عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-2021, 09:49 PM
المشاركة 14
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8

  • غير موجود
افتراضي رد: ثريا نبوي وأمل دنقل بين الشيوخ والمسوخ.. بقلم د. محمد عباس
بعد ثلاثة عقود ونيف على رحيل الشاعر الكبير أمل دنقل وما تزال تطارده لعنة "الاتهام بالإلحاد" حيث أثارت جملته "خصومة قلبى مع الله" التى قالها فى قصيدة "مراثى اليمامة" من ديوانه "أقوال جديدة عن حرب البسوس" فتنة على صفحات التواصل الاجتماعى، بعد أن رسمتها الفنانة دنيا مسعود "وشما" على ظهرها...وقد تنبه المتربصون بـقصائد "أمل دنقل" منذ وقت مبكر و قد كانت قصيدته "كلمات سبارتكوس الأخيرة" واحدة من القصائد التى جعلت بعض الكتاب يشكون فى إيمانه...
القصيدة التى بدأها بقوله:
المجد للشيطان معبود الرياح
من قال «لا» فى وجه من قالوا «نعم»
و بالرجوع إلى قوله تعالى فى سورة البقرة «وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين»، وإلى إنجيل "لوقا الذي يقول " المجد لله فى الأعالى» فإن ظاهر النص الشعرى قد يوحى بعصيان الله ومعارضة الملائكة، لكن سياق القصيدة الذى ورد فيه الخطاب على لسان إنسان دعا الله إلى تكريمه، وأن هذا الإنسان ـ" سبارتكوس" عبدٌ مطالبٌ بالسجود لقيصر وقد دعا الله إلى عتق الرقاب، فإن الكفر فى هذا السياق ينسب إلى قيصر الحاكم المتغطرس الذى رفع معارضته إلى مستوى العصيان الإلهى، وليس إلى الشاعر الذى كان لسان المحرومين والبسطاء وارتدى قناع سبارتكوس محرر العبيد....
وأنا اشاطرك الراي شاعرتنا القديرة في تحليلك النافذ وقراءتك العميقة ، واختم قولي ب : اذا خلد ابو القاسم الشابي بعبارته الشهيرة “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر”، فإن " أمل دنقل " قد أوقف التاريخ على أطراف أصابعه بعبارته :
"لا تُصالحْ
ولو منحوك الذهبْ
أترى حين أفقَأ عينيكَ
ثم أثبتُ جوهرتين مكانهما
هل ترى؟
هي أشياء لا تُشترى."
موضوع يستحق الإشادة.
رحم الله" أمل دنقل" وجزاك الله شاعرتنا ثريا عن هذه المنافحة خير الجزاء..
إحترامي الجم.

.
تحية طيبة أخي محمد

وجزيل الشكر لما أضفت لموضوع قيم كهذا من إضاءات وإضافات.
فقد عرفت كثير من الديانات الوثنية وحتى بعض الجماعات الدينية الحديثة كالنورانيين عبادة الشيطان، وذهب بعضها إلى حد جعله ندا لله ( حاشاه عز وجل)، بل يشاع أن الطائفة الإيزيدية بالعراق تقدس الشيطان وتسميه "طاووس"، والشاعر أمل دنقل استمد شخصيات قصيدته من الأدب الأوربي المعاصر الذي يتفشى الإلحاد وتقديس الإنسان في كتاباته.
ورغم الإعجاب بقصيدته وقيمتها الفنية والجمالية فإنها تحمل مضامين لا تتناسب مع العقلية العربية الإسلامية، فالشيطان يحمل كل دلالات البشاعة والشرور، وحتى العرب في الجاهلية كانوا يتمثلونه بكل أشكال القبح المتصورة، ولذلك شبه الله عز وجل شجرة الزقوم برؤوس الشياطين { طلعها كأنه رؤوس الشياطين}
ولا ريب أن الشاعر استدعى شخصيات تاريخية، كرموز لرفضه للنظام السياسي العربي الفاسد، رغم مخالفتها للواقع التاريخي، فسبارتاكوس عاش قبل زمن القياصرة، ولم يكن معارضا للنظام السياسي الروماني بل كان يسعى إلى الخلاص والهروب بعيدا عن حكم روما، كما أن الرومان لم يقدسوا الشيطان بصورة واضحة،
وربما كان حريا بأمل دنقل أن يبتعد عن عبارات تجعل إيمانه بالله قابلا للتشكيك، خصوصا وأنه مطلع وبشكل واسع على الثقافة العربية والإسلامية. وإن كان قد تأثر بأحداث عصره، فقد عاش في فترة سطوع نجم الفكر اليساري الإلحادي سواء على المستوى السياسي أو الأدبي.
وبعيدا عن الجدل الكبير الذي سببته قصائده ودفعت الكثيرين إلى اتهامه بالإلحاد، تذكر عبلة الرويني زوجة الشاعر في كتابها" الجنوبي" أنه نطق بالشهادة قبل خضوعه لعملية جراحية بسبب مرض السرطان.

تحياتي وتقديري للشاعرة القديرة ثريا وللأديب المبدع أبو الفضل نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة