قديم 10-07-2010, 05:43 PM
المشاركة 11
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثانيا : بالنسبة للساتر الترابي المصري المقابل للساتر الإسرائيلي على الضفة الغربية كان الحل إعداد ثغرات مخفية مغطاة بحجم أقل من الرمال والأتربة سهلة الإزاحة تمركزت خلفها قوات الموجة الأولى من العبور بحيث تمكنت القوات من إزاحتها بسهولة عندما بدأت العمليات ,
أما الساتر الترابي على الضفة الغربية فقد تكفل بحل المشكلة أحد عباقرة سلاح المهندسين وهو المقدم ( اللواء فيما بعد ) باقي زكى يونس والذى وجد بعبقريته حلا للمعضلة التى وقف أمامها الخبراء السوفيات أنفسهم عاجزين , حيث أعطى فكرة استخدام القناة نفسها فى إزاحة الساتر عن طريق طلمبات ضخ مياه شديدة تكون بمثابة مدافع مياه متفجرة تتسبب حتما فى إزاحة الكمية الهائلة من الرمال والأتربة وفى وقت قياسي لا يتعدى أربع ساعات ,

أما الطمى المترسب والذى أثبتت التجارب أنه سيكون بارتفاع متر كامل ويستحيل أن تعبر قطع المدفعية الثقيلة فوقه فقد كان الحل فى استخدام معدات البناء من الأوناش والرافعات لكسح طبقة الطمى إلى مياه القناة وفرش أرضية من الزلط والدبش تحتمل عبور المعدات الثقيلة وقطع المدفعية

ثالثا : أما مشكلة قوات العبور الأولى والتى ستظل بلا تغطية من المدرعات طوال ست ساعات طويلة من الممكن أن يستغلها العدو فى تصفية الفرق العابرة من المشاة والصاعقة فكان الحل الفريد البالغ البساطة إلى حد العبقرية أن يتم تزويد الموجات الأولى من العبور جميعا بمدافع الآر بي جى المضادة للدبابات ليستخدمها المشاة جميعا فى ردع مدرعات العدو ومقاومتها حتى انتهاء فترة إعداد رءوس الجسور والكباري والتى ستعبر عليها مدرعاتنا ,
وعبقرية الحل تكمن فى أن فكرته ليست جديدة بالنسبة للسلاح ذاته لأنه كان معروفا بالطبع ومستخدما إنما العبقرية تكمن فى كمية استخدامه التى تعدت كل نسب الإستخدام فى سائر جيوش العالم حيث لم يسبق أن تم تزويد قوات مشاة بحجم قواتنا العابرة بتلك المدافع حيث صار مع كل جندى من القوة العابرة الأولى مدفعا صاروخيا مضادا للدبابات وتم تدريب أفواج العبور جميعا على نظرية ( الرجل ضد الدبابة ) والتى كانت واحدة من عشرات النظريات التى تم تدريسها فى المعاهد العسكرية العالمية والتى أسقطت وأنهت عصر الدبابة عمليا فى العصور الحديثة بعد أن بلغت خسائر العدو حدا مذهلا من الدبابات بمعدل انهيار لم يسبق تسجيله من قبل
أما مشكلة ثقل المعدات التى حملها كل جندى معه وزادت عن ثمانين كيلوجراما مما يعيق حرية الحركة لا سيما فى تسلق الساتر الترابي فوجدت القوات الحل فى عربات خفيفة القيادة يسحبها الجندى خلفه حاملة معداته وتعيينه من الماء والغذاء بالإضافة لسلالم الحبال التى سهلت مهمة الموجهة الأولى التى تسلقت الساتر الترابي قبل فتح الثغرات فيه بمدافع المياه

رابعا : مشكلة الألغام المضادة للدبابات والأفراد والتى بثها العدو أمام مواقع خط بارليف الحصينة وكانت تمثل مصيدة كبري لقواتنا المهاجمة ,
تم التغلب عليها عن طريق المدفعية المصرية التى وجهت نيرانها بكثافة غير مسبوقة بقوة 2000 مدفع نحو تلك التحصينات لتطهير حقول الألغام ,
ولكى يكون الضرب دقيقا ومثمرا فقد عبر رجال توجيه المدفعية مع القوات العابرة فى أول لحظة للهجوم وهم الذين تولوا بانتحارية مذهلة تصحيح نسبة الخطأ أمام رجال المدفعية على الضفة الغربية للقناة لتنفجر كافة الألغام المحيطة بخط بارليف
ولا شك أن هذا الحل كان ينطوى على خطورة بالغة حيث أن المعدل الطبيعى لابتعاد الأفراد عن مدى قصف المدفعية كان يجب ألا يقل عن 300 متر بحد أدنى لكن القوات العابرة كسرت هذا الرقم بشجاعة فائقة واقتحمت خط بارليف على بعد من 100 إلى 150 متر من القذائف المتفجرة كما تم تدريبهم من قبل

خامسا : وجاء دور المشكلة المزمنة المتمثلة فى أنابيب النابالم الحارقة التى كان باستطاعتها إذابة جنود العبور , فقد تمكنت المخابرات المصرية من الحصول على كافة الخرائط والتصميمات التى تم وضعها لتلك الفتحات وفى فجر يوم السادس من أكتوبر تسللت وحدات من الصاعقة إلى مياه القناة تحت الساتر الترابي وقامت بكشف مواقع الفتحات وسدها بمادة جيلاتينية سريعة التصلب بالإضافة إلى قيامها بقطع الخراطيم المغذية لتلك الفتحات مما عطلها عن العمل دفعة واحدة ولم تعمل ماسورة واحدة من تلك الأنابيب عندما حاول العدو استخدامها ,
كما قامت وحدات الصاعقة بواحدة من أصعب المهام وهى تلك الوحدات التى تم إسقاطها بيوم كامل خلف خطوط العدو عند ممرات سيناء والتى كانت مهمتها العمل على إعاقة عبور إمدادات إحتياطى العدو من الدبابات والمدرعات إلى الخطوط الأمامية عند اشتعال القتال , ولمدة ست ساعات على الأقل حتى بدء عبور المدرعات المصرية
وقامت الوحدات بمهمتها الإنتحارية كاملة حيث لم تتمكن وحدة واحدة من وحدات مدرعات العدو من الوصول إلى خط المواجهة إلى مع أول ضوء من اليوم الثانى للقتال

يتبع ...

قديم 10-10-2010, 09:55 AM
المشاركة 12
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
العـــبــور


أجد نفسي مرغما دائم الإستشهاد بشطرة من بيت شعر عربي حكيم تقول
( فالحق .. ما شهدت به الأعداء ) ..
لسنا نحن الذين سطرنا بقلم الإنبهار هذا الإنجاز العسكري الغير مسبوق في العصر الحديث , بل كان أول المنبهرين والمعترفين هم قادة العدو أنفسهم وحلفائه ثم كافة المعاهد العسكرية المحايدة التي تناولت معارك حرب أكتوبر بنظرياتها الجديدة التي أرساها شبابنا فوق الجسور في الفترة من يوم 6 إلى 25 أكتوبر 1973 م ,
وهذه الحقيقة الهامة هى التي يجب أن تظل بمخيلة أى شاب عربي وهو يتأمل أى محاولة لتقليل هذا الإنجاز أو تدمير روحه المعنوية في أعماقه بحجة أنه تاريخ غير قابل للتكرار !



فإنجاز يوم السادس من أكتوبر الذى وافق العاشر من شهر رمضان المبارك لم يتحقق في ذات اليوم بل تحقق منذ نكسة يونيو وفى اليوم التالى لها مباشرة عندما أعلنت العزيمة نيتها لكسر الهزيمة ,
وتفجرت معارك حرب الإستنزاف وقبلها البطولات الفردية التي لم تجعل العدو يهنأ بخدعة انتصاره ولو ليوم واحد ,
أى أن العزيمة أعلنت عن نفسها في ظروف كانت أشد مرارة من واقعنا الحالى بمراحل ومع ذلك تمكن هذا الإيمان الذى لا يلين من كسر ثقافة الهزيمة والإستسلام ودفع الحرارة إلى العروق لتجرى فيها دماء المعركة من جديد ,



وعندما نتأمل تصريحات العدو عن تحصيناته ـ والتى كانت بالفعل كما يُـقال معجزة عسكرية ـ ونتذكر كم أنهم في الغرب دائما يتميزون بالواقعية بعكس حالنا نحن ـ كما يتهمونا دائما ـ حالمون ورومانسيون ,
عندها ندرك حقيقة الفارق الشاسع الذى صنعه عنصر الإيمان بالله تعالى في أعماقنا عندما لانت الحصون وذابت الدروع في يوم من أيام الله بلا شك
قال الجنرال موشي ديان عن خط بارليف قبل تحطيمه في حرب رمضان [1]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
( إن عمليات العبور ـ إن حدثت ـ فلن تؤثر في قبضة إسرائيل الفولاذية عليه وستفشل أى محاولة للهجوم على هذا الخط المستحيل تدميره والذي صرفنا في تحصيناته مبالغ طائلة .. إننا أقوياء بشكل يكفل لنا البقاء به هكذا إلى الأبد )
وقالت جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية ..
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
( إن خط بارليف هو رمز الذكاء والعبقرية الإسرائيلية , وأى محاولة للتفكير في اقتحامه هى إهانة لهذا الذكاء ! )
بينما قال الجنرال حاييم بارليف مبتكر الخط ..
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
( سيظل خط بارليف هو الحاجز المستحيل الذى يقف أمام أى حماقة مصرية لاختراقه )
وقال توماس تشيهام أحد كبار المراسلين الحربيين ..
( لقد جعل خط بارليف سيناء عمليا تابعة للجانب الإسرائيلي )



