قديم 02-25-2011, 12:29 AM
المشاركة 11
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





أنطولوجيا الشعر الإيطالي الحديث باللغة العربية:


كيف يمكننا أن نقدّم للشعر الإيطالي الحديث بكلماتٍ قليلة، وهو الذي يعكس روح شعبٍ عريق متسم بالغنى الفني والأدبي والإنساني، ويحمل نبض بلادٍ ترث تاريخاً طويلاً من العبقريات في الشعر والنثر والرسم والنحت والموسيقى؟


ماذا يمكننا أن نقول عن أبناء دانتي ودانونسيو وليوباردي وغيرهم من كبار الشعراء الذين أحدثوا تحوّلات جذرية، ليس في الشعر الإيطالي فحسب بل في شعر الأمم قاطبة؟


كيف يتسنى لنا بقصائد قليلة أن نختصر شاعراً أو آخر لندلّ على العلامات المضيئة المتجلية في هذه السماء الشعرية الرحبة؟


كيف يسعنا بهذا الاختيار العشوائي والتعسّفي إلا نغمط هذا الشعر الكبير حقّه من الانتشار الواسع، وكيف نستطيع بهذا النذر القليل من القصائد المترجمة أن نلقي الضوء على كل أبعاده، وأن ننشر بعضاً من وهجه، وهو الشعر الذي لا تستطيع الأنطولوجيات الضخمة أن تتسع له؟



في هذه المحاولة التي عدنا فيها إلى ينابيع الشعر الإيطالي الحديث، وإلى لغته الاصلية، سعينا إلى بعض الاختيارات في الاسماء والنصوص، وحاولنا جهدنا أن تكون معبّرة عن بعض السمات والمحطات الأساسية المختلفة في النتاج الشعري الإيطالي المعاصر، على أن نضيف أسماء جديدة تدريجاً، مقدّمين بذلك أنطولوجيا تفاعلية متحرّكة تعكس جوهر الشبكة الأنترنتية المتحرك، وتسعى خصوصاً إلى نقل عدوى حبّنا للشعر، وما هذه "العدوى" إلا دور "جهتنا" الأساسي ورسالتها.


قد لا تكون الاختيارات شاملة ولا كافية، وقد لا تعكس تماماً كل التيارات المتنوعة التي شهدها ويشهدها الشعر الإيطالي في عصرنا هذا، ابتداءً من عشرينات القرن العشرين، وصولاً إلى تسعيناته. إلا أن القصائد التي ترجمناها من لغتها الأصلية تقدّم محض محاولة متواضعة تتيح لنا التعرّف على شعرٍ يحتضن هواجس الإنسان وأسرار الكون، ويقطر شفافية وغموضاً في آن واحد، ويعبّر عن دواخل كبار أدباء العالم الحديث.



إن ترجمة الشعر تشبه الطعنة التي نوجهها ربما إلى الشاعر ولغته. فهي تحمل في ذاتها أحياناً معنى الخيانة والمصادرة، خيانة الشاعر وقصيدته، ومصادرة أسرارهما وجعل هذه الأسرار تبعاً لأهوائنا التي تترجم - إذ تترجم القصيدة - بعضاً من أهوائنا الشعرية الخاصة. فمهما بلغت معرفتنا باللغة التي كتبت فيها القصيدة، ومهما توغلنا داخل عوالم الكاتب وحاولنا اكتشاف معاني كلماته وبواطنها، ستظل الترجمة في بعض لحظات تجلّيها غير "أمينة" في معنى ما للشاعر وقصيدته. وقد حاولنا في هذه الترجمات أن نخفي الكثير من "أنانيات" الترجمة من أجل الاقتراب أكثر فأكثر من روح النصوص الأصلية وجوهرها ودلالاتها. فماذا وجدنا في هذا الشعر الإيطالي الحديث؟



يتمتّع جميع الشعراء الإيطاليين الذين برزوا في هذا القرن، على اختلاف التيارات التي ينتمون إليها، بقاسم مشترك في عودتهم إلى الجذور، في إطار جغرافيا شعرية شاملة ومتنوعة. من مظاهر هذه الشعرية، غنائية حادّة وعميقة تعكس موسيقى أرواحهم وأفئدتهم، وهي موسيقى غير معبّر عنها بايقاعات سطحية أوسماعية مباشرة، بل إنها داخلية، حميمة، طالعة من حفيف أوراق الذاكرة وشفافية الجسد والروح وحياتهما المعاصرة.


يستسلم الشاعر الإيطالي بطواعية مذهلة لغناء القلب، لكنه استسلام لا يتنازل عن إيقاعات العتمة من أجل الإحتفاء السهل بالضوء. بل إن غنائيته هي غنائية ذات عمق فلسفي ودرامي، وهي تطرح أسئلة الوجود الكبرى في تناقضاتها المادية والروحية، حيث تطير الذات في مهب هذه الصراعات وتعود لتستدرج الضوء الخارجي إلى الداخل المعتم، وتصنع هناك نورها الموسيقي الخاص الذي ينساب في جسد الكلمات وفي دلالاتها المعنوية.



إن الغناء في الشعر الإيطالي، مقروناً بأمومة الأرض وبالروح المتوسطية وطبيعتها وبالتجاذب بين ثنائية الوهم والواقع والمادية والروحانية، تشكّل إذاً عناصر انتماء لدى غالبية الشعراء الإيطاليين المعاصرين.


وعندما ظهرت بداية موجة الواقعية الجديدة، هدّدت عناصر الانتماء هذه، إلى جانب الإنغلاقية المطبوعة بنفحة الرمزية التي ظلت مسيطرة على الشعر الإيطالي عموماً. ولكن اكتسبت الرمزية مع الشعراء المعاصرين إيقاعات جديدة، كما على سبيل المثال مع أونغاريتي ومونتالي، وهي إيقاعات وحدّت نوعاً ما جيلاً من الشعراء اتبعوا أنماطاً شعرية مختلفة للغاية.



