« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات » |
|
الإحساس بالتقصير العظيم إن من الضروري الإحساس - ولو بين فترة وأخرى - بالتقصير العظيم في حق المولى الكريم كما يشير إليه تعالى بقوله : { وما قدروا الله حق قدره } .. فكل لحظة يلهو فيها العبد عن ذكر ربه ، لهي لحظة سوء أدب بين يديه إذ كيف ( يلهو ) العبد والله تعالى ( مراقبه ) ، أم كيف ( يسهو ) وهو ( ذاكره ) ؟!.. فلو ترادفت لحظات الغفلة في حياة العبد - كما هو الغالب - لوجب أن يتعاظم شعوره بالتقصير ويشتد حياؤه منه . |
||
الهوة بين المادة والمعنى إن هذه الهوة العميقة القائمة بين عالم المادة والمعنى يجعل الجمع بينهما من أصعب الأمور .. فإذا توجّه العبد إلى أحدهما غاب الآخر عن قلبه ومن هنا عُـبّر عنهما ( بالضرتين ) بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهذه هي الأزمة الكبرى للسائرين في أول طريق العبودية بل إن أصحاب النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلَّم ) اشتكوا أيضا من تبدل حالاتهم بالقول : { إذا دخلنا هذه البيوت ، وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل والمال ، يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك ، فأجابهم النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلَّم ) : لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها ، وانتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها ، لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء} والحل الجامع لهذه المفارقة أن ( يتجلّى ) الحضور الإلهي عند العبد إلى درجة قريبة من حضور المحسوسات عنده ثم ( تنمية ) هذا الحضور أكثر فأكثر إلى مرحلة ( اندكاك ) حضور المحسوسات لديه في ذلك الحضور المقدس .. فيؤول الأمر إلى أن لا يرى إلا لونا واحدا في عالم الوجود ، فيكون كمن مسح لونا باهتا بآخر فاقعٍ ، فلا يكون البريق الخاطف للأنظار إلا للثاني الناسخ لما قبله .. وهذه هي الحالة التي يعكسها مضمون ما روي عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : { ما رأيت شيئا ، إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه } . |
||
التفويض إلى البصير بالعباد يختم الحق قوله في : { وأفوض أمري إلى الله } بذكر ( العباد ) ومن ذلك يستشعر أن الحق المتعال ( يصرّف ) شؤون الفرد المفوض للأمر إليه من خلال ( سيطرته ) على العباد بمقتضى مولويته المطلقة و إحاطته بشؤون الخلق أجمعين فالحق - الذي فوض إليه العبد أمر الرزق مثلا - هو البصير بكل العباد فيختار منهم من يكون سببا لسوق الرزق إلى ذلك المفوّض وهكذا الأمر في التزويج وغير ذلك من شؤون الحياة الجليلة منها والحقيرة . |
||
الذهول عما سواه أشار القرآن الكريم إلى حالة الذهول المستغرق الذي انتاب النسوة اللاتي قطّعن أيديهن عندما رأين جمال يوسف (عليه ِ السلام ) ..فعلم من ذلك أن توجّـه النفس إلى جهة واحدة ، يوجب ( انصراف ) النفس عما عداها في تلك الحالة ..وبناء على ذلك فان العبد لو أمكنه ( استجماع ) المتفرق من خيوط نفسه المتشعبة نحو الهوى ، وتوجيهها نحو كعبة الهدى الإلهي ، لتحقق منه ( الذهول ) عما سوى الحق بما لا يقاس به ذهول نسوة يوسف عمن سواه ..فأين جمال الخلق من جمال الخالق المستجمع لكل صفات الجلال والكمال ؟!..إن الاعتقاد بهذه الدرجات العليا من السمو الروحي ، يوجب ( ارتفاع ) همّـة العبد ، وإن كان يائسا - فعلا - من الوصول إلى شيء من تلك الدرجات ، لنقصٍ في المقتضيات أو وجودٍ للموانع . |
||
تقديم القربان تتوقف ( حيازة ) بعض درجات القرب العالية من الحق على ( تقديم ) قربان يتمثل في شيء من الخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات فالعبد - الذي تولى الحق تربيته - يجد في نفسه حالة من التكامل والرقي بعد كل وجبة بلاء تزول محنته ويبقى أثره وهذا ما نلحظه في حياة الأنبياء ( عليهم السلام ) ، فلكل نبي بلاء مختص به : كأيوب وإبراهيم ويعقوب (عليهم السلام ) وتصل قمة البلاء في النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) الذي أوذي بما لم يؤذ أحد قبله وعليه فإن على المؤمن السالك إلى الحق أن يستعد لصنوف البلاء أسوة بمن مضى قبله ممن هم أفضل منه ولو كان الإعفاء من البلاء لطفا لكان الأنبياء أولى بهذا اللطف . |
||
الحركة ثم البركة إن الحقَّ تعالى أمر مريم ( عليها السلام ) بهزّ جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجنيّ ومن ذلك يُعلم أنه لابد للعبد من ( الحركة ) ليتحقق من الحق ( البركة ) فرغم أن مريم ( عليها السلام ) كانت في ضيافة الحق ورعايته - مع ما فيها من عوارض الحمل والوضع - إلا أنها مأمورة أيضا ببذل ما في وسعها وإن كان بمقدار هز الجذع على سهولته . |
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ومضة | عبدالحليم الطيطي | المقهى | 0 | 12-14-2021 05:04 PM |
ومضة | عبدالرحمن محمد احمد | منبر الشعر العمودي | 6 | 08-02-2021 08:30 PM |
ومضة عابرة | صفاء الأحمد | منبر البوح الهادئ | 2 | 02-06-2017 12:03 AM |
مليحة.. (ومضة) | ريما ريماوي | منبر القصص والروايات والمسرح . | 2 | 02-24-2015 10:48 AM |
ومضة | خا لد عبد اللطيف | منبر القصص والروايات والمسرح . | 4 | 01-08-2011 05:55 PM |