قديم 09-25-2010, 01:16 AM
المشاركة 361
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبذلك يكون الشيخ رحمه الله قد تناول النقطة الثانية التي يتأكّد من خلالها إعجاز القرآن التأثيري في المؤمنين والكافرين به على حد سواء، وفي النقطة الثالثة يبرز الشيخ في بعض أسرار التأثير القرآني في الإنسان فيقول: ( إن القرآن يملك على الإنسان نفسه بالوسيلة الوحيدة التي تقهر تفوّقه في الجدل أي بتقديم الدليل المفحم لكلّ شبهة، وتسليط البرهان القاهر على كل حجّة، فالنكوص عن الإيمان بعد قراءة القرآن يكون كفراً عن تجاهل لا عن جهل ومن تقصير لا عن قصور، والجدل آفّة نفسيّة وعقليّة معاً، فالنشاط الذهنيّ للمجادل يمدّه حراك نفسي خفيّ، فلما يهدأ بسهولة.... ويستكمل الشيخ بيانه عن وسائل القرآن التي تسبّب التأثير في النفس الإنسانية فيقول: ( إن طبيعة هذا القرآن لا تلبث أن تعتبر برودة الإلف وطول المعرفة فتتعرى أمام النفوس، وتنسلخ من ثكلتها وتصنّعها، وتنزعج من ذهولها وركودها وتجد نفسها أمام الله – جل شأنه – يحيطها ويناقشها، ويعلمها ويؤدّبها فما تستطيع أمام صوت الحق المستعلن العميق إلّا أن تخشع وتصيخ.[45]
ثم يقول وكما قهر القرآن نوازع الجدل في الإنسان وسكن لجاجته، تغلب على مشاعر الملل فيه وأمدّه بنشاط لا ينفذ والجدل غير الملل، هذا تحرّك ذهني قد يجد الأوهام ويحوّلها إلى حقائق وهذا موات عاطفي قد يجمّد المشاعر فما تكاد تتأثّر بأخطر الحقائق وكثير من الناس يصلون في حياتهم العادية إلى هذه المنزلة من الركود العاطفي فنجد لديهم بروداً غريباً بإزاء المثيرات العاصفة، لا عن ثبات وجلادة بل عن موت قلوبهم وشلل حواسّهم، والقرآن الكريم في تحدّثه للنفس الإنسانية – حارب هذا الملل وأقصاه عنها إقصاء وعمل على تجديد حياتهم بين الحين والحين، حتى أنهم ليمكنها أن تستقبل في كل يوم ميلاداً جديداً ( وكذلك أنزلناه قرآناً عربيّاً وصرفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكراً ) [46] [47]
ومن وسائل القرآن التأثيرية: الترغيب والترهيب، حيث يقول الشيخ ( والشعور بالرغبة والرهبة والرقّة تعمرك وأنت تستمع إلى قصص الأولين والآخرين تروى بلسان الحق ثم يتبعها فيض من المواعظ والحكم والمغازي والعبر تقشعرّ منه الجلود [48].
ويتبيّن لنا أنّه تناول الإعجاز التأثيري من جوانب أربعة ولعلّ أهمّها جميعاً هو بيان ما في القرآن من وسائل تأثيريّة والتي أورد فيها تفصيلاً وتعليلاً لم نره عند كثير من السابقين.