ومما لا شك فيه أن الشعراء الإيطاليين المولودين في النصف الأول من القرن التاسع عشر قد أدّوا دوراً بارزاً في توجيه مسار شعر القرن العشرين. ولكن رغم المحاولات العديدة الهادفة إلى تقليدهم وإلى تقليد كبار الشعراء الذين أعقبوهم، انبثقت من الجيل الشعري المعاصر لغة جديدة وغنية، يمكن أن نعزوأسباب تجلّيها إلى توسّع الآفاق ومراقبة التحولات الإجتماعية والثورة الصناعية وخوض تجارب لغوية ثورية ومساع داخلية شخصية للتحرر من تأثيرات الأسلاف. هكذا استجاب الشعر الإيطالي المعاصر لنداء التجدّد والتحوّل، واتجّه تدريجياً إلى مزيد من النضج والاستقلال عن نهج شعراء الأمس. واكتسبت معه الرومنطيقية الجديدة حلة حديثة وغدت القصيدة مغامرة نفسية داخلية، تبوح كلماتها بالشيء وتحجبه في آن واحد.



جدير بالذكر أخيراً أن الشعرية الإيطالية تغتسل بماء التواطؤ مع المناخ المتوسطي وعناصر طبيعته، حيث تزدحم القصائد بمعجم غنّي بمفرداته الطبيعية، بما في ذلك مخاطبة ليريكية ترفع المشهد المنظور إلى مستوى الكائن البشري تارةً، في حين أنها تمّحي طوراً في طبيعة النسيج الشعري وتشكّل خلفية، ربما تزيينية، لأفكار الشعر وأسئلته وهواجسه.



وتساهم هذه المتوسطية الطبيعية في إضفاء نوع من الألفة على الشعر الإيطالي. ألفةٌ نشعر لوهلة أنها منسوجة من خيطان ثيابنا الشعرية المتوسطية هنا، أو بالعكس، نكاد أحياناً نظن أننا متأثرون من حيث لا ندري بهذا الشعر، وكأنه شقيق شعرنا وأرضنا وطبيعتنا.



وإذ نقترح هذه المحاولة اليوم، فإنما لنعقد بعض أواصر الصداقة بين شعرنا العربي والشعر الإيطالي المقيم على الضفة الأخرى من" متوسط" روحنا وقيمنا الأدبية والفكرية والمجتمعية.



منشورة فيالشعر الإيطالي





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 09:43 AM
المشاركة 12
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






الدراما الإيطالية:

تعريف الدراما(Drama)



1- الكلمة يونانية الأصل dram ومعناه الحرفى "يفعل- أو عمل يقام به" ثم انتقلت الكلمة من اللغة اللاتينية المتأخرةdrama إلى معظم لغات أوروبا الحديثة ولأن الكلمة شائعة فى محيطنا المسرحى فيمكن التعامل معها على أساس التعريب فنقول: عمل درامى ،حركة درامية، كاتب ، ناقد، عرض، معالجة، صراع، فن، مهرجان، تاريخ، أدب، فرقة، أندية..الخ. إذا كان كل ذلك يتعلق بالنص.


2- ولقد عرف أرسطو الدراما بأنها "محاكاة لفعل إنسان" وفى تفسير ذلك ذهب النقاد فى دروب متشعبة. ولعل أقرب تفسير إلى روح العبارة المذكورة ما قيل من أن الدراما تتكون من عناصر جوهرية:



1- الحكاية.

2- تصاغ فى شكل حدثى لا سردى.

3- وفى كلام له خصائص معينة.

4- ويؤديها ممثلون.

5- أمام جمهور.




وعلى أية حال فان لفظة دراما تعنى مدلولين:


2- النص المستهدف عرضه فوق المسرح، أيا كان جنسه أو مدرسته أو نوعية لغته. ويتقلد أدوار شخصياته ممثلون يقومون بتأدية الفعل ونطق الكلام



المسرحية الجادة ذات النهاية السعيدة أو الأسيفة والتي تعالج مشكلة هامة علاجاً مفعماً بالعواطف على ألا يؤدى إلى خلق إحساس فجيعى مأسوي ".





" ولقد اتخذت الدراما أشكالاً مختلفة من عصر إلى عصر، تناسباً مع التطور الطبيعى للمجتمع ومع ماينتج عن هذه الحركات الإجتماعية من فكر وقيم. وليس هذا أمراً غريباً إذا أخذنا في الاعتبار أن فن المسرح ينبع من المجتمع ويرتد مرة أخرى ليصب فيه. والدراما كفن منفنون التعبير ترتبط بقدرة الإنسان منذ بدء الخليقة على التعبير عن نفسه وعن مكنونات بيئته الطبيعية والإجتماعية وقد اتخذ هذا التعبير دائما شكلين: تعبير خارجي وتعبيرداخلي يتفاعلان فى علاقة جدلية فالتعبير الخارجى ما هو إلا شكل تنفيذي للداخلي وهذا التعبير فعل يستفز فيمن يستقبله رد فعل طبقاً للقاعدة العلمية التي تؤكد "أن لكل فعل رد فعل مساوي له فى المقدار ومضاد له في الاتجاه" بل إن المسألة تتجاوز هذا الحد فنرى أن رد الفعل يتحول مرة أخرى إلى فعل ".





ملاحظة:


هناك خلط بين مفهوم الدراما والتراجيديا فهناك الكثير ممن يعتقدوا أن الدراما تعني التراجيديا في حين أن الدراما كما طرحنا سابقاً تختلف عن التراجيديا إذ أن التراجيديا أو المسرحية المأساوية "عبارة عن مجموعة من الأحداث الجادة المترابطة على أساس سببي معقول ومحتمل الوقوع وتدور هذه الأحداث حول شخص مأزوم(البطل) يصارع مصارعة ايجابية ضد قوى إلهية أو اجتماعية أو نفسية ومن خلال تتابع الأحداث يكون الجو السائد حزيناً شجياً ولكن قد تلمع فيه ومضات سريعة جداً من الترويح الملهوي وفي كثير من الأحيان تختتم المسرحية بنهاية كارثية تتمثل في موت البطل أو هزيمته الساحقة ".





كما أن الدراما أشمل من ارتباطها بالمسرح فحسب إذ أن بدايتها التاريخية كانت مع المسرح ولكن يشير أرسطو فى كتابه فن الشعر إلى أن الدراما أشمل من ارتباطها بالمسرح فقط لذا توجد الآن أنواع متعددة من الدراما كالدراما التليفزيونية والإذاعية وغيرها من أنواع الدراما المرئية.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 09:55 AM
المشاركة 13
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
2- ونظراً لمحاولة تلافي الخلط سنقوم من خلال السطور القادمة بتعريف المأساة أو التراجيديا:



المأساة:

عرفها أرسطو: "محاكاة.. فعل تام نبيل لها طول معلوم بلغة مزودة بألوان من التزيين.. تختلف وفقاً لاختلاف الأجزاء وهذه المحاكاة تتم على يد أشخاص يفعلون لا عن طريق الحكاية والقصص وتثير عاطفتي الخوف والشفقة فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات وأقصد باللغة المزودة بألوان التزيين تلك التي فيها إيقاع ولحن ونشيد وأقصد بقولي تختلف وفقا لاختلاف الأجزاء أن بعض الأجزاء تؤلف بمجرد استخدام الوزن وبعضها الآخر باستخدام النشيد".



