عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2015, 01:58 AM
المشاركة 10
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قد لا نختلف كثيرا أستاذ عمرو مصطفى . فالغاية التي خلق لها الإنسان هي عبادة الله ، و العبادة طاعة ناجمة عن حب الله و تأتي بعد معرفة يقينية بوجود الخالق ، وهي اختيارية من غير إكراه ، فالتذكير عمل صالح و الدعوة إلى الله كلها خير و كلها عبادة وهذه أمور لا شك فيها ، و لن تجد من يجادل فيها .

فأين يوجد الإشكال الحقيقي ، لاشك أن وراء الاختلاف حكمة كبيرة لا يعرفها إلا الذي خلق الناس شعوبا و قبائل ، وجعلهم هكذا أمما ، و لم تشأ حكمته أن تجعل منهم نسخة على قلب رجل واحد ، و تلك سنة سنها الله في الحياة الدنيا ، فالذي يسعى إلى جعل الناس على منهج واحد فهو واهم لا أكثر ، فالإنسان عندما خلقه الله لم يخلقه لأنه محتاج لمن يعبده ، فالله غني عن العالمين سبحانه . فلا أدل على هذا الاختلاف ما نشاهد عليه الفرق الإسلامية اليوم ، فهي كلها تنهل من نفس المعين ، لكن لكل منها أولوياتها ، و لكل منها أسسها المعرفية التي تستنبطها من الكتاب والسنة . وتصل هذه الفرق حد التناحر والتنافر و التناقض ، و السبب هو في أنانيتها و سعيها إلى احتكار الحقيقة ، مما يجعلها تلجأ إلى المنهج الإقصائي و عدم قبول الآخر .

أعلم أن الإسلام منهج متكامل ، و صالح لكل زمان و مكان ، و قابل للحياة ، لكن لن يتم تنزيله بدون اجتهاد حقيقي ، يقف على الضوابط الحقيقية التي يمكن من خلالها تحقيق الحد الأدنى من الالتزام ، هنا نحن بحاجة إلى الثقافة الغربية ، فلا يمكن أن تحمل فكرا أنانيا و اقصائيا و تبني به أمة ، فالغرب يعج بمختلف الطوائف و مختلف الملل والنحل ، لكنها استطاعت أن تتعايش ، و يحترم بعضها بعضا في ظل القانون و العدالة ، وهذا فكر ليس شيطانيا بل عصارة اجتهادات و توافقات و احترام سنن الله في كونه .

فهل نستطيع أن نقرأ واقعنا بحكمة و نترجل من أبراجنا العالية و نؤمن أننا متخلفون أولا ، و نحتاج إلى تصحيح المسار ، أم سنبقى نجتر و نفرمل الحياة في انتظار أن يؤمن الجميع بمذهب واحد . إن العبادة عمل صالح ، وكل من استطاع أن يحد من هذه الفتن التي ترزح تحت وطأتها أمتنا و هذا التخلف المغلف بالأنانية المعصومة ، يكون خير العابدين . لأن هذه أولوية عظمى في زماننا هذا ، و هو ابتلاء شديد لن ينجح فيه غير مؤمن صادق الإيمان عارف بزمنه ، وغير قابع في القرون الخالية .

وشكرا