احصائيات

الردود
14

المشاهدات
6304
 
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية

محمد الشرادي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
155

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2014

الاقامة

رقم العضوية
13134
09-13-2014, 03:25 PM
المشاركة 1
09-13-2014, 03:25 PM
المشاركة 1
افتراضي أيقونة من رخام بارد
أيقونة من رخام بارد

عندما يعبق الزقاق برائحة المسك، يدرك الجميع أن هاجر عائدة من عملها،لتملأ المكان بهجة و بهاء.تجحظ أعين التجار في جوف دكاكينهم، و الصناع في رحم ورشاتهم، و رواد المقاهي الذين يحتلون قارعة الشيطان،تنتصب أعينهم على طول الطريق آلات تصوير ترصد تضاريس الجسم الندي لهاجر في أدق تفاصيله، و تتماهى مع حركاته التي تقطر لذة، و شهوة.ثم يرخون العنان لمخيلاتهم و لألسنتهم ... لينعتوها بأسماء كل ربات الجمال، و لأن الجبة التي تتناغم مع روعة أردافها، تكشف عن ساقين رشيقتين كانهما من قوارير،أجمع معظم – شيوخ النظر – على أنها بلقيس و هي تدخل صرح سليمان.
صابر زوج هاجر، اشتهر لدى عامة الناس بالتواضع، و دماثة الأخلاق، حتى أن هاجر لا تكف عن تذكيره بأنها تحبه حتى الموت، لكنها تهيم أكثر بروحه النقية الصافية.
كلما عبر صابر الزقاق، كانت عيناه تنظران إلى الأرض، كمن يبحث عن شيء مفقود، و لا يرفع رأسه إلا لأداء تحية، أو رد سلام. سكان الحي يحسون نحوه بشعور غامض، هو مزيج من التبجيل، و الحسد،لأنه الوحيد من بين كل الرجال في المدينة برمتها يستطيع أن يقول "أنا أتزوج امرأة حقيقية"
رغم الجمال الذي ينضح به جسم هاجر. يبدو أن عطبا ما يسكن هذه الفتنة المتحركة. حين تمر أمامك تبدو مهزوزة الدواخل، و لا تتمتع بأي ثقة في النفس. و تعلو وجهها كآبة مزمنة. تتحاشى ما استطاعت نظرات الناس، و الاختلاط بهم، حتى لا يجرح كبرياءها كلام طائش.تزعزع في قلبها الإيمان بأنوثتها. مرات عديدة وقفت أمام المرآة عارية، لترى نفسها خارج نفسها، و عندما تتيقن من بهائها، تتساءل:
- كيف لهذا الجسد الذي يفيض جمالا، أن يكون عاجزا على أن يهب الحياة؟
تبادرها المرأة في المرآة قائلة:
- لست خجولة حين أصارحك بحقيقتك،أنت مجرد وهم... بيداء قاحلة... طاووس لا يليق إلا للزينة.أنت خيمة بدون أوتاد، سرعان ما ستطوح بك رياح الرغبة الدفينة في أعماق صابر. و في أحسن الأحوال ستكونين الخيمة الثانية،بعد خيمة جديدة تعرف كيف تصنع أوتادها.و زوجك يريد أرضا خصبة يحرثها فتنبت الزرع.
تحاول هاجر أن تظهر بمظهر مخالف لما يختلج في أعماقها، و ترد على المرآة.
- يعيش صابر معي سعادة لا توصف، و أمنحه متعة لا يطالها الكثير من الرجال، و أنا متيقنة...
قاطعتها امرأة المرآة :
- أجل تحملين و جها يفتن، و تمتلكين جسدا جبارا، يشعر صابر بالضعف أمام بديع صنعه، لكنك مجرد أيقونة من رخام بارد، مظهرها جميل، و باطنها ميت...انظري إلى عيني صابر حيث يعشش حزن أزلي، و يعيش تمزقا حادا بين حبه الكبير لك، و رغبته في ذرية تمنحه لقب الأب...الرجل لا يحب المرأة الخلاقة فحسب، بل يحب أيضا البقرة الولود.
تلفح خدودها المتوردة دموع مالحة حارة، لتجهش بعد ذلك ببكاء مر، ثم ما تلبث أن تستجمع قواها، و على المرآة تقبل عينيها المليحتين،سلاح الدمار الشامل في هذا الكيان الباهر.نظرة واحدة منهما في اتجاه صابر تجعله ينهار كليا، و يخر على ركبتيه أمامها ، و يقبل يديها الناعمتين.
يعذبها تحمل صابر. يداري رغبته بلباقته المعهودة، ويتفانى في حبها حتى لا يشعرها بأي نقص. لكن هيهات أن تخفى على عينين باهرتين تلك المعاناة الخرساء. تربت في أعماقها عقدة ذنب اتجاهه. جعلتها مدمنة على العلاج لعل المعجزة تحدت ، و تسعد زوجها المثالي.