تحليل التعريف

1- المحاكاة Imitation :


عند أفلاطون: الطبيعة والحياة الإنسانية محاكاة للمثل الأعلى وعمل الشاعر هو محاكاة حرفية لهذا المثل وعلى ذلك يصبح عمله محاكاة للمحاكاة.


عند أرسطو: الشاعر يحاكي الطبيعة محاكاة غير حرفية، إذن هي ليست محاكاة للمحاكاة وإنما فيها الكثير من التغيير تحت تأثير مخيلة الشاعر لأن الفن يحاكي الممكن والمحتمل محاكاته أقرب ما تكون إلى الكمال أي للمثال الأصلي، أي صورة منسوخة للطبيعة.


إذن المحاكاة عند أرسطو لا تعني تصوير الواقع أو نقل الطبيعة نقلاً حرفياً، وإنما تعني تمثيل أو محاكاة الحياة أو الحدث الذي يمكن أن يحدث، أي أن الفن هو إعادة إبداع أي أنه إكمال ما لم تكمله الطبيعة وإضافة لإحساس المؤلف ونظرته الفكرية وتصوره الشخصي.


تتم المحاكاة من خلال ثلاث طرق:

1- أن يمثل الأشياء كما هي.

2- أن يصور الأشخاص كما يراهم الناس أو كما يبدون.

3- أن يصور الأشخاص كما يجب أن يكونوا عليه أي يرتفع ويسمو بالواقع.


2- الفعل: إن الفعل صفة إنسانية لذا يستطيع الإنسان التحكم في إراداته الإنسانية أي في فعله ولما كان الفعل من سلوكيات البشر فإنه بالضرورة يتم عن طريق التمثيل أي الفعل المرئي. إذن الفعل حدث والحدث الدرامي هو الحركة الداخلية لما يتابعه المشاهدون من أحداث سواء بعينه أو بأذنيه.


3- نبيل جاد: والنبل في قصد أرسطو أنه فعل محسوب ومهم ومؤثر وله أبعاد بطولية أي أن المأساة تتناول موضوعات جادة وعلى قدر عظيم من الأهمية والخطر وتعالج مشكلة السلوك الإنساني بين الفرد والجماعة في صراعه مع من حوله من كائنات ويتسم الصراع فيها بين القوتين بالشراسة وهي تناقش قدر الإنسان والخير والشر فيه، وعلاقته بالقوى الغيبية ونتائج سلوكه سلباً وإيجاباً وكشف القيم وتعميقها.


4- تام: والحدث التام هو ذلك الحدث الكامل الذي يحتوي على فكرة كاملة تتم عن طبيعته وتوضح أسبابه ودوافعه وما يترتب عليه من آثار.



ويرى أرسطو أن يكون لهذا الحدث:

- بداية (وهي الشئ الذي لا يسبقه شئ آخر ولكن يتبعه شئ آخر) تمهيد للأحداث طبقاً لقانون الضرورة والإحتمال.

-
وسط (وهو الشئ المسبوق بشئ ويتبعه شئ آخر) ويتم فيه عرض لهذه الأحداث وتفاصيل دقائقها.

-
نهاية (وهي الشئ المسبوق بشئ ولكن لا يتبعه شئ آخر) وهي تعني ذروة الأحداث وحلها.


5- لها طول معلوم: أي تكون المأساة ذات طول أو حجم يتناسب مع قدر وحجم الفعل الذي تحاكيه دون تركيز على تفصيلات لا تخدم الفكرة، وحتى لا يمل الجمهور.



6- بلغة منمقة بكل أنواع المحسنات: أي تشتمل اللغة علي الإيقاع واللحن والأناشيد.


7- وحدة الحدث :أهم الوحدات الثلاثة، لكن بداية لا بد من تعريف الحدث الدرامي:


وهو بدء المسرحية عند تفجر الصراع، ويلاحظ أن الحدث في الحياة أو الواقع يحتمل أكثر من نهاية لأن منطق الحياة يحكمه أما الحدث في العمل الفني لا يتحمل إلا نهاية واحدة لأن المنطق الفني هو الذي يحكمه كذلك وجود عنصر السببية.



أشار أرسطو إلى نوعين من الحدث:

- بسيط: وهو الذي يمكن حدوثه متصلاً و واحداً ويقع فيه التغيير دون أن يكون هناك انقلاب أو تحول.

- مركب: وهو الذي يكون فيه التغيير نتيجة مباشرة لإنقلاب أو تعرف أو بهما معاً.

8- وحدة الزمان: قال بها أرسطو في الفصل الخامس من كتابه فن الشعر عندما حدد زمن التراجيديا بدورة شمسية واحدة لا تتجاوز ذلك إلا بقليل.


9- وحدة المكان: لم يقل بها أرسطو ولم ترد في سياق كتابه ولكن استخلصها شراحه من أن معظم عروض الإغريق المسرحية تقع أحداثها في مكان واحد، أو في أماكن مختلفة من مكان واحد.


10- إثارة الرحمة والخوف: من الضروري أن يكون البطل فاضلاً ذا شهرة كبيرة ومن ذوي المكانة العليا ولكنه كبشر لا يخلو تكوينه من نقطة ضعف أو نقيصة أو ثغرة في بناء شخصيته هذه النقيصة تعرف بالهوبريس Hubris مما يؤدي إلى وقوعه في الخطأ التراجيدي Harmartia الهارمارتيا ومما يلقاه البطل من مصيره المحتوم يحدث التطهير الذي يؤدي إلى إثارة عاطفتي الخوف والشفقة Catharsis.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 10:12 AM
المشاركة 14
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

المقالات الأدبية الإيطالية:

فــن المقـالة

تعريف المقالة:

- قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة، موحدة الفكرة، تعالج بعض القضايا الخاصة أو العامة، معالجة سريعة تستوفي انطباعاً ذاتياً أو رأياً خاصاً، ويبرز فيها العنصر الذاتي بروزاً غالباً، يحكمها منطق البحث ومنهجه الذي يقوم على بناء الحقائق على مقدماتها، ويخلص إلى نتائجها.


