احصائيات

الردود
3

المشاهدات
6846
 
محمد معمري
مُحـب للحكمـة

محمد معمري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
97

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Dec 2008

الاقامة

رقم العضوية
6100
10-26-2010, 12:00 PM
المشاركة 1
10-26-2010, 12:00 PM
المشاركة 1
افتراضي منهجية السروال العجيب
منهجية السروال العجيب


الحل القويم لكتابة القصة القصيرة جدا


القسم الثاني


في هذا القسم أتطرق إلى منهجية ابتكرتها وسميتها: "منهجية السروال العجيب"، وهي منهجية في قالب ورشة لنتعلم كيف يمكن أن نكتب قصة قصيرة جدا باستخدام المصطلحات التي تم شرحها في الأجزاء الثلاثة.
قبل أن نكتب قصة يجب أن تكون لنا فكرة، وهنا الفكرة هي: "شراء سروال بمناسبة عيد"؛ وبعد الفكرة تكون الرسالة التي يوجهها الكاتب إلى المتلقي، وهنا الرسالة موعظة لمن أراد أن يشتري شيئا ما، والسروال كنموذج؛ وعسى أن تكرهون شيئا وخير لكم؛ هذا المعنى الظاهري للقصة، أما الرسالة الباطنية فهي شيء آخر...

والآن يجب القيام بتخطيط لمسار القصة:
- ما هي الأركان والمميزات التي يجب أن أعتمد عليها في هذه القصة:
1- التناص
أبحث عن نصوص قديمة وحديثة، أو نكت تتعلق بشراء سروال بمناسبة؛ أو ما يساعدني على بنية النص.. ثم أقرر هل أجعل من قصتي استمدادا من الماضي إلى الحاضر؟ أو آخذ منها ما يصلح للرمزية، والإيحاء، والتلميح؟...
قررت، أعجبتني نكتة بليغة عنوانها "سروال جحا" ، وهي نكتة لجحا اشترى سروالا بمناسبة زفافه وتركه في علبته إلى ساعة الزفاف.. فأراد أن يلبسه فوجده بساق واحدة! وكان يوم أحد في الليل، والمتاجر مغلقة... والموعظة من هذه النكتة: لا تشتري شيئا دون أن تتفحصه جيدا... أما التأويل؛ فالسروال رمز لكل ما يقي الإنسان من بأس.. كما هو رمز للسترة.. وكذلك سروال جحا يدل على سروال تقليدي يرمز إلى هندام السلف... إلا أن تركه في علبته حتى ليلة الزفاف يعني أن الإنسان أصبح يُهمل تراثه لا يتذكره إلا حين يحل عيد ديني، أو حفل يذكره بما جاء في الشريعة...
وأعجبتني نكتة بليغة عنوانها "عبقرية إبريق"، وهي قصة جحا باع غنمه ورجع بالمال، وفي طريقه اشترى إبريقا.. أحس بلصوص يلاحقونه، فركب الحافلة وجلس بجانبه ووراءه اللصوص، فتداعى بالنوم، فدوّى شخيره.. قام اللصوص وفتشوه من قدميه إلى رأسه ولم يجدوا مالا! يئسوا ونزلوا من الحافلة.. وعندما وصل جحا إلى بيته فتح الإبريق الذي وضعه بجانب اللصوص، وأخرج ماله. [والنكتتان مصطنعتان من أجل الغرض]. إذا يكفيني من التناص العنوانين: "سروال جحا" و"عبقرية إبريق".