ولنا أن نتخيل ردة الفعل بعد انهيار خط بارليف وسقوطه في أيدى الجيش المصري بعد ست ساعات فحسب وأمام قوات مشاة وصاعقة خالية إلا من الأسلحة الخفيفة والمحمولة وبدون معاونة أى قطعة مدفعية !!
كان الذهول هو القاسم المشترك الأعظم بين الأعداء والأصدقاء على حد سواء ,
فالأصدقاء الذين تمثلوا في الجانب السوفياتى صاحب الخبرات العريقة في الحرب العالمية الثانية كانوا يرون نفس وجهة النظر القائلة باستحالة اقتحام خط بارليف بالمواجهة وحتمية اجتيازه دون مواجهته وإذا كان خيار المواجهة لازما فإن الخط كى يسقط يحتاج إلى قنبلتين ذريتين عياريتين دفعة واحدة ,
وأما الأعداء فقد صمت أغلبهم عن النطق وأما المتكلمون فقد جاءت تصريحاتهم معاكسة تماما لما كانت عليه قبل أيام قليلة من بدء عمليات الحرب
قال رئيس دولة إسرائيل إبراهام كاتزير [2]
( لقد كنا نعيش فى وهم حقيقي ما بين عام 67 و73 وفى نشوة ليس لها أى مبرر واقعى وهذه الحالة النفسية هى المسئولة عن الأخطاء التى فى حرب أكتوبر فى كل المجالات العسكرية والسياسية والإجتماعية وعلينا أن نتعلم بعد هذه الحرب الفظيعة أن نكون أكثر تواضعا وأقل نزوعا إلى المادية )
أما جولدا مائير التى فاخرت بالذكاء الإسرائيلي فقد أرسلت لهنرى كيسنجر وزير الخارجية تحفزه لشحن السلاح ..
( أسرع بالسلاح الآن قبل الساعة القادمة .. لقد وقعت إسرائيل )
أما حاييم بارليف الذى أسس الخط الدفاعى وفاخر به فلم يجد تعقيبا إلا أن قال :
( لقد هاجمونا ونحن فى غفلة تامة )
ولسنا ندرى أى غفلة تلك وأين هو خطه الدفاعى الذى كانت إسرائيل تنام خلفه مطمئنة ؟!
أما الجنرال الإسرائيلي ناركسيس فقد عبر عن مجمل شعورهم فى كلمات جامعة فقال :
( ليس هناك بد من الإعتراف أن المصريين خططوا لقتالهم بمنتهى البراعة , لقد كان التخطيط بارعا والتنفيذ أشد براعة ولقد حاولنا بكل قوة وجهد إعاقة عملية العبور فلم نفلح وتحطمت كل هجماتنا المضادة عليهم حتى فوجئنا صباح السابع من أكتوبر بسبع فرق كاملة على الضفة الغربية كما لو كانوا أشباحا انتقلوا فى غمضة عين ! )
وخرجت مجلة النيوز ويك الأمريكية بعنوان ضخم يقول :
( إن الفجوة التكنولوجية ـ التى كانت تفاخر بها إسرائيل ـ قد لحقتها مصر وسبقتها أيضا )
وظهرت الجيروساليم بوست تطرح أسئلة الشعب اليهودى الذى كان غارقا فى أحلام أمنه فقالت عناوينها :
( ما الذى حدث وأين يكمن الخطأ )
أما جورج ليزلى رئيس المنظمة اليهودية فى ستراسبورج فقال :
( لقد أسفرت الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة عن كارثة كاملة بالنسبة لإسرائيل فنتائج المعارك والإنعكاسات التى ظهرت عنها فى إسرائيل تؤكد أهمية الإنتصارات التى حققتها القوات العربية , تلك الإنتصارات التى أنهت أسطورة الشعور بالتفوق لدى الجيش الإسرائيلي الذى لا يقهر )
ويقول توماس تشيهام المراسل الحربي الذى سبق وأشاد بالقوات الإسرائيلية واستحكاماتها :
( إن الطيران الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق النجاح الذى كان يتوقعه الشعب الإسرائيلي , لقد وضح من خلال سير المعارك أن تلك المزاعم حول قدرة الطيران الإسرائيلي مزاعم بلا أساس )
وعن خط بارليف المنيع يقول المحلل العسكري باولو بترونتى فى مجلة أنابيلا الإيطالية :
( إن خط بارليف الذى شيدته إسرائيل على غرار خط ماجينو الفرنسي سقط تماما كما سقط سابقه قبل 34 عاما لقد فر الجنود الإسرائيليون من هذا الخط أمام القوات المصرية المهاجمة تاركين دروعهم وتحصيناتهم أمام الجحيم الذى تفجر أمامهم فجأة ! )
وقال موشي ديان فى محاضرة ألقاها فى النادى الهندسي فى تل أبيب ونشرتها جريدة هامو دياع فى أول يناير 1974 :
( إننى كوزير للدفاع لم أقدّر كفاءة المقاتل العربي وفعاليته حق قدرها إذا أنها ظهرت بكفاءة عالية جدا أكبر مما قدرتها بيانات ومعلومات المخابرات الإسرائيلية ! )





الهوامش
[1]ـ أبطال الفرقة 19 مشاة ـ الفريق يوسف عفيفي ـ دار الصفوة للنشر والتوزيع
[2]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق

قديم 10-10-2010, 09:56 AM
المشاركة 13
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وعلى ذكر المخابرات الإسرائيلية التى تميزت بالإمكانيات الخرافية هى وشقيقتها الأمريكية قررت لجنة التحقيق فى أسباب التقصير التى شكلتها الحكومة الإسرائيلية ورأسها القاضي شيمون أجرانات وعُرفت باسمه :
( إن المخابرات الإسرائيلية العامة والحربية قصرت تقصيرا فادحا كانت من نتائجه تهديد وجود الدولة اليهودية )
وهذه اللجنة هى التى أوصت بتقاعد كافة القيادات العسكرية والأمنية وعلى رأسهم إيلي زاعيرا مدير المخابرات الحربية [1]
وعن حقيقة قبول إسرائيل لوقف إطلاق النار قالت النيوز ويك في عددها الصادر 29 أكتوبر عام 1973 م :
( إن الدافع الحقيقي لإسرائيل في وقف قبول إطلاق النار كانت خسائرها المروعة في المعدات والأفراد )
وعن الأرباح والخسائر في الجولة الرابعة من الصراع العربي الإسرائيلي أذاعت وكالة it يوم 11 نوفمبر نقلا عن المصادر العسكرية الأمريكية تصريحاتهم ..
( إن ميزان القوى الإستراتيجى في الشرق الأوسط قد تغير بعد حرب أكتوبر لصالح العرب ) [2]

أما أعظم الشهادات التى سطرتها أقلام العدو وتصريحاته فتكمن فى مصدرين لهما من الأهمية أقصاها ,
الشهادة الأولى : وهى تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية برياسة رئيس المحكمة العليا فى إسرائيل شيمون أجرانات والتى عُرفت باسم ( لجنة أجرانات ) والتى تولت التحقيق مع القيادات السياسية والعسكرية وأودعت توصياتها فى تقرير مطول تم نشره فى كتاب كامل بعنوان ( المحدال ) أى ( التقصير ) ونصوص الكتاب كلها تحمل أروع وأصدق شهادة بحجم المفاجأة المذهلة التى حققتها حرب أكتوبر على المستوى التكتيكى والتعبوى معا لأول مرة فى التاريخ , فضلا على احتواء التحقيق على عدد من الحقائق المذهلة التى كشفت انهيار أعصاب القادة العسكريين والجنود أمام فعاليات القتال وأداء الجيش المصري رغم التفوق التكنولوجى والإمدادات العسكرية الأمريكية التى لم تنقطع طوال أيام القتال
ومن فكاهيات هذا التقرير شهادات بعض القادة أنهم فوجئوا بانتحارية الجنود المصريين على خطوط القتال بشكل أكد لهم أنها انتحارية غير طبيعية وحتما خلفها معالجة غير طبيعية !!
الشهادة الثانية : وتكمن فى تقرير لجنة تقصي الحقائق فى الكونجرس الأمريكى والتى تعادل أهمية تقرير لجنة أجرانات واحتوت تقارير لجنة التحقيق على البنود التالية [3] :
* إن اقتحام وسقوط خط بارليف عمل عسكري لا يقل في أهميته عن سقوط خط ماجينو الفرنسي أمام الجيش الألمانى في الحرب العالمية الثانية
( وهنا لابد لنا من ملحوظة هامة حيث أن خط بارليف كان يتفوق في تحصيناته مائة مرة أكبر من خط ماجينو , وليس هذا فقط بل إن خط ماجينو لم يسقط في يد الألمان بالهجوم المباشر كما هو الحال مع خط بارليف بل سقط بالتفاف الألمان من حوله ومهاجمته من الخلف )
* أن التخطيط المصري للمعارك كان على كفاءة عالية وقد تمكن من تجاوز أسباب التفوق الإسرائيلية في الطيران باستخدام صواريخ سام 6 الدفاعية للارتفاعات العالية وستريلا للارتفاعات المنخفضة , كما تفوق على المدرعات بحل مبتكر وهو استخدام صواريخ مولوتكا المضادة للدبابات بكثافة , كما تفوقت في التعبئة العامة بتحقيق عنصر المفاجأة وبالتخطيط للحرب على جبهتين في توقيت واحد
* إن مصر لم تكن تمتلك أسلحة متقدمة سببت باستعمالها مفاجأة بل كانت المفاجأة في طريقة استخدام هذه الأسلحة فاستطاعت أن تجد وسيلة مبتكرة في استخدام الإمكانيات التي تحت يدها فاستخدمت عامل انتشار الأسلحة بصورة مذهلة ـ أى في الكميات التي وصفتها اللجنة بأنها غير مسبوقة ـ فأمام الطائرات كانت هناك آلاف مؤلفة من صواريخ ستريلا وأمام الدبابات كانت هناك آلاف من صواريخ مولوتكا
وقد لاحظ الكونجرس الأمريكى ملاحظة هامة وذكية وهى أن استخدام الأسلحة بهذه الكثافة والإنتشار لم يكن مكلفا فوق الطاقة بالنسبة لمصر , فالصاروخ السوفيتى المضاد للدبابات كان ثمنه ألف دولار بينما الصاروخ الأمريكى ـ الذى تستخدمه إسرائيل لتأدية نفس الوظيفة ـ كان يبلغ ثمنه عشرة آلاف دولار !
* ومع ذلك لم يكن التفوق كميا فحسب بل كان لدى المصريين تفوق في الكيف لا شك فيه ومن نماذجه أن صواريخ سام 6 المتطورة حصلت عليها مصر بينما لم تحصل عليها فيتنام , والدبابة المتقدمة ( ت 62 ) لم تكن قد حصلت عليها قوات حلف وارسو عندما دخلت الخدمة في القوات المصرية
* كان التنفيذ المصري للتخطيط المحكم أكثر إحكاما , حيث أشارت اللجنة إلى أن التفوق في السلاح استخداما ونوعا صاحبه تقدم مدهش في الأداء وكفاءة التدريب ,
وهذه الحقيقة كشفت عنها العمليات العسكرية التي أدهشت قادة الجيش المصري أنفسهم فقال المشير أحمد إسماعيل أن أداء الجنود والضباط كان فوق مستوى التخيل وبدا كما لو أنهم يقومون بتدريب عملى لا أنهم بصدد عمليات حقيقية ,
وهو ما تم فعلا فالخسائر التي كانت متوقعة في ضربة الطيران كانت تزيد على 20 % ولو اقتصرت نسبة الخسائر على هذا فالضربة الجوية تعتبر فائقة النجاح ,
لكن الخسائر الواقعية لم تتعد 2% من قوة الطائرات المهاجمة !
وكانت الخسائر المتوقعة المحتملة في قوات العبور تقدر بالآلاف فإذا بها تنجح بخسائر لم تتجاوز 158 فردا !!
والمفارقة العظيمة بالفعل أن هذه الخسائر كانت بالفعل أقل من معدلات الخسائر التي كانت تتحقق في أثناء التدريبات !


