أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
زين العابدين ,,, ولحظات الموت
ليس الغريب غريب الشام واليمن
إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته
على المقيمين في الأوطان والسكن
سفري بعيدُ وزادي لن يبلغني
وقوتي ضعفت والموت يطلبني
قصيدة لخصت مأساة الوجود الإنساني بين الحياة والموت، مأساة الإنسان وضياعه في عالم غامض وحياة خادعة غرورة، لم تستوقفني في حياتي قصيدة بقدر ما استوقفتني هذه القصيدة التي تهز كل أوتار القلب وتزلزل الكيان البشري الضعيف المعرض للانكسار في أي لحظة،
هذه القصيدة ل زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله ولم أعرف من قبل شاعراً أبلغ ولا أدق منه في وصف هذه اللحظة المريرة، لحظة خروج الروح بكل عذابها وسكراتها المرعبة وغربتها حيث لا غربة أعظم من غربة الإنسان في قبره كما تحدث في هذه القصيدة عن عظمة الذنوب مقابل عظمة عفو الخالق فقال:
تمر ساعات أيام بلا ندم
ولا بكاء ولا خوف ولا حزن
يا زلة كتبت في غفلة ذهبت
يا حسرة بقيت في القلب تحرقني
دعني أنوح على نفسي وأندبها
وأقطع الدهر بالتذكير والحزن
ثم يأتي زين العابدين إلى لحظة خروج الروح، لحظة تتضمن شريطاً سريعا لما مر به في الحياة ليكتشف كم هي تافهة الحياة أمام هذه اللحظة حيث تتمزق الأوتار الدقيقة المشدودة في أعماق الإنسان والممتدة عبر الآخرين يقول الشاعر:
كأنني بين تلك الأهل منطرحاً
على الفراش أيديهم تقلبني
وقد أتوا بطبيب كي يعالجني
ولم أر الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها
من كل عرق بلا رفق ولا هون
واستخرج الروح مني في تغرغرها
وصار ريقي مريرا حين غرغرني
وغمضوني وراح الكل وانصرفوا
نحو المغسل يأتيني ليغسلني
هنا تتزلزل الأعماق حسرة وخوفاً، فهل كانت حياتنا تستحق ما فعلناه بها وهل الهدف من الحياة هو ممارسة الحياة وكفي؟؟
ثم إنني أتساءل من أين جاء الإمام زين العابدين بهذه الصورة الذهنية الواضحة عن حال الإنسان في لحظة ما بعد الموت؟؟
في هذه الأبيات المثقلة بإحساس غامض مشحون بالرهبة، إحساس باللا جدوى واللا معنى وبالمقابل مليئة بهذا التنوع الغريب والغني في تفسير الموت على عدة مستويات يواصل زين العابدين علي بن الحسين وصفه الدقيق لهذا المشهد ويقول:
فجاءني رجل منهم فجردني
من الثياب وأعراني وأفردني
وأودعوني على الألواح منطرحا
وصار فوقي خرير الماء يغسلني
واسكب الماء من فوقي وغسلني
غسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفن
وألبسوني ثيابا لا كمام لها
وصار زادي حنوطي حين حنطني
وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا
على رحيل بلا زاد يبلغني
صلوا عليّ صلاة لا ركوع لها
ولا سجود لعل الله يرحمني
هذه القصيدة تفجير لغربة الإنسان وتكريس لوحشته ووحدته وزيف علاقاته والتقاء مع الإنسانية المتعبة البائسة، والإنسان الذي يرحل عن الدنيا لا يحمل منها أكثر من قطعة قماش أبيض..
أما عن القبر وظلمة القبر فللشاعر هذا الختام في قصيدته الطويلة البليغة والتي أتمنى أن أكون قد وفقت في إيصال بعض معانيها وأبياتها إليكم.
الموت باب وكل الناس داخله ياليت شعري بعد الباب ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بها يرضي الإله وإن خالفت فالنار
هما محلان ما للمرء غيرهما فأختر لنفسك أي الدار تختار
أبو العتاهية
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : لا يتمنَّينَّ أحدُكم الموتَ لضُرٍّ نزل به، فإن كان لا بدَّ مُتمنِّيًا فليقل: اللَّهم أحيني ما كانت الحياةُ خيرًا لي، وتوفَّني ما كانت الوفاةُ خيرًا لي متَّفقٌ عليه.
- وعن بُريدة رضي الله عنه : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: المؤمنُ يموت بعَرق الجبين.
الإمام عليّ رضي الله عنه قال : "اذكروا هادم اللّذّات، ومنغّص الشهوات، وداعي الشتات، اذكروا مفرّق الجماعات، ومباعد الأمنيّات، ومدنّي المنيّات، والمؤذن بالبين والشتات".
فلا تنسوا الموت فإنه قريب
اللهم أحسن ختامي وختامكم ولقنا بربنا وهو راض عنا يا رب