2- الانزياح
قررت أن أستخدم "الانزياح الدلالي والتركيبي"
سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف..
هذه الجملة تبدو قصيرة جدا! لكنها تتضمن الانزياح الدلالي والتركيبي، والإيجاز، والإضمار، والحذف، والاختزال، والتكثيف. لأن أصل الجملة يجب أن يكون هكذا على سبيل المثال: أراد أن يشتري سروالا مثل سراويل السلف الصالح بمناسبة عيد الأضحى، وكذلك بمناسبة زفافه الذي سيحتفل به بعد العيد بثلاثة أيام، فذهب إلى السوق وحده راجلا، وأراد أن يختصر الطريق فمر من دروب خالية من البشر.
فالكلمات باللون الأحمر كلها حذفت، وأضمر بطل القصة وزفافه، والكلمات باللون الأزرق تم تكثيفها؛ والكل أعيدت صياغته بسبب "الاختزال" و"إيجازالقصر" و"الحذف" وأصبحت الجملة على الشكل التالي:[سروالا عتيقا أراد أن يشتريه بمناسبة العيد والزفاف..].
وانطلقنا بكلمة "سروالا" وهذا "انزياح تركيبي" تقدم فيه المفعول به بسبب أهمية السروال في هذين الزمنين المتعاقبين. "عتيقا" استعارة مكانية، وردت في القرآن الكريم "البيت العتيق"، ومن شروط هذه الاستعارة في القصة القصيرة جدا حذف المستعار منه.. والعيد والزفاف زمنان متعاقبين مما يجعل "الانزياح دلاليا". ونلاحظ هنا الانزياح التركيبي متشابك مباشرة مع الانزياح الدلالي...

سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف..
لص اعترض سبيله وفتشه تفتيشا إلا عبقرية الإبريق لم تطرأ عليه..
لننظر جيدا هنا: لقد استعملت انزياحا تركيبيا آخرا بتقديم الفاعل، كلمة "لص" لأنها مهمة تفتح أمام المتلقي باب الخبرة والموعظة.. ثم استخدمت "التناص" وهو عنوان النكتة "عبقرية إبريق"، وتعني أن اللص لم تطرأ عليه فكرة أن بطل القصة لم يضع النقود في أحد جيوبه! ونفتح هنا باب التفكير والتأويل للمتلقي حيث يبدأ يتخيل أن يكون قد وضع النقود؟ هل في جواربه؟ هل في ملابسه الداخلية؟.. والشيء الذي نحن متأكدين منه هو أن النقود كانت معه بدليل "التناص".

سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف..
لص اعترض سبيله وفتشه تفتيشا إلا عبقرية الإبريق لم تطرأ عليه..
وما فتئ أن يصل إلى السوق حتى أوقفه قطاع الطرق.. فقال لهم:
- إن أخوكم قد فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..
اشترى سروالا وتركه ملفوفا.. وحين عودته كادت سيارة أن تدهسه..
نلاحظ هناك تكرار كلمة السروال، كلمة لسنا في غنى عنها، قد نستطيع تغيير الجملة بتعبير آخر مثل: ولما قضى مآربه عاد إلى البيت.. وتركها ملفوفة... تبدو جميلة رائعة أفضل من التكرار! ولكن في الحقيقة هناك ما يُسمى "بالانزياح الصوتي" وهو تكرار الكلمات بسبب الأهمية، أو القدسية، أو هما معا. وهنا أردنا الانزياح الصوتي بسب "أهمية" السروال.

ومن أجل تصعيد الحدث، وزرع عنصر التشويق تأتي هذه الجمل:
- [وما فتئ أن يصل إلى السوق حتى أوقفه قطاع الطرق.. فقال لهم:]
- [- إن أخوكم قد فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..].
- [وحين عودته كادت سيارة أن تدهسه..]، كما أنها ستساهم في تصعيد فكرة الشؤم لبطل القصة.. كما نلاحظ أيضا كيف استعملت هنا الاستعارة حيث شبهت تفتيش اللص بالفحص بالأشعة من أجل أن يكون المعنى بليغا، ثم السكين بالآلة الجراحية لأن الطبيب عندما يريد أن يقوم بعملية جراحية لا يشفق على المريض أثناء جراحته.. فكذلك اللص أثناء القيام بعملية الخيانة لا يشفق على الضحية قد يستطيع قتلها... وبذلك نقول أنها رمزية سيقت ورُكبت بكلمات بليغة.. كما جاءت "سخرية" بطل القصة من قطاع الطرق بأسلوب بليغ...

سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف..
لص اعترض سبيله وفتشه تفتيشا؛ إلا عبقرية الإبريق لم تطرأ على باله..
وما فتئ أن يصل إلى السوق حتى أوقفه قطاع الطرق.. فقال لهم:
- إن أخوكم قد فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..
اشترى سروالا وتركه ملفوفا.. وحين عودته كادت سيارة أن تدهسه..
وصبيحة العيد، فوجئ بسروال جحا..
فالتجأ إلى خلوة.. فخاطبها وهو يهز ساقه الأيسر:
- أحسنت كنز المال، وأسأت التصرف فيه..
نلاحظ هنا الجملة : [فالتجأ إلى خلوة..]، هذا "تكثيف دلالي" يحاور فيه البطل نفسه كأنها شخص آخر، وذلك من أجل "إيهام" المتلقي؛ وكفتنا كلمة واحدة لنعرف أنه حوار مع النفس وهي كلمة "خلوة"، وهي مصطلح صوفي مفاده انفراد العابد إلى مكان ما ليتعبد فيه بتعاليم شيخه... وفي كلمة [فخاطبها:]، تم "إضمار" النفس... أما الجملة: [وهو يهز ساقه الأيسر]، فهذا هو ما نسميه "الإيماء"؛ ويعني أنه كان في حالة توتر، وكلمة "الأيسر" "رمز" للشؤم... ونلاحظ في الجملة: [- أحسنت كنز المال، وأسأت التصرف فيه..]، استخدمنا الطباق من أجل "المقابلة"...

سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف..
لص اعترض سبيله وفتشه تفتيشا؛ إلا عبقرية الإبريق لم تطرأ على باله..
وما فتئ أن يصل إلى السوق حتى أوقفه قطاع الطرق.. فقال لهم:
- إن أخوكم قد فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..
اشترى سروالا وتركه ملفوفا.. وحين عودته كادت سيارة أن تدهسه..
وصبيحة العيد، فوجئ بسروال جحا..
فالتجأ إلى خلوة.. فخاطبها وهو يهز ساقه الأيسر:
- أحسنت كنز المال، وأسأت التصرف فيه..
لم يأكل الكباب، وقرر ألا يتزوج الزواج العاتكي...
ثم تأتي هذه الجملة: [لم يأكل الكباب،]، لتصف لنا الحالة النفسية لبطل القصة، من قلق، وتوتر، واشمئزاز... وتلتها الجملة التي اتخذ فيها قرارا وهي: [وقرر ألا يتزوج الزواج العاتكي...]، هنا استخدمنا "التلميح"، لأن كلمة "عاتكي"، هو اسم لامرأة معروفة جدا وهي: [عاتكة بنت زيد]، وقصتها أن كل رجل تزوج منها وإلا قتل... فلمح لنا هذا الاسم أن بطل القصة تشاءم من المرأة التي أراد الزواج منها بسبب السروال.. فقرر أن لا يتزوج منها بعد خلوة مع النفس...

سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف..
لص اعترض سبيله وفتشه تفتيشا؛ إلا عبقرية الإبريق لم تطرأ على باله..
وما فتئ أن يصل إلى السوق حتى أوقفه قطاع الطرق.. فقال لهم:
- إن أخوكم قد فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..
اشترى سروالا وتركه ملفوفا.. وحين عودته كادت سيارة أن تدهسه..
وصبيحة العيد، فوجئ بسروال جحا..
فالتجأ إلى خلوة.. فخاطبها وهو يهز ساقه الأيسر:
- أحسنت كنز المال، وأسأت التصرف فيه..
لم يأكل الكباب، وقرر ألا يتزوج الزواج العاتكي...
وبعد سنة.. تذكر السروال فأخرجه من الدولاب ليقذفه، فوجد لؤلؤا!
وتأتي هذه الجملة لتبين لنا أن بطل القصة بقي على حاله مدة سنة، فتذكر السروال فأخرجه من الدولاب بنية قذفه في القمامة.. إلا أنه فوجئ بالعثور على لؤلؤ في جيوب السروال.. هنا تأتي "المفارقة" بالحكمة عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.. ونستنبط أن "السروال" ما هو إلى رمز لكل ما يقي الناس من البأس.. كما ورد في القرآن الكريم؛ وجعلنا لكم سرابيل تقيكم من البرد ومن البأس...
ويبقى لنا في النهاية اختيار عنوان يليق بالنص، ومن أفضل العناوين العنوان الذي يتألف من كلمتين، ويكون مكثفا، ويشتمل على الإضمار، ويُستحسن أن يكون نكرة.. من هذا الباب نختار عنوانا للنص ونحن نعلم أنه يشتمل على كلمة محورية وهي "السروال"؛ لهذا نختار: "سروال عتيق"





