انقراض آخر حيوان: قصة ميلوميس جزيرة برامبل (Bramble Cay Melomys)

يُعد ميلوميس جزيرة برامبل واحدًا من أحدث الحيوانات التي أُعلنت منقرضة رسميًا في العالم، وهو مثال صارخ على سرعة تأثر الكائنات الحية بالتغير المناخي وارتفاع مستوى البحار. هذه القصة ليست مجرد حكاية عن انقراض حيوان صغير، بل تحذير عالمي يبيّن كيف يمكن للتغيرات البيئية البسيطة أن تقلب التوازن البيئي رأسًا على عقب.

ما هو ميلوميس جزيرة برامبل؟
هو قارض صغير الحجم يُعرف علميًا باسم Bramble Cay melomys، وكان يُعد من الأنواع المتوطنة، أي التي تعيش فقط في مكان واحد على وجه الأرض:

جزيرة صغيرة جدًا تُسمى جزيرة برامبل (Bramble Cay)، تقع عند الحافة الشمالية من الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا.

صفاتة
- كان يمتلك فروًا بنيًا يميل إلى الحمرة.
- ذيل طويل يساعده على التوازن.
- كان يتميز بقدرة جيدة على الحفر لبناء جحور صغيرة.
- لم يكن عدائيًا، ويعيش حياة بسيطة تعتمد على النباتات البحرية.

هذا الحيوان يُعتبر فريدًا لأنه من الأنواع التي تطورت في عزلة كاملة، ولم يُشاهد في أي مكان آخر في العالم.

بيئته وموطنه الهش
جزيرة برامبل نفسها صغيرة جدًا، مساحتها لا تتجاوز بضعة هكتارات، وهي عبارة عن رقعة رملية منخفضة الارتفاع محاطة بالشعاب المرجانية.

اعتمد ميلوميس الجزيرة على:
- أعشاب البحر والنباتات الساحلية
- جحور يحفرها في التربة الخفيفة
- أماكن طبيعية للاختباء من الطيور البحرية

لكن هذه الجزيرة كانت منخفضة بشكل خطير؛ فقد كان أعلى جزء فيها يرتفع أقل من مترين عن مستوى البحر، مما جعلها عرضة لأي تغيّر مناخي أو عاصفة قوية.

بداية المشكلة: ارتفاع البحر والتغير المناخي
مع بداية القرن الحادي والعشرين، بدأت الجزيرة تتعرض لفيضانات متكررة نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب التغيرات المناخية العالمية.

وبمرور الوقت:
- غمرت المياه مساحات واسعة من الجزيرة
- تآكلت التربة التي كان الحيوان يستخدمها للحفر
- اختفت النباتات التي يعتمد عليها في الغذاء
- تعرضت جحوره للدمار الكامل أثناء العواصف

هذا يعني أن الحيوان فقد مصدر غذائه، ومأواه، وقدرته على التكاثر في نفس الوقت.

الاختفاء المفاجئ
آخر مشاهدة مؤكدة لميلوميس جزيرة برامبل كانت عام 2009.

بعدها أطلقت الحكومة الأسترالية حملات بحث ميدانية مكثفة في:
ا- لجزيرة
- المناطق البحرية القريبة
- الجزر الأخرى المحتملة

لكن لم يُعثر على أي أثر… لا أحياء، لا هياكل عظمية، ولا جحور جديدة.

إعلان الانقراض رسميًا

عام 2015:
صنّفه الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) على أنه منقرض.

عام 2019:
أعلنت الحكومة الأسترالية انقراضه رسميًا، واعتبرته أول ثديي ينقرض بسبب تغيّر المناخ الناتج عن النشاط البشري.

هذا الإعلان أثار صدمة عالمية، لأنه المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل انقراض حيوان ثديي كامل نتيجة مباشرة لارتفاع مستوى البحر.

لماذا يُعد هذا الانقراض مهمًا؟

قصة ميلوميس جزيرة برامبل ليست مجرد انقراض عادي، بل لها دلالات أعمق:
1. أول ثديي ينقرض بسبب تغير المناخ
لا سابق لهذه الحالة في السجلات العلمية.

2. انقراض حدث في زمن قصير جدًا
خلال أقل من عقدين انتقل الحيوان من “مهدد” إلى “غير موجود”.

3. درْس عالمي عن هشاشة البيئات الصغيرة
الجزر الصغيرة تواجه خطر الاختفاء الجغرافي قبل اختفاء الكائنات التي تعيش عليها.

4. تحذير للأنواع المتوطنة الأخرى
أي كائن يعيش في بيئة محدودة يحتاج إلى حماية عاجلة.

الدروس التي تعلمها العلماء من انقراضه
- ضرورة مراقبة ارتفاع مستوى البحر وتأثيره على الجزر الصغيرة.
- أهمية التدخل المبكر لإنقاذ الأنواع قبل فوات الوقت.
- أن تغير المناخ ليس “مستقبلًا مخيفًا”، بل حدث يؤثر على الحياة الآن.
- أن الحيوانات الصغيرة غير الشهيرة قد تكون أولى ضحايا التغيّر البيئي.

قصة تحمل رسالة للعالم

اختفاء ميلوميس جزيرة برامبل هو جرس إنذار لمستقبل الحيوانات والإنسان معًا.
فإذا كان قارض صغير اختفى بسبب ارتفاع بضعة سنتيمترات من الماء… فماذا سيحدث عندما ترتفع البحار عشرات السنتيمترات خلال العقود القادمة؟