تِلْكَ الجَمِيلَةْ ...
بَيْنَمَا كَانَتِ الشَّمْسُ تَبُثُّ رَسَائِلَ حُبٍّ ...
فِي لَحْظَةِ عِنَاقٍ حَمِيمِيَّةٍ لِلْكَوْنْ ...
كَانَ هُنَاكَ صَبِيَّةٌ جَمِيلَةٌ ... حَالِمَةْ ...
تَغْفُو ... عَلَى بَيَارِقِ الأَمَلْ ...
عِنْدَمَا اسْتَفَاقَ الصَّبَاحُ مُتَكَاسِلاً ...
يَفْرُكُ عَيْنَيْهِ مُتَثَائِبًا يَتَمَطَّطْ ...
كَانَتْ هِيَ مُنْهَمِكَةً فِي عَمَلِهَا الدَّؤُوبْ ...
بِتَرْتِيبِ خُيُوطِ أَشِعَّتِهَا خَوْفًا مِنْ تَشَابُكِهَا ...
بِأَنْ تَصِلَ رِسَالَةً مَا ... إِلَى العُنْوَانِ الخَطَأْ ...
فَكَمْ مِنْ خَافِقٍ بَيْنَ الضُّلُوعِ نَبَضَ بِاسْمٍ لَيْسَ لَهْ ...
مَرَّ وَقْتٌ ... بَدَا فِيهِ الصَّبَاحُ مُنْشَغِلاً ...
فِي مَلْءِ كُؤُوسِ الأُمْنِيَاتِ ...
مِنْ قَطَرَاتِ نَدىً يَلْعَقُهَا مِنْ شِفَاهِ الوَرْدْ ...
يَجْعَلُ وَجْنَتيهَا المُتَوَرِّدَتين مُضَمَّختين بِلَوْنٍ قَانٍ ...
مُعَبِّرَةً عَنْ خَجَلٍ يُرْسِلُهَا إِلَى أَبْعَدِِ مَدَى ...
وَ المُفَارَقَةُ أَنَّ الصَّبَاحَ كَانَ جُلَّ هَمِّهِ ...
أَنْ يَجْمَعَهَا لِيَغْسِلَ وَجْهَهُ مِنَ الكَسَلِ ...
أَمَّا الوَرْدُ فَكَانَ يَبْحَثُ عَنْ السَّعَادَةِ ...
وَ إِنْ كَانَتْ فِي أَحْلاَمِ يَقَظَةٍ بَارِدَةٍ حَتَّى حِينْ ...
كَمَا تِلْكَ الجَمِيلَةْ ...
الَّتِي اسْتَيْقَظَتْ عَلَى شَهَقَاتِ الوَرْدْ …
وَ هُوَ يَبْحَثُ عَنْ أُنُوثَتِهِ التَّائِهَةُ …
عِنْدَمَا هَبَّتْ نَسَائِمُ صَمْتٍ تُعَاقِرُ الاِنْتِظَارَ ...
فِي مَحَطَّةِ الغَضَبِ ...
حَيْثُ كَانَتْ تَجْلِسُ تِلْكَ الجَمِيلَةُ …
فِي رُكْنِهَا الأَيْمَنِ ...
عَلَى كُرْسِيِّ الزَّمَنِ إِلَى طَاوِلَةِ الحَنِينْ ...
مُسَمِّرَةً عَيْنَاهَا عََلَى لَوْحَةِ العِشْقِ ...
الَّتِي تَحْشُرُهَا فِي زَاوِيَةِ المَاضِي ...
فَلاَ يَجْرِفَهَا شَلاَّلٌ مُتَدَفِّقٌ مِنْ شُجُونٍ هَادِرٍ ...
وَ قَدْ تَمَلَّكَهَا اليَأْسُ وَ الضَّجَرْ ...
وَ هِيَ تُرَاقِبُ قِطَارَ الأَيَّامِ يَمْضِي ...
مَارًّا عَلَى سِكَّةِ الثَّوَانِي لاَ يَتَوَقَّفْ ...
فِي تِلْكَ الأَثْنَاءِ ... وَ بَيْنَمَا الجَمِيلَةُ وَ هَذِهِ حَالُهَا ...
