عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
12

المشاهدات
7631
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,731

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
02-16-2011, 04:51 PM
المشاركة 1
02-16-2011, 04:51 PM
المشاركة 1
افتراضي ++ حسنا وأسعد ++ حصري لمنابر الخير
++ حسنا وأسعد ++




* الفصل الأول *


* أريد أن أتزوج *




قرانا الجميلة. . تنعش القلب . . تحيي الفؤاد . . وتبعث البهجة . . تتخللها مناظر من صنع الإله . . أشجار وارفة . . ينابيع حلوة . . ثمر ناضج . . بساتين على مد البصر . . وقناعة . .


في كل فصل . . يبرز موسم ما . . فيفرض نفسه على كل شيء . . على الحياة الاجتماعية . . والحياة الاقتصادية . . كما وتكثر بعده حالات الخطوبة والزواج . .


قبعت حسنا في غرفتها تسائل نفسها . .


**أريد أن أتزوج . . جميع صاحباتي تزوجن في الموسم الماضي. . وأناالآن أجلس وحيدة هنا في المنزل لا أغادره . . وليس لدي من صديقات . . وكيف سيدري عني أحد إن بقيت حبيسة غرفتي . . لقد تجاوزت التاسعة عشرة . . ولا مجال أمامي للانتظار . . ولا للصدفة . . علي أن أفعل شيئاً . . وبسرعة . .


كانت حسنا الإبنة الثالثة والصغرى لعائلة أبي خضر الذي لم يرزق إلا بالبنات . . أما خضر فهو لقب تكنى به فقط . . لأنه لم يعتد أحد من أهل القرية أن يتكنى باسماء بناته . .


الأختان الأكبر تزوجتا منذ سنوات زواجاً مدبراً بين الوالد ورجالات القرية . . لم يؤخذ رأيهما بعين الاعتبار . . كما لم يؤخذ رأي العريسين في حينها . . ولكن ولله الحمد فهما سعيدتان في حياتهما . . أما حسنا فقد تميزت بالجمال والفطنة . . ولا ندري مايخبىء لها والدها . .


**ولكن كيف السبيل إلى الخروج . .


وطفقت الصغيرة تحدث نفسها . . فوالدها يتجه إلى أرضه كل يوم منذ الفجر. . ولا يعود إلا قبيل الغروب . . وهذا دأبه كل يوم . .


أما والدتها . . فكانت زوجة تقليدية . . أذعنت لشخصية زوجها . . ودارت شخصيتها خلف التقاليد . . واشترت راحتها بموافقة زوجها في كل ما يريد . .


فكرت الصغيرة كثيراً . .


** المشكلة أني حبيسة غرفتي . . أكاد لا أغادر البيت أبداً . . وحتى أغير حظي . . فعلي أن أخرج وأرى الناس . . ويراني الناس . . وبعد ذلك . . يكون لكل حادث حديث . .


**أمي . . ! جهزي لي طعام الوالد . . سآخذه بنفسي إلى الحقل . . !


**هل جننت يا حسنا . . ماذا سيقول الناس عنا . . ستجلبين لي مصيبة أنا في غنى عنها . .


**لا عليك يا أمي . . الوالد يكون جائعاً وقت الظهيرة . . سأتصرف . . لن يحصل شيء . . فقط جهزي له الطعام الذي يحبه . . مع (ترمس)الشاي . . واتركي الباقي علي . .


رضخت الوالدة للطلب الغريب . . الذي تقوم به بدون مشورة زوجها . . وهيأت نفسها لمصيبة قادمة . .


أخذت حسنا (الزوّادة) ويممت طريقها صوب الحقول . . مرت بساحة القرية . . التي تتجمع فيها جميع النشاطات اليومية . . من بيع وشراء . . وفي طرفها البعيد يكمن مسجد القرية . . وقريب منه يوجد ديوان المختار . . وبجانبه . . يوجد محل كبير يمتلكه المختار أيضاً . . يسمونه الدكان الكبير . . يبيع جميع مستلزمات الزراعة من أدوات وبذور وسماد . . وعلى مسافة غير بعيدة . . يقع مركز لدورية الدرك . . المسؤولة عن الأمن وحل المشاكل . . لو وصلتهم شكوى رسمية بها . . ولكن المعتاد . . أن يتم حل أي موضوع شائك عن طريق اجتماع رجالات القرية . . الذين إذا قرروا شيئاً فلا يرده أو يعترض عليه أحد . .