- قطعة مؤلفة، متوسطة الطول، وتكون عادة منثورة في أسلوب يمتاز بالسهولة والاستطراد، وتعالج موضوعاً من الموضوعات على وجه الخصوص.



ويعرفها الكاتب آرثر بنسن بأنها:

- تعبير عن إحساس شخصي، أو أثر في النفس، أحدثه شيء غريب، أو جميل أو مثير للاهتمام، أو شائق أو يبعث الفكاهة والتسلية.



ويصف كاتب المقالة بأنه: شخص يعبر عن الحياة، وينقدها بأسلوبه الخاص.. فهو يراقب ويسجل ويفسر الأشياء كما تحلو له.



تعريف النقاد العرب لفن المقالة:

- يقول الدكتور محمد يوسف نجم: المقالة قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع، تكتب بطريقة عفوية سريعة، خالية من التكلف، وشرطها الأول أن تكون تعبيراً صادقاً عن شخصية الكاتب.


- ويقول الدكتور محمد عوض: إن المقالة الأدبية تشعرك وأنت تطالعها أن الكاتب جالس معك، يتحدث إليك.. وأنه ماثل أمامك في كل فكرة وكل عبارة.




نشأتها:


نشأت المقالة الحديثة في الغرب، على يد - مونتني الفرنسي- في القرن السادس عشر، وكانت تتسم بطابع الذاتية، فقد كان يفيد من تجربته الذاتية في تناول الموضوعات التربوية والخلقية التي انصرف على معالجتها، فلقيت مقالاته رواجاً في أوساط القراء، ثم برز في إنجلترا فرنسيس باكون في القرن السابع عشر فأفاد من تجربة مونتني، وطور تجربته الخاصة في ضوئها، ولكن عنصر الموضوعية كان أشد وضوحاً في مقالاته، مع الميل إلى الموضوعات الخلقية والإجتماعية المركزة، وفي القرن الثامن عشر بدت المقالة نوعاً أدبياً قائماً بذاته، يتناول فيه الكتاب مظاهرالحياة في مجتمعهم بالنقد والتحليل وقد أعان تطور الصحافة على تطوير هذا العنصرالأدبي، وبرز فيه عنصر جديد وهو عنصر السخرية والفكاهة، وإن كانت الرغبة في الإصلاح هي الغاية الأساسية لهذا الفن الجديد، وفي القرن التاسع عشر، اتسع نطاق المقالة لتشمل نواحي الحياة كلها، وازدادت انطلاقاً وتحرراً واتسع حجمها بحكم ظهورالمجلات المتخصصة.



والسؤال الذي يتردد هنا: هل عرف أدبنا العربي القديم فن المقال؟



في أدبنا العربي القديم عُرف فن يسمى بالفصول والرسائل وهو يقترب من الخصائص العامة لفن المقال مثل: رسائل عبد الله بن المقفع وعبد الحميد الكاتب، ورسائل الجاحظ، وأبو حيان التوحيدي في كتابيه (الإمتاع والمؤانسة، وأخلاق الوزيرين)، كما نستطيع أن نجده في تراث الأمم الأخرى منذ الإغريق والرومان، وفي الكتب الدينية والفلسفية وكتب الحكماء.


ولكن المقالة تنفرد بمميزات خاصة عن فن الفصول والرسائل، فقد تأثر كتّاب المقالة الحديثة بالاتجاهات السائدة في الآداب الغربية، مما أثرى المقالة بخصائص فنية تجعلها متفردة عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى.




أسباب تطور فن المقال وتخلصه من التكلف اللفظي:



1- التأثر بالغرب وصحافته.

2- ارتقاء الوعي وظهور الأحزاب السياسية والتيارات الفكرية التي أحدثتها أحداث بارزة مثل مجيء: جمال الدين الأفغاني، والثورة العرابية، والاحتلال البريطاني، وحركة تأسيس المدارس والكليات، ونشاط الحركة الاستعمارية في أقطار المغرب العربي.

3- ظهور المدرسة الصحفية الحديثة، وبرزت صحف كثيرة من مثل المؤيد، اللواء، الجريدة، السفور، السياسية، البلاغ.
ظهور المجلات المتخصصة التي أحاطت بمكونات المقالة العربية.


ولهذا أصبحت المقالة أكثر قدرة على مخاطبة الواقع والاهتمام بقضاياه عما كانت في السابق.





المقالة والصحافة:

- يتصل تاريخ المقالة العربية الحديثة اتصالاً وثيقاً بتاريخ الصحافة في الشرق الأوسط، فهو يرجع إلى تاريخ غزو نابليون للشرق ووجود المطابع الحديثة، وقد ظلت الصحافة لفترة طويلة تحتفظ بطريقة المقال الافتتاحي للجريدة والذي كان يدور في الغالب حول الموقف السياسي وما يعرض فيه من الأحوال والتقلبات، وقد ظهر المقال الأدبي إلى جانب المقال الصحفي.



هل هناك اختلاف بين المقال الصحفي والمقال الأدبي؟


- المقال الصحفي يتناول المشكلات القائمة والقضايا العارضة من الناحية السياسية، أما المقال الأدبي فيعرض لمشكلات الأدب والفن والتاريخ والاجتماع.







هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 10:17 AM
المشاركة 15
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


كُتّاب المقالات:


هناك كتّاب استطاعوا الإجادة في كتابة النوعين من المقالات، المقالة الصحفية والمقالة الأدبية، ومنهم: عباس محمود العقاد، والدكتور حسنين هيكل، والدكتور طه حسين.


وهناك كتّاب اشتهروا بإجادة المقالة الصحفية فقط، منهم: الصحفي عبد القادر حمزة، وأحمد حافظ عوض، والدكتور محمود عزمي.



وهناك كتّاب اشتهروا بكتابة المقالة الأدبية الخالصة، ومنهم: ميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران، ومي زيادة، وعبد العزيز البشري.




خصائص المقالة الحديثة: تميزت المقالة الحديثة بمجموعة من الخصائص، وهي:


1- أنها تعبير عن وجهة النظر الشخصية، وهذه الميزة هي التي تميزها عن باقي ضروب الكتابات النثرية.