الهوامش :
[1]ـ حرب يوم الغفران ( مذكرات إيلي زاعيرا ) ـ ترجمة توحيد مجدى ـ المكتبة الثقافية ببيروت
[2]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق
[3]ـ حرب أكتوبر ( السلاح والسياسة ) ـ محمد حسنين هيكل ـ مركز الأهرام للترجمة والنشر

قديم 10-10-2010, 09:58 AM
المشاركة 14
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بدء العمليات وسقوط الأسطورة

لو تأملنا الشهادات السابقة من قيادات العدو أو القيادات العالمية أو حتى شهادات القادة المصريين الذين انبهروا بطريقة الأداء في عمليات العبور والنجاح المذهل لبداية العمليات ,
لوجدنا هنا نقطة اتفق عليها الجميع وهى أن ما حدث يوم السادس من أكتوبر كان شيئا فوق العادة ,
كان ـ على حد تعبير الرئيس السادات ـ معجزة على أى مقياس عسكري ,
والمعجزة تختلف عن التفوق ,
لأن التفوق مهما بلغ من النجاح فلابد من مبررات وأسباب منطقية تقف خلفه ويمكن تفسيرها ببراعة العنصر البشري , بينما المعجزة هى شيئ خارق للعادة لا يتكرر في أغلب الأحوال ويتميز بمخالفته للتوقع مهما بلغت دقته
وهذا بالضبط ما حدث في حرب أكتوبر بشتى مراحلها ,
والتفسير هنا مرهون بالعامل الذى يمكن لنا نحن فهمه ويمثل أمام الغرب ثقافة غير مفهومة , وهو عامل الإيمان المتدفق وعشق الشهادة والبحث عن الموت في سبيل الله ,
هذا العامل الذى لم تتفهمه القيادات الإسرائيلية وهى تبحث عن خرافة حبوب الشجاعة التي تناولها المصريون قبل اقتحام خط بارليف في محاولة منهم لتبرير فرار جنودهم القابعين خلف مواقعهم الحصينة وتركهم لتلك المواقف والفرار في هلع مذعور من جنود المشاة الذين لم يكن في أيديهم إلا الأسلحة الخفيفة !
لكن السبب كما شرحه بعض العسكريين الإسرائيليين الفارين من جحيم الساعات الأولى للحرب
[1] وقال إنه لن يعود لهذا الجحيم وأنه على استعداد للوقوف أمام محكمة عسكرية لكنه ليس على استعداد للعودة إلى هناك ,

كان العامل بلا شك هو دفقة الإيمان التي فجرها لجنود بصيحة ( الله أكبر ) التي صدرت منهم فور رؤيتهم لطائرات الضربة الجوية الأولى تعبر فوق صفوفهم المتراصة قبيل الإقتحام , فرددوها كصيحة جبارة هادرة انتزعت قلوب الإسرائيليين ودفعتهم لهذا الفرار غير المبرر عسكريا والمبرر ـ بلا شك ـ إنسانيا
يقول تعالى :
[قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ] {التوبة:14}
ويقول تعالى
[إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ] {الأنفال:12}
هذا هو التفسير إذا أمامنا مبسوط صراحة في آيات القرآن الكريم , بعكس النداءات الغريبة التي رددتها الأبواق العلمانية بعد ظهور العامل الإيمانى في الحرب , وقالوا بأن عزو النصر للقدرة الإلهية فيه إجحاف للإنجاز الإنسانى الذى أبرزته قوة الجيش المصري !!
دون أن يسأل هذا القائل نفسه وأين كان هذا الإنجاز في حرب النكسة مثلا ؟!
ودون أن يقدم القائل تفسيرا عسكريا علميا دقيقا لهذا الإنجاز المذهل الذى وقف أمامه الخبراء عاجزون عن تكييفه وهم يحصون العشرات من النظريات العسكرية الثابتة التي دمرتها القوات المصرية بالأداء الخرافي ؟!
ودون أن يجيبنا القائل عن مبرر صيحة الجنود ( الله أكبر ) مسلمين ومسيحيين على حد سواء وهم يقتحمون الحصون المنيعة بأجسادهم الحية ويلقون أنفسهم في أتون النيران بفدائية غير مسبوقة ؟!
وما هو المبرر الدنيوى الذى يمكن أن يقف خلف هذا الفعل العظيم , وأى مبرر يمكنه تفسير ذلك إلا الإيمان العميق الصادق الهادف للجنة والموت في سبيل الله والوطن ؟!
وما هو المبرر الذى جعل اللواء محمد عبد المنعم واصل يختار كلماته التي يوجه بها الجيش الثالث الميدانى لبدء العمليات فيضمنها أربع آيات من القرآن الكريم لم يجد أكثر منها تحفيزا كى يجهز جنوده للمعركة ,
وما هو المبرر الذى يمكن أن يفسر البطولات الفردية المذهلة التي دفعت بالعقيد أحمد زدد إلى اقتحام إحدى نقاط خط بارليف المستعصية بجسده وألقي نفسه على المدفع الدوار لتمزق الرصاصات أحشاءه فيمسكها بيده حتى اقتلع المدفع الذى يمنعهم من الإقتحام ثم حمل أحشاءه لعدة أمتار وهو يتبادل النيران مع قوات العدو حتى أتم تطهير النقطة وأسلم الروح بعد ذلك ,
وما هو المبرر الذى يمكن أن يقف خلف بطل مثل العميد إبراهيم الرفاعى ضابط الصاعقة الأسطورى قائد المجموعة ( 39 ) قتال إلى مواجهة رتل من دبابات العدو منفردا ومندفعا نحوه لا فارا منه حتى استشهد بعد أن أدى واجبه ؟!
وإذا كان للأمر مبرر منطقي أو إنسانى أو بشري
فلماذا لم نسمع عن تلك الصور المذهلة للبطولات الفردية إلا في الجيوش الإسلامية والتى أعاد الجيش العربي صورتها إلى الأذهان في معركة أكتوبر المسماة بالعملية ( بدر ) تيمنا ببدر الكبري التي شهدت بداية الأسطورة القتالية الإسلامية عندما تغلب ثلثمائة مقاتل على ألف فارس من صناديد قريش !
لم نجد إلا في التاريخ الإسلامى معجزات فدائية مثل البراء بن مالك الذى شارك في معركة الحديقة ضد جيش مسيلمة الكذاب وعندما تحصن العدو بها طلب من زملائه أن يلقوه عليهم وحده من فوق أسوار الحصن !
وفعلها واقتحم الحصن وتغلب على حرس الأبواب وفتح أحدها وفى جسده مائة طعنة سيف وضربة رمح !!
فشهدت حرب أكتوبر مثل تلك المعجزات الإيمانية منذ صدور قرار بدء العمليات وحتى وقف إطلاق النار




الهوامش :
[1] ـ حرب أكتوبر ( شهادة إسرائيلية ) ـ وجيه أبو ذكرى ـ دار أخبار اليوم

قديم 10-10-2010, 09:58 AM
المشاركة 15
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وعندما حلقت الطيور نحو الشرق ..
واندفعت 220 طائرة مصرية من شتى الأنواع نحو سيناء في توقيتات مختلفة من مختلف مطارات مصر لتلتقي في لحظة واحدة محددة فوق الضفة الشرقية للقناة وتمخر السماء نحو مواقع العدو في سيناء
كانت صفوف الجنود للموجة الأولى للعبور البالغة ثمانية آلاف جندى تهدر بصيحة الله أكبر , وعادت الطائرات سليمة من ضربتها التي حققت نجاحها بنسبة مائة في المائة رغم السمعة الأسطورية لطيران الإسرائيلي ولم تزد خسائر الطائرات المصرية عن 2% لتدمر ثلاث مطارات حربية بالطائرات الجاثمة فوقها وعشر مواقع لصواريخ (هوك) وثلاثة مراكز سيطرة للعدو وموقعى مدفعية بعيدة المدى في العمق وحصون خط بارليف في شرق بور فؤاد