أما الطرف الثاني من الساحة فنجد محلاً لحداد القرية . . يقع تحت شجرة سنديان عتيقة . . وقربه درب عريض يتوجه إلى عمارة الطاحونة ، هكذا يسمونها ، وهي تقع على مرتفع من الأرض . . أمامه ساحة صغيرة . . وخلفه أشجار وارفة ومخزن كبير . . وفي الخلفية البعيدة منظر بديع للجبال والأشجار وقريب عنها تقع حقول وبساتين القرية . .


مرت الجميلة حسنا في ساحة القرية . . ثم انعطفت في الطريق السفلي الذي يصل إلى أرض والدها . . وخلال نصف ساعة من الزمن أو تزيد قليلاً كانت تتهادى داخل الحقل . . وترى والدها عن قرب . .كيف يعمل بجد ونشاط . . يزيل الضار من الأعشاب . . ويجهز للماء مجرى . . ويحنو على الزرع حنوه على ولده . . أما الوالد فلم يتنبه لمجيئها . . حتى أمست قربه . .


**السلام عليكم**. .


فوجىء الوالد . . الذي لم يتوقع يوماً أن تحضر ابنته إليه لوحدها في الحقل . . ولكنه في قرارة نفسه كان سعيداً. .


**لقد جئت لك بالطعام . . لا شك أنك جائع . . وتحتاج إلى بعض الراحة . . دعنا نجلس في الظل . .


لم يعلق الوالد بشيء . . وذهب مع ابنته إلى الظل . . وعرفت حسنا أن خطتها في بدايتها قد نجحت . .


ولأول مرة . . يجلس الوالد في ركن الحقل . . بقربه ابنته تهتم به . . وتقدم له الطعام . . ثم تناوله كأس الشاي الذي يعشقه . . فيشعر بنشاط استثنائي وليد يدفعه لمتابعة العمل . .


**حسنا يا حسنا . . يمكنك العودة الآن . . !


** كلا يا والدي . . اليوم سأبقى معك وأساعدك . . ثم نعود سوية. .


وتكررت الزيارات اليومية للحقل . . وتعود أهل القرية على رؤية حسنا . . تمر من أمامهم في وقت محدد . . وتعود مع أبيها في وقت محدد . .




*الفصل الثاني*


*الحبيب المنتظر *




أما أسعد . . فهو المسؤول الأول عن الطاحونة . . ويتواجد كل يوم في مرأى من مكان مرور حسنا . . وبما يحمله من دم الشباب . . فقد تنبه لهذا الجمال يمر من أمامه مرتين كل يوم . . فعمل لذلك حسـاباً . . وتنبهت حسنا لهذا الشاب مفتول العضلات . . وهو يراقبها كل يوم من بعيد . . كما ولاحظت بأنه لا يظهر نفسه لها. . في موعد مرورها اليومي من أمامه . . إلا وهو يلبس ملابس جديدة . . وشعره مسرح ومرفوع كأنه أمير . .


وهما يعرفان بعضهما مذ أن كانا صغاراً . . ولكن بعد أن كبرت حسنا قليلاً ودخلت عامها الثامن . . فقد صارت أعراف القرية لا تسمح أن تقابل الأولاد أو تتكلم معهم أبداً . . ففي ذلك عيب كبير لا يقبل به أحد . .


تمر الأيام . . ويحتاج الوالد إلى بذور وسماد . . وبعد جدال قصير . . تأخذ حسنا إحدى البغلتين . . وتتجه إلى الدكان الكبير . . في ساحة القرية . . تشتري ما يلزمها وتعود . . وفي هذه المرة تقصدت أن تكون عودتها من الدرب العالي . . الذي يمر قرب الطاحونة . . لترى محبوبها عن قرب . .


