عرض مشاركة واحدة
قديم 03-16-2011, 05:28 PM
المشاركة 194
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (28)




تَصَوَّفَ الشِّعْرُ




في تكريم الأستاذ الشاعر
المربي الكبير عمر يحيى






عفواً براعم آمالي فديتُ هوىً
لا تذبُلي فهو في جنبيَّ يستعِرُ


تفتَّحي نوِّري أغصانَ دوحتِهِ
حتى يعطِّرَ جوَّ الدوحةِ الزَّهَرُ


هذي المواسمُ من نايٍ وقافيةٍ
راحتْ تغنِّي على أنغامِها العُصُرُ


تصوَّفَ الشعرُ في محرابِها ومضى
يهتزُّ من طربٍ إمَّا شدا عُمَرُ


فللضِّفافِ رئاتٌ من تنهُّدِهِ
وللنواعيرِ من قيثارِهِ وَتَرُ


وللطيورِ تسابيحٌ مرتَّلةٌ
وللأزاهيرِ بوحٌ مُسكِرٌ عَطِرُ


وللمنابرِ يومً الروعِ زمزمةٌ
تُتلى بحرمتِها الآياتُ والسُّورُ


* * *

يا مبدعَ السحرِ هَبني منكَ مغفرةً
إنْ لمْ يكرِّمْكَ مِمَّنْ أُبعدوا نَفَرُ


هُم من عرفتَ لهم في الشعرِ مملكةٌ
هم النبيُّونَ إنْ أهلُ الحمى كفروا


* * *

حسبي أُذوِّبُ ألحاني على كَبِدي
ومن بقايا كرومِ العمرِ أعتصرُ


لولا الحياءُ لَما أسكنتُ قافيتي
فليس في أَضلُعي خوفٌ ولا حَذَرُ


لكنَّني رغمَ ما في الصمتِ من حِكَمٍ
والصمتُ أبلغُ في آذانِ من وقروا


أقولها ورَحى الآلامِ تطحنُني
لا يعتريني بها ضَعفٌ ولا خَوَرُ


ما نحن إلا تباشيرُ الصباحِ على
أضوائنا يولدُ الإيمانُ والظَّفَرُ


أَلفيتُ كلَّ عظيمِ الشانِ مُتَّجِراً
بشأنهِ فهو في عينيَّ مُحتَقَرُ


خلِّ العتابَ فقد شطَّ الغرورُ بهم
(إنَّ الفَراشَ على الأضواءِ ينتحرُ)


