عرض مشاركة واحدة
قديم 04-19-2021, 02:21 AM
المشاركة 13
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: المأساة من منظور فلسفي
مرحبا بالأستاذ عبد الوهاب
وشكرا للأستاذة ياسمين على تثبيت الموضوع
وشكرا لكل المتدخلين الذين أثروا الموضوع
ومداخلتي كالتالي:

المأساة




المأساة في اللغة هي المصيبة، وفي الأدب هي حكاية لها نهاية مؤلمة، ويعتبر نيتشه من المعجبين بالمأساة ويعتبرها باكورة الأدب فهي تجعلنا نحس بالخلاص وهو نوع من التطهير الأرسطي، لكن نيتشه يراها نوعا من التربية على المأساة لاقتحام الصعاب ويتجلى ذلك بجعله الحياة تدفقات للمصائب *وحلبة لممارسة القوة والذي لا يستطيع تحمل المآسي مجرد إمعة يستحق أن يسحق ولا ينتمي للصفوة. لكن بطل المأساة وبدون منازع هو سيوران الذي يعتبر الوجود مأساة حقيقية. ولأن الإنسان كائن واع فمأساته تتجلى في وعيه الذي لا يستطيع صياغة معنى للوجود، بل كل محاولة لصياغة ذلك المعنى تجعله ينفصل عن الدفق الحيوي للحياة ويعتبر الأرق خير تمثيل لتلك المفارقة فكأنك تحاول أن تنام وكلما *اقتربت من القبض على النوم ابتعدت عنه. أظن أن هذه المقاربات للمأساة ليست دقيقة بما يكفي لتنال القبول، وفيها إسقاطات ذاتية للمآسي الشخصية. رغم أنه يصعب الفصل بين الذات والموضوع في القضايا الفلسفية.*

فالمآسي بقدر بشاعتها لها بعض ضرورة لتستمر الحياة، وحتى والحياة تسير بشكل طبيعي فالإنسان يحس أحيانا أنها رتيبة، فالمآسي لها دور في تغيير المشهد. وإلا أصبحت الحياة مأساة بعينها كما عند نيتشه وسيوران. في الحياة كأي إنسان رأيت *مآسي حقيقية وتهدمت أمام عيني قامات لا ينبغي لها ذلك، فهناك من انتحر وهناك من مات في حادثة سير وغيرها من المآسي، لكن كل ذلك لا يؤثر على السير العادي للحياة، نقول في مثلنا الشعبي سواء التحقت بالرقص أو امتنعت فالرقصة مستمرة وقائمة لأنها اجتماعية، فالحياة بشكل من الأشكال لا تبالي، لذلك من الأحسن أن تلتحق بالركب وتعيد صياغة المعنى ولو تعذر استكمال المعنى السابق بذلك وحده تكتسب شرف المشاركة في الحياة، بدل الاكتفاء بدور الملاحظ، لذلك تجد الذي ملكته المأساة لا يستطيع الخروج من زنزانتها، ولنا في الفكر الشيعي بعض عبرة، إذ تم فيه تضخيم المأساة على حساب السير العادي للأمور، ولا يزال البكاء على الأطلال عقيدة فكرية للمظلومية، وتتجلى هذه الظاهرة في العنصرية الصهيونية التي تعيش على مظلومية الهولوكوست. المأساة تجعلك تبرر العدوان والعيش على الفتن. أو تجعلك خارج الدور وتستسلم. لذلك تعتبر مقاربة نيتشه عدوانية ومقاربة سيوران استسلامية. وكلاهما ينطلقان من نموذج الحيوان السامي ويريان الوعي نقيصة، والوعي كما الحياة والغرائز أساليب وجودية تندرج في السياق الكلي للوجود. وبدون وعي لا يستطيع الإنسان التموضع بشكل جيد على خريطة الموجودات وممارسة الوجود بأريحية. فالفرق بين الحيوان والإنسان بين وظاهر فهو التعايش مع الطبيعة والابتكار فيها بعد وعيها. وليس استسلاما خالصا وليس قهرا مضاعفا.*

فالمأساة معطى حاضر كباقي المعطيات ومعالجتها عن طريق الوعي ممكنة.