"اسكت يا قلبي , اسكت حتى الصباح, فمن يترقب الصباح صابرا يلاقي الصباح قويا. ومن يهوىالنور فالنور يهواه.
اسكت يا قلبي واسمعني متكلما"
ونحن لن نسكت عند بوغالشمس لأننا سنذهب في رحلة جديدة مع الكاتبة ريم لتحدثنا عن صباحات ضيعتهم.
وقدبدأت بوضع القارىء في الإطار العام للقرية, وفعلا ستكون الرؤية أجمل وأوضح معانتشار ضوء الصباح وحين " يبدأ النور بالتسلل رويدا رويدا"
إلى أين؟
" إلىبساتين القرية و حواكيرها" ولما تصل أشعة الشمس إلى البركة التي أنهت صلاتها تكونبيوت القرية قد نفضت عنها نعاس الليل وسار أهلها إلى حيث ينبشون عيش العائلة وقدارتدوا صباح القرية الندي المشبع بالطهر.
وكلما زادت الشمس في الارتفاع وكلمازاد ضياؤها " تظهر ذوائب الأشجار في البساتين" وتتنفس البيوت الطينية وكأن الطبيعةقد نفخت فيها الروح فاستشعر ساكنها " تنفسها،حركاتها و سكناتها"
وكما استفاقتالطبيعة وتنفست البيوت تتحرك النسوة ليعلمننا أنهن جند الضيعة اللاتي لولاهن لماكان للعيش فيها طيب ولينبهننا لدورهن الهام والمهم في استمرار الحياة . كيف لا ؟وهن من " يحملن قففا من العجين المتخمر طوال الليل" وهن من يعددن " صحون الزيت والزعتر و الجبن القريش و الشاي".
كيف لا وهن من يبعثن الحياة من جديد كل صباحللضيعة فينفخنا في التنور لتستمر الحياة ويأكل كل " كل الفلاحين و النساء والأطفال".
وليكون صباح الضيعة مغايرا لليوم الذي انقضى, ولتتجدد الحياة من جديدفلابد من " حكايات الجدات و العمات و الخالات" ولابد أن " ترتحل في عالم الأساطيرالمنسوجة بخيالهن ".
وحين تستوي الشمس على كتف السماء وترفل الضيعة في الضياءووسط رائحة الخبز الطازج تكون الحياة قد دبت حثيثة بين مفاصل القرية فينتشي الطريقبغناء النسوة .
ولأن الكاتبة ضليعة بمجاهل الضيعة فهي تعود بنا إلى زمن صباهاوتقلنا قطار الذكريات لنستمتع أكثر وأكثر ولتغرقنا في جمال الطبيعة وفي دروبالبساتين لنكتشف معها " العالم في لحظة ولادة" ولنتورط معها فيما بعد ونجني من وراءالرحلة اللوم والعتاب من الأهل , لكنه لوم " لا يمنعنا من تناول فطورنا بنهم وتلذذ".
وبعد اللوم نعود من جديد لننعم صدفة مع أهل الضيعة بعرس أحد شبابها .. ولأن " القرية كلها من عائلة و احدة" فلم يمانعوا حضورنا لنستنشق بعضا من فرح غيرمخلوط بفخامات المدن...
وقد وصلتنا الفرحة فعلا لما كان هذا" الصباح مترعا حتىالثمالة بزغاريد النساء و هن في دربهن إلى بيت العرس و تعتلي رؤوسهن صواني من الأرزالنيء الأبيض و قد زينت الصواني بالورود و الفواكه"
ولك أن تتخيل هنا السعادةالتي صُبِغت بها القرية .. لن يعم الفرح سكانها فقط بل حملتها لنا طيورهاوحيواناتها وبيوت الطين التي استعدت لهذا الفرح فاغتسلت بماء المطر وتعطرت لما تنفسطينها .
ولك أن تتخيل كرم أهل الريف في الأفراح لأن " احتفال العرس وليمة" .
فإن شئت فاغنم بعضا من وقتك واحضر صباحا من صباحات الضيعة علك تلاقي مااعترضنا من فرحة وكرم قبل أن ينطلق هذا الصباح الجديد في طرقات القرية" تماما كطفلصغير اشتروا له دراجة جديدة" وتصل متأخرا ...
لا .. لاتحزن
إن وصلت متأخراوفاتك صباح الضيعة فأكيد أنك ستلاقي مساءها...
وإن أردت أن تعرف أكثر فزر مساءاتضيعتنا لتنعم أكثر بالجديد.
وكما انطلقت صباحات ضيعتنا في الزمن لتكملدورتها وتعود من جديد أجد نفسي أمام هذا الجمع الكبير من نساء القرية وهن يطلقنالزغاريد في طريقهن لبيت العروس.
أستأذن لأني سأقف لأملي العين بهذا الجمالالطبيعي واعذروني لأني خبأت قلمي وأخرجت عدستي لألتقط بعضا من صور الطبيعة هناأحملها معي كذكرى.