ذات مساء ربيعي ، وهي في وكر من أوكار الشعوذة،تجلس أمام "شوافتها" المفضلة،التي شجعتها على التشبث بجذوة الأمل، مهما كانت باهتة. جعلتها تعتقد أن هذا الجسد الإلهي، لا يمكن أن يكون قفرا.إنه بركان نائم ليس إلا،عاجلا أو آجلا ستتحرك بأحشائه حمم عاطفة الأمومة، وتنفجر في فناء البيت ذرية.و لأن وصفاتها السحرية المليئة بالعقاقير العجيبة لا بد أن تؤتي أكلها، سيما و أن "الشوافة" جربتها- أو هكذا أوهمتها - مع نساء كثيرات، و أعطت نتائج مضمونة.
في ذلك اليوم الربيعي،و بعد أيام طويلة من العلاج، أمرتها لأول مرة أن تخلع ملابسها كاملة، و تتمدد على سرير البركة!!إنه يوم التشخيص النهائي، و إعلان النتائج. بعد همهمات، وغمغمات، و تراتيل غير مفهومة، و أبخرة غمرت الغرفة بروائحها، ودخانها، أطلقت " الشوافة" زغرودة قوية.ربتت على كتف هاجر.هنأتها بتحقق حلمها، و سألتها بثقة بالغة عن جنس الجنين الذي ترغب فيه. ردت هاجر بعينين تفيضان فرحا:
- أرغب في أن يكون الجنين بنتا رائعة الجمال.
اندهشت "الشوافة" لكلامها، و قرصت شحمة أذنها قائلة:
- يا لك من ساذجة!تثبيت الخيمة يحتاج إلى وتد كامل.
لم تعر هاجر أي اهتمام لكلامها...لبست ملابسها بسرعة... وانطلقت كالسهم في اتجاه منزلها...لم تشعر كيف عبرت الزقاق، و لا كيف أصبحت في فناء البيت، وجها لوجه مع صابر. أخبرته بالحدث الهام في حياتهما. انهار على الأريكة ...صبت عليه ماء باردا...استفاق من غيبوبته...عانقها عناقا قويا...و ضعت خدها على خده، و انخرطا في بكاء طويل...
وقفت أمام صابر... ماذا تفعل؟ أترقص؟ أتغني؟ أتزغرد؟أتفتح النافذة و تصيح بأعلى صوتها لتخبر العالم بحملها؟
لا تدري.أمعنت النظر في زوجها ثانية...انقضت عليه...ضمته إلى صدرها...أحست هذه المرة بحرارة جسده. كانت دائما تجده مقرورا، كجرم جفته الشمس، و الحرارة.وضعت رأسها على كتفه:
- ياه يا صابر، كنت أحس بك تداري دموعك. كم عذبتني بنظراتك الحزينة. تمنيت مرات لو أن" ميدوسا" أعارتك عينيها،و حولتني إلى تمثال من صخر فأرتاح و تستريح.
يقبلها صابر من أرنبة أنفها الشامخة، و يهتف:
- ليتك يا هاجر كنت قادرة على التحول إلى صابر، حتى تقفي بنفسك على مقدار حبي لك. أطفال الدنيا، الذين يعيشون الآن، و الذين ماتوا، و الذي سيخلقون على مر السنين ،لا يساوون عندي شعرة في مفرق رأسك. تكفيني قبلة من ثغرك الريان...تكفيني بسمة ...نظرة... فأكون لك زوجا ...أخا...و عبدا طول العمر.
ضمته إلى صدرها بكل ما أوتيت من قوة. مسحت الدموع من مقلتيها الآلقتين، و هي تحدث نفسها ( انتهى وقت القلق،و الإحساس بالضعف. ازداد وجودي رسوخا في قلب صابر بعد أن نجح بطني في إنبات أول الأوتاد، و البقية لا شك ستأتي. علي أن أرفع رأسي، و أنظر إلى الجميع بفخر. علي أن أمزق خيوط الكآبة التي نسجت في أعماقي مستوطنات شاسعة من الوجع. الكآبة خطر على الجنين. لا بد أن أغرق نفسي في بحر من السعادة. أريد لفاكهة عمري أن تستقبل الحياة ببسمة،و ليس بصرخة)
استبدت بصابر رغبة جامحة في الخروج. تجول في الزقاق، و رأسه مرفوع. ينظر إلى وجوه، لأول مرة، يمعن النظر في قسماتها. يوزع التحيات، والابتسامات على الجميع بسخاء كبير.صبيان الحي كفراشات خرجت للتو من شرنقاتها تحف به...تهنئه، و يرمي لها بحبات الحلوى التي يخرجها من جيبه.
أرادت هاجر أن تتفرج على زوجها و هو يتلقى التهاني.مدت يدها لتفتح النافذة...سقطت من سريرها...ارتطمت مع الأرض بقوة. أنعشت السقطة دماغها. تذكرت أن صابر مسافر إلى العاصمة لإحضار التحليلات،و الفحوصات الطبية، التي أجرتها،و لم تكن لها الجرأة الكافية للذهاب في طلبها.أغلقت النافذة،و هي تردد:
- ليت صابرا يأتيني بخبر يثلج صدري.


