عرض مشاركة واحدة
قديم 08-25-2010, 03:07 AM
المشاركة 31
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المشهد الحادي عشر
( كل نفس ذائقة الموت )




بسم الله الرحمن الرحيم
( كل نفس ذائقة الموت )
قيل : لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة :
متنا وعزة الله – فعند ذلك أيقن كل ذي عقل وروح أنه هالك – نعم –
كل مخلوق له جسد وعقل وروح لا بد أنه هالك
يموت الصغير والكبير
الأمير والوزير يموت كل عزيز وحقير وكل غني وفقير يموت كل نبي وولي
وكل نجي وتقي
يموت كل زاهد وعابد وكل مقر وجاحد
يموت كل صحيح وسقيم وكل مريض وسليم
كل نفس تموت غير ذي العزة والجبروت
ألا كل مولود فللموت يولد *** ولست أرى حيا عليها يخلد

= وحكي عن بعض العباد أنه كان يصلي
فقرأ الآية ( كل نفس ذائقة الموت) وجعل يتدبرها ويرددها
فسمع قائلا يقول : يا هذا الى كم تردد هذه الآية ؟
فوالله لقد قتلت بها أربعة من الجن ما رفعوا رؤوسهم إلى السماء قط حياء من الله تعالى ولقد ماتوا من ترديدك هذه الآية

الموت لا والداً يبقي ولا ولداً ***هو السبيل إلى أن لا ترى أحدا
مات النبي فلم يخلد لأمتــــــــه*** لو خـلد الله حيـاً قبـــله خلــدا
للموت فينا سهام غير مخطئة *** من فاته اليوم سهم لم يفته غدا
ما ضر من عرف الدنيا وغدرتها *** ألا ينافس فيها أهلهــا أبــدا

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال :
أفخر بيت قاله شاعر :
ألا كل شيء ما خلا اللهَ باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل

= قال عبد الله بن مسعود إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة
وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة
فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد خيراً ومن زرع شراً
فيوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع
لا يسبق بطيء بحظه ولا يدرك حريص مالم يقدر له

اذن الموت يأتي بغتة
أي يباغت الجميع ولا أحد يتوقع موعد خروج الروح من الجسد
ولكن المريض مرضاً شديداً يكون قد أعطي إنذاراً وهذا من حسن حظه
فيكون الموت إليه أقرب من الحياة
أما الموت المفاجئ فهذه الميتة مكروهة للإنسان لأنه لا يعطي الفرصة في التراجع
ولا مجال فيه للتوبة اذا كان الإنسان عاص لربه
فاللهم انا نستعيذ بك من موت الفجأة .

= ويقال : ان للموت عدة إنذارات تأتي على الإنسان لكنه لا يتذكر الموت عندها
فأولها : الشيب – وقد قالت العرب : الشيب ناعي – أو شيبك ناعيك
فشيب الرأس علامة من علامات الضعف
واشارة الى أن الانسان قد دخل مرحلة جديدة من مراحل حياته ينبغي فيها أن يبدأ بتصحيح ما فات والندم عليه .

= وقد جاء في بعض الكتب :
أن مناديا ينادي من السماء الرابعة كل مساء
أبناء الأربعين ماذا قدمتم ؟ أبناء الخمسين زرع دنا حصاده
أبناء الستين قد أتتكم الساعة فخذوا حذركم
وأتتكم الساعة أي حضرت وفاتكم – لأن الانسان تقوم قيامته عند وفاته
وهي مرحلة الخروج من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ في انتظار الساعة .
وثاني هذه الإنذارات: المرض والعجز اللذان يذكران العبد بالضعف
فقد روي أنه سؤل الشافعي : لماذا تدمن إمساك العصا ولست بضعيف ؟
قال: لأذكر أني مسافر من الدنيا

= وبنفس المعنى قال أبو محمد الجعفري :
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها*** علي ولا أني نحلت من الكبر
ولكنني ألزمت نفسي حملها*** لأعلمهــــا أنــــي المقيـــــــم على سفر
هذا وفي عيادة المريض ذكرى وإنذار للإنسان الصحيح بأن المنية قريبة من أي إنسان
فهذا المريض الذي عدته كان قوياً متماسكاً لكن المرض أقعده وأضعفه وأبلى جسده

= فعن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال :
إن الله تعالى يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
قال : يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟
قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده
أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده
يا ابن آدم استطعمتك ولم تطعمني
قال : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين
قال : أما علمت أنه استطعمت عبدي فلان فلم تطعمه
أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني
قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟
قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمت أنك لو أسقيته لوجدت ذلك عندي.