تَمُرُّ غَيْمَةٌ فِي السَّمَاءِ مُتَلَبِّدَةٌ ...
تَبْحَثُ عَنْ أَرْضٍ يَبَابْ ...
وَ مَعَ اقْتِرَابِهَا ... تَتَنَهَّدُ الجَمِيلَةْ ...
وَ قَدْ أَوْقَدَتْ جَمْرَ الآهْ ... تَبْحَثُ عَنِ الدِّفْءْ ...
وَ إِذْ بِالسَّمَاءِ تَبْرُقُ مُعْلِنَةً عَنْ مَخَاضِ رَحِمٍ ...
يَنْهَمِرُ بِأَمْطَارٍ مِنْ صَبْرٍ مُعَتَّقٍ بِالمَرَارْ ...
فَسَارَعَتْ تِلْكَ الجَمِيلَةْ ...
إِلَى وَضْعِ كُؤُوسِ قَلْبِهَا عَلَى الطَّاوِلَةِ فِي اصْطِفَافْ ...
عَلَّهَا تَمْتَلِئُ بِفَيْضِ خَيْرِ مَا انْهَمَرْ ...
وَ خَوْفًا مِنْ ذَهَابِهَا سُدىً ...
اتَّخَذَتْ لَهَا مِنْ أَوْرِدَتِهَا سَوَاقيَ وَ جَدَاوِلَ ...
تَصُبُّ فِي خَزَّانِ القَلْبِ مُبَاشَرَةً ...
تَخْتَزِنُ فِيهِ الصَّبْرَ إِلَى حِينِ احْتِيَاجْ ...
فَمَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَهْلِكُهُ فِي المَوَاسِمِ العِجَافْ ...
يَهْدَأُ الوَجَعْ ... يَسْكُتُ الأَلَمْ ...
فَتَعْمَدُ إِلَى نَثْرِ بُذُورَ أَمَلٍ فِي صَحْرَاءِ حَيَاتِهَا ...
تَرْتَجِي مِنْهَا اخْضِرَاراً ...
حَتَّى إِذَا مَا اصْفَرَّتْ سَنَابِلُهَا ...
تَطْحَنُهَا بِحَنَانٍ لِتَصْنَعَ مِنْهَا رَغِيفَ حُبٍّ ...
تُحَمِّصُهُ عَلَى جَمْرِ قَلْبِهَا المُشْتَعِلِ ...
مُتَنَبِّهَةً مُنْتَبِهَةً لئلاَّ يَحْتَرِقَ مِنَ الحَيْرَةِ ...
تَأْكُلُ مِنْ رَغِيفِهَا بِنَهَمْ … تَأْكُلُ ... وَ تَأْكُلْ ...
وَ كُلَّمَا أَكَلَتْ شَعَرَتْ بِحَاجَتِهَا لِلْمَزِيدْ ...
حَتَّى اسْتَسْلَمَتْ ...
وَ جَلَسَتْ عَلى ضِفَافِ الهَذَيَانِ ...
لِتَشْرَبَ مِنْ خَمْرِ الوَجْدِ كَأْسًا تُثْمِلُهَا ...
مُطَوِّقَةً طَيْفَ كِبْرِيَائِهَا الَّذِي يَمْنَعُهَا عَنْهْ ...
بِطَوْقٍ مِنْ يَاسَمِينٍ دِمَشْقِيٍّ أَبْيَضٍ ...
هُوَ لَوْنُ قَلْبِهَا المُتَحَدِّرِ مِنْ سُلاَلَةِ الوَفَاءْ ...
لِيَتَقَاطَرَ العُنْفُوَانُ بِرِقَّةٍ مُنْتَشِيًا بِعَبَقٍ ...
يَفُوحُ طِيبُ عِطْرِهِ مُعَتَّقًا غَيْرَ آَبِهٍ بِالمَمْنُوعْ ...
وَ مَا تَزَالُ الشَّمْسُ تَبُثُّ رَسَائِلَ حُبٍّ ...
وَ مَا زَالَتِ الرَّسَائِلُ تَصِلُ ... إِلَى العُنْوَانِ الخَطَأْ ...
لِمَنْ تُقْرَعُ الأَجْرَاسْ ؟ ...
لِسَمْرَاءِ الحُبّْ ...
أَصَايِلْ ...