وشهدت الضربة الجوية ـ كسائر الأسلحة فيما بعد ـ بطولات فردية كان لها الفضل الأكبر في تنفيذ الضربة الجوية بهذا النجاح الفائق ,
فأحد الطيارين ـ وأعمارهم جميعا كانت بين 18 و25 سنة فقط ـ أصيبت طائرته وكان في إمكانه القفز والنجاة منها ولكنه لم يفعل , وعندما أصيبت طائرته لمحت عيناه أرض المطار العسكري الإسرائيلي تقبع فوقه خمس طائرات متطورة , فوجه الدفة بزاوية إنتحارية لينفجر مع طائرته وسط طائرات العدو والممرات , وكانت النتيجة لهذه البطولة الخارقة أن خسر العدو هذا المطار تماما وظل لمدة أربعة أيام خارج الخدمة[1]
وفى قلب القوات الإسرائيلية التى فوجئت بالهجوم كان يقبع بطل مصري آخر هو الشهيد عمرو طلبة الذى تم زرعه كعميل للمخابرات المصرية فى قلب الجيش الإسرائيلي وكانت هناك خطة لاستعادته قبيل بدء المعارك مباشرة ,
وصدرت له الأوامر بسرعة التوجه إلى نقطة معينة متفق عليها على الجبهة لانتشاله , فى نفس الوقت الذى تم التنبيه فيه على مدفعية الجيش الثانى بتفادى تلك النقطة تماما ,
ولكن النقيب عمرو طلبة رفض لأول مرة تنفيذ الأوامر وظل فى وحدته العسكرية الإسرائيلية ليفتح جهاز اللاسكى مباشرة على القيادة المصرية وسط الفوضي التى عمت وحدات الجيش الإسرائيلي وينقل لهم عددا كبيرا من الأهداف المهمة التى ينبغي استهدافها كما نقل لهم حالة الذعر بين الإسرائيليين ,
ورفض مغادرة موقعه واستمر فى نقل البيانات لتستفيد منها الطلعات الأولى للطيران المصري فى تنفيذ ضربات مؤثرة فى مراكز القيادة واستشهد عمرو طلبة بعد أن فضل الموت فى سبيل أداء هذه الخدمة للقوات المصرية [2]

وطيار مقاتل آخر كان يعانى من آلام شديدة بالمعدة وكتم آلامه حتى لا تعيقه عن الإشتراك في الحرب مغامرا بحياته نظرا لوجوب أن يطير الطيار وهو في أعلى حالاته الصحية كفاءة , واستمر ينفذ العمليات والطلعات الجوية حتى اكتشفت قيادته الأمر وألزمته الفراش بالأمر المباشر !
وقد شهدت القوات الجوية إنجازات أخرى على الأرض كان بطلها المهندسون والفنيون العسكريون الذين تمكنوا من تحطيم الرقم القياسي المسجل عالميا لإعادة ملئ الطائرة بالوقود وتسليحها بالذخائر ,
فكان الرقم العالمى المسجل سبع دقائق فحطمه المصريون ليسجلوا رقما جديدا بخمس دقائق ونصف !
وبهذه البطولة تعددت كثافة الطيران المصري على ارتفاعات منخفضة لتخترق العمق الإسرائيلي وتدمر مواقع دفاعه الجوى ومدفعيته والشئون الإدارية في مناطق الحسنة وأم خشيب وجبل سحابة وأم مرجم والمغارة ورأس سدر وقلعة الجدى
كما شهدت المعارك الجوية أرقاما قياسية جديدة ومنها أن أطول معركة جوية في العالم كانت من نصيب القوات المصرية في مواجهة الطيران الإسرائيلي حيث أن أكبر مدة لأى معركة جوية تترواح بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة فقط ,
بينما شهدت معارك أكتوبر معركة شاركت فيها سبعون طائرة من الجانبين واستمرت خمسين دقيقة كاملة ! وهى المعركة التي تم تدمير طائرات الفانتوم الإسرائيلية التي حاولت الدخول للعمق المصري بالإلتفاف بعيدا عن حائط الصواريخ المصري والدخول من ناحية البحر لضرب سبع مطارات مصرية في وقت واحد
وخسر الطيران الإسرائيلي محاولته وتكبد خسائر جسيمة بلغت 25 طائرة فانتوم وسكاى هوك في مقابل خسارة الجانب المصري لست طائرات فحسب ,
ولم ينجح الطيران الإسرائيلي في إنجاز مهمة تدمير أى مطار بعد أن تمكنت وحدات المهندسين من إصلاح وترميم الممرات المصابة في المعركة في وقت قياسي
ولم ييأس العدو وقام بتنفيذ طلعات كثيفة بلغت 166 طلعة جوية على ستة مراحل بغرض تدمير مطارى القطامية والمنصورة ومع ذلك ظل كلاهما داخل نطاق الخدمة طيلة أيام القتال
وهنا يجدر بنا تذكر تلك الشهادة التي ألقي بها طيار إسرائيلي وقع في الأسر بعد أن سقطت طائرته في المعارك الجوية وطلب اللواء ـ آنذاك ـ حسنى مبارك رؤية هذا الطيار ليسأله عن سبب ضعفه القتالى الذى لاحظه قائد القوات الجوية وهو يتابع المعركة من الأرض ,
وسأله حسنى مبارك : ماذا أصابكم ولماذا تغير مستواكم إلى هذا الحد ؟!
فقال له الطيار : سيدى .. نحن لم نتغير .. أنتم الذين تغيرتم !!
وكان الرئيس السادات يروى هذه القصة مفتخرا [3]
وبلغت خسائر إسرائيل فى القوات الجوية حدا أضاع الروح المعنوية للطيارين والشعب على حد سواء لما تتمتع به القوات الجوية الإسرائيلية من سمعة الحماية بالتقدم التكنولوجى لطائرات الفانتوم وسكاى هوك والتقدم التدريبي ,
لكن سقط كل هذا فى مواجهة طائرات الميج السوفيتية بقادتها المصريين الشبان الذين لم يتجاوزوا عمر الزهور وتم تخريجهم فى سنوات دراسة أقل إلى الثلث من المعدل الطبيعى لتغذية القوات الجوية المصرية
فتمكنت مصر من إسقاط 25 طائرة فانتوم خلال ثانى أيام القتال وحده فضلا على العشرات التى سقطت بفعل الدفاع الجوى وقائده الفذ محمد على فهمى ,
وبلغ عدد ساعات الطيران فى الأسبوع الأول لحرب قرابة 3000 طلعة , كانت تتم فى أغلبها والطيارون فى طائراتهم لا يغادرونها أثناء إعادة الملئ والتسليح !
ولم تخل المعارك الجوية من أخطاء إسرائيلية ساذجة اتخذ منها الطيارون المصريون وسيلة للقفشات والنكات فيما بينهم ,
ففي أيام القتال الأولى حذر قائد السلاح الجوى الإسرائيلي الجنرال بنيامين بيلد طياريه من أن مصر حصلت على بعض طائرات الميراج الذى يستخدمها سلاح الجو الإسرائيلي وطلتها بنفس ألوان وعلامات الطيران الإسرائيلي لخداع الطائرات الإسرائيلية ومهاجمتها ,
وتلقي الطيارون الإسرائيليون هذا التحذير باهتمام لعدم الوقوع فى الخديعة ,
وفى إحدى الهجمات الإسرائيلية على القطاع الشمالى انقسمت الطائرات المهاجمة إلى قسمين من الفانتوم والميراج واندفعت طائرات الميراج فى الدفعة الأولى لتنفيذ الضربة الأولى على أن تتبعها الفانتوم
ففوجئت الميراج بصواريخ سام 6 التى كانت إحدى المفاجآت الكبري لإسرائيل نظرا لعدم علمها بحصول مصر عليها أصلا,
ففرت الميراج على الفور بعد سقوط بعضها للخلاص من فخ الدفاع الجوى المصري
وفوجئ طيارو الموجة الثانية بطائرات ميراج تخرج إلى السماء فى مواجهتهم وهى تحمل نفس علاماتهم ولكن قبل الموعد المحدد بكثير فظنوا أن هذه الطائرات هى الطائرات المصرية المتخفية واشتبكوا معها لتسقط أربع طائرات من الجانبين وتعلن إسرائيل فى بيانها العسكري سقوط طائرتين مصريتين بينما الطيران المصري نفسه غائب عن المعركة !
والخاسر الحقيقي كان الطيران الإسرائيلي الذى فوجئ بفقد أربع طائرات من التشكيل وكانت فضيحة !


الهوامش :
[1]ـ الحرب الرابعة على الجبهة المصرية ـ صلاح قبضايا ـ دار أخبار اليوم
[2]ـ العميل ألف وواحد ـ من ملفات المخابرات المصرية ـ د. نبيل فاروق ـ المؤسسة العربية الحديثة
[3]ـ أكتوبر 1973 ( السلاح والسياسة ) ـ مصدر سابق

قديم 10-10-2010, 09:59 AM
المشاركة 16
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ومن بطولات القوات الجوية إلى رجال المدفعية الذين كان دورهم التمهيد النيرانى ودك حصون خط بارليف ,
وفور تنفيذ الضربة الجوية انطلق ألفي مدفع من جميع العيارات فى أقوى تمهيد نيرانى فى تاريخ المعارك منذ الحرب العالمية

وعبرت قوات الموجة الأولى ومعها رجال توجيه المدفعية الذين خاطروا بحياتهم وقاموا بتصحيح ضرب المدفعية لتصيب سائر أهدافها فى إتقان مذهل استمر طيلة 54 دقيقة كاملة نجحت فى تغطية قوات العبور فضلا على نجاحها فى فتح وتنقية حقول الألغام وتدمير التحصينات والأسلاك الشائكة المحيطة بخط بارليف ,
وفى تمام الساعة السادسة من مساء أول أيام القتال
تلقي القائد العام للقوات المسلحة تمام المدفعية من اللواء محمد سعيد الماحى ـ الذى تولى المخابرات العامة فيما بعد ـ وكان هذا التمام يعنى أن سائر المدافع من جميع الأنواع من مدافع الميدان والهاون وكتائب الصواريخ التكتيكية ( أرض / أرض ) اتخذت مواقعها وتم توجيهها لأهدافها المختارة بعناية فى العمق وعلى خط المواجهة وأنها نفذت مهامها بنجاح تام ,