قديم 09-13-2014, 06:32 PM
المشاركة 2
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحلم
الانكسار
الجمال المبتور
الشعوذة
الأمل الذي يشرق ويغرب
لحظة الحقيقة
يا الله
الاستاذ القاص والرائع محمد الشرادي
رسمت فابدعت
وقصصت فأثرت الاندهاش
ونبض المتابة
ثم كانت الومضة في النهاية
على وقع الحقيقة
مفاجأة
لمن حاول أن يضع معك النهاية
دمت مبدعا ومتألقا
مع تقديري

قديم 09-19-2014, 10:24 PM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ محمد الشرادي

نص خصوبته عالية ، يستحق بريق النجمات .
أحببت في النص صوره البديعة ، و صياغته المتميزة .

دمت مبدعا .

قديم 09-20-2014, 01:14 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حتما هي لغة سردية عبقرية . من يقرا النص كانه يقرا الف نص ، ففي بعض الكلمات استحضار لحكايا بلقيس وهاجر وهي غنية بعبق التاريخ، وكلمات اخرى توحى بالكثير مثل اسم بطل القصة - صابر- .

لحظة الانقلاب مدوية لان الصياغية السردية حتى لحظة الانقلاب لا تشي بان الامر يتعلق بحلم حتى تسقط تلك البطلة على الارض فيسقط حلمها ويسقط آمل المتلقي بان يكون حلمها حقيقة لان القاص تمكن من سحر المتلقي وجعله يعتقد بان الشوافة ربما تمكنت فعلا من تغيير واقع تلك الاسرة التعيسة، لكن ذلك السقوط يترك أثرا مدويا على الرغم ان القاص يبقى الباب مواربا فلعل التحاليل تأتي بالخبر اليقين.

الوصف سحري. وحوار المرأة البطلة مع نفسها وهي تنظر الى قوامها عبر المرآة وهب النص حياة لم يكن جسد تلك المرأة قادر على ان يهب مثلها حسب تعبير القاص.

العجز عن الإنجاب على الرغم من الانوثة الطاغية تحول الي حالة صراع نفسي ورغبات مكبوتة فاصبح الحلم هو المتنفس. وقد نجح القاص في تصوير ذلك الصراع ببراعة .

شخصية المرأة في النص ديناميكية متطورة وقد جعلها القاص بطلة النص hero بينما جعل صابر شخص مستسلم لواقعه وصابر على نصيبه فهو بمثابة نقيض البطل anti hero.

طبعا النص يتمحور حول حبكة تساند فيه الاحداث بعضها بعضا وتتطور بشكل صاعد. وعلى الرغم من طول النص النسبي لكنه متين البناء فلا تراخي في بناء الجمل ولا حشو بل اجد بان الشد هو السمة المميزة للنص وتكاد تكون كل كلمة ضرورية في مكانها.