فوجىء أسعد بهذه الزيارة . . التي لم يتوقعها . . ولم يتخيلها حتى في أحلامه . . وكان منهمكاً في عمله . . لايستر صدره شيئ . . وما أن التقت العيون بالعيون . . حتى ارتبك وترك ما في يده . . ومضى مسرعاً يبحث عن شيء يستر به نفسه . . ضحكت حسنا واستمرت في طريقها . . ولكن الشرارة كانت قد ومضت . . وأصابت أسعد المسكين في مقتل . .


تقربت حسنا من والدة أسعد . . وصارت تقف معها لدقائق كلما صادفتها . . وأعجبت الوالدة بهذه البنت الجميلة اللطيفة . . وتمنت أن تكون معها في البيت . . زوجة لابنها . .ولكن. .* كيف الوصول إليها*. .


ومضت الأم تفكر . . إنهم أناس أملاكهم محدودة . . وليس بمقدورهم أن يبنوا بيتاً جديداً ليزوجوا ابنهم فيه . . وفي أحسن الأحوال . . فإنهم سيستغنوا عن إحدى غرف البيت لابنهم وزوجته . . ولكن ذلك لن يرضي العروس ولا أهلها . . وأسعد هل يريد أن يتزوج الآن . . ! وهل يريد حسنا بالتحديد أم لا . . ومضت الأم تسائل نفسها . . وقررت أن تمتحن ولدها بهذا الشأن . .


**لقد قابلت حسنا إبنة أبي خضر اليوم . . وتحدثنا لعدة دقائق . . وهي فتاة لطيفة جداُ . .


** ------


** أسعد ! أما تعرف حسنا . . كنتما تلعبان سوياً. .


** أأأنا . . من . .


** كنتما تلعبان سوياً في طفولتكما . . أما تذكر ذلك . . !


** آه . . حسنا إبنة أبي خضر . . جارنا . . نعم . . نعم . . تذكرتها . .


** أما تشاهدها وهي تمر من أمامك كل يوم . . وتذهب إلى أبيها في الحقل . . لقد زينت بغلتها بشرائط خضراء لامعة تظهر من بعيد . .


** نعم . . نعم . .


** لقد أعجبتني هذه الفتاة . . فهي جميلة . . وقريبة من القلب . .


** . . . . **


لم يجب أسعد بكلمة واحدة . . ولكن حالته ونظرته كشفته وكشفت ما فيه من وجد . . وما يعتمل في قلبه نحو الجميلة من حب وتمني . .


عرفت الوالدة بموافقة ابنها . . ولكنها لم تجد للوصول إلى الفتاة طريقاً . .


في المساء . . وبعد العشاء وشرب الشاي . .؟ فاتحت أم أسعد زوجها في الموضوع . .


** يا أبو أسعد . . ليس لنا في الحياة إلا سعادة ابننا . . وهذه الفتاة سـتكون بإذن الله نعم الزوجة . . وأخشى أن تضيع من أيدينا . . أنت تعرف أبا خضر من زمن بعيد . . أما تفاتحه بالأمر . .


** دعيني أفكر في الأمر . . أبو خضر شخص ليس سـهلاً . . الوصول إليه صعب . . وإذا طلبت ابنته ورفض . . فكيف ستصير سمعتي وسط القرية . . ! !


وقام أبو أسعد يفكر ويفكر في الأمر . . ليل نهار . .حتى اجتاحته فكرة مناسبة رآها جديرة بالتنفيذ .


المختار رجل ذو سلطة . . وقد بسط سلطته على القرية وعلى ما حولها . . وبلغ بعلاقاته كثيراً من المسؤولين في العاصمة . . ولا يسير شيء في القرية إلا بأمره . .


*سألجأ إليه . . وأجعله يطلب لي حسنا زوجة لابني . .لن يرفض أبو خضر ذلك . .وسيقبل بالأمر الواقع. .


وكالمنتصر . . أخبر أبو أسعد زوجته بما ينتوي أن يفعله . . فهللت وفرحت . . وعلمت أن ذلك هو أحسن نهج ينتهجانه . . وهو بلا شك مضمون العواقب . .



* يتبع *