وبكثافة بلغت 175 دانة مدفع فى الثانية الواحدة بطول الجبهة على امتداد 180 كيلومتر
وكالعادة سجلت المدفعية سبقا وفتحا جديدا فى عالم الحروب عندما استخدمت المدفعية المصرية الصواريخ التكتيكية ( أرض / أرض ) استخداما جديدا أذهل الإسرائيليين عندما تم توجيهها لأهداف العمق فى قلب سيناء أصابت جميعا أهدافها ليفقد العدو سيطرته تماما على مواصلاته واتصالاته وانفصلت فعليا قوات العدو فى المواجهة عن الإحتياطى فى الخلف وعن قيادته التى عجزت عن مد يد العون إلى قوات خط بارليف لتتركهم لمصريهم المنتظر وسقوطهم فى أيدى المصريين !
وتفجرت فى الدقائق الأولى عشرة آلاف انفجار فى مواقع العدو تمت كلها فى مواقع حساسة فصلت خط المواجهة للعدو عن قيادته كما يروى العميد عبد الحليم أبو غزالة ــ قائد مدفعية الجيش الثانى والذى تولى وزارة الدفاع فيما بعد ـ أن المدفعية نجحت فى اختراق مواقع العدو على ثلاث نطاقات
الأول : الخط الأمامى فى مواجهة خط بارليف وقامت المدفعية بفتح جميع الثغرات المطلوبة فى الخط الحصين وتنقيته من الألغام لينفتح الطريق أمام قوات العبور لاقتحامه
الثانى : أما النطاق الثانى فقد توجهت المدفعية فيه إلى احتياطيات العدو ومدرعاته وبطاريات المدفعية وأسكتتها تماما
الثالث : وهو فى العمق حيث توجهت المدفعية إلى مراكز السيطرة بتوجيه مباشر من قائد سلاح المدفعية وقوات الإستطلاع والتوجيه التى تم إسقاطها قبل بدء القتال خلف خطوط العدو

وتحت هذا الحاجز الكثيف من النيران تمت تغطية قوات العبور التى تلاحمت قواربها مع شاطئ القناة بعد طول انتظار لست سنوات كى تتحقق هذه اللحظة ,
وارتسمت أروع المشاهد فى لوحة العبور بعد أن ارتقي ثمانية آلاف مقاتل قواربهم المطاطية لتشق سطح القناة فى صحبة الوحدات البرمائية ,
وهنا حققت قوات المشاة الملقبة بسادة المعارك أبدع لوحات الفداء عندما نفذ القادة المصريون قاعدة قيادة الجنود من موقع القتال تنفيذا للمبدأ العسكري لمفهوم القائد ,
فالقائد ليس هو الذى يقول لجنوده تقدموا , بل هو الذى يقول اتبعونى ,
فالقادة الأصاغر للوحدات المقاتلة عبروا جنبا إلى جنب مع جنودهم ومع تتابع موجات العبور التى وصلت فى مساء نفس اليوم إلى خمس فرق بقوة ثمانين ألف جندى عبرت كافة القيادات العسكرية حتى رتبة اللواء ,
وهذه المعادلة السحرية هى التى السبب فى تحقيق رقم قياسي جديد وهو نسبة خسائر الضباط إلى نسبة خسائر الجنود حيث بلغت أعلى نسبة مسجلة عسكريا لتؤكد على أسلوب القيادات المصرية المبتكر وهو تذويب الفوارق بين القواد والجنود فى المهام وفى المميزات مما كان له مفعول السحر على الروح المعنوية للجنود وهم يشاهدون قوادهم من مختلف الرتب العليا تتقدمهم على خطوط النار , تماما كما شاهدوهم معهم على طاولات الغذاء أثناء التدريبات يأكلون من طبق واحد !
وهذه السياسة الحكيمة الفدائية هى التى اتبعتها القيادة المصرية فى مرحلة الإعداد بعد حرب 67 م ,
وكان أول من بدأها رئيس الأركان الأسطورى الفريق عبد المنعم رياض الذى استشهد من مواقع الجبهة الأمامية فى حرب الإستنزاف وهو يشارك جنوده قتالهم بعد بدء ضربات المدفعية ورفض مغادرة موقعه واتخذ مكانه فى إحدى حفر الموقع المصري الذى لا يبعد أكثر من مائتى متر من مواقع العدو ,
ثم سقطت دانة مدفع فى الحفرة المتواجد بها لينال الشهادة بإذن الله ,

قديم 10-10-2010, 09:59 AM
المشاركة 17
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ففي الساعة الثانية والربع ولم تمض 15 دقيقة على بدء الإقتحام عبر جميع قادة كتائب المشاة مع جميع معاونيهم من مختلف الرتب من رتبة الملازم أول حتى المقدم ,
وبعد مرور ساعة عبر قادة الألوية وهم فى رتبة العميد , وهذه الرتبة بداية الرتب العليا فى القوات المسلحة ,

وبعد مرور ساعة ونصف ساعة من عمليات الإقتحام عبر قادة الفرق وهم جميعا فى الرتب القيادية من رتبة اللواء ثم عبر قادة الجيوش وهما اللواء سعد الدين مأمون قائد الجيش الثانى الميدانى واللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميدانى ,

وفى الساعة الثانية والنصف بعد أقل من نصف ساعة على بدء عمليات الإقتحام حمل المقاتلون علم مصر ليرفرف على الساتر الرملى فى مختلف قطاعات الإختراق إيذانا بتفجر معركة التحرير ,
وأسقط الدفاع الجوى المصري أول طائرة إسرائيلية مغيرة فى الساعة الثانية وخمسين دقيقة تماما ليبدأ فشل العدو فى استخدام قواته الجوية لإيقاف العبور بعد تصدى حائط الصواريخ المصري لكافة هجماته ,
ولم يكن حائط الصواريخ الأسطورى الذى بنته مصر بالعرق والدموع لصد هجمات العدو الجوية على العمق هو المفاجأة فى الحرب بل كانت المفاجأة التكتيكية متمثلة فى صواريخ ( سام ـ 6 ) والتى تكتمت مصر وسوريا حصولها عليها وهى الصواريخ السوفيتية الصنع التى تتفوق بمراحل على صواريخ ( سام 2 ) و( سام 3 ) وتتميز بقدرتها الفائقة على اصطياد الفانتوم من الارتفاعات المنخفضة والمتوسطة ,
وكانت مصر وسوريا قد أخفت هذه المفاجأة لدرجة أن القوات السورية فضلت أن تخسر 13 طائرة فى المعركة الجوية التى قامت بينها وبين العدو قبل الحرب بأيام حتى لا تكتشف إسرائيل وجود هذه الصواريخ قبل الحرب الكبري ,
وحققت المفاجأة نتيجتها كاملة إذ سقط للعدو فى الساعات الأولى 13 طائرة غامرت بالإقتراب من خط القناة مما دفع قائد القوات الجوية الإسرائيلية بنيامين بيليد إلى إصدار أوامره لطياريه بعدم الإقتراب من منطقة القناة لمسافة 15 كيلومتر

وفى الساعة الثالثة بلغت القوات العابرة للقناة 800 ضابطا و13500 جنديا , بعد أن تمكن الجيش الثانى من بدء العبور بسلام وتغلب الجيش الثالث على سرعة تيار القناة التى تعدت 80 مترا فى الدقيقة بمنطقته مما أعاق تقدم القوارب وعرضها للسقوط فاستخدمت القوات المعدات البرمائية لإتمام العبور
وفى الثالثة والنصف كانت وحدات المهندسين تعبر فى وحدات بحرية خاصة معدة بالخراطيم والمضخات الألمانية الصنع فائقة القوة لأداء مهمتها فى فتح الثغرات بالساتر الترابي ,
وفى الساعة الخامسة والنصف بعد ثلاث ساعات ونصف فقط من بدء العمليات بلغت القوات المصرية العابرة 2000 ضابط و30000 جندى
وفى السادسة والنصف أتمت وحدات المهندسين عملها فى وقت قياسي وتمكنت من فتح جميع الثغرات المطلوبة فى الساتر الترابي وبدأت على الفور عملية إعداد وتمهيد بناء رءوس الكباري ومد الجسور وانتهى تركيب أول كوبري فى سرعة مذهلة فى نطاق الجيش الثانى الميدانى لتتدفق عبره أرتال الدبابات والمدرعات المصرية ,
وفى نطاق الجيش الثالث الميدانى ونظرا لأن الساتر الترابي هناك كان معظمه من التراب المكون للطمى اللزج بعكس الساتر فى نطاق الجيش الثانى فقد تكونت طبقة طمى طولها متر كامل أعاقت تركيب الكباري فأصدر اللواء عبد المنعم واصل تعليماته بتنفيذ المتفق عليه من كسح طبقة الرمى بمعدات الحفر والبناء وتدشين التربة الطينية بالصخور والزلط وتمت العملية على أكمل وجه وفى تتابع ونسق دقيق ووصل عدد الثغرات حوالى 80 فى الساعة العاشرة مساء , [1]
وأزاحت وحدات المهندسين ما حجمه 90 ألف متر من الرمال والأتربة وأنشأت ثمانى كباري ثقيلة و31 معدية كانت تتحرك ذهابا وإيابا ناقلة للقوات فى سرعة تدفق محمومة ,