إلى هنا نكون قد حصلنا على قصة قصيرة جدا توفرت فيها كل أركان القصة القصيرة جدا ومميزاتها:

سروال عتيق


سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف.. لص اعترض سبيله وفتشه تفتيشا؛ إلا عبقرية الإبريق لم تطرأ على باله.. وما فتئ أن يصل إلى السوق حتى أوقفه قطاع الطرق.. فقال لهم:
- إن أخوكم قد فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..
اشترى سروالا وتركه ملفوفا.. وحين عودته كادت سيارة أن تدهسه..
وصبيحة العيد، فوجئ بسروال جحا.. فالتجأ إلى خلوة.. فخاطبها وهو يهز ساقه الأيسر:
- أحسنت كنز المال، وأسأت التصرف فيه..
لم يأكل الكباب، وقرر ألا يتزوج الزواج العاتكي...
وبعد سنة.. تذكر السروال فأخرجه من الدولاب ليقذفه، فوجد لؤلؤا!

**********

1- المرجعية.
بالنسبة للمرجعية تناولت النكت من التراث الشعبي.
2- التناص.
بالنسبة للتناص تناولت نكتتين من نكت جحا، واستخدمت عناوينهما مضمونا للقصتين. وكان التناص هنا امتدادا من الماضي إلى الحاضر؛ حيث في الماضي.. عندما بدأ الإنسان يبتعد عن القيم الأخلاقية، وعن الاقتداء بالسلف.. بسبب الشهوات وهوى النفس.. وامتد الزمن إلى الابتعاد بسبب التحضر.. إلى وقتنا الحالي أين الإنسان أصبح لا يتذكر عقيدته وما وجب عليه إلا عند حلول المناسبات الدينية... والنص الثاني كان امتدادا لحيل الإنسان منذ القديم إلى يومنا هذا إلا أن الحيل تتلون مع تلونات الزمان...

3- الطابع الديداكتيكي.
تناولت النكت الشعبية، قصة عاتكة، شراء سروال، رفض الزواج بسبب الشؤم.. وكل هذه القضايا اجتماعية.. وقريبة من المتلقي يفهمها ببساطة...

4- الطابع التقطيعي.
لم أستعمل الطابع التقطيعي لأنه فقط طريقة في الكتابة، وبالنسبة لي أراه يصلح للنصوص السياسية أكثر...

5- الانزياح.
استعملت الانزياح بأقسامه الثلاثة:
الانزياح الدلالي: سروالا عتيقا.. بمناسبة العيد والزفاف..
الانزياح التركيبي: سروالا عتيقا أراد أن يشتري.
الانزياح الصوتي: تكرار كلمة "سروال" ذكرت أربع مرات؛ أما كلمة شراء فقد ذكرت في المضارع والماضي ومع ذلك لا تندرج ضمن الانزياح الصوتي...

6- الإيجاز.
لقد استخدمنا هنا الإيجاز بنوعيه في كل جمل النص.

7- الإضمار
انطلاقا من العنوان، وبعض الجمل استخدمنا الإضمار:
- سروال عتيق: أضمر فيه صاحب السروال..
- الزفاف: أضمر فيه العريس.
- فخاطبها...: أضمر فيه المفعول به.

8- الحذف.
انطلاقا من العنوان ونحن في حذف مستمر حتى أيقنا أن ليس هناك ما يقبل الحذف.
العنوان: "سروال عتيق"، أصلها: "هذا سروال عتيق"، ومن الممكن أن نعطي كل الاحتمالات؛ وهنا حذف اسم إشارة "هذا".
في النص نجد حذف كلمات كثيرة، والنص في غنى عنها، والمتلقي يفهمها ببساطة، فمثلا شراء سروال يكون الذهاب إلى السوق، والتجول بين المتاجر، والبحث عن السروال الذي يريده... واللص عندما يعترض سبيل شخص نفهم أنه اعترضه في مكان خال من المارة، أشهر في وجهه سلاحا... فهي كلمات تم حذفها لبيان المعنى...

