالعاقل من أدرك حقيقة نفسه وعقلها كما يعقل البعير وأمسك بلجامها ولم يجعلها تقوده وحد من متطلباتها وشهواتها . .وعلم هدفه في الحياة والحكمة من خلقه ، والعاقل من أخلص العبودية والعمل لله ولم يشرك معه أحد . . . . . ..
العاقل هو إنسان رزين هادئ الطبع حسن السلوك حكيم في أقواله وأفعاله .
ومحل العقل والإدراك السليم هو القلب قال تعالى : ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ{46}﴾ الحج .
وقال تعالى في آية أخرى :
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ الأعراف179
فالحقيقة التي يجب ألا يغفلها الإنسان هي مراقبته وخشيته لله وكبح جماح نفسه في حال الغضب والشهوة وإلا دخل في زمرة الغافلين ، أصحاب النار الذين استولى الشيطان عليهم فأنساهم ذكر الله ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ المجادلة19 . والسفيه والأحمق من ترك لنفسه اللجام وفقد السيطرة عليها وغاص في بحار الشهوات المحرمة والملذات الجسدية بدعوى الحرية الشخصية فينعكس ذلك على سلوكه وأفعاله فتجده أرعن أهوج متسرع غوغائي سطحي الفكر قصير النظر الدنيا معبودته ومعشوقته يأكل ويشرب كما تأكل الأنعام .
والآيات صريحة في أن الإدراك والعقل السليم والفهم الصحيح يكون بالقلب الحي الواعي الموجود في الصدر لا بالمخ كما يعتقد كثير من الناس . . فكما أن الأذن للسمع ، والعين للبصر، فالقلب للعقل لكن القلب الواعي الحي الخاشي وهو قلب المؤمن لأن إدراكه للأمور سيكون صحيحاً . . وبالتالي سلوكه سيكون حسنا ، فإذا كانت المقدمات صحيحة حيث الكتاب والسُنة النبوية المطهرة فالنتائج ستكون صحيحة بالطبع ، وفي الآية الأولي أعطى سبحانه للقلب صفة العمى وبالتالي هناك قلوب مبصرة وهي قلوب المؤمنين ، فقد أعطى الله سبحانه وتعالى للقلب صفة الرؤية كما للعين لكن رؤى القلب تسمى بصيرة وهي الرؤية الحقيقية والأهم ﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ يوسف108 وفقدها يسمى عمة ﴿ اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ البقرة15 . . .
أما رؤية العين فهو البصر وفقدها هو العمى . .والعمى الحقيقي هو عمى القلب لا عمي العين فقد يكون للإنسان عين لا يبصر بها رغم أنها سليمة فسيولوجياً وقد يكون له أذن لا يسمع بها كذلك وقلب لا يعقل به أيضاً ، فمن لا يرى بقلبه لا يرى بعينيه , وهو أعمى لا يري نور الحق ولا يتبع طريق الله وإن كان في الظاهر مبصراً ، فالقلب الحي الخاشي وهو قلب المؤمن يرى ما لا يراه غيره لأنه يرى بنور الله, فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله , العين يمكن أن تخدع لكن القلب لا يمكن خداعه. . فالعين قد تخدع بالسحر, لكن القلب الحي المتصل بالله والذي هو على بصيرة , لا يمكن خداعه لأنه محل الإدراك الصحيح , والقلب وهو المسؤول عن السلوك والطباع عند كثير من الناس وهم أصحاب الإدراك القلبي ، ومن الناس من هم إدراكهم ذهني وعقولهم في أدمغتهم ويكاد ينعدم عندهم دور القلب فالقلب عندهم مجرد مضخة لا أكثر، ويتجردون بذلك من الأحاسيس والمشاعر فلا تنتظر منهم خيراً ، فمن مات قلبه اعتمد على ذهنه في الإدراك والفهم والسلوك ، وظهر في سلوكه كل آفات النفس من أنانيه وعبادة الدنيا والنفس والمال والشهوات وكذلك الكبر والجحود والكذب والتسلط وغير ذلك نتيجة جهله بالله .
-قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ غافر35 ، فالكبرياء والجبروت هي من صفات الله سبحانه ولا يحل لإنسان كائناً من كان أن يتصف بهما ، ولنلحظ في الآية أن هذه الصفات عائدة على القلب فهي من أمراض القلب وبالتالي من أخطر أمراض النفس ، ولنعلم أن الصفات منشؤها القلب لأنه منبع الروح ، فصاحب القلب السليم له طباع , وسلوكه مختلف تماماً عن صاحب القلب السقيم المريض ، ومختلف عن صاحب القلب الميت .
والمعنى أن الله يطبع على قلب كل متكبر جبار ، إلا أن الله قال : كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ، ومن هنا نستنتج أن الإنسان = قلب ومنشأ الطباع والسلوك في الإنسان هو القلب فهو العقل الباطن .
لذلك قال صلى الله عليه وسلم ﴿ استفت قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك وإن أفتوك ﴾ . فالقلب هو المنقي المرشح , لكن يشترط أن يكون سليماً وإلا فقد هذه الوظيفة فبات لا يصح أخذ الفتوى منه, لأنه سيسمح بمرور الذي ما يلائم هواه ، ولا يصلح قلب يحكم بالهوى أن يكون مصدراً للفتوى ، ففتوى القلب هي للمؤمن وليس لسواه .
والقلب هو منع الروح وبالتالي منشأ السلوك في الإنسان هو الروح فمن طابت روحه حسن سلوكه فالنفس المطمئنة لها سلوك يختلف عن الأمارة عن اللوامة .
اللهم اجعلنا جميعا من ذوي النفوس المطمئنة ممن طابت أرواحهم وحسن سلوكهم..وحازوا رضوانك وفازوا بمغفرتك يااا رب العالمين.


