أوجعت قلبي مُخبراً ومُجيبا = وقصمت ظهري ناعياً وكريبا
   ونزعت من عيني المعابة أدمعاً = وشعلت فيها لوعةً ونحيبا
   وعصفت في أذني دويّ نوائحٍ = وجعلت فجري عتمةً ومغيبا
   وأزحت عن جمر المواجع لبنةً = قد صاغها قلبي الضروع حسيبا
   وتسارعت في الصدر مثل دقائقي = دقاتُ قلبي حسرةً ولهيبا
   فسقطت لا اقوى لحمل مواجعي  = ورجفت ذرعاً منهكاً وسكيبا
   ووقفت أجمع للمصاب عزائماً = قد هدّها جورُ الزمان عصيبا
   آه , لقد مات اللذي من جوده = ملك الفؤاد من الجمال مطيبا
   لن أنسه يوماً وقلبي راجياً = فأجابني بالمكرمات حبيبا
   قد قال لي مرحى وثغره باسم = وأزاح غيري حاسداً وكأيبا
   فعلوت فيها للمناقب رغبة = وملكتُ منها رضّعاً وشبيبا
   وملكت تاجاً للجمال متوّجاً = ونهضت منها عالماً وأديبا
   ترعى وتزرع والمراعي خضرة = والكف ينضحُ معسلا وحليبا
   ولبست زيّا للرصافة معلماً = يُضفي الوقار ويُجمل التهذيبا
   وملكت من زهو الحياة بساطةً = لم تعرف التسويفَ والتكذيبا
   وحرثت أرضك قانعاً ومؤملاً = فجنيت منها خضرةً وزبيبا
   وجريت تدفع في الشوارع محملاً = وتبيع فيها جبنةً وضريبا
   ونهضت قبل الفجر تحلب جاثياً = وجمعت عشباً سائغاً ورطيبا 
   قد أنشبت سننُ المنون بحملنا = لم تُبق منا صاحباً وقريبا
   وتكاثرت فينا كجذو مشاتل = وغدت لها أرضُ الديار خصيبا
     وتتابعت جمّ الصعاب وحمّلت = منها الرؤسُ مناحةً ومشيبا
   تختارُ مثل النحل فوق مزارع = فتصيبُ فينا زاهداً ونجيبا
   للموت لم أءسفْ فموتك سنة = والموتُ حقّ لم يجار طبيبا
   الموتُ فينا رغم جهل قلوبنا = والكلّ يسعى للرقيب منيبا
   أسفي لفقدك حين قلبي نائياً = عن مقلتيك ولا يراك قريبا
   الطفلُ لم ينعم برؤية جدّه = والجدّ يرحلُ موجعاً وغريبا
   الزوجُ تذهبُ للقاء فلم تجد = أبّاً يؤانسها ولا تطبيبا
   لم تشبع العينان منك ولم تزل = في مقلتيها واحةً وعشيبا 
   يا نخل بغداد الطويل وسعفه = يا طيبةً تحوي القلوب رحيبا
   يا عمّ يا حمل المواجع صابراً = عند الكروب ويا أعزّ قريبا
   أنت العراق بطيبه ونقاءه = أنت الروافد صافياً وشريبا
     جارَ الزمان على العراق وأهله = فغدى بهم سهم المنون مصيبا
   وأذاقهم بالنائبات مصائراً = قد شاب منها جاهلاً وأريبا
   حتى تعالت في العراق تذيقنا  = من كلّ كرب مبهماً وعجيبا
   وخرجت من بلد الكرام مُراغماً = فلقيت دربي عاصفاً وكثيبا
   عشنا وربّك غربة حتى غدت = فينا المواجع مضرباً وضريبا
    وتلاحقتنا بالكروب كأنّها = فينا كمن عاشَ الحياة سليبا
   لا أهل يجمعنا بهم شوقٌ ولا = أنس يزيحُ عن الفؤاد خطوبا
   ماتت أحبّتنا ولم تحفل بهم = منّا العيون وأن علو التتريبا
   ياسين يرحمك الرحيم برحمة = ويزيح عنك مساوءاً وذنوبا
   ويريك في يوم الحساب محمداً = فتذوقُ منه شفاعة وشريبا
   تفدى عراق  الصابرين لترتقي = من كلّ بيت منحراً وصبيبا
   ولك الأكفّ الى السماء تضرعاً = أن لا يريك من الزمان نكيبا