منتديات منابر ثقافية - عرض مشاركة واحدة

06-20-2021, 01:08 PM

المشاركة 49

عبد الكريم الزين

من آل منابر ثقافية

اوسمتي

مجموع الاوسمة: 8



رد: كورونا في ديار بَني عبس

أستاذتي الكريمة منى، أنا أثق في الإحصائيات لأنها تمكن من الإحاطة الشاملة بالموضوع، لكن ينبغي فحصها والتمعن فيها، فقد تكون مضللة وقابلة لعدة تفاسير. كما أن الأحداث والأقوال الفردية لا تصلح مقياسا للحكم على ظواهر عامة.

وبيل غيتس المتهم، دون أدلة واضحة، بالرغبة في التحكم بالبشر شخص مثقف درس بجد، وكون ثروته الطائلة معتمدا على علمه وذكائه، ولم يخصص إلا جزءا قليلا منها لأبنائه في وصية ميراثه. ويعرف في أمريكا بتواضعه وبعده عن حياة البذخ رغم غناه الكبير، وجل استثماراته الخيرية في مجالات التعليم والصحة ومحاربة الفقر.

والغش في التجارة والصناعة والطب هو بغرض الربح، ولا هوية له أو جنسية، واستعمال مواد مسرطنة أو أعضاء الخنزير في بعض الصناعات الدوائية والغذائية ناتج عن عدم توفر البديل أو الجشع لتحقيق أرباح ضخمة.

وحديثي عن حرب غزة ينطلق من رؤية عملية واقعية تنحي العواطف والشعارات جانبا، والله يعلم شدة حزني وألمي لما يصيب إخواننا في فلسطين وأدعو الله سرا وعلانية أن ينصرهم ويثبت أقدامهم على الحق.

وشئنا أم أبينا فإن الواقع يفرض نفسه، فجيش إسرائيل مجهز ومدرب ليواجه في وقت واحد جيوش عدة دول عربية مجتمعة. يصل عدد جنود الاحتياط لديه إلى أزيد من نصف مليون مجند، ويملك أقوى سلاح طيران في المنطقة، وأغلبية ألويته مدرعة، ويتوفر على مدفعية تقليدية وصاروخية هائلة على رأسها السلاح النووي، والمقاومة الفلسطينية لا تملك أية طائرة مقاتلة، ولا حتى منظومة سلاح مضاد للطيران، أو سرية دبابات ومدرعات.
والصواريخ والطائرات المسيرة لدى المقاومة لن تحدث فرقا حاسما في قتال الجيوش بمواجهة جبهوية متحركة تلعب فيها كثافة النيران دورا أساسيًا في الانتصار.
وقيادة المقاومة في غزة تدرك هذا الواقع، لذلك تسعى في مفاوضاتها إلى هدنة طويلة مع العدو إلى أن تتغير موازين القوى.
وصلاح الدين الأيوبي لم يجابه الصليبيين ويهزمهم في حطين إلا بعد أن غير موازين القوى العسكرية لصالحه، ووحد الشام ومصر تحت قيادته.

الحق ينتصر دائما على الباطل، وانتصاره لا يكون في كل جولة بالمعنى المادي، قال الله عز وجل:{ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِئ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} سورة آل عمران آية 146.
فالموت على الحق انتصار في المفهوم الإسلامي، ولنا في أصحاب الأخدود مثال واضح حين أحرقهم ذو نواس الحميري، وقول الصحابي حرام بن ملحان حين طعنه كافر:( فزت ورب الكعبة) فاعتبر موته فوزا رغم أنه هزيمة وخسارة من المنظور الدنيوي المادي.
كما أن الإسلام أمر بالاستعداد المادي والأخذ بالأسباب الدنيوية في مواجهة الأعداء {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} سورة الأنفال الآية 60.
وإذا كان الصهاينة لا يقاتلون إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، فإن شريحة كبيرة من المسلمين غثاء كغثاء السيل بعد أن أصابهم الوهن وخارت عزائمهم. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أمر أولها.

الصين التي لا تخجل من الإقرار بحبس المسلمين الإيغور في معسكرات اعتقال قاسية، لا أظنها تتوانى عن تصريح يبعد عنها تهمة التقصير في انتشار فيروس كورونا، خصوصا أن أمريكا تعتبرها علانية التهديد الأكبر لهيمنتها.

الدولة العميقة مصطلح يطلق على الأطراف النافذة في الجيش والاقتصاد والإعلام والإدارات البيروقراطية المختلفة في أية دولة، بخلاف مصطلح الحكومة العالمية أو الخفية الذي يشير إلى مجموعات وعائلات اقتصادية وسياسية يُزعم أنها تسير العالم.

والرئيس كينيدي لم يتهم الدولة العميقة في أمريكا وإن عارض بعض توجهاتها كما يقال، والعديد من النظريات ادعت تآمر عدة جهات نافذة لاغتياله من بينها المخابرات المركزية والمجمع الصناعي العسكري وحتى المافيا الأمريكية لأسباب يطول شرحها.
وأكثر رئيس تحدث عن الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية واتهمها بمحاربته، هو الرئيس السابق دونالد ترامب.

وقضية حقن الجنود بشرائح للتحكم بهم رغم استحالتها تقنيا، تحمل مخاطر جمة تدفع الدول المتقدمة إلى عدم المخاطرة باستخدامها.
فالشرائح كجميع الأجهزة الإلكترونية يمكن قرصنتها والتحكم بها من طرف العدو، ومنذ مدة وقعت حادثة بارزة حين استطاع قراصنة انترنت الولوج إلى أجهزة الكاميرا التي يحملها رجال الشرطة في بريطانيا، وتلصصوا على أعمالهم وأبحاثهم الجنائية.
وحتى الآن لا زالت الدول الكبرى تعتمد على القدرات البشرية لتشغيل الأسلحة المتطورة كالطائرات المقاتلة والغواصات، رغم قدرتها على تشغيلها آليًا عن بعد.

وإقناعي ليس أمرًا صعبا أختي منى، وقد اطلعت سابقا وبكثرة على بعض ما كتب أو قيل عن نظريات المؤامرة، وأهم من تناول ذلك قائد البحرية الملكية الكندية وليام جاي كار في كتابه أحجار على رقعة الشطرنج.
رأيي هو ما عليه أغلبية الناس، وأتصور استحالة العيش طبيعيا لمن يؤمن بعكس ذلك.
لو اعتقد الإنسان صادقا بنظريات المؤامرة، فلن يأمن طعامه وشرابه وملبسه، وكل ما يحيط به.

ولا أنكر وجود مؤامرات للسيطرة والتحكم بالعالم منذ القدم، وهو شيء طبيعي في الصراع البشري، وكما تحكمت الامبراطوريتان الرومانية والفارسية بالعالم القديم، فإن القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تقوم بنفس الدور في عالمنا الحالي، بواسطة تحالفات عسكرية ومنظمات اقتصادية ومدنية تدعمها منظومات ثقافية وفكرية.

وموضوع النقاش يدور حول فيروس كورونا وهل انتشاره فعلا مؤامرة كونية. وجميع الادعاءات التي يوردها أنصارها تفتقر إلى الدليل الملموس المبني على أسس مادية أو منطقية.

أحترم رأيك أختي منى وأقدره، وأعتز بنقاشك المهذب الرفيع، كما أشكر نصحك وحرصك النبيل، وأدعو الله أن يحفظنا جميعا من كورونا وأمثالها.
تحياتي وتقديري

رد مع الإقتباس