كذلك الادهاش وقد تمكن القاص من اضافة لمسة سحرية من خلال مشهد زيارة البطلة الي الشوافة . كما انني اجد بان القاص تمكن من تسخير النقائض لإغناء النص وجعله بالغ الأثر على ذهن المتلقي. ومثال ذلك أنثى بالغة الجمال والأنوثة لكنها باردة كايقونة .

في تقديري اجده نص ناجح ويؤشر على ان مبدعه متمكن من ادواته السردية وقادر على التعبير عن الفكرة بسحرية وجمال ووصف وشد وادهاش وقد احسن اذ ترك النهاية مفتوحة وترك بصيص من الأمل بان تقع المعجزة المنتظرة .

اتصور ان النص ينتمي الي نمط الواقعية السحرية ولو ان فيه الكثير من علم النفس وتحليل تفكيكي له سيظهر مزيد من عناصر التأثير والجمال حتما .

ارحب بالأستاذ محمد الشرادي واحب ان اقرأ له باستمرار هنا .

*

قديم 09-20-2014, 02:33 PM
المشاركة 5
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
رائع النص
كما عودتنا الاستاذ محمد الشرادي..
عوفيت ...
مودتي وتقديري.

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 09-20-2014, 10:42 PM
المشاركة 6
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الحلم
الانكسار
الجمال المبتور
الشعوذة
الأمل الذي يشرق ويغرب
لحظة الحقيقة
يا الله
الاستاذ القاص والرائع محمد الشرادي
رسمت فابدعت
وقصصت فأثرت الاندهاش
ونبض المتابة
ثم كانت الومضة في النهاية
على وقع الحقيقة
مفاجأة
لمن حاول أن يضع معك النهاية
دمت مبدعا ومتألقا
مع تقديري
أهلا أستاذ حسام
شكرا على مرورك الجميل. و تحفيزك الذي أثلج صدري.
تحياتي

قديم 09-20-2014, 10:43 PM
المشاركة 7
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ محمد الشرادي

نص خصوبته عالية ، يستحق بريق النجمات .
أحببت في النص صوره البديعة ، و صياغته المتميزة .

دمت مبدعا .
أهلا أستاذ ياسر
شكرا أخي على مرورك البهي.
لك أطيب التحيات

قديم 09-23-2014, 04:03 PM
المشاركة 8
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
حتما هي لغة سردية عبقرية . من يقرا النص كانه يقرا الف نص ، ففي بعض الكلمات استحضار لحكايا بلقيس وهاجر وهي غنية بعبق التاريخ، وكلمات اخرى توحى بالكثير مثل اسم بطل القصة - صابر- .

لحظة الانقلاب مدوية لان الصياغية السردية حتى لحظة الانقلاب لا تشي بان الامر يتعلق بحلم حتى تسقط تلك البطلة على الارض فيسقط حلمها ويسقط آمل المتلقي بان يكون حلمها حقيقة لان القاص تمكن من سحر المتلقي وجعله يعتقد بان الشوافة ربما تمكنت فعلا من تغيير واقع تلك الاسرة التعيسة، لكن ذلك السقوط يترك أثرا مدويا على الرغم ان القاص يبقى الباب مواربا فلعل التحاليل تأتي بالخبر اليقين.

الوصف سحري. وحوار المرأة البطلة مع نفسها وهي تنظر الى قوامها عبر المرآة وهب النص حياة لم يكن جسد تلك المرأة قادر على ان يهب مثلها حسب تعبير القاص.

العجز عن الإنجاب على الرغم من الانوثة الطاغية تحول الي حالة صراع نفسي ورغبات مكبوتة فاصبح الحلم هو المتنفس. وقد نجح القاص في تصوير ذلك الصراع ببراعة .

شخصية المرأة في النص ديناميكية متطورة وقد جعلها القاص بطلة النص hero بينما جعل صابر شخص مستسلم لواقعه وصابر على نصيبه فهو بمثابة نقيض البطل anti hero.

