منبر البوح الهادئلما تبوح به النفس من مكنونات مشاعرها.
أهلا وسهلا بك إلى منتديات منابر ثقافية.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لِمَ شحَّ سؤالُكم أيها الأحباب؟
أم أنَّ السببَ كان منَّا،
حتى ينالَنا منكم الهجرُ،
ونُجزى على الوصلِ بالقطيعة؟
أيكون ذنبًا لم يُقصَد؟
أم وشايةً لم تُحسَم؟
أم أردتم الفكاكَ من صدعتنا،
فكان لكم الخيارُ الأنسب؟
تقتاتون على فصولِ الابتعاد،
وتهرولون إلى ما يُدمي الفؤاد،
ثم تُديرون للحنين ظهوركم،
كأن الوصلَ ذنبٌ لا يُغتفر!
أم أنكم تختبرون صبرنا؟
تودّون طرقَ الباب منّا،
ومبادرتَنا بالسؤال،
كأنّ الصمتَ منكم حكمة،
ومنّا جفاء؟!
أفواجٌ من التساؤلاتِ
تزدحمُ عند ذلك الباب،
والجوابُ مُوصَد،
وعندكم فصلُ الخطاب.
وها نحن، لا زلنا ننتظر،
نحملُ بين أضلعنا صكّ الود،
نلوّح به على أرصفةِ الغياب،
علَّه يُقنعكم أن الصدور ما زالت مفتوحة،
وأنّ القلوب ما زالت على العهد،
فهل من رجوعٍ بعد طول ارتحال؟
ما لبثتُ في مقامِ الفخر أُسطّر مجدًا، أنافسُ فيه الساعين إلى مقامات الوصول.
أسندتُ ظهري إلى صخرةِ الواثقِ بنيل المأمول، وفرشتُ دربي بورودِ الخُزامى والمِشموم.
أمنياتٌ ضمّختُها في صدرِ الوجود، وحجزتُ مقعدًا أُزاحم فيه الكائنات في رحاب الكون.
غير أني لم أنلْ من كلّ ذلك سوى الخيبات، وفقدتُ من بعده كرامة الأوفياء.
إلى وداعٍ لا لقاء بعده، فلعلّ في ذلك لكلٍّ منّا سلامةُ قلبه.
ما عدتُ أُجيد الوقوف على حافة الانتظار، ولا يغريني بريقُ الأملِ المختبئ في سرابِ الأعذار،
فقد شاخت في صدري الأغنيات، وبَحّت من بعدِها ترانيمُ الرجاء.
تركتُ للأيام صفحاتٍ لم تُكتب، وسطورًا لم تُكمل، وأحاديثَ أجهضها الصمتُ في مهدِ الكلام.
سافرتُ على بساط الذكرى، أبحثُ عن ظلّ لم يعد، ودفءٍ كان لي، ثم ضاع كما تضيع الأرواح في زحام الغياب.
فلا أنا الذي وصلتُ، ولا الذين معي انتظروا، ولا الحلمُ الذي بنيتُ له ركنٌ في الحقيقة استقرّ أو استمرّ.
فدعوني أُودّعكم بصمتي، كما استقبلتُكم بخيالي،
دعوا لي ما تبقى من أنفاسي، أضمّها على جرحٍ تعوّد النبض في حضرة الانكسار.
وسلامٌ على قلبي، حين آمنَ بكم، وحينَ سامح،
وحينَ قرّر — أخيرًا — أن يُغلق الباب، ويرحل دون انكسار.
من مساحات البوح التي يبسطها صاحب الخاطرة أمام الملأ، قد تتقاطع الحروف ـ أحيانًا ـ مع مشاعر متلقٍّ يجد في الكلمات ما يشبه حاله، أو يلامس شيئًا من واقعه.
حينها، قد يظن أن ما كُتب موجّهٌ إليه، وكأن لسان الحال يقول: "أنت المقصود، فانتبه!"
وهذا من طبيعة التفاعل الإنساني؛ فكلٌّ يقرأ بعين تجربته، ويُسقط المعنى على ما في داخله.
ومع أن النصوص تُكتب بعموم المعنى، لا بقصد التلميح أو الإشارة،
إلا أن اختلاف التأويل وارد، والتأثر الإنساني مفهوم ومقدر.
وكم يكون جميلًا لو ترفّقنا بالنية، وأحسنا الظن بما يُكتب،
فما أكثر ما تحمل الكلمات من عمق لا يعرفه إلا صاحبها.
ولعل في ظهور النوايا، وتجلّي مقاصد القول، ما يعيننا على بناء جسور التفاهم،
ويُبقي للخواطر رونقها، دون أن تجرح أحدًا، أو تُساء قراءتها.