~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:16 AM
المشاركة 362
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبذلك يكون الشيخ رحمه الله قد تناول النقطة الثانية التي يتأكّد من خلالها إعجاز القرآن التأثيري في المؤمنين والكافرين به على حد سواء، وفي النقطة الثالثة يبرز الشيخ في بعض أسرار التأثير القرآني في الإنسان فيقول: ( إن القرآن يملك على الإنسان نفسه بالوسيلة الوحيدة التي تقهر تفوّقه في الجدل أي بتقديم الدليل المفحم لكلّ شبهة، وتسليط البرهان القاهر على كل حجّة، فالنكوص عن الإيمان بعد قراءة القرآن يكون كفراً عن تجاهل لا عن جهل ومن تقصير لا عن قصور، والجدل آفّة نفسيّة وعقليّة معاً، فالنشاط الذهنيّ للمجادل يمدّه حراك نفسي خفيّ، فلما يهدأ بسهولة.... ويستكمل الشيخ بيانه عن وسائل القرآن التي تسبّب التأثير في النفس الإنسانية فيقول: ( إن طبيعة هذا القرآن لا تلبث أن تعتبر برودة الإلف وطول المعرفة فتتعرى أمام النفوس، وتنسلخ من ثكلتها وتصنّعها، وتنزعج من ذهولها وركودها وتجد نفسها أمام الله – جل شأنه – يحيطها ويناقشها، ويعلمها ويؤدّبها فما تستطيع أمام صوت الحق المستعلن العميق إلّا أن تخشع وتصيخ.[45]
ثم يقول وكما قهر القرآن نوازع الجدل في الإنسان وسكن لجاجته، تغلب على مشاعر الملل فيه وأمدّه بنشاط لا ينفذ والجدل غير الملل، هذا تحرّك ذهني قد يجد الأوهام ويحوّلها إلى حقائق وهذا موات عاطفي قد يجمّد المشاعر فما تكاد تتأثّر بأخطر الحقائق وكثير من الناس يصلون في حياتهم العادية إلى هذه المنزلة من الركود العاطفي فنجد لديهم بروداً غريباً بإزاء المثيرات العاصفة، لا عن ثبات وجلادة بل عن موت قلوبهم وشلل حواسّهم، والقرآن الكريم في تحدّثه للنفس الإنسانية – حارب هذا الملل وأقصاه عنها إقصاء وعمل على تجديد حياتهم بين الحين والحين، حتى أنهم ليمكنها أن تستقبل في كل يوم ميلاداً جديداً ( وكذلك أنزلناه قرآناً عربيّاً وصرفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكراً ) [46] [47]
ومن وسائل القرآن التأثيرية: الترغيب والترهيب، حيث يقول الشيخ ( والشعور بالرغبة والرهبة والرقّة تعمرك وأنت تستمع إلى قصص الأولين والآخرين تروى بلسان الحق ثم يتبعها فيض من المواعظ والحكم والمغازي والعبر تقشعرّ منه الجلود [48].
ويتبيّن لنا أنّه تناول الإعجاز التأثيري من جوانب أربعة ولعلّ أهمّها جميعاً هو بيان ما في القرآن من وسائل تأثيريّة والتي أورد فيها تفصيلاً وتعليلاً لم نره عند كثير من السابقين.


