عرض مشاركة واحدة
قديم 05-16-2016, 10:39 PM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحياة واجب نعيشه بحلوه و مره ، برتابته القاسية ، بعفوية سلوكنا حينا ، و ما نتصنعه من أفعال و مواقف احتراما للأشخاص ، للوسط ، للثقافة ، كم مرة عدت إلى مكان كان بالأمس محبوبا ، و قريبا إلى قلبي فوجدتني لا أستطيع تحمّله ، أحس دوما أن العودة نوع من التقهقر و نوع من النكوص و نوع من الاستسلام ، أو عدم قدرة على التقدم ، قد يكون الماضي جزءا منّا ولا شكّ، لكن يبقى طيّ النسيان و يبقى أكبر توقير وتكريم له هو غلق منافذ التسلل إليه بإحكام ، ففيه تكمن زوابع و عواصف لو اجّجتَ لهيبها ، لأدميت جراحا عوّدت النفس على مهادنتها و لو تجاهلا ، على يقين أنا أن لو أتيحت الفرصة لشخصي للبداية من جديد فلن أكون إلا ما أنا عليه ، و لو فتح هذا السفر إلى الماضي يوما فما كنت من المسافرين .
الماضي جزء مات وانفنى و أصبح رمادا باهت اللون و الذوق ، لعل هذا التقديم كاف ليعرف القارئ الكريم مدى صعوبة العودة إلى الماضي و عيش تفاصيله في نظري ، سأفشل حقا في ترجمة من أنا و تلك مغامرة وتحدي قد يحمساني لاختباره ، كما أنني على يقين أن كل الذين كتبوا سيرهم و مذكراتهم طغت اللحظة على حياتهم و اسقطوا الحاضر على الماضي فغابت الموضوعية ، موضوعية ما كانت أرواحهم تجترحه لحظة الفعل في لحظة التنزيل للقدر ، رسم الصورة الحية للوجود ، قد لا يستحلي البعض مثل هذا التفلسف و نحن ألفنا تلك الجمل القصيرة المترعة بالانشراح ، الغارقة في الزيف ، المتناهية في تبسيط الكائن الأكثر تعقيدا على وجه البسيطة . لا أخفيك أن هذا السؤال الوجودي كان يؤرقني إلى اليوم ، فمن أنا؟ يا ترى ؟ هل تلك الصورة التي يراها الناس كل يوم ومنهم من يستحسن طلعتها و تطبع في نفسه انطباعا إيجابيا و من يقشعر جلده كمدا و غيظا متمنيا لها التواري، و من لا تثير في نفسه شعورا مريحا ولا سيئا فتكون كتلك الأشياء الزائدة في الوجود الفسيح الشاسع .
هل أنا سيرة ذهن يحاول تركيب جملة من الأفكار تترجم الحياة بمصداقية، هل أنا ما صنعه من حولي من قشريات التعارف من اسم و مكان مولد و زمان ولادة و نوع تربية ، هل أنا مواقفي الإيجابية منها والسلبية ، هل أنا ما برمجته من خطط للحياة أو ما قمت به إرضاء للآخر بغرض التعايش .
من أنا ؟
هل هناك منبر فعلا قادر على تحمل شغبي ، تحمل من أنا فعلا ، وهل لدي الجرأة لأقول من أنا إن أتيح مثل هذا المكان ، هل وصلنا ثقافيا و إنسانيا إلى درجة التقبل والاحترام اللازم للخصوصية و البوح؟ أكيد كل تلك التساؤلات مشروعة ، والإجابة عنها كافية لتقول لن تنجح في اختبار إنجاز السيرة ، دون الوقوع في تزييف الذات و تلك مغالطة للقارئ و مغالطة للنفس ، إنها نوع من الانفصام حين تكون مضطرا لسلب جزء منك من الوجود ، وجود فعلي ، لا ظني .

الأستاذ أيوب صابر

شكرا لك على الاستضافة في هذا المنبر و سأكون في انتظار أسئلتك و أسئلة أعضاء منابر ، و سأحاول الإجابة بشكل مباشر أحيانا و سأحوم حول الإجابة حينا .

تقديري أيها الرجل الرشيد