وكما سبق القول تعطلت قوة العدو الجوية عن القيام بأى دور فى إعاقة عملية العبور ومرت عملية فتح الثغرات وإنشاء الكباري طيلة الفترة من الثانية ظهرا حتى العاشرة مساء دون أى تدخل من قوات خط بارليف أو الإحتياطي المدرع للعدو القابع خلفه للتدخل حال حدوث العبور
وبالطبع لم يكن العدو نائما فى تلك الفترة حتى يمنح الفرصة للقوات المصرية بالتدفق بهذا الشكل ولكن كان ممنوعا بفعل فاعل تمثل فى موجة العبور الأولى من المشاة وقوات الصاعقة التى تسلقت الساتر الترابي بالحبال وعبرت إلى تحصينات خط بارليف فى ثغرات الأسلاك الشائكة التى فتحتها المدفعية بالتمهيد النيرانى ,
وطبقا للخطة التى تدرب عليها الجنود آلاف المرات تم حصار نقاط خط بارليف الحصينة واقتحام مداخلها بالقنابل اليدوية بينما توجهت القوة الأكبر من قوات العبور إلى ما خلف تلك النقاط تاركين مهمة حصار خط بارليف لزملائهم , واندفعت تلك الموجات البشرية تتسلق المرتفعات وتقبع بمدافع وقاذفات الآر بي جى وصواريخ ساجر المضادة للدبابات فى انتظار احتياطى العدو القريب من المدرعات ,
وبوصول أول دبابة من دبابات العدو انفتحت أمامهم أبواب الجحيم بمزرعة من الصواريخ المضادة للدبابات والألغام المعدة فى كمائن دقيقة ليتم تدمير قوات العدو المهاجمة فى النسق الأول تدميرا تاما وأسر عدد كبير من أفرادها ,
فى نفس الوقت الذى سقطت فيه أول النقاط الحصينة من خط بارليف القلعة رقم 1 فى منطقة القنطرة فى الساعة الثالثة تماما ثم استمر معدل سقوط النقاط الحصينة لخط بارليف بواقع نقطة أو نقطتين كل ربع ساعة ,
فسقطت القلعة رقم 2 ثم القلعة رقم 3 فى الكيلومتر 146 طريق الجباسات وفى وقت واحد سقطت معها القلعتان رقم 4 , 5 ثم القلعة رقم 6 ,
ثم استمر التتابع السريع لسقوط خط بارليف الحصين عبر نقاطه القوية إما بقتل أفرادها وإقتحامها أو استسلامهم وخروجهم من النقاط طواعية ولم يتبق من مجموع النقاط الحصينة إلا نقطتان فقط تم حصارهما حتى سقطا فى 13 أكتوبر ,
ومن نوادر المعركة أن إحدى النقاط الحصينة التى سقطت فى الدقائق الأولى وتم أسر أفرادها , اختبأ واحد منهم تحت سرير من أسرة المعسكر فى النقطة وكتم أنفاسه وحركته لثلاثة أيام كاملة دون شراب أو طعام أو نوم وظل يرتعد من الخوف طيلة الأيام الثلاثة حتى تم اكتشافه !

ويصف أحد قادة الكتائب الإسرائيلية مشهد الساعات الأولى من المعركة وهو الميجور روبين قائد الكتيبة الشمالية فيقول :
( إن أغلب أفراد خط بارليف نزلوا للحصون التحتية فور بدء القصف ظنا منهم أن القصف مجرد قصف عادى وليس تمهيدا للهجوم , وكان قائد كل حصن يحتاج لجدل خمس دقائق فى التلفون مع قيادته حتى تدرك القيادة الإسرائيلية أنهم فى مواجهة حرب شاملة )
ويكمل الميجور روبين تجربته فيصف كيف أنه أرسل فى فتح طريق الإحتياطى المدرع لحماية حصون بارليف والإستعداد لموجات الهجوم ليفاجئ بعدها بتقارير قادة السرايا المدرعة التى تم تدميرها بالكامل بفعل مصايد الدبابات التى أعدتها قوات الموجهة الأولى المصرية ليتم تدميرها تماما عدا دبابتين أسرعتا بالإنسحاب للخلف
ثم توالت البلاغات على الميجور روبين فى محيط أخبار كتيبته لتبلغه أن أغلب قادة حصون خط بارليف لقوا حتفهم واستسلم باقي الجنود وعندما تلقي استغاثة للإمداد والدعم من أحد هذه الحصون قبل سقوطها طالب الميجور روبين قائده الكولونيل بنحاس بسرعة إمداده بالمدرعات لنجدة أفراد الحصون ولكن الكولونيل اعتذر أنه لا يمتلك فى تلك اللحظة دبابة واحدة أو مدفعا واحدا صالحا للاستعمال بعد أن انهارت جميعها فى الإقتحام الأول ,
وأصدر تعليماته للميجور روبين بأن تقاوم الحصون حتى آخر رجل أو تستسلم للقوات المصرية وقفا لنزيف الخسائر !

وارتد روبين وتبعه قادة الكتائب جميعا للخلف حيث القيادة العليا المباشرة لهم وهناك طالب روبين ورفاقه قائدهم الجنرال كالمان ماجن بسرعة إرسال الإمدادات لنجدة خط بارليف ولكن كان جواب كالمان هو نفس جواب بنحاس الذى مضمونه أن جميع الإحتياطيات القريبة تم تدميرها ,
وفى الساعة الحادية عشرة مساء يوم السادس من أكتوبر وصلت تعليمات الجنرال إبراهام ماندلر قائد قوات المدرعات الإسرائيلية الأسطورى بأن تنسحب القوات جميعا إلى الشرق أو استسلامهم للقوات المصرية !
وفيما بعد نجحت المخابرات الحربية في اختراق موجات الإتصال الخاصة بالجنرال ماندلر وحددت موقعه ليقوم تشكيل مصري من القوات الجوية بقذف تلك المنطقة ليسقط الجنرال الأسطورى قتيلا وهو الذى كانت تفخر به إسرائيل أكثر من فخرها بخط بارليف حيث أن ماندلر صنع سمعته كقائد مدرعات في الحرب العالمية الثانية وكان أكفأ قواد الجيش الإسرائيلي بلا شك وصنع قتله موجة عارمة من اليأس بين القيادات السياسية والعسكرية حتى أن جولدا مائير منعت إذاعة نبأ مصرعه لكى لا تنخفض الروح المعنوية بأكثر مما هى متردية !!

ولهذا قلنا إن روعة حرب أكتوبر الحقيقية فى أنها سددت سائر ديون حرب يونيو وتفوقت أيضا , فسقوط ماندلر تم بخطة مصرية محكمة انتقاما للشهيد الفريق عبد المنعم رياض الذى طالته القذائف الإسرائيلية قبلها بثلاث سنوات ,
هذا رغم أن الوحدة ( 39 ) قتال بقيادة البطل الشهيد إبراهيم الرفاعى كانت قد انتقمت انتقاما مروعا لاستشهاد الفريق رياض عندما ردت الوحدة بعملية فدائية عبرت فيها القناة أثناء حرب الإستنزاف لتهاجم أحد المواقع الحصينة وتقتل أربعين جنديا وضابطا إسرائيليا وبالسلاح الأبيض فقط دون رصاصة واحدة , ثم فجروا الموقع بما فيه من ذخائر
تماما كانت أوامر العميد إبراهيم الرفاعى لإثارة الرعب فى قلوب الإسرائيليين جزاء استشهاد الفريق رياض



الهوامش :
[1]ـ مذكرات اللواء عبد المنعم واصل ـ دار الشروق

قديم 10-10-2010, 10:00 AM
المشاركة 18
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفى الساعة الواحدة من صباح يوم السابع من أكتوبر كانت وحدات من الصاعقة قد أتمت إحدى أروع مهماتها بتفجير آبار البترول في أبي زنيمة ورأس سدر وفيران وقامت وحدات أخرى من الصاعقة بمهاجمة الساحل الشرقي لخليج السويس وأقامت به كمائن على الطرق وأنزلت به خسائر جسيمة
وقبل بزوغ الفجر كانت القوات العابرة بلغت قوة خمس فرق كاملة وعززت عمق الكباري المنشأة إلى عمق خمسة كيلومترات كاملة مع عبور أعداد هائلة من المدفعية والمدرعات والأسلحة الثقيلة ,
وقبل أن تبلغ الساعة الثامنة من صباح يوم السابع من أكتوبر كانت القوات الإسرائيلية في ممر متلا تبلغ قيادتها أنها وقعت فعليا تحت حصار الدبابات المصرية ,
ثم جاء إبتكار آخر من ابتكارات العسكرية المصرية يتمثل في سرايا صغيرة العدد من مفارز البرمائية من السرايا الميكانيكية لتبث الذعر في المواقع الصغيرة للعدو ,
ثم اندفعت سريتان منهما بجرأة مذهلة إلى قطاع ممر متلا الذى يعتبر واحد من أقوى حصون العدو فيما بعد خط بارليف فأسقطت قوات العدو به وتابعت السريتان تحركهما دون الدخول في معارك طويلة معتمدة على ما يشبه حرب العصابات لتتابع هجومها في اتجاه مضيق الجدى الذى لا يقل تحصينا عن ممر متلا لتباغت العدو هناك وتنزل به خسائر مماثلة ثم ختمت السريتان أعمالهما بالوصول إلى مطار تمادا ونجحت في تحييد المطار تماما لدرجة أثارت جنون القيادة الإسرائيلية وهم يواجهون قوة صغيرة العدد تضرب من حيث لا يعرفون وتوجهت أسراب من طائرات الفانتوم تحاول أن تحدد موضع هاتين السريتين اللتين بلغتا عمق ثمانين كيلومترا في سيناء وفى قلب تحصينات العدو دون أية مساندة وتمكنت من بث كل هذا الرعب دون أن تتمكن المدرعات والقوات الإسرائيلية من تحديد مواقعهما !!
ولم تنجح القوات الإسرائيلية من إدراك هذه القوة بل قامت السريتان بالعودة سالمتين إلى خطوط القتال الرئيسية بعد أن أتمت مهامها الإنتحارية بفعالية مدهشة وفى طريق عودتها لم تنس أن تترك تذكارا للعدو يرهق أعصابه أكثر حيث قامت بتدمير موقع للرادار وعبرت على أنقاضه !