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:18 AM
المشاركة 363
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سيد قطب ورأيه من تأثير القرآن الكريم:
يقول الشهيد قطب عن تأثير القرآن الكريم ( إن في هذا القرآن، سراً يشعر به كل من يواجه نصوصه ابتداء، قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز فيها.
إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا القرآن، يشعر أن هنالك شيئاً ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير، وأن هناك عنصراً ما ينسكب في الحسن بمجرد الاستماع لهذا القرآن يدركه بعض الناس واضحاً، ويدركه بعض الناس غامضاً ولكنه على كل حال موجود هذا العنصر الذي ينسكب في الحس يصعب تحديد مصدره:
أهو العبارة ذاتها ؟ أهو المعنى الكامن فيها ؟ أهو الصور والظلال التي تشعّها ؟ أهو الإيقاع القرآني الخاص المتميّز من إيقاع سائر القول المصوغ من اللّغة ؟
أهي هذه العناصر كلها مجتمعة ؟ أم إنها هي وشيء آخر وراءها غير محدود ؟
ذلك سر مودع في كلّ نصّ قرآنيّ، يشعر به كل من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداء ثم تأتي وراءه الأسرار المدركة بالتدبّر والنّظر والتّفكير في بناء القرآن كله )[49]
إن سرّ تأثير القرآن في النفس البشرية فيه كله، فكلّ جوانب العظمة والسموّ فيه، ألفاظه ومعانيه، وصوره، وظلاله، وإيقاعه، وأسلوبه، وشيء آخر بالإضافة إلى كلّ ذلك.
ويقول رحمه الله للقرآن تأثير عجيب على النفوس وسلطان قويّ على القلوب: ( ويبقى وراء ذلك السرّ المعجز في هذا الكتاب العزيز، يبقى ذلك السلطان الذي له على الفطرة متى خلي بينه وبينها لحظة – وحتى الذين رانت على قلوبهم الحجب وثقل فوقها الركام تنتفض قلوبهم أحياناً وتتململ، وتحت وطأة هذا السلطان وهم يستمعون إلى هذا القرآن.
إن الذين يقولون كثيرون، وقد يقولون كلاماً يحتوي على مبادئ ومذاهب وأفكار واتجاهات، ولكن هذا القرآن ينفرد في إيقاعاته على فطرة البشر وقلوبهم فيما يقول: ( إنّه قاهر غلّاب بذلك السلطان الغلّاب )[50]
إن للقرآن سرّاً خاصّاً على النفوس حتى يبلغ أن يؤثّر بتلاوته المجرّدة على الذين لا يعرفون العربية، وعلى العوام الذين يسمعون إلى تلاوته لا يطرق عقولهم منه شيء، لكن يطرق قلوبهم إيقاعه ويظهر على ملامحهم سره، إن كل آية وكل سورة تنبض بالعنصر المستكن العجيب المعجز في هذا القرآن، وتشي بالقوّة الخفيّة المودعة في هذا الكلام، وإن الكيان الإنساني ليهتزّ ويرتجف ولا يملك التماسك أمام هذا القرآن كلّما تفتّح القلب، وصفى الحسّ، وارتفع الإدراك، وارتقت حساسيّة التّلقّي والاستجابة، وإنّ هذه الظّاهرة لتزداد وضوحاً كلّما اتّسعت ثقافة الإنسان.[51]
ولذلك نرى سيّد قطب رحمه الله تعالى قد تناول الإعجاز التأثيري حيث بيّن ما للقرآن الكريم من وسائل وقوّة تأثيريّة كبيرة على النفوس المؤمنة وغير المؤمنة.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:18 AM
المشاركة 364
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المبحث الثالث
الإعجاز التأثيري من خلال الآيات القرآنية وبعض المواقف من السيرة النبوية:
إن تأثير القرآن الكريم في القلوب قد بلغ مبلغاً عظيماً لم يعرف قبله ولا بعده كلام قط، إذ تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم روعة وخشية وتعتريهم هيبة وتهيمن عليهم عظمته، ونرى آثاره على الجاحدين أبلغ وأظهر، إذ يقرّعهم عن ضلالهم ويقيم عليهم حججاً لا معقّب لها فيستثقلون سماعه ويتولّون عنه بنفور مدبرين كما أخبر الله تعالى عنهم { ولقد صرّفنا في هذا القرآن ليذّكروا وما يزيدهم إلّا نفوراً }[52]. وقال أيضاً: { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً }.[53]
وإن الإقرار بالعجز أمام اختيار آيات قرآنية معيّنة مؤثّرة في النفس البشريّة دون سواها من آيات القرآن الكريم أمر لا يعدّ نقصاً في البحث أو الباحث، فقد يتأثّر بعضهم بآية تتحدّث عن القدرة الإلهيّة في الكون والحياة وقد يتأثّر الآخر بما ذكره الله في حياته من النعيم والجنان وما أعدّه الله للمؤمنين ويتأثّر الثالث بآية تتحدّث عن النّار والجحيم والسعير ويتأثّر رابع بالحقائق التاريخية الصادقة وخامس يتأثّر بالبلاغة المعجزة والكلمة الرقيقة وسادس يتأثّر بالأسس الشرعيّة المحكمة في مجال الحكم والأسرة والمجتمع وغير ذلك.
وهكذا فالقرآن لا يترك نفساً إلّا ويتحدّث معها عن ملكة من ملكاتها المتعددّة، سواء أكانت فكريّة عقليّة أم وجدانيّة عاطفيّة أم سياسيّة أم عسكريّة إلى غير ذلك، ويأخذ هذا التأثير أشكالاً متباينة أحياناً أو منسّقة أحياناً أخرى، فتأثّر المشركين والكافرين غالباً نفوراً وإعراضاً، أو إلقاء للحجج الواهية التي يقصدون بها التعجيز لقارئه أو النّيل من النّصّ القرآني نفسه كما نرى عند اليهود والمنافقين ومن شاكلهم.
ويظهر تأثّر المنافقين بالقرآن في صورة خوف وحذر وتربّص كذلك ؟
وأما مع المؤمنين: فيختلف مظهر التأثّر فكلّهم يرقّ قلبه، وينشرح صدره، وتفيض عيناه بالدّمع، دلالة على الاستسلام والإيمان، والعجز عن التعبير عما يجده في جوانحه مع حالة نفسيّة جديدة لا عهد له بها، ومن هنا تأتي صعوبة الانتقاء لآيات قرآنية أكثر تأثيراً دون سواها إذ يتوقّف ذلك على حالة المتلقّي – أيضاً – واستعدادته النفسيّة، وثقافته العلميّة ومذاقاته الوجدانيّة وما إلى ذلك.