= فهل منا من يتعظ بالمرضى عند زيارتهم
وهل منا من يتذكر أن هذا المرض إنما هو إنذار من رب العالمين للعبد
فقد روي أن مرض الأجسام للمتقين ومرض القلوب للفجار
فعندما يمرض الإنسان أو يعاني من علة اعتل بها وآلمته عليه أن يعرف أنما هذا للذكرى
حتى يذكر أنه مسافر من الحياة الدنيا الى الحياة الآخرة

= نعم كل شيء هالك ومنته وفان إلا وجهه الكريم
كل ما على الأرض مآله الى الزوال والانتهاء إلا هو الأزلي الدائم الموجود
والباقي إلى الابد
يقول الامام علي :
رأيت ربي بعين قلبي *** فقلت لا شك أنت أنتا
أنت الذي حزت كل أين *** بحيث لا أين ثم أنتا
فليس للأين منك أينٌ *** فيعلــــم الأين أين أنتا
وليس للوهم فيك وهمٌ *** فيعلم الوهم كيف أنتا
وفي فنائي فنى فنائي *** وفي فنائي وجدت أنتا
أحطت علما بكل شيء *** فكل شيء أراه أنتا

= الموت لا يستثني أحداً لا الصغير ولا الكبير ولا الغني ولا الفقير
ولا العظيم ولا الحقير
ولا الغبي ولا الفهيم - ولا المريض ولا السليم
فيقال يسأل قوم قوما آخرين ليطمئنوا على صحة المريض فيقولون :
كيف أصبح مريضكم ؟ فيردون : صحيحنا مات

= هذا المريض الذي يتوقع الجميع موته لا يموت وهذا الصحيح الجسم المفتول العضلات قوي البدن مرفوع القامة صلب العظم -لا أحد يتوقع موته
فيسألون عن المريض ضعيف الجسم وهن العظيم محني الظهر – كيف أصبح ؟
ويكون الرد : الصحيح هو الذي مات .

= ويقال : سافر شاب مع أمه العجوز وأبيه الشيخ المريضين لأداء فريضة الحج
وقام على رعايتهما على أحسن ما يكون
فكان يحملهما على ظهره ليذهبا الى المسجد للصلاة ويعود بهما
وفي أحد الأيام وقف الجميع للصلاة فما أن كبر الامام حتى سقط الشاب أرضاً
وفارق الحياة
فعاد الأبوان الى بلدهما ومعهما ابنهما الشاب الذي كان يحملهما
عاد محمولا في نعشه
فسبحان الله الحي الذي لا يموت .

هل تأكدت الآن أن الموت لا يفرق بين ضعيف وقوي
فلا تنتظر الموت لأحد المرضى في بيتك بل انتظره أنت
فلربما تموت قبله!!
ولربما هذا المريض يعيش بعدك سنوات

فكم من صحيح بات للموت آمنا** *أتته المنايا بغتة بعدمـــــا هجع
فلم يستطع اذ جاءه الموت بغتة ** *فرارا ولا منه بقوتــــــه امتنع
فأصبح تبكيه النساء مقنعا ولا *** يسمع الداعي وان صوته ارتفع
وقرب من لحد فصار مقيله *** وفارق ما كان بالأمس قد جمـــــع
فلا يترك الموت الغني لماله *** ولا معدما في المال ذا حاجة يدع

= فالموت لا يبقي حيا على قيد الحياة
فقد يأخذ الصحيح قبل المريض
وقد يباغت القوي قبل الضعيف

انتهى المشهد ................................
ألقاكم في الغد القريب .. بإذن الله تعالى ..
هذا ان عشنا ليوم الغد



..... يتبع
تحياتي ... ناريمان