عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3100
 
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي


محمد فتحي المقداد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
650

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7788
07-22-2011, 01:10 AM
المشاركة 1
07-22-2011, 01:10 AM
المشاركة 1
افتراضي مسبّة دين ( بقلم - محمد فتحي المقداد)*
مسبّة دين
قصة قصيرة
( بقلم- محمد فتحي المقداد)*

السكون يلفّ المكان, بينما هو مستغرق في غرفة المكتب يغوص في دفاتر الحسابات, يدقق ما دخل وما خرج من مستودعه, وحده صوت دقّات الساعة هو الذي يسيطر على أجواء تلك اللحظة في المكتب الذي يقبع في الطابق الأرضي من البيت المستأجر من طرف الإدارة الحكومية, أما الطابق العلوي فيسكنه أصحابه, الذين يتشاركون مع المستودع في المدخل الرئيسي للبيت.
وبلا سابق إنذار شقّ صوتها لحظة الهدوء, وزلزل فترة الصمت التي استغرق فيها ذلك الموظف نصف ذلك اليوم من دوامه, مما جعله يرفع رأسه عن السجلات, ويصرف عينيه عبر باب غرفة المكتب إلى الطريق الذي يراه, كون باب المكتب على استقامة مع الباب الرئيسي, ويمسح جبينه بعصبيّة غاضبة, وهو يطلق زفرات عميقة متبوعة بلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.
عندما أصابته صدمة مسبّة الدين من مثل تلك المرأة التي تبدو بشكلها الخارجي من المؤمنات, التي يستحيل على مثلها أن يصدق مما سمعه منها لو لم يسمعه بأذنه بشكل مباشر, وقد كان يرسم في مخيلته صورة المرأة بلباسها ونقابها, و الذي يبدو منه التمسّك بالمبادئ الدينية.
فجأة باغته شريط الذكريات الذي توقف عند ذلك اليوم الذي فوجئ فيه بمسبّة للدين, من ذلك الشيخ ذو العمامة المتينة, الذي كان يباشر كلّ مهامه الدينية من إمامةٍ وخطابةٍ ووعظٍ وإرشاد ديني, ولكن ما إن يُستغضَب حتى يفور الدم في أعصابه, و لا يتمالك نفسه فينطلق بالسبِّ والشتم كالذي كان من المرأة.
توقف الزمان في تلك اللحظة التي كسرت رتابة العمل الوظيفي الذي يقوم بنفس الروتين كل يوم, ورمى القلم من يده الذي ارتطم بالجدار حيث تناثرت شظاياه, ومع توقف الزمن, توقف عقله وشُلّ عن التفكير لهول الصدمة بمثل فعل تلك المرأة الذي استدعى ذكرى الشيخ, وراح في استغراق عميق لتحليل ما حدث في الموقفين المتباعدين زمناً المتناقضين نوعاً المتفقين شكلاً, فطوى دفاتره ونظر للساعة التي أشارت للثانية وهو انتهاء الدوام.
--------------------------------- انتهى