طبعا النص يتمحور حول حبكة تساند فيه الاحداث بعضها بعضا وتتطور بشكل صاعد. وعلى الرغم من طول النص النسبي لكنه متين البناء فلا تراخي في بناء الجمل ولا حشو بل اجد بان الشد هو السمة المميزة للنص وتكاد تكون كل كلمة ضرورية في مكانها.

كذلك الادهاش وقد تمكن القاص من اضافة لمسة سحرية من خلال مشهد زيارة البطلة الي الشوافة . كما انني اجد بان القاص تمكن من تسخير النقائض لإغناء النص وجعله بالغ الأثر على ذهن المتلقي. ومثال ذلك أنثى بالغة الجمال والأنوثة لكنها باردة كايقونة .

في تقديري اجده نص ناجح ويؤشر على ان مبدعه متمكن من ادواته السردية وقادر على التعبير عن الفكرة بسحرية وجمال ووصف وشد وادهاش وقد احسن اذ ترك النهاية مفتوحة وترك بصيص من الأمل بان تقع المعجزة المنتظرة .

اتصور ان النص ينتمي الي نمط الواقعية السحرية ولو ان فيه الكثير من علم النفس وتحليل تفكيكي له سيظهر مزيد من عناصر التأثير والجمال حتما .

ارحب بالأستاذ محمد الشرادي واحب ان اقرأ له باستمرار هنا .

*
أهلا اخي أيوب
لكل شخصية في النص مرجعيتها هاجر تشير إلى قصتها في القرآن الكريم، و صابر يحيل على صبره على زوجته رغم عقمها، و قليل من الرجال يستطيعون هذا الصبر.
كلما اعتقدنا أننا واحد أدركنا أننا في الحقيقة اثنان نعيش في جلد واحد. تارة نكون على وفاق و تارة أخرى نتصارع. و يتمظهر الصراع عبر المنولوج الذي كثيرا ما نجريه مع أنفسنا و كأننا نحدث شخصا آخر.
الشعوذة ملاذ كل من أحس بالضعف في لحظة من حياته، و مع كامل الأسف بات المشعوذون ملاذا للكثير من الناس. الذين فقدوا الثقة في العلم و وقعوا لقمة سائغة بين فكي الدجالين و هم دائما كاذبون و لو صدقوا.
حاولت سبر أغوار نفسية الشخصيتين في النص للوقوف على صراعاتهما الداخلية التي تتأجج رغم حرصهما على الظهور بأنهما زوج متناغم.
أشكرك أخي أيوب على مواكبة ما اكتب، كما أشكر لك هذه الإضاء التي أنارت قصتي المتواضعة.
تحياتي ايها الاجميل.

