عرض مشاركة واحدة
قديم 04-26-2012, 11:24 PM
المشاركة 6
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
س‌1- هل لك أولا أن تعرفنا على نفسك:
أ‌- الاسم الكامل:
ب‌- مكان الولادة :
ت‌- سنة الولادة:
ث‌- مجال الإبداع:
ج‌- طبيعة ومجال عمل الأب وألام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذات ربيع , ولما فاض كرم الطبيعة وكست الأرض رداء أخضر تزينه الأزهار وتسكنه مخلوقات الأرض المتعطّشة لرشفة دفء ونفس حياة ..
ذات ربيع .. لمّا عادت الطيور إلى أعشاشها والجداول إلى مجاريها تعزف لحن الوجود ..
ذات ربيع .. وقبل أن تسرّح الشمس ظفائرها الذهبية , تخلّصت والدتي - حفظها الله - من ألم المخاض وأخرجتني إلى الحياة برعما غضا , طريا ..
ذات ربيع فرح والدي - رحمه الله - بابنه الآخر أيّما فرح .. كان يستعدّ لفرحة عيد الشغل فوهبه الله فرحة ثانية أعظم ..
احتضن والدي فرحتيه وسعى إلى رفاقه - وهو النقابي - يبشّرهم بميلاد ابنه الثالث في غرّة ماي 1970 .
ازدانت تونس بلدي بأعلام الزينة احتفالا باليوم العالمي للعمّال ورفرفت الفرحة داخل منزلنا بهجة بوصول المولود الجديد إلى الدنيا سالما .
وامتدّ الربيع بين مفاصل بيتنا ..
كانت أمي تلك المرأة التي انقطعت باكرا عن الدراسة لما تقدّم لها والدي خاطبا .. كيف تكمل دراستها وهي ستصير زوجة لموظّف في شركة الفسفاط ؟
عليها أن تكون عونا له حين عودته من عمق المنجم مهدودا , مكدودا .. من حقه عليها أن يجد طعاما ساخنا ومتوازنا حتى ينسى تعب العمل ..
وفعلا فهمت والدتي ما لها وما عليها حتى صارت ظلّه ومكمن أسراره ومستقرّ راحته ..
وفي راحتيهما انتشر الدفء في منزلنا ..
كنّا ننتظر السعادة يحملها إلينا والدي كلما عاد من المنجم ..
كان صيّادا ماهرا .. لا يعود من العمل إلا وبين جنبيه سعادة يزرعها بيننا ..
وذات شتاء تأخّر أبي عن موعده المعتاد .. لم يقدم علينا رغم انتظارنا له بكل شوق ..
قال أخي الأكبر : الأكيد أن طبيعة العمل أخّرته
قالت أمي : ليس من عادته التأخير
التفت لأختي الصغيرة فسرت بيننا عدوى الضحك
نهرتني أمي وهدّدني أخي بالضرب
عاد الوجوم , وعدنا للانتظار
لم يقدم أبي , لم يحمل معه السعادة التي ننتظرها ..
مات والدي في حادث شغل وقبرت معه الفرحة وأظلم بيتنا وعشّش فيه الحزن والكآبة ..
كنت صغيرا .. لم أتجاوز التاسعة من عمري ..
لم يهمّني الأمر كثيرا .. لم أحزن مثل حزن والدتي وأخويّ ..
لم أظن أن الموت خطير .. لم أحسب لفراقه حسابا .
كنت أظن الموت عملا سينهيه والدي ويعود ..
لكن انتظاري طال ..
وكلما مرّ يوم يفرّخ الحزن في ذاكرتي .. تنمو دمامل الندم في قلبي وتجرحه .. تزيد من عمق الجرح فيه ..
صرت أبحث عن أبي في كل مكان
في الحلم حاولت أكثر من مرة فلم أظفر به
لمحته مرة يمشي مشيته المعهودة فهرولت إليه طربا لكن صدمتني صورة رجل آخر لما التفت إليّ وابتسم لي ومرّ غير آبه بشوق طفل .
ومرّت الأيام .. والسنون ..