9- الاختزال.
قمنا بغربلة كل جملة على حدة من إطناب وحشو وكلام زائد حتى كثفنا بعض الجمل في كلمة واحدة:
أراد أن يشتري سروالا مثل سراويل السلف الصالح بمناسبة عيد الأضحى، وكذلك بمناسبة زفافه الذي سيحتفل به بعد العيد بثلاثة أيام، فذهب إلى السوق وحده راجلا، وأراد أن يختصر الطريق فمر من دروب خالية من البشر.
فهذا التعبير من "أراد" إلى "البشر" تمت غربلته عن طريق الحذف، والتكثيف، والإيجاز؛ فهذه العملية تسمى "الاختزال" الذي أسفر عن التعبير التالي:
سروالا عتيقا أراد أن يشتريه بمناسبة العيد والزفاف..

10- الترقيم.
استخدمنا النقطتين الأفقيتين ليدلان على كلام محذوف، والنقطتان العموديتين ليدلان على حوار، وقاطعة من أجل توقف طويل يفسح أمام القارئ برهة التفكير.. وشرطة لفصل كلام الحوار، وفواصل للوقوف القصير من أجل فسح مجال التفكير للمتلقي، وهو وقوف اضطراري كذلك، وعلامة التعجب في نهاية المطاف بسب المفاجأة السارة.

11- التكثيف.
استخدمت التكثيف البنائي، والتكثيف الدلالي:
-التكثيف البنائي: يشمل سائر النص.
-التكثيف الدلالي: سروالا عتيقا، عبقرية الإبريق، فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..، سروال جحا، يهز ساقه الأيسر، الزواج العاتكي.

12- البنية.
نجد في هذا النص العناصر الأساسية للقصة:
المقدمة: إرادة شراء سروال عتيق بمناسبة العيد والزفاف.
الأحداث: اعتراض السبيل من طرف لص وتفتيشه، ثم اعتراض سبيله من طرف قطاع الطرق، شراء السروال وتركه ملفوفا في علبته إلى صبيحة العيد.
تصعيد الحدث: كادت سيارة أن تدهسه، توتر بطل القصة دفعه إلى خلوة مع النفس.
تأزيم العقدة: اتخاذ قرار عدم الزواج بسبب تشاؤمه من المرأة التي أراد الزواج بها، بقاء البطل على حاله مدة سنة.
حل العقدة: تذكر السروال، وفكر في قذفه في القمامة؛ لأنه اعتقد أن السروال هو سبب شؤمه...
النهاية: وجد في جيوب السروال لؤلؤا؛ كانت مفاجأة سارة، وحكمة عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم... كل هذا كان في سرد الأحداث والحكي؛ مما جعل للنص بنية قصصية تتوفر فيها كل عناصر القصة.

13- السرد.
في هذا النص استعملت السرد الشخصي، لأن الراوي هو من حكى القصة بأسلوب سردي جاءت فيه الأحداث مرتبة...

14- الشخصية.
* الشخصية المحورية
جعلت من بطل القصة شخصية وسواسية لأنه بالغ في تشاؤمه من المرأة التي أراد أن يتزوج منها؛ فحين اعترض سبيله لصا، وحين اعترضه قطاع الطرق، وحين كادت سيارة أن تدهسه، وحين فوجئ بسروال اشتراه ليوم العيد وزفافه لا يحتوي سوى على ساق واحدة أرجع هذه الأحداث كلها إلى المرأة التي أراد منها الزواج...
* الشخصيات الثانوية
- اللص الذي اعترض سبيله، وفتشه تفتيشا، إلا أن بطل القصة لم يضع نقوده في جيوبه..
- قطاع الطرق أقنعهم بأنه قد اعترض سبيله لص وأخذ منه كل ما يملك؛ لذلك قال لهم لم يترك لكم اللص الذي سبقكم ما تأخذوه مني...