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:19 AM
المشاركة 365
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مظاهر أثر القرآن الكريم على المؤمنين:
عندما نتتبّع أثر كلام الله تعالى – القرآن الكريم – فيمن سمعه وتدبّره من البشر فإننا نجد أنّ أوّل من يتأثّر بكلامه هم من تلقّوه، وكلّفهم الله ببلاغه للبشر وهم الأنبياء والرسل، ولذلك يقول الله تعالى بعد أن تحدّث عن بعض الأنبياء والرسل في سورة مريم: { أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذريّة آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذريّة إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سجّداً وبكيّاً }[54].
فهؤلاء إذا سمعوا كلام الله المتضمّن حججه ودلائله وبراهينه سجدوا لربّهم خضوعاً واستكانة حمداً وشكراً على ما هم فيه من النعم العظيمة والبكي جمع باك، فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود هاهنا اقتداء بهم وإثباتاً لمنوالهم، ولما قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه سورة مريم سجد وقال: ( وهذا السجود فأين البكيّ ) يريد البكاء[55].
وجاء في الظلال ( أولئك النبيّون ومعهم من هدى الله واجتبى من الصالحين من ذرّيتهم صفتهم البارزة ) إذا تتلى عليهم آياته، فال تسعفهم الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم من تأثّر، فتفيض عيونهم بالدموع ويخرّون سجّداً وبكيّاً )[56]
ويقول أبو السعود ( هنا بيان خشيتهم من الله تعالى وإخباتهم له مع مالهم من علو الرتبة وسمو الطبقة في شرف النسب وكمال النفس والزلف من الله عزّ سلطانه خرّوا ساجدين باكين )[57]
والسجود حركة ظاهريّة، تعبّر عن أعلى وصدق درجات الانقياد والاستسلام والتذلّل للمسجود له، وأما البكاء فهو تنفيس عن انفعالات داخليّة شديدة يعجز صاحبها عن التعبير عنها فتعبّر عيناه بالدمع، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّل المتأثّرين بالقرآن الكريم تأثّراً باطنياً وظاهرياً وكفى سلوكه شاهداً على ذلك وبرهاناً عليه.[58]

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:19 AM
المشاركة 366
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فقد روى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: (( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء – والأزيز: صوت الرعد وغليان القدر ))[59]
وما رواه الأئمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (( اقرأ عليّ )) فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا بلغت { فكيف إذا جئنا من كلّ أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً }[60] فنظرت إليه فإذا عيناه تدمعان ))[61].
والمواقف والمواضع التي تبرز تأثّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن كثيرة، بيد أن ذلك يعدّ أمراً لا غرابة فيه، ولا إعجازاً، إذ كيف لا يتأثّر الرسول صلى الله عليه وسلم - بالقرآن – وعليه أنزل وقد رأى الملائكة وعرج به إلى السماء وسمع صرير الأقلام، ورأى من آيات ربه ما رأى ؟ فتأثّره بالقرآن العظيم أمر لا يحتاج إلى دليل أو برهان، وكان صلى الله عليه وسلم يحرص أن يغرس في أتباعه من المسلمين التأثّر بالقرآن عند تلاوته فقد أمر المسلمين بالبكاء عند تلاوته، فإن لم يجدوا بكاء فليتباكوا(57) وامتثل المؤمنون لتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم - ففتحوا آذانهم وقلوبهم لآيات الله، لتعمل فيها عملها، تؤثر فيها ما شاء الله لها من تأثير، وحال بينهم وبين كل ما من شأنه أن يمنع قلوبهم من التأثّر بالقرآن ولنذكر بعض الآيات التي لها أثر كبير في التأثير في النفوس والّتي عبّرت عن ذلك الأثر وأظهرته.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:19 AM
المشاركة 367
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وجل في القلوب:
لقد حاز المؤمنون عند ربهم درجة عالية رقيقة لتأثّرهم بالقرآن الكريم، تأثّراً عمليّاً صادقاً، له نتائجه في واقع حياتهم وحياة مجتمعهم يقول الله تعالى: { إنّما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربّهم يتوكّلون }[62].
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
صورة لرجل يقرأ القرآن بخشوع في الحرم المكي ولا يأبه بمرور الناس من حوله


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:20 AM
المشاركة 368
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ولنا هنا بعض الملاحظات:
الملاحظة الأولى: ما هي حقيقة التّأثّر بذكر الله وتلاوة القرآن الكريم:
هذه الحقيقة تتحدّث عنها الصّحابيّة أم الدرداء من خلال تجربة عاشتها متأثّرة من آيات القرآن الكريم، فوجل قلبها، فقالت تصف هذا الوجل: ( الوجل في القلب كاحتراق السعفة، أما تجد له قشعريرة ؟ قال بلى، قالت: إذا وجدت ذلك فادعوا الله عند ذلك، فإن الدعاء يذهب ذلك )[63].
يقول سيد قطب ( إنها الارتعاشة الوجدانية التي تنتاب القلب المؤمن حين يذكر الله في أمر أو نهي، فيغشاه جلاله، وتنتفض فيه مخافته، ويتمثل عظمة الله ومهابته إلى جانب تقصيره هو وذنبه، فينبعث إلى العمل والطاعة )[64]
الملاحظة الثانية: ما هي مظاهر التأثر بالقرآن ؟
يقول سيد قطب مبيّناً هذه المظاهر: ( والقلب المؤمن يجد في آيات هذا القرآن ما يزيده إيماناً، وما ينتهي به إلى الاطمئنان ) إن هذا القرآن يتعامل مع القلب البشري بلا واسطة ولا يحول بينه وبينه شيء إلا الكفر الذي يحجبه عن القلب، ويحجب القلب عنه فإذا رفع هذا الحجاب بالإيمان وجد القلب حلاوة هذا القرآن، ووجد في إيقاعاته المتكررة زيادة في الإيمان تبلغ إلى الاطمئنان، وكما أن إيقاعات القرآن على القلب المؤمن تزيده إيماناً، فإن القلب المؤمن وهو الذي يدرك هذه الإيقاعات التي تزيده إيماناً [65].