2- الإيجاز، والبعد عن التفصيلات المملة، مع إنماء الفكرة وتحديد الهدف.

3- حسن الاستهلال وبراعة المقطع.

4- إمتاع القارئ، وإذا ما انحرفت عن هذه الخاصية أصبحت أي لون آخر من ألوان الأدب وليست بفن مقالة.

5- الحرية والانطلاق.

6- الوحدة والتماسك والتدرج في الانتقال من خاطرة إلى خاطرة أخرى من الخواطر التي تتجمع حول موضوع المقال.





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 10:27 AM
المشاركة 16
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


الأدب الإيطالي



يشمل الأدب الإيطالي روائع عديدة كُتبت منذ بدايات القرن الثالث عشر الميلادي. كما أنه عزّْز حركات ثقافية مهمة كان لها أثر دائم على آداب قومية أخرى. ولم تصبح اللغة الإيطالية لغة قومية عامة إلاّ بعد عام 1870م. ومع ذلك فإن إحدى خصائص الأدب الإيطالي له لغة موحدة خلال تاريخه الطويل. وقد حدث هذا التوحيد لأن ثلاثة كُتّاب إيطاليين كبارٍ في القرن الرابع عشر الميلادي هم دانتي اليجيري وبترارك وجيوفاني بوكاتشيو كتبوا بلغة مبنيّة على اللهجة التسكانية التي كان يتحدث بها أهل فلورنسا. ولقد قُلِّدت لغتهم وأعمالهم لبضعة قرون في الوقت الذي درج فيه الإيطاليون على استعمال لهجات منطوقة عديدة.



العصورالوسطى


يعتقد بعض العلماء أن الأدب الإيطالي نشأ عام 1225م عندما كتب القديس فرانسيس الأسيسي أنشودة الشمس. وكانت هذه القصيدة أول كتابة أدبية في اللغة الدارجة بدلاً من اللاتينية، وكانت تعبّر عن المشاعر الدينية للجماهير، لهذا تُعدُ أول صوت إيطالي في الأدب.



وفي صقلية تردَّد صوت إيطالي آخر. ففي بلاط الإمبراطور فريدريك الثاني في باليرمو خلال النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي، تجمع الكثير من المفكرين والشعراء. وقد عُرف هؤلاء بإسم المدرسة الصقليّة إذ كتبوا بلهجة صقلية مهذّبة. وقلَّدت قصائدهم قصائد العشق التي تَغَنَّى بها شعراء التروبادور الأوائل. وقد ابتكر هؤلاء الشعراء أشكالاً جديدة من الشعر مثل السوناتة وهي قصائد قصيرة جدًا.



تفرّقت المدرسة الصقلية بوفاة مانْفرِد بن فريدريك الثاني عام 1266م وانحطاط القوة السياسية في صقلية. إلا أن أعمالها أصبحت نموذجاً يحتذيه الشعراء الآخرون وخاصة في تسكانيا. وهناك لاقى غيتون دا أرِزُّو الاستحسان لما كتب من شعر في الحب بلغته الواقعية والغامضة في آن واحد. وقد عارض ريادته الفنية الشاعر غيدو غوِينْيزلّي أوف بولونا. ويعد غوينيزلي مؤسس ما عرف بالإيطالية بالأسلوب السلس الجديد، وهي مدرسة أضافت بعداً فلسفياً لشعر العشق التقليدي. حيث اعتبر شعراء هذه المدرسة النساء مخلوقات ملائكية والحب مصدر الفضيلة. وأثَّر هذا الفهم الجديد للحب، الذي عُبِّر عنه بأسلوب عذب صاف، على بعض شعراء فلورنسا وبشكل خاصغيدو كفالكانتي والشاعر الشاب دانتي أليجيري. وقد ساعدت الكوميديا الإلهية لدانتي 1321 م وهي أحد أروع الإنجازات الشعرية، على تكوين اللغة الإيطالية الأدبية.




النزعة الإنسانية وعصر النهضة


شجَّع بترارك على نشرأفكار ومواقف جديدة في الأدب الإيطالي في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي، وساعد على تأسيس النزعة الإنسانية وهي حركة سعت إلى إحياء الثقافات الكلاسيكيّة وتأكيد أهمية الفرد. انظر: النزعة الإنسانية. كتب بترارك معظم مؤلفاته باللاتينية. إِلا أنه في كانزونير (كتاب الأغاني)، وهو مجموعة من القصائد باللغة الإيطالية، تحدث عن حبه لامرأة تُسمى لورا بلغة جميلة أصبحت نموذجاً يُحتذى لعدّة قرون.



أما صديق بترارك الحميم جيوفاني بوكاتشيو فقد كتب هو الآخر بعض مؤلفاته باللاتينية، إلاّ أنه ألَّف رائعته الديكا ميرون (حوالي 1349-1353م) باللغة الإيطالية.

وتُصوِّرهذه المجموعة المؤلفة من مائة قصة قصيرة شخصيات ومشاهد العصر بكثير من الواقعية والفكاهة.



استمرت سيطرة الأدب الإنساني المكتوب باللاتينية على الأدب الإيطالي حتى النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي. وتركَّز إحياء الأدب باللغات الدارجة في فلورنسا إذ ظهرت مجموعة رائعة من الكُتَّاب في بلاط الشاعر والسياسي لورنزو دي مديتشي.



ومن بين هؤلاء الكُتَّاب برز أنجيلو بوليزيانو الذي مزج التقاليد الكلاسيكية بالدارجة في مؤلفه مقاطع شعرية للمناظرة كما سَخِر لويجي بولتشي من القصائد البطولية في عصره في ملحمته السّاخرة الثانية مور جانت ماجيور-1478- 1483 م.


حدث أيضاً نشاط أدبي مهم في أجزاء أخرى من إيطاليا. إذ نظم ماتيو ماريا بولاردو، الذي كان يعمل في بلاط فرارا الشمالي، قصيدة الفروسية غير التامة بعنوان أورلاندو العاشق (1487م). وفي نابولي كتب جاكوبو سانازارو مؤلفه أركاديا (1501- 1504م). ضم هذا المؤلَّف شعراً رعويّاً ونثريّاً وأثَّر على مؤلفين أوروبيين عديدين. ومع أن النزعة الإنسانية استمرت حتى أوائل القرن السادس عشرالميلادي، إلاّ أن أهمية الأدب المكتوب باللغة الدارجة ازدادت باطراد. واعْتُبِر كتاب نيقولو مكيافيللي الأمير (كُتب عام 1513م طبع عام 1532م) أحد أشهرالمؤلفات العالمية في العلوم السياسية.


