عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-2011, 11:03 PM
المشاركة 2
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سيدي : مَنْ أنت ؟
العقاد:
( أنا ! (1)
الكاتب الأمريكي (( وندل هولمز )) يقولُ :
إن الإنسان - كلّ إنسانٍ بلا استثناءٍ - إنما هو ثلاثةُ أشخاصٍ في صورةٍ واحدةٍ .
الإنسانُ كما خلَقَهُ الله ُ .. و الإنسانُ كما يراهُ النَّاسُ .. و الإنسانُ كما يرى هو نفسَهُ ..
فمَن مِنْ هؤلاء الأشخاص الثلاثة هو المقصود بعباس العقاد ؟..
و مَن قال إنني أعرفُ العقادَ كما خلقه الله؟
و مَن قال إنني أعرفُ العقادَ كما يراه النَّاسُ ؟
و مَن قال إنني أعرفُ العقادَ كما أراه , و أنا لا أراهُ على حالٍ واحدة كل يوم ؟
هذه هي الصعوبة الأولى , و لا أتحدثُ عن غيرها من الصعوبات .
و لكني أضربها مثلاً واحداً من أمثلة كثيرة . ثم أختصر الطريق و أنتقلُ إلي الموضوع من قريب.
إنني لن أتحدث بطبيعة الحالِ عن (( عباس العقاد)) كما خلقه الله .
فالله جل جلاله هو الأَولى بأن يُسأل عن ذلك..
و لن أتحدثَ بطبيعة الحال عن ((عباس العقاد)) كما يراه الناس , فالنَّاس هم المسؤولون عن ذلك.
و لكن سأتحدثٌ عن العقاد كما أراهُ .

عباس العقاد كما أراه - بإختصار - هو شيء آخر مختلف كل الإختلاف عن الشخص الذي يراه الكثيرون , من الأصدقاء و الأعداء .. هو شخص استغربه كل الاستغراب حين أسمعهم يصفونه أو يتحدثون عنه, حتَّى ليخطرَ لي في أكثر الأحيان أنهم يتحدثون عن إنسانٍ لم أعرفه قط و لمْ ألتقِ به مرة في مكان.
فأضحك بيني و بين نفسي و أقول: ويلٌ للتاريخ من المؤرخين ..
أقول , ويلٌ للتاريخ من المؤرخين لأن النَّاسَ لا يعرفون من يعيشُ بينهم في قيد الحياة و من يسمعهم و يسمعونه و يكتب لهم و يقرؤونه , فكيفَ يعرفون من تقدم به الزّمن ألف سنة ,و لم ينظرُ إليهم قط و لم ينظروا إليه ؟ ..
فعباس العقاد هو في رأي بعض النّاس مع اختلاف التعبير و حسن النية , هو رجلٌ مفرط الكبرياء .. و رجل مفرط القسوة و الجفاء ..
و رجل يعيش بين الكتب , و لا يباشرُ الحياة كما يباشرها سائر النَّاس .
و رجلٌ يملكه سلطان المنطق و التفكير و لا سلطان للقلب و العاطفة عليه .
و رجلٌ يصبح و يمسي في الجدِّ و الصارم فلا تفتر شفتاه بضحكةٍ واحدةٍ إلا بعد استغفارٍ و اغتصاب.
هذا هو عباس العقاد في رأي بعض النَّاس .
و أقسمُ بكلِّ ما يقسمُ به الرجلُ الشَّريفُ أنَّ عباس العقاد هذا رجلٌ لا أعرفه ,
و لا رأيته , و لا عشتُ معه لحظةً واحدةً .و لا التقيتُ به في طريقٍ .. و نقيض ذلك هو الأقربُ الصوابُ.
نقيض ذلك هو رجل مفرطٌ في التواضعِ و رجلٌ مفرط في الرَّحمة و اللين و رجلٌ لا يعيشُ بين الكتِ إلاّ لأنّه يباشرُ الحياة , و رجلٌ لا يفلت لحظة واحدةً في ليله و نهاره من سلطان القلب و العاطفة و رجل وسِع شدقاه من الضحك ما يملأُ مسرحاً من مسارح الفكاهة في روايات شارلي شابلن جميعاً ..
هذا الرجل هو نقيض ذلك ..
و لا أقولُ إن هذا الرجل هو عباس العقاد بالضبط و التحقيق , و لكني أريدُ أن أقول انهم لو وصفوه بهذه الصفة, لكانوا أقرب جداً إلي الصَّواب , و لأمكنني أن أعرفه من وصفه إذا التقيت به هُنا أو هٌناكَ , خِلافاً لذلك الرجل المجهولِ الذي لا أعرفهُ .)(ص27-29)
1. (أنا): اسمُ كتاب للعقاد .