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:20 AM
المشاركة 369
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اطمئنان القلوب:
إن اطمئنان القلوب مرحلة تأتي بعد إيمان عميق، وسماع واعٍ وتدبّر للقرآن فإذا عاشت القلوب على هذا المنوال تصل إلى مرحلة من الاطمئنان إلى وعد الله في كتابه الذي لا تحرّكه الزلازل، إنها القلوب المطمئنّة التي بلغ فيها القرآن مبلغاً من التأثير فقال تعالى: { الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب }[66]. ( أي هؤلاء تطمئن قلوبهم على الدوام بذكر الله لأنها تسكن وتستأنس بتوحيد الله فتطمئن ) وقال مجاهد وقتادة: تطمئن قلوبهم بالقرآن الكريم[67].
يقول الألوسي: أن قلوبهم تستقر وتسكن بذكر الله أي بكلامه المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسبب اطمئنان قلوبهم بذلك علمهم أن لا آية أعظم[68].
ويقول سيد قطب ( تطمئنّ بإحساسها بالصلة بالله، والأنس بجواره، والأمن في جانبه وحماه تطمئن من قلق الوحدة وحيرة الطريق بإدراك الرحمة في الخلق والمبدأ والمصير وتطمئنّ بالشعور بالحماية من كل اعتداء ومن كل خروق ومن كل شر إلا بما شاء ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب ).
ذلك الاطمئنان بذكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة عميقة يعرفها الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم فاتصلت بالله يعرفونها ولا يملكون بالكلمات أن ينقلوها إلى الآخرين الذين لم يعرفوها لأنها لا تنقل بالكلمات، إنما تسري في القلب فيستروحها ويهش لها ويندي بها ويستريح إليها ويستشعر الطمأنينة والسلام[69].
إن النفس البشرية بحاجة إلى الاطمئنان في الأمور الهامّة، فهي تريد الاطمئنان بعد الحياة ماذا بعد الحياة ؟ يجيب القرآن على ذلك { فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه، إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنّة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية }[70].

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:20 AM
المشاركة 370
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هكذا يجيب القرآن على هذا التساؤل الداخلي في النفس الإنسانية، فيضع أمامها الحقائق في يسر وسهولة، وتأثير بالغ فتطمئنّ إلى ما تعمله، إن كان خيراً، فموت، ثم بعث ثم حساب ثم جنه، وإن كان شراً فموت ثم بعث ثم حساب ثم نار.
إذا فلا طريق إلى طمأنينة القلوب وسعادتها وأنسها وبهجتها إلّا بذكر الله لا بغيره، فالسبب الوحيد لطمأنينة القلوب وشفائها من أمراض وزوال قلقها ووحشتها هو ذكر الله.
ذكر الله بمدلوله الواسع الشامل لكل ما يذكر الله أو يُذكر الله به، ما يذكر الله من العلوم النافعة والأدلة القاطعة في الآيات البيّنات الناطقات أو المشاهدات، وما يذكر به الله من سائر الأذكار والعبادات، وإقامة الأحكام والمعاملات على شرع الله.
ويجمع ذلك العلم بما نزل الوحي والعمل به فذلك هو الطريق إلى طمأنينة القلوب وسعادتها في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى مشيراً إلى هذه الحقيقة: { فمن تبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى، قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى }[71] [72]


~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعجاز فى القرآن سرالختم ميرغنى منبر الحوارات الثقافية العامة 6 07-07-2019 11:10 AM
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ماجد جابر منبر الحوارات الثقافية العامة 11 06-10-2012 07:51 PM
( 2 ) الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 60 11-05-2011 09:16 AM
الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 18 10-30-2010 12:21 PM

الساعة الآن 12:27 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.