وهناك عمل مهم آخر لهذه الفترة هو أورلاندو فيوريوسو للكاتب لودوفيكو أريوستو (1516م)، (روجع عام 1521م وعام 1532م). ولربما كانت هذه القصيدة أعظم ما كُتِبَ من قصائد في الفروسية. وهي في حبكتها استمرار لأورلندو أناموراتو للشاعر بوياردو، إلاّ أنها مليئة بالسّخرية وعلى شكل حوار. يصف بالداساري كاستيليون في مؤلفه كتاب رجل البلاط (1518م، نشر عام 1528م) المثل الأعلى لرجل البلاط المهذّب والجمال الروحي.



وخلال أوائل القرن السادس عشر الميلادي بدأ الكُتَّاب الإيطاليون ينسجون لغتهم على منوال لغة بترارك وبوكاتشيو. وقد حدث هذا التطوُّر بشكل رئيسي بسبب المؤلفات الخلاّقة والنظرية لبيتر وبمبو. وأصبح شعر بترارك النموذج الذى احتذته قصائد عديدة فيالحب الروحي.

وفي حوالي منتصف القرن السادس عشر الميلادي أحدثت حركة تجديدية في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية عُرفت باسم الإصلاح المضاد تغييرات في الفنون. انظر: الإصلاح المضاد، فقد حلّ الاهتمام بالمظاهر الشكلية المبالغ فيها محل الانسجام الذي هو المثل الأعلى للنهضة، ونجم عن ذلك أسلوب عُرف باسم الأسلوب التكلفي وأدّى إحياء كتاب الشعر لأرسطو طاليس، الفيلسوف الإغريقي القديم، إلى فتح نقاش حول طبيعة الأدب. وهذا النقاش أمدّ النقد الأدبي الحديث بقاعدته وبفكرته القائلة إن الفن تقليد للواقع. وقد تطوّرت المسرحية الإيطالية أيضاً خلال القرن السادس عشر وبشكل خاص ما عُرِفَ باسم الكوميديا ديل أرت وهي كوميديا مبنية على الارتجال.







هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 10:37 AM
المشاركة 17
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


فترة الباروك وعصر العقل


في حوالي القرن السابع عشر الميلادي كانت الأوضاع الدينية والسياسية في إيطاليا عاملاً مساعداً تسبب في انحطاط الأدب فيها، إذ حاولت إسبانيا وفرنسا السيطرة على إيطاليا. وظهرت الأزمة بوضوح في فترة الباروك في القرن السابع عشر الميلادي، وهي الفتره التي خسرت فيها إيطاليا قيادتها الثقافية لأوروبا. ومع ذلك كُتِبتَ بعض الروائع الأدبية مثل قصيدة جيامبا تيستا مارينو الأسطورية الطويلة بعنوان أدونيس (1623م). ومن نتاج فترة الباروك أيضاً النثر الواضح والعلمي الذي كتبه جاليليو، وكتاب مدينة الشمس للكاتب توماسو كمبانيلا (1623م) الذي يصف فيه المؤلف مجتمعاً مثالياً يحكمه كاهن فيلسوف.


حدثت نهضة أدبية خلال فترة معينة في القرن الثامن عشر الميلادي سميّت عصر العقل. ففي الشعر تصارع أسلوب أسهل وأقل تعقيداً يُعرف بأركاديا مع الأسلوب الباروكي الأكثر تعقيداً. فقد كيّف بيترو ميتاستاسيو مواضيع كلاسيكية لتلائم الذوق الدارج وذلك في الكلمات التي كتبها للأوبرا. واستبدل كارلو جولدوني الكوميديا دل آرت بمسرحيات مُؤَلَّفة تماماً. وقد صوّر الطبقات المتوسطة في مؤلفات كثيرة. وأعاد فيتوريو ألفييري المأساة الكلاسيكية في صول (1782 م) وغيرها. وكتب سيزار بكاريا مؤلَّفَه حول الجريمة والعقاب (1764م) وفيه يهاجم بشدة التعذيب وعقوبة الإعدام، وهاجمت قصيدة جوسيب باريني الناقصة بعنوان اليوم (1763-1765م) الطريقة الفارغة التي يمضي بها النبلاء أيامهم.


وفي نهاية القرن الثامن عشر أدّت رغبة خلق التوازُن بين العقل والتقليد إلى تطوّر الكلاسيكية الجديدة (الكلاسيكية المحدثة). وكان كاتبها الرئيسي هو يوجو فوسكولو .



الرومانسية


كانت الرومانسية حركة رفعت العاطفة فوق العقل، والتاريخ القوميّ فوق الأساطير، والفردية فوق العالمية. وقد اعتنق الكتاب الإيطاليون الحركة الرومانسية في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وتزامنت الحركة مع بعض أفكار الحركة الوطنية التي أدّت إلى توحيد إيطاليا سياسياً والتحرُّر من السيطرة الأجنبية والتي أُطلق عليها بالإيطالية اسم ريزورجيمنتو. وكانت رواية المخطوب (1827- 1840-1842 م) للكاتب أليساندور مانزوني، أكبر كاتب إيطالي رومانسي، أول رواية إيطالية تاريخية تمجّد القيم الدينية كالعدل، والعون الإلهي. وكانت المسرحيات المأساوبة التي كتبها مانزوني مثل كونتكار ماجنوولا (1820 م) وأدلشي (1822 م) أول مسرحيات تتحرر من المبادئ الكلاسيكية.


وقد كتب أحد أكبر شعراء هذه الفترة وهو جياكومو ليوباردي مؤلفًا بعنوان أغان 1836 م وتُعبّر هذه القصائد عن نظرة شديدة التشاؤم نحو الطبيعة الإنسانية.