15- المقابلة.
نجد في النص كل جملة تقابلها جملة أخرى إما تعارضية، أو تكافئية. وكل مقابلة تخص غرضا..
سروالا عتيقا أراد أن يشتري بمناسبة العيد والزفاف..
يقابل شراء السروال مناسبة العيد والزفاف. وهي تكافئية تعني مقابلة الظواهر.
لص اعترض سبيله وفتشه تفتيشا؛ إلا عبقرية الإبريق لم تطرأ على باله..
يقابل التفتيش عدم العثور على المال. وهي اعتراضية في المعنى، وهي مقابلة الوهم بالحقيقة؛ لأن اللص توهم المال في الجيوب، وبطل القصة وضع ماله في مكان من غير الجيوب مما جعل المقابلة تكون بين الوهم والحقيقة، وكذلك بين السلم والحرب.
وما فتئ أن يصل إلى السوق حتى أوقفه قطاع الطرق.. فقال لهم:
يُقابل الاقتراب إلى السوق ملاقاة قطاع الطرق. وهي اعتراضية المعنى، يُقابل فيها السلم الحرب.
- إن أخوكم قد فحصني بالأشعة، والآلة الجراحية.. ولم يدع لكم بقية..
يُقابل هنا مزج الصدق بالكذب. وهي اعتراضية المعنى، لأنها مقابلة الصدق المزوج بالكذب، لأن اللص فعلا اعترض سبيله، والكذب أنه لم ينهب منه شيئا؛ ولكنه أراد أن يوهم قطاع الطرق؛ وربما عزز إيهامهم بجرح.. فكانت المقابلة بين الحقيقة والوهم، والصدق والكذب...
وصبيحة العيد، فوجئ بسروال جحا..
فالتجأ إلى خلوة.. فخاطبها وهو يهز ساقه الأيسر:
تقابل المفاجأة اللجوء إلى الخلوة. وهي تكافئية، وهي مقابلة الغضب بالعزلة.
- أحسنت كنز المال، وأسأت التصرف فيه..
يقابل الإحسان الإساءة. وهي اعتراضية باستعمال الضد، وهذا يُسمى "الطباق".
لم يأكل الكباب، وقرر ألا يتزوج الزواج العاتكي...
يقابل عدم الرغبة في الأكل بسبب الغضب، وقرار عدم الزواج بسبب الشؤم، وهي تكافئية لأن الغضب يتكافأ مع الشؤم. وهي مقابلة من طبائع البشر النفسية.
تذكر السروال فأخرجه من الدولاب ليقذفه، فوجد لؤلؤا!
يقابل إرادة قذف السروال العثور على اللؤلؤ. وهي اعتراضية المعنى، وهي مقابلة الشر بالخير، مقابلة الرخيص بالنفيس.. اعتقد البطل أن السروال نحسا جعله يتشاءم إلا أنه عاد عليه بالخير.

16- المقاربة.
المقاربة هنا تتعلق بسلوكيات بطل القصة من توتر وغضب وتشاؤم.. ونظام الحياة الصحيح معروف عند كل الناس إلا أن هناك تساؤلات حول نظام الحياة؛ هذه التساؤلات تخص المتلقي لتكتمل لديه المقاربة بين سلوكيات بطل القصة ونظام الحياة.

17- المفارقة.
تصور لنا هنا المفارقة تناقضا ظاهريا في الحياة الاجتماعية لبطل القصة وسلوكياته؛ وإن كان النص يتحدث عن إرادة شراء سروال انطلقت بأحداث جعلت بطل القصة يقلق ويتوتر ويتشاءم .. فهذا ظاهر النص، أما باطنه فهو شيء آخر سأتطرق إليه في النهاية. ونلاحظ المفارقة اللفظية كذلك عندما جعلت المعاني واضحة، وما هو ظاهري يواجه ما هو باطني مباشرة... وتأتي المفارقة في نهاية القصة محيرة، السروال الذي قامت عليه أحداث أدت إلى القلق، والتوتر، واتخاذ القرار الغير الصائب الذي تكمن فيه مظلمة.. لم يكن نحسا، بل كان خيرا؛ إلا أن سلوكيات البطل لم تكن سليمة...