ونَفِّضِ الوهمَ عن عينيَّ إنَّ يدي
مشلولةٌ وجناحي اليومَ مُنْكسِرُ


كأنَّني وسيولُ اليأسِ تجرفُني
شِلوٌ يسلِّمهُ للقاعِ منحدَرُ


أجارني الدمعُ يوماً فاستَجَرتُ بهِ
وخانني يومَ أعشى ناظريْ القدرُ


فرحتُ أحرقُ أمسي في جحيمِ غدٍ
ما زلتُ أسألُه برداً وأنتظرُ


* * *

يا حاديَ الركبِ ألحانُ الفِدا عجَبٌ
من عبْقرِ الشعرِ لا زَيفٌ ولا أَشَرُ

ما للقريضِ غدا يهذي به نَفَرٌ
شاؤوا العمايةَ حتى كادَ ينحسرُ


عابوا الأصالةَ فينا فانتضوا قلماً
تضجُّ من نتْنِهِ الألفاظُ والصورُ


وأوغلوا في غموضِ الرمزِ فاحترقوا
بمارجٍ من بروجِ الشمسِ ينفجرُ


خطّوا على الشاطئِ الرمليِّ نهجَهمُ
فإن طغى الموجُ لم يثبتْ لهمْ أثرُ


والمرجِفون تبارَوا في دوائرهمْ
حتى إذا لفَّهُمْ إعصارُنا قُبروا


وقامَ فوقهمُ العملاقُ منتصِباً
يمناهُ في الشمسِ واليُسرى بها القمرُ


ففي المجرَّةِ أصداءٌ مجلْجِلةٌ
تُحيي الأصيلَ وفي سَمْتَيْهِ تبتكرُ


* * *

يا مُسمِعَ الصُّمِّ أوتاري مقطَّعةٌ
أتتْ عليها رياحُ الغدرِ والغِيرُ


لم يبقَ منِّيَ مِنْ ظلٍّ تُؤرْجِحُهُ
أشعَّةُ الضوءِ في فَوديَّ تنكسرُ


ثم استدارتْ على قلبي فشابَ هوىً
يُدمي حناياهُ ظلًُّ الهُدْبِ واالحَوَرُ


وفارعٌ* بُتِرتْ ساقاهُ يسألُني
متى أسيرُ ؟! وتسري في دمي إبرُ


فأعطنِي الصبرَ والصمتَ الذينِ هما
سرَّا سموِّكَ في دنياكَ يا عمرُ


* * *

يا بلبلَ الدوحِ حسبي منكَ أغنيةً
يعودُ لحنُ الهوى والعمر يزدهرُ


أَسَرَّ في شاطئِ العاصي هواكَ بمن
أضناكَ في حبِّها التَّسهيدُ والسهرُ


فرحتَ تملأُ أكوابَ الهوى غُرراً
وكنتَ تحرصُ ألا يُنشَرَ الخبرُ


لكنَّه الشعرُ يا للشعرِ كم كشفتْ
آهاتُه ألفَ سِترٍ كان يستترُ


* * *

أستغفرُ اللهَ لا صبري بمنقطِعٍ
ولا سلوكيَ ظمآنٌ ولا بَطِرُ


لكنْ سمعتُ بجَوفِ الليلِ حشرجةً
كأنَّ مجدَ بلادي اليومَ يُحتَضَرُ


هوِّنْ عليكَ فهذي حالُ أمَّتنا
غِرٌّ يصولُ وشيخٌ عظمُهُ نَخِرُ


باعوا فلسطينَ .. باعوها بلا ثمنٍ
باعوا الدماءَ وفي أسواقِها سَكروا


من ذا يردُّ لقُدسِ اللهِ عزَّتَه
هل يَنتخي " خالدٌ " هل يَنبري " عُمَرُ " ؟


إنِّي سمعتُ بأرضِ الشامِ زَمجرةً
" اللهُ أكبرُ " جندُ الحقِّ قد نَفروا


بوركتِ يا شامُ يا مهدَ النضالِ على
صخرِ التحدّي سيقضي البغيُ يندحرُ


* * *

" أبا طريفٍ " وكمْ لبَّيْتَ مُندفِعاً
هذا النداءَ وكمْ أوعزتَ فَأْتَمروا


حسبُ المجالسِ إنْ آراؤها اختلفتْ
في مُعضلِ الأمرِ رأيٌ منكَ مُبتكَرُ


براعمُ الأمسِ أفذاذٌ عباقرةٌ
على خطاكَ مَشوا فانهارتِ الجُدُرُ


يروونَ للدهرِ عنكَ اليومَ ملحمةً
هامَ القريضُ بها فانسابتِ الصورُ


قلَّدتَها من كنوزِ الدُّرِّ خالدةً
يَبلى الزمانُ ولا تَبلى لها أُطُرُ


لئنْ تهدَّجَ فيها الصوتُ أرعدَه
مزمجِرٌ في الضميرِ الحرِّ مقتَدرُ


ما أنصفوكَ فهل في الدارِ مُستمعٌ
لما نقولُ وهلْ في الحيِّ مدَّكِرُ


* * *

يا واهبَ الصحبِ أوتارَ القريضِ على
أنغامكِ البكرِ ما صاغوا وما ضَفروا


هذي التسابيحُ آياتُ البيانِ على
لألائها يرقصُ الإلهامُ والوترُ


وذا " عُكاظٌ " أقاموهُ على قَدَرٍ
فراحُ يسكرُ من أنخابهِ القدرُ


وأنتَ فيهمْ إمامُ الشعرِ لا عجبٌ
إنْ كرَّموكَ فقد وفُّوا بما نَذروا





* المقصود هنا شقيق الشاعر
(غازي) وقد بُترتْ ساقاه إثر حادث