وقد صحب عملية توحيد إيطاليا عام 1870 م عدم استقرار اجتماعي واضطراب سياسي. وتركّزت الاستجابات الأدبية للوضع إما في الحنين إلى أمجاد إيطاليا الغابرة أو في محاولة جعل إيطاليا الجديدة أمراً مفهوماً. وجاءت أول استجابة من الشاعر جيوسو كاردوشي إذ أبدى احتقاراً للمبالغات العاطفية الرومانسية. وبدلاً من ذلك فضّل تمجيداً كلاسيكياً للقيم الوطنية. وجاءت الاستجابة الثانية على شكل حركة واقعية في الرواية عُرفت في إيطاليا باسم فاريسمو. وقد وُصف أعضاء هذه الحركة، بما أمكن من موضوعية، حياة وعاطفة الفقراء والمهاجرين. وقد صوّر جيوفاني فيرجا، أبرز كُتَّاب هذه الحركة، الفلاحين وصائدي السمك الصقليين في رواية البيت المحاذي لشجرة المَشْمَلَة -1881 م كما سار جابريلي دي أنونيزو على نهج كاردوتشي في تمجيد القيم التاريخية. ونظم جيوفاني ماسكولي شعراً ذا صدىً صوفيّ أثّر في الكثير من الشعر اللاّحق.




القرن العشـرون


تأثّر الأدب الإيطالي في أوائل القرن العشرين بحركة تدعى المستقبلية. وقد كتب فيلبو توماسو مارينتي بيان المستقبلية 1909م. ودعا هذا البيان إلى استعمال اللغة والمجاز المناسب لتمجيد سرعة عصر الآلة وعنفه. وكتب لويجي بيرانديللو روايات ومسرحيات ركّزت على مواضيع مثل الهوية الشخصية وعبث الواقع. وتبرز هذه المواضيع في روايات إيتال سفيفو. وتظهر المواضيع نفسها مقرونة بالتشاؤم الفلسفي في مؤلفات الشعراء يوجينيو مونتال، الشاعر الإيطالي البارز في القرن العشرين الميلادي، وسالفاتوري كواسيمودو وجوسيب أونجاريتي.


ولمدة عشرين سنة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 م حاول الكتاب الإيطاليون إعادة تنظيم أدب البلاد حسب أسلوب واقعي عرف بالواقعية الجديدة. وكان ألبرتو مورافيا رائد مؤلفي فترة ما بعد الحرب، وقد ضمت هذه المجموعة من الكُتَّاب روائيين أمثال سيزار بافيس وفاسكو براتوليني وإليو فيتوريني.



وفي فترة لاحقة أجرى الكُتَّاب الإيطاليون الكثير من التجارب. ومن بين هؤلاء الكُتَّاب الروائي إميليو جادا والشاعر بيير باولو باسوليني. وهناك مؤلفون آخرون مهمّون في أواخر القرن العشرين مثل الروائي إِتالو كالفينو والكاتب المسرحي داريو فو الذي حاز جائزة نوبل في الأدب عام 1997م.




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 10:44 AM
المشاركة 18
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


من روائع الأدب الإيطالي




ماتيلدي سيراو والاحتضار بين زهور الفل



تشكل إبداعات (ماتيلدي سيراو)* مساحة مضيئة في الأدب الإيطالي، واعتبرت تلك الكاتبة الموهوبة عبقرية أدبية في تاريخ الأدب الإيطالي، لما امتلكته من موهبة متفردة في التصوير الفني لنصوصها القصصية، وعكسها الفئات المهمشة في المجتمع الإيطالي، عبر فنيات إبداعية، تتشكل في التقاط الحياة في جزيئاتها بصورة مؤثرة مدهشة، وعذوبة مشوقة في السرد، حتى اعتلت عرش الإجادة الفريدة في التقاط النفس الشعبية، ومن جملة العقد الفريد لإبداعاتها، بائعة الزهور(1)، التي تعكس من خلالها لوحة فنية أدبية لمتسولة صغيرة، برعت الكاتبة في التقاط أنفاسها المتحشرجة، وتعابير المعاناة في محياها، ومساحات الخوف التي تترصدها وهي ابنة السابعة، وصور الألم التي تتضور في جسدها عند مصانع البسكويت ورائجة الخبز المنتشرة من المخابز، وملامح اندهاشاتها من العالم الآخر فيما وراء (سانتا باربرا) ورمزت له الكاتبة بتعبيرها من فوق.




فترصد الكاتبة استهلالة قصها بمشي الصغيرة بتمهل على حافة الجدار لسوق التجار الضيقة والمعوجة وعيناها ترمق الأماكن العالية، من البقعة السفلى التي ترزخ تحت نير جوعها وبؤسها، في أزقة مظلمة تدور فيها يمنة وشمالاً مع الفئات المهمشة الفقيرة في المجتمع الإيطالي طلباً لثمن رغيف خبز هي غاية مناها في الحياة.


وتتشكل أيدلوجية الكاتبة بالسخرية من اعتبارات دينية واعتبارات اجتماعية في أنصاف تلك المتسولة الصغيرة؛ التي فقدت أمها ولم تبكِ وتصرخ ومضت في أزقة الظلمات طلباً لرغيف خبر في معترك الحياة وصراع البؤساء في الحياة، إذ تتشكل في النص رؤية الكاتبة لوهمية تلك الرموز الدينية في مساحاتها القصصية، وإنها تبقى تماثيل جامدة لاتملك حياة لتلك البائسة الفقيرة، تطالعها الفتاة الصغيرة، وتمضي إلى طريق فقرها اللامتناهي.




وفي الوقت ذاته تتشكل العذابات من تلك الفئات المترفة في المجتمع، والفئات المتنفذة في المجتمع؛ التي تزيد من بؤس المعاناة وتجريد الفتاة الصغيرة من إنسانيتها؛ من خلال الرؤية الفوقية لآفة التسول وضرورة سجنها دون نظرة حانية رقيقة لاحتضان تلك الفتاة الصغيرة وإنقاذها من ظلمات مدلهمة؛ تتكدس ألماً ومعاناة في حياتها الشقية البائسة، حيث تغفى الضمائر ولا تستيقظ.