18- الإيماء
استخدمت هنا الإيماء في جملة واحدة [يهز ساقه الأيسر]، وهز الساق يعني أن الشخص في حالة توتر، والأيسر يرمز إلى الشؤم والشر...

19- الإيحاء
قمت هنا بتجسيد النص على أنه واقع حقا؛ مما يجعل القارئ يلج النص عن طريق التناص، ثم سوف لا يكتفي بالتناص فيلتجئ إلى الخيال؛ لأن النص ظاهره قصة، وباطنه واقع آخر مصور بأسلوب بلاغي يعتمد على الخيال والتناص.

20- التلميح
استخدمت هنا التلميح في جملة واحدة [الزواج العاتكي...]، وهو تلميح إلى قصة عاتكة بنت زيد التي كانت كلما تزوجت رجلا إلا وقُتل... وجاءت هنا لأن البطل عندما أراد شراء السروال حتما كان يفكر في المرأة التي ستزوجها فاعترض سبيله لص ربما يكون قد أشهر في وجهه سلاحا، أو هدده بالقتل.. وكذلك اعترض طريقه قطاع الطرق ونجا بحيلة.. ثم عند عودته من السوق كادت سيارة أن تدهسه؛ فبدأ يتشاءم من الزواج بهذه المرأة التي ذكرته بقصة بعاتكة...

21- الإيهام.
باستخدام الإيحاء من أجل محاكاة الواقع نكون حتما قد استعملنا الإيهام بأسلوب سردي بليغ يجسد لنا الخيال الذي جعلنا نتصور هذه القصة ونعطيها معنى ظاهريا، ومعنى باطنيا.

22- الرمزية.
كل إيحاء، وتلميح ورد في النص يُعد رمزية.. وقد استعملت هنا الرمزية الأدبية، والدينية، والفكرية، وما أطلقت عليه اسم الرمزية الشعبية؛ ففيما يتعلق بالأدب ما جاء في التناص والتلميح، وما يتعلق بالديني كلمة "عتيق"، وما يتعلق بالفكر الصوفي كلمة "الخلوة"، وما يتعلق بالشعبي رمز الرجل اليسرى.

23- الخيال
يتجلى الخيال في النص في الأسلوب، وتصوير الأحداث، وتجسيد الخيال الذي يعطي صورة ظاهرية، ويُخفي صورة باطنية...
وتبقى صورة السروال في معناها الظاهري سروالا، وفي معناها الباطني الشيء الذي يقي الإنسان من البأس...

24- السخرية
نجد هنا أكثر الجمل مفارقاتها مبنية على تضاد إما مباشر، أو غير مباشر، أو تكافئي؛ هذه المفارقات تتجلى فيها سخرية نتجت عن سلوكيات بطل القصة...

25- الوصف
كان الوصف مكثفا لا يتجاوز الكلمة الواحدة: سروالا عتيقا، فتشه تفتيشا، يهز ساقه،
فحصني بالأشعة، الآلة الجراحية.