وكانت النتائج المباشرة لهذه العمليات الفدائية أن وصلت قيادة العدو في سيناء إلى أعلى درجات الإنهيار وظنوا أن القوات المصرية تخطط لاستمرار الهجوم حتى تصل إلى خط حدود سيناء وتتابع إلى الحدود الإسرائيلية بعد ذلك ,
وهو ما لم يكن واردا في الخطة بدر تحت أى مقياس إذ أنه يتجاوز إمكانيات القوات المسلحة في ذلك الوقت من ناحية الكم والكيف , ولكن هذا الشعور ملأ أعماق الجنرال شموئيل جونين قائد جبهة سيناء وقام بمطالبة الجنرال ديان وزير الدفاع بالتصديق على خطة الإنسحاب إلى خط الممرات ومحاولة التمسك بها ,
واتجه ديان مباشرة إلى مكتب جولدا مائير لبحث خطة إنقاذ الدولة وأرسلت جولدا مائير في استدعاء القيادات العسكرية لاجتماع منفرد وعارض الجنرال إليعازر فكرة ديان بالإنسحاب وأصر على محاولة الرد بهجوم مضاد بالمدرعات هو الأكبر في نطاقه لمحاولة التماسك أمام القوات المصرية المتقدمة ,
وبسبب هذا الهجوم المضاد لعن جنود إسرائيل وقادتها الجنرال دافيد إليعازر الذى أصر على عدم الإنسحاب بعد أن قامت القوات الإسرائيلية بالهجوم المضاد كما خططوا له في يوم الإثنين الثامن من أكتوبر ليفشل الهجوم فشلا ذريعا حتى أطلقوا عليه في إسرائيل اسم الإثنين الأسود ,
خسرت فيه إسرائيل أكثر من 250 دبابة دفعة واحدة وفى يوم واحد , !!
بخلاف عدد مماثل من الدبابات خسرته إسرائيل في اليومين السابقين بخلاف الخسائر البشرية الهائلة والتى تميزت بالنوعية العالية بعد أن تم أسر الكولونيل ( العميد ) عساف ياجورى قائد أحد أشهر الألوية المدرعة والذي تم تدمير لوائه بالكامل بما فيه دبابة القيادة التي قفز منها عساف ياجورى مستسلما أمام ضابط مدرعات مصري برتبة نقيب !
وعن هذا اليوم كتب عساف ياجورى بعد استبداله بالأسري في صحيفة معاريف الصادرة في 7 / 2 / 1974 م قائلا :
( أريد أن أعرف لماذا تركوا صدرونا عارية في هذا اليوم على جبهة الفردان .. إن خيبة الأمل التي شعرت بها في هذا اليوم الأسود لن ينساها أحد ممن عاشوا وسط مرارته الكئيبة , وأنا لا أعرف لليوم حقيقة خسائرنا في هذا اليوم وأثناء فترة وقوعى في الأسر كنت أعيش على أمل أن بعض زملائي وجدوا طريقهم للنجاة بعد أن دمر المصريون هجومنا المضاد , ولكننى عندما وقعت عينى على عدد الأسري أذهلنى حجم الخسائر التي وقعت في صفوفنا ,
وزاد من حيرتى ما سمعته منهم ورحت أكرر عليهم السؤال كيف حدث هذا لجيشنا الذى لا يقهر صاحب اليد العليا والتجربة العريضة ) [1]
ومن أوجه الإعتبار فى واقعة عساف ياجورى التى رواها بنفسه على شاشات التليفزيون أو التى رواها جنود المدرعات المصريين الذين أسروه أن عساف ياجورى عقب استسلامه بكى من القهر فنهره أحد الجنود المصريين وقال له :
( لا تبك أمام جنودك ) [2]
فلابد أنه تذكر الفارق بين معاملة المصريين لأسراهم لا سيما الضباط , وبين معاملة الإسرائيليين لأسرانا في حرب يونيو والتى بلغت من الوحشية حدا يفوق الإحتمال في مجرد روايتها بالقلم أو اللسان
وهكذا فشل الهجوم المضاد الذى قامت به الفرق المدرعة للعدو بقيادة أنبغ جنرالاته شموئيل جونين وآريل شارون وإدمون آدان واليعازر الذين فقدوا أعصابهم بعد أن بقيت من ألوية المدرعات الإسرائيلية التي اشتركت في الهجوم أربع دبابات فقط , وتبادل القادة الإتهامات ـ على حد قول عساف ياجورى في مقاله ـ ثم خلصوا إلى حتمية إخفاء كل هذا لدرجة أنهم هددوا عساف ياجورى بعد عودته من الكلام ‍!

ونشرت جريدة هوعولام هازيه الإسرائيلية أن موشي ديان انهارت أعصابه في اليوم الثالث للقتال وجعلت منه الحرب مجرد رجل محطم , وهذا تعبير شهادة الجريدة الإسرائيلية بحق قائدهم الأعلى الذى وصفوه بالأسطورة ,
أما الجنرال حاييم بارليف فقد دخل في يوم الإثنين الأسود على جولدا مائير فوجدها منكسة الرأس على مكتبها فقال لها :
( جولدا .. لقد أخطأت في كل شيئ .. إننى أنتظر كارثة وسوف نضطر إلى الإنسحاب من الجولان حتى الحافة ومن سيناء حتى خط المضايق حيث نحارب حتى آخر طلقة ) [3]

وهكذا وفى الأيام الثلاث الأولى من القتال كانت قوات الجيشين الثانى والثالث الميدانيين قد أتما عبورهما بنجاح وتعمقا لمسافة 15 كيلومتر داخل سيناء وتمكنوا من صد جميع الهجمات المضادة التى تكبد فيها العدو خسائر قياسية مذهلة وفر هاربا من مواقعه تاركا عددا كبيرا من معداته ودباباته وأجهزة القيادة سليمة حيث لم يتمكن من تدميرها خلفه ,
فى نفس الوقت الذى استغلت فيه قواتنا الوقت لتأمين رءوس الكباري وتعميقها ثم توحيدها معا لتقع الأرض التى سيطرت عليها قواتنا تحت حبكة تامة وقدرة كاملة على الدفاع الثابت من مواقعها ,

فضلا على خسارة العدو الجزء الأكبر من قواته الجوية التى سقطت بفعل حائط الصواريخ ثم بالوحدات المتحركة للدفاع الجوى وخلال المعارك الجوية التى خسرها العدو جميعا أمام طائراتنا ,


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الكولونيل عساف ياجورى

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الأسير عساف ياجورى


أسرانـــــا
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


يتبع إن شاء الله




الهوامش :
[1]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق
[2]ـ حرب أكتوبر ( شهادات إسرائيلية ) ـ وجيه أبو ذكرى ـ مصدر سابق
[3]ـ حرب يوم الغفران ـ حاييم هرتزوج ـ وهى شهادة إسرائيلية من محلل إسرائيلي بارز

قديم 10-10-2010, 08:52 PM
المشاركة 19
احمد ابوزيد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السّلام عليكم

تحيةً وتقديراً لرجالنا في تلك الحرب ومن خططوا وحضّروا لها بكل الصور
ولإخواننا العرب ومشاركتهم المباشرة بما صنعوه معنا

تحية لأبي رحمهُ الله بما شارك به في تلك الحرب
ولعمي رحمهُ الله الذي لم يمرّ على زواجه سوى أيام الذي توفى في تلك الحرب في يوم الثالث والعشرون من أكتوبر بعدما عُقد مع العدو في اليوم الحادي والعشرون من أكتوبر إتفاق بوقف إطلاق النار وقامت إسرائيل بغدرها كعادتها وقامت بالقصف في اليوم التالي ليتوفى سبعة جنود من أصل ثمانية كانوا داخل دُشمةٍ واحدةٍ في جبل عتاقه

ولم تعلم أسرة أبي إلا بعد الحرب بثلاثة أشهر عندما ذهب أبي إلى قائد الكتيبة وأخبرهُ أنّهم ضُبّاط مثل بعضهم وكنتُ معرضاً مثلك للإستشهاد فأخبرني ماحدث
فأخبرهُ الضابط أنه توفى مع زُملاءه وهم داخل تلك الدُشمة وهم الوحيدون الذين توفوا من جراء هذا القذف الغادر في كتيبتة
وكانت آخر مرة رآه أبي في زيارةِ لهُ في اليوم الأول من رمضان قبيل الحرب بخمسة أيام وهم صائمون بعدما طلب من قائده فأمر بإخراج سيارة لتوصله
رزقنا الله الشهادة

أستاذي الفاضل محمد جاد الزغبي
تحية وتقديراً بما قدمته من أحداث لم أقرأ عنها من قبل وبمجهود وافرٍٍ قرأته كاملاً حتى مشاركات ما سبق قبل اليوم
متابعاً لما قُمتَ بنشره اليوم وما يليه إن شاء الله

كنتُ قد شاهدت من قبل حلقات برنامج شاهد على العصر لأحمد منصور مع الفريق سعد الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة في تلك الفترة والعقل المدبر لتلك الحرب وتحدث فيها عن ماحدث في الحرب ببعض من التفاصيل المختصرة
ومعارضته للسادات ببعض الأشياء تخطيطياً لتلك الحرب وماحدث من ثغرة وكان من الممكن أن تخرج الحرب بصورة أفضل من ذلك بكثير (هذا من وجهة نظرهُ)

آملاً أن تضع توضيحاً لتلك الفترة من تلك الضربة الغادرة (إن لم يكن تم ذكرها آنفاً بما تم إضافته اليوم) وما تلاها من ثغرة

وجزاكم الله خيراً وجعل ماتقدمهُ خالصاً لوجه الله تعالى
إحترامي وتقديري أستاذي الفاضل

قديم 10-11-2010, 03:29 PM
المشاركة 20
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

أهلا بك أخى الكريم أحمد أبو زيد ,
وتحية لشهدائنا جميعا وكل مقاتلينا ممن شاركوا في هذه الحرب
وهنيئا لوالدك رحمه الله وعمك , أسأل الله أن يتقبلهما مع أبي وبقية أفراد عائلتنا المشاركين وكل من ساهم بها في زمرة الشهداء والصديقين ,
وقد تم اتخاذ قرار وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر لكن إسرائيل استمرت في انتهاكه طيلة ثلاثة أيام وهى الحادثة التي استشهد فيها بعض جنودنا وكان عمك من بينهم , وانتهى القتال فعليا في 25 أكتوبر ,