قديم 12-17-2011, 12:08 AM
المشاركة 2
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي وأستاذي الفاضل د. سيد نافع
مساء الخير
من كل قلبي " هذه المضغة التي يحملها جوفي "
أسأل الله تعالى أن يُصلحها لي ولكم
أقدم لكَ شكري وتقديري وامتناني
بتقديم هذه الدراسة القيمة الواسعة وقد قدمتَ بها
كل شيء عن هذه المضغة التي يحملها جوف الإنسان
والتي إن صلُحت صلح باقي الجسد فينال الإنسان بذلك رضى اللهِ تعالى
ألا وهي القلب
أستاذي د. سيد نافع
نفعنا اللهُ سبحانه بكَ وبأمثالك المؤمنين
أصدقكَ القول إن مروري بالموضوع
كان على عجل و أعدك أن أتفرغ له بالوقت الكافي للإستفادة منه وربما نتحاور حوله
أستاذي أملي أن تتواصل هنا باستمرار لتقديم أمثال هذه الدراسات ذات الفائدة الكبيرة
وحبذا لو تكون ضمن موضوع مستقل تستحدثهُ لنا بعنوان " دراسات " أو أي عنوان آخر ترتأيه
تحيتي وتقديري ..
متابعٌ لكَ بلا توقف
حميد
16-12-2011
الجمعة 21 محرم 1433هج

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 12-27-2011, 01:51 AM
المشاركة 3
الدكتور سيد نافع
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي وأستاذي الفاضل د. سيد نافع
مساء الخير
من كل قلبي " هذه المضغة التي يحملها جوفي "
أسأل الله تعالى أن يُصلحها لي ولكم
أقدم لكَ شكري وتقديري وامتناني
بتقديم هذه الدراسة القيمة الواسعة وقد قدمتَ بها
كل شيء عن هذه المضغة التي يحملها جوف الإنسان
والتي إن صلُحت صلح باقي الجسد فينال الإنسان بذلك رضى اللهِ تعالى
ألا وهي القلب
أستاذي د. سيد نافع
نفعنا اللهُ سبحانه بكَ وبأمثالك المؤمنين
أصدقكَ القول إن مروري بالموضوع
كان على عجل و أعدك أن أتفرغ له بالوقت الكافي للإستفادة منه وربما نتحاور حوله
أستاذي أملي أن تتواصل هنا باستمرار لتقديم أمثال هذه الدراسات ذات الفائدة الكبيرة
وحبذا لو تكون ضمن موضوع مستقل تستحدثهُ لنا بعنوان " دراسات " أو أي عنوان آخر ترتأيه
تحيتي وتقديري ..
متابعٌ لكَ بلا توقف
حميد
16-12-2011
الجمعة 21 محرم 1433هج


أخي الفاضل الكاتب حميد درويش عطية
جزاكم الله كل خير
سعيد بمرورك العاطر على موضوعي..ان شاء الله سأعمل باقتراحك وأجمع موضوعاتي هذه في ملف خاص
أرجوأن ينفع الله بنا وبأقلامنا ديننا وأمتنا
صادق المودة


قديم 12-27-2011, 09:24 AM
المشاركة 4
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أخي الفاضل الكاتب حميد درويش عطية
جزاكم الله كل خير
سعيد بمرورك العاطر على موضوعي..ان شاء الله سأعمل باقتراحك وأجمع موضوعاتي هذه في ملف خاص
أرجوأن ينفع الله بنا وبأقلامنا ديننا وأمتنا
صادق المودة
أخي الغالي الأستاذ د.سيد نافع
أسعدَ اللهُ تعالى صباحك
وجزاكَ خيرا ً
أشكرك َ على الأستجابة باستحداث ملف خاص
لدراساتك القيمة والنافعة ليستطيعَ القارئ
الوصول إليها بكل يسر دون الإنتقال هنا وهناك دون مبرر
أسألُ اللهَ القدير سبحانه
أن يوفقكَ في مسعى الخير الذي تنتهجه
لتنفعَ الجميع
لكَ تقديري وتحياتي
أخوك
حميد
27-12-2011

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ألا وان في الجسد مضغة.....ألا وهي القلب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رجفة الجسد سليّم السوطاني منبر البوح الهادئ 2 08-07-2016 01:36 PM
إلى صوت الحشد الهادر عدنان عبد النبي البلداوي منبر الشعر العمودي 0 09-06-2015 03:39 PM
حتى الجسد بوشعيب الدكالي منبر القصص والروايات والمسرح . 4 02-27-2015 05:03 PM
مُطرب الحَي يُعاني احمد البقيدي منبر الشعر العمودي 2 06-19-2014 02:41 AM
كيف تدخل الروح في الجسد عند نفخة البعث يوم القيامة ؟ وكيف تسري في الجسد ؟ الدكتور سيد نافع منبر الحوارات الثقافية العامة 2 12-18-2011 03:17 AM

الساعة الآن 07:01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.