ويبقى الآن التطرق إلى مغزى النص.
النص الذي بين أيدينا هو رسالة إلى المتلقي يعظه فيها الكاتب إلى التفكير السليم كلما أراد الإنسان أن يقوم بعمل ما.
ويصور لنا الكاتب هنا سروالا عتيقا وهو رمز لما اتخذه السلف الصالح وقاية من بأس وشر الناس.. إلا أن الرجوع إلى السلف الصالح عند الكثير من الناس أصبح اندحارا وخروجا عن العصر وحضارته.. فيصور لنا الكاتب هذا المشهد في سروال مٌعاب ملفوفا لا يفحصه من هو معني بالأمر إلى حين تحل مناسبة دينية فتذكره... فتكون تلك الصورة المركبة في ذهنه سببا في رفض السروال واللجوء إلى القلق والتوتر وأخذ القرارات الغير الصائبة التي تؤذي الناس وتظلمهم باطلا؛ وقد يؤذي نفسه بالانعزال عن المجتمع..
كما يصور لنا الكاتب أن حتى الرجوع إلى السلف الصالح ليس سهلا؛ وذلك بمشهد اللص، وقطاع الطرق، والسيارة وما نتج عن ذلك من تشاؤم...
وحين رجع إلى الدولاب الذي هو رمز الخزينة، والخزينة تكون للأسرار، للتراث... ولو بنية سيئة وهي الابتعاد عن كل أثر السلف الصالح عندما فكر بقذف السروال في القمامة، إلا أن تفتيش السروال، أي البحث في خبايا السلف الصالح جعله يعثر على لؤلؤ وهو رمز لما هو نفيس...
كما أن لكل نص أربع قراءات:
1- القراءة الظاهرية
القراءة الظاهرية تخص أدوات القص من أسلوب وبنية وسرد وتكثيف ورمزية... والمعنى الظاهري للقصة...
2- القراءة الباطنية
القراءةة الباطنية هي الي تعمل على تفكيك الرموز، وإعادة تصوير القصة وفق الرموز...
3- القراءة التأويلية
القراءة التأويلة يجليها تفكيك الرموز، وتعتمد بالأساس على خيال وثقافة المتلقي لينتقل إلى أبعاد القصة...
4- قراءة الخلفية
قراءة الخلفية هي قراءة خلفية النص أين تتجلى أدوات الكاتب التي تعتمد بالأساس من خلال الحكم على القراءة الظاهرية؛ فنعرف من خلالها هل الكاتب متمكن من ادوات القص أم لا؟... كما نستطيع أن نستنبط هموم الكاتب، أو مسراته من خلال هذه الخلفية...


أسأل الله التوفيق

بقلم: محمد معمري


قديم 10-28-2010, 10:30 PM
المشاركة 2
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ الكريم
محمد معمري

جهدكم مشكور

و يستفيد منك كلُّ من يمرّ من هنا,
غير أنني أجدُ أن التناصَ يقتل الإبداع
فالمتناص يكون كالمجتر, و الفصل في التوهج هو الإتيان بما عاشته النفس حقيقة
لا ما حفظته.
محبتي.

قديم 11-10-2010, 06:36 PM
المشاركة 3
محمد معمري
مُحـب للحكمـة
  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ الكريم
محمد معمري

جهدكم مشكور

و يستفيد منك كلُّ من يمرّ من هنا,
غير أنني أجدُ أن التناصَ يقتل الإبداع
فالمتناص يكون كالمجتر, و الفصل في التوهج هو الإتيان بما عاشته النفس حقيقة
لا ما حفظته.
محبتي.
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي الكريم عبده فايز الزبيدي أشكرك جزيل الشكر على اهتمامك ومشاعرك الطيبة وتعليقك القيم...
فيما يخص التناص لقد أشرت في الحل القويم لكتابة القصة القصيرة جدا، الجزء الأول، أن التناص يكون عن وعي من الكاتب، وكذلك عن اللاوعي. فمهما كتبنا دون أن نبحث عن نصوص لنلمح لها، أن نستعين منها بالرمزية.. فمشاكل المجتمع متشابه.. وإن لم نقل أن كل مشكلة اجتماعية، سياسية، اقتصادية... كتبوا عنها الآلاف.. إن لم تكن قصة فمقال، وإن لم يكن مقال فرسالة، وإن لم تكن رسالة فقصيدة شعرية، وإن لم تكن قصيدة فنص خبري أو تاريخي...
من هذا الباب رغم ابتعادنا عن النتاص عن وعي نسقط فيه عن اللاوعي...
مودتي وتقديري

قديم 11-15-2010, 10:33 PM
المشاركة 4
احمد ماضي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
استاذي معمري

انحني لروعة ابداعك

واقدم باقة من الحب

لشخصك الرائع




لا سواكِ يكبلني بالحُب


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: منهجية السروال العجيب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الزمن العجيب ماري الكرخي منبر الشعر العمودي 0 09-08-2014 01:35 PM
الكون العجيب حكمت خولي منبر الشعر العمودي 0 04-28-2014 09:55 AM
بين علم الدلالة وعلم البيان عند الجاحظ، مقاربة منهجية ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 3 06-14-2012 02:57 PM
(( دراسات منهجية في النقد الأدبي وتحولاته )) منى شوقى غنيم منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 10 09-03-2011 04:06 AM

الساعة الآن 03:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.