أما ما سألت عنه من قصة الثغرة والتى تحدث فيها الفريق الشاذلى ,
فبداية أريد أن أصحح لك عدة معلومات وأولها قولك أن الشاذلى هو الرأس المدبر للخطة وهذا غير صحيح فتخطيط الحرب قامت به مجموعة القيادات كاملة وساهم كل منهم بنصيب مساو لجميع الأطراف تقريبا ,
والذي يستحق فعليا لقب العقل المدبر هو اللواء محمد عبد الغنى الجمسي مدير هيئة العمليات وقت حرب أكتوبر حيث كانت هيئة العمليات هى جهة التخطيط النهائي والموكل لها تنفيذ بنود الخطة كاملة ,
وبلا شك كان للشاذلى مثل غيره دور بارز للغاية في القتال باعتبار أن الشاذلى كان رئيسا للأركان وهو المنصب الرئيسي في وزارة الدفاع ,
لكن الشاذلى أخطأ في موضوع معالجة الثغرة وهوالأمر الذى اختلف فيه مع وزير الدفاع أحمد إسماعيل ومع السادات فيما بعد حيث كان الشاذلى يري ضرورة سحب عدة ألوية مدرعة من الشرق إلى الغرب بعد عبورها لمعالجة الثغرة ,
وهو الأمر الذى عارضه وزير الدفاع بشدة واتفق معه السادات حيث أن سحب أى قوة من القوات التي عبرت واستقرت في الشرق تحت أى سبب كان سيتسبب في قلق وانهيار للروح المعنوية للمقاتلين وهو آخر أمر يمكن أن تحتمله القوات الناجحة لا سيما وأن الثغرة لم تكن بهذا الخطر الذى يحتاج مثل هذا الإجراء

وبالنسبة لقصة الثغرة وما قيل حولها فكل ما انتشر عنها من أنها كانت خدعة وقعت فيها القوات المصرية فهو أمر غير صحيح بالمرة ,
والأهم من ذلك أن إسرائيل لم تنجح في الثغرة أصلا ولم تستطع تحقيق أى هدف من أهداف تلك المعركة وهو قطع طريق مصر ـ الإسماعيلية الصحراوى أو احتلال مدينة الإسماعيلية
وفشلت في كلا الهدفين ,
أى أن إسرائيل خسرت معركة الثغرة وفق ما تشهد به كل المصادر العسكرية المتاحة وأولها شهادات أركان حرب الجيش الإسرائيلي نفسه ,
وشهادتهم تغنى عن أى شرح حيث أجمعت مصادرهم على خسارتهم الجسيمة في الأفراد والمعدات أمام مواجهات الجيش المصري في الثغرة فضلا على فشلها في تحقيق الهدف من العملية أمام صمود الجانب المصري

والأمر الغريب حقا أن إشاعة إنتصار إسرائيل في الثغرة منتشرة للغاية وليس لها أى مصدر معتمد سواء من الجانب المصري أو الإسرائيلي نفسه ,
فضلا على أن واقع الأحداث بعد وقف إطلاق النار يؤكد فشل إسرائيل بالثغرة بعد أن تم فك الإشتباك والفصل بين القوات بعد أن نجحت القوات المصرية في تطويق فرقة شارون تماما من كل الجهات واستعدت لتصفيتها تماما بالشكل الذى كان سيسبب خسارة فادحة بقوة فرقة كاملة ,
وهو الأمر الذى تفادته إسرائيل بقبول وقف إطلاق النار في أماكن وقوف القوات ,
وعندما حدثت المفاوضات لم تستطع إسرائيل الإستفادة سياسيا من هذا الإختراق بعد أن تم حصار قواتها في غرب القناة وأصبحت القوات المهاجمة في حاجة للإنقاذ ,
ولو كانت إسرائيل نجحت في تحقيق أى نجاح بالثغرة لقامت باستثماره ومساومة مصر عليه وهو ما لم يحدث وانسحبت إسرائيل ـ لأول مرة في تاريخها ـ من كل سيناء دون أن تستطيع أن تحتفظ بشبر واحد ,
فلو كانت إسرائيل نجحت فأين موضع النجاح على الأرض
وعامة سأتعرض لقصة الثغرة بالتفصيل في فصل مستقل قادم بإذن الله مزودا بسائر مصادره من الجانبين
,

فالمشكلة الحقيقية هى قلة المطالعة والقراءة والبحث والذي يتسبب في تشويه هذه الوقائع
لا سيما وهناك العديد من المحاولات التي تم بذلها من أطراف متعددة لتقليص حجم هذا الإنجاز العربي الكبير الذى خرج بوحدة حقيقية بين الدول العربية لأول مرة , وآخر مرة منذ انتهائها مع الأسف
وقد ساعد شباب المثقفين هذه الجهات دون أن يدركوا عندما تضاءلت العزائم للمطالعة وبذل الجهد في القراءة والتحليل واستقراء الوثائق من مصادرها الأصلية رغم توافرها بكثرة كاثرة !
ولما عجز المغيبون عن تشويه صورة تجربة أكتوبر في ظل الإعترافات المدوية التي تنهال كل عام مع موعد ذكرى أكتوبر عبر سبعة وثلاثين عاما من الجهات الغربية والإسرائيلية حاملة معها أسرار هذا الإنتصار الباهر
لجئوا للأسلوب الأفضل وهو التجهيل ومحاولة دفع ذكرى أكتوبر إلى غياهب النسيان كما فعلوا مع سائر الإنجازات التي حققتها الحضارة الإسلامية ونجحوا في فصل أجيالنا المعاصرة عن تاريخها
وفى ظل هذا التجاهل العربي وقلة المشروعات البحثية التي كان متوقعا أن تنصب في تجربة أكتوبر وجدنا أن الغرب أشد منا تذكرا لهذه الحرب بعد أن تتابعت المؤلفات والبحوث والوثائق كل عام بالعشرات وأفردت المعاهد العسكرية الغربية صفحاتها لدراسة وقائع تلك الحرب المجيدة أضعاف أضعاف ما بذله العرب أصحاب الإنتصار ,
فكيف لم يستطع العدو والغرب بأكمله نسيان هذا الإنتصار العربي بينما نحن أصحابه عاملناه بمجرد التذكر العام دون دراسة للدروس المستفادة منه

وقبل أيام وأثناء الإحتفال بعيد أكتوبر لهذا العام وقف نتنياهو ليعيد تذكر هزيمة إسرائيل في أكتوبر وأفردت كبريات الصحف الإسرائيلية تحقيقات مطولة تدعو لاستمرار دراسة هذه الحرب رغم الكم الهائل الذى تم تقديمه طيلة سبعة وثلاثين عاما مضت عليه ,
وجاء جريدة يديعوت أحرنوت لتذكر الإسرائيليين أن دولتهم تهدد وجودها فعليا أثناء الحرب , وتدعوهم لعدم النسيان !
http://www.sheemapress.com/more.php?id=32701&sub=6

فأين نحن من هذا ,
وأين أقلام شباب المثقفين والباحثين والدارسين ؟!
ففي الوقت الذى يمكن فيه لأى إسرائيلي من عامة الإسرائيليين أن يشرح لأى سائل تفاصيل عمليات القتال خلال حرب أكتوبر ,
نجد بين مثقفينا من يعجز عن تذكر خمسة مصادر فقط من الكتب التي تناولت هذه الحرب
يعجزون عن تذكر أسمائها فحسب فضلا على المبادرة إلى قرائتها ,
وهذا والله عين الخذلان والتنكر لصنيع هؤلاء الأبطال الذين صاغوا هذه المنظومة العظيمة ,
فأين الشباب العربي المثقف صاحب الموهبة من إحياء هذه الذكرى واستلهام الماضي لمحاولة معالجة الواقع وطرح أفكار للمستقبل في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها أمتنا ؟!
وأين مثقفو مصر وسوريا الذين ضحى آباؤهم وأجدادهم بدمائهم في سيناء والجولان وهزوا عروش الدولة الصهيونية والإمبراطورية الأمريكية بأقل الإمكانيات المتوافرة لديهم ؟!
أين وفاءكم لذكرى آبائكم وشهدائكم ؟!
بل أين وفاؤكم لدينكم الذين أنزله الله تعالى بمعيارين للحضارة لا ثالث لهما
العلم والجهاد ,
فكانت أول آيات القرآن الكريم ( إقرأ ... )
وكانت أول سور الفصل بين الكفر والإيمان هى سورة الجهاد .. سورة براءة ,
وقد أدى المجاهدون دورهم دون أن ينتظروا حمدا أو شكرا ,
فأين واجبنا في رد جميلهم بحسن التذكر والعبرة والتمنى والتحفيز لتكرار إنجازاتهم التي صنعوها بأيديهم العارية ؟!
أين واجبكم يا حملة الأقلام ورعاة تربية الرأى العام ؟!
أليس من العار أن يتذكر العدو المهزوم هزيمته بإستمرار طيلة سبعة وثلاثين عاما ويصرف الجهد لدراستها , بينما نكتفي نحن بالتطبيل والتهليل دون محاولة لدراسة عميقة تقوم بها الأجيال الجديدة في ضوء الحقائق التي تتكشف يوما بعد يوم ؟!

كل التقدير لمتابعتك أخى الكريم أحمد
وأتمنى من أعماقي أن أوفق فى إجابة تساؤلاتك بما يكفي
مع شكرى الجزيل لثقتك






مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حدائق الايمان فى حرب رمضان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حدائق بابل المعلقة أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 10-10-2015 08:37 PM
ll~ زهُورٌ مِن حدائق ِ الفـَـصيح ِ .. أمل محمد المقهى 25 12-30-2014 01:56 PM
فردريك نيتشه .. بين الايمان والالحاد فارس كمال محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 5 05-03-2014 09:43 PM
في حدائق حبك منى شوقى غنيم منبر البوح الهادئ 5 10-01-2011 02:17 PM

الساعة الآن 09:05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.