قديم 09-26-2014, 03:12 PM
المشاركة 9
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي شكرا
الأستاذ محمد تحيّة طيّبة وبعد
جمال هاجر الداخليّ وحبّها لزوجها ورغبتها العارمة في ترسيخ حبّه لها جمال لافت..وحالة القلق التي تعيشها من عدم الإنجاب بدت لي ذاتيّة أكثر ممّا هي موضوعيّة..فزوجها يقول لها:
"ليتك يا هاجر كنت قادرة على التحوّل إلى صابر، حتّى تقفي بنفسك على مقدار حبّي لك.
أطفال الدنيا، الذين يعيشون الآن، و الذين ماتوا، و الذين سيخلقون على مرّ السنين ،لا يساوون عندي شعرة في مفرق رأسك". ومع ذلك فهي تظنّ أنّها لن تكون كاملة إلّا بالإنجاب..فهل كلّ النساء كذلك ..؟ وهل مجرّد الإنجاب يجعل المرأة الولود تطمئن أكثر ممّن لاتنجب..؟ وماهو فضل المرأة فيه..؟ أليس من المغترض أنّ ذلك فضل من الله تعالى ..؟وهل نعلم نحن البشر أخير هو أم شرّ إلّا بعد زمن بعيد ..يتبيّن فيه إن كان الولد صالحاً أم لا.. نعمة أم نقمة ..؟
كلّ تلك الأسئلة تثيرها القصّة الغنيّة بالصور التي أرى أنّها تنتقد الكثير من الظواهر السلبيّة في السلوك البشريّ بطريقة ذكيّة ليس فيها مباشرة فمدّ الناس عيونهم إلى هاجر فيه نسيان للواجب ..من غضّ للبصر وتذكّر للعبر ..ونعمة الجمال قد لاتكون نعمة حقيقيّة وإن وجب شكرها.. في دار الابتلاء والامتحان..بل قد تكون نقمة.. وفي النصّ ظهرت هداية الله سبحانه لهذين الزوجين إلى أن يتفانيا في التحابّ والوفاء ويستزيدا من الإخلاص ..وها هما يأخذان بالأسباب من تحاليل طبيّة وغيرها..رغم أنّ الزوجة ضعيفة بقلقها وباحتمال أن يستمرّ هذا القلق إن كانت نتيجة التحاليل تنبي بأنّها هي العاقر..ولكن ماذا لو كان الزوج هو العقيم ..؟هذا الاحتمال يعطي للقصّة بعداً ساحراً ويجعل الأمور قابلة للانقلاب رأساً على عقب ..فأنت ياهاجر بجمالك الاستثنائي مقبولة عند زوجك في كلّ حال..وعدم رضاك عن عدم الإنجاب يجعلك قلقة وغير واثقة من شيء ما لاتوجد له بوادر عند الزوج فماذا لو تبيّن العكس وجاءت نتائج التحاليل قائلة :زوجك عقيم ..؟هل سيغدو غير جدير بك ياجميلة الجميلات ..؟
الجواب:يكفيك حبّه..وأنصحك بتصديقه ..لأنّ ماكشف عنه النصّ يكفي..وما سكت عنه واضح تماماً وهو يقول :ياهاجر ..إنّ الجمال هو جمال النفس ..فإذا اجتمع الجمالان ففضل من الله ومنّة ..وهناك لفتة جميلة في القصّة
هي في أنّ الذهاب إلى المشعوذة كان في الحلم ولم يكن حقيقيّاً الأمرالذي يزيد احترام من لايؤمنون بالشعوذة للبطلة التي سيزول جمالها الخارجيّ ذات يوم ولن يبقى إلّا جمال النفس الذي هو الأساس وهوما يستطيع المرء العمل عليه وتزكيته كلّ لحظة ..شكراً أخي محمد لرسمك الجميل لتلك الشخصيات ..جزاك الله خيرا..

وعذراً للإطالة..

قديم 10-05-2014, 04:24 AM
المشاركة 10
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
جوف دكاكينهم......رحم ورشاتهم ....قارعة الشيطان.
لم يكتف محمد الشرادي باسمه الكبير بتحريك مياه الذائقة الراكدة في داخلنا ,بل تعداه ليحرك سواكن المكان في قصته وأنسنتها بحرفية المتمرس الغائص السابر لعمق بحور الإحساس ,فجاءت لغته كما الرغيف الساخن الذي فاض له ريق المشتهي نضوجه وحلاوة المذاق .
لفتني هذا المونولوج الذي ساقه الاستاذ محمد الشرادي على لسان هاجر ,ولفتني فيه القدره على نضح بواطن الحالة النفسية المرافقة لألم نفسي استبد ببطلته ليعبر بنا منها إلى حالة الزوج الذي استطاع أن يثير تعاطفنا معه وبالوقت ذاته أن نثمن فيه هذا الإخلاص الذي أعفاه الأستاذ الشرادي من التصريح به ليأتينا على لسان هاجر فكان أكثر تأكيداً ويقيناً ..
في استدارة المشهد الكاملة وصحوة الحلم بتنا جميعاً نتلمس مكان أسرّتنا و استطاع ببراعة فائقة أن يوصل لنا رسالته ,بقليل من العناء وكثير دهشة ونردد خلفه كذب المنجمون ولوصدقوا ,وهذه قيمة أصرَّ علينا أن نتذوق طعمها ونذيقها من حولنا .....
حرف ترفع له ولصاحبه القبعة ....دام الإبداع أستاذ محمد الشرادي مع خالص التقدير

هبْني نقداً أهبك حرفاً

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أيقونة من رخام بارد
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ليل بارد منى الحريزي منبر القصص والروايات والمسرح . 14 02-03-2021 09:13 AM
مريم .. أيقونة العشق المهدر ! جليلة ماجد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 10 04-18-2015 11:42 AM
أيقونة صدى بسام العمر منبر قصيدة النثر 2 04-08-2014 04:59 PM

الساعة الآن 12:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.