وتبرع الكاتبة في رمزية مفردة (من فوق) في لغتها القصصية؛ لتخترق تلك الطبقة الأرستقراطية في ذهنية تلك المتسولة البائسة، حيث تترصد مساحات الخوف والفضول في رحلة مؤلمة؛ تنكشف دقائقها عبر تقنيات القص المبدعة لدى الكاتبة: "كانت تتبع طريقها حتى (سيريليو) وتعود أدراجها دائماً في خطى حذرة كي لا تتعثر على طول الجدران، أو بين أقدام السابلة، تلك الأزقة السوداء، ذلك العار، ذلك البؤس، الدهانات ذات الأطياف، انعدام الشمس، سحنات المرابين، والبائعين ووجوه سماسمرتهم المتشككة، والملامح المتوحشة للمومسات، تلك البضاعة التافهة الزاخرة بالغبار، والفاسدة .. كانت كل عالمها، كانت بالتسكع تشعر أنه في ما وراء سانتا باربرا ... في نهاية شارع الأميرة مارغريدا، كان يوجد عالم آخر، لكنها كانت تخشى أن تواجهه، كان لديها منه خوف وحشي، كانت تطلب صدقة، لكن مراراً كثيرة، ما كانوا يعطونها جميع أولئك الناس المسرعين ليربحوا المعاش القاسي ...."







هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 10:50 AM
المشاركة 19
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

وتتواكب الإضاءات الخافتة للنص في عكس معاناة تلك الصغيرة البائسة، والتعبير عن انكساراتها اللاشعورية " كانت تطلب بصوت مرتفع (صولدو ... رغيف) وبعدها كان الصوت ينحدر برنته ويعود متوسلاً، ويختنق باكياً، بينما بعض دموع باردة كانت تنحدر على خديها، وبالرغم من كل هذا كانت تتابع الذهاب والمجيء كل ذلك يتم بإلهام، مدندنة بكلمات مبهمة، حتى إذا جف الصوت في حنجرتها المحترقة، عندئذ كانت تطلب صدقة بتنبيه النظر .. وفي نهاية النهار .. تترنح بدوار ثم تجرجر نفسها حتى درجات كنيسة "بورتانوفا" وهناك تظل بلا حراك، منكمشة كثوب مهترئ تخرج منه حشرجة مخنوقة ".




وتتشكل المفاجآت القصصية في إضاءة بنفسجية في النص تتدفق حيوية في النص، في يوماً ما من حياة تلك الصغيرة البائسة، من خلال تجمع جماهيري وهم يتدافعون، وتندفع معهم تلك الصغيرة بين تناثرات الورد وامرأة جميلة بين الحرير والورود، والرعب ينال الصغيرة من هول ومفاجأة المشهد وبمحاذاتها امرأة أنيقة بملابس سوداء تحمل سلة صغيرة من الأزهار، والنقود تتكدس في قعر السلة الصغيرة، فيقع عود وفلة بين يدي الصغيرة، فتتوزع ابتسامتها عليه، وتزرع الفلة بفتحة قميصها، لكن سرعان ما تنهال الصرخات وأصوات الشتم لها في عز أمنياتها بأن تكون مثل هذه البائعة، وامتعاضات من وجودها، إذ يجب أن تسوقها الشرطة على السجن للتخلص من ظاهرة التسول المقيتة في المدينة.


فعند تلك اللحظات المؤلمة وعند إسدال النص نهاياته المؤثرة، في فنياتها التعبيرية العالية، وهي تبيع الزهور بصورة آلية في تنهيدة بطيئة تنهض لها الصدر، كان الفرج بشراء جندي فلة منها، ونيل "صولدوا" لتشتري بها رغيف خبر، ومشهد السيارات التي تسبب الدوار ومشاعر الخوف لديها، وعبورها مضطرة خائفة الشارع إلى الجانب الآخر ليسدل النص على صرخة امرأة في سيارة عابرة نالها الإغماء" وبمحاذاة الرصيف كائن بريء يحتضر وساقه مدعوسة، كانت تحتضر بين زهور الفل التي انتشرت حولها، ضاغطة بيدها على صدرها وقابضة باليد الأخرى على رغيفها الصغير بوجه أبيض وصارم. وكان فمها نصف مطبق، وعيناها الكبيرتان المندهشتان والمتألقتان في السماء ".




وهناك تبرز رؤى الكاتبة المبدعة التي اختارت الفئات المهمشة نبضاً لولادة نصوصها الإبداعية، في التعبير عن معاناتهم وفقرهم، في ظل لوحة اجتماعية منكسرة مؤثرة، ترصد الواقع آنذاك بكل تجلياته، وبكل عفوية ومصداقية مرهفة، وشفافية نازكة ذات نفس طويل في السرد والتصوير، مما مكن الكاتبة من اعتلاء عرش القصة الإيطالية في زمنها العريق، واعتبارها عبقرية قصصية في الأدب الإيطالي.



وعند انحناءات أغصان الفل الناعمة، وتراقصات فلة الإبداع أودعك أيها القارئ العزيز بالحب والسلام، وعليهما ألقاك عبر تفتحات بنفسج الإبداع وألق زنابق القص العالمي.



- - - - - -


*
ماتيلدي سيراو من أفضل كاتبات إيطاليا وأكثرهن آثراً في الحياة الفكرية، ولدت في باتراس باليونان عام 1856، وبدأت منذ نعومة إظفارها المساهمة في صحف نابولي ككاتبة، وكثير من الصحف الإيطالية مدينة بوجودها لماتيلدي سيراو، وافتها المنية عام 1927 تاركة وراءها إرثاً فنياً ضخماً يناهز الأربعين مجلداً منها (القلب القاسي عام 1881) و(خيالات عام 1883 ) و( جيوفانا 1887)و (اللامميز 1894) و(المخادع 1898)


(1) ترجمة: عوض شعبان






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-25-2011, 06:52 PM
المشاركة 20
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تحيّاتي
أشكرك على هذا الإبداع وحُسن الأختيّار. بوركتِ ،وبورك القلم وما خطّ ،وقد يُجبر الإنسان على تغيير قميصه..... ...وما أجمل...

وعند انحناءات أغصان الفل الناعمة، وتراقصات فلة الإبداع أودعك أيها .. العزيز بالحب والسلام، وعليهما ألقاك عبر تفتحات بنفسج الإبداع وألق زنابق القص العالمي.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الأدب الإيطالــي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أرقى كتب الأدب والبلاغة الإنشاء ( جواهر الأدب ) ناريمان الشريف منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 54 01-19-2021 11:23 PM
الجامع في تاريخ الأدب العربي الأدب القديم - حنا الفاخوري د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 2 07-20-2019 08:05 PM
الليث بن سعد أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 1 06-22-2019 03:05 PM
الأدب السوفييتـــي رقية صالح منبر الآداب العالمية. 5 08-01-2011 06:57 PM

الساعة الآن 02:15 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.