الموضوع: وَحدة الوجود !
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2013, 10:26 PM
المشاركة 5
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحلول و الاتحاد :
عقيدتان نشأتا في بعض الأديان الوثنية ، و الفلسفات القديمة ، و ظهرتا بين النصارى(1) الذين حرّفوا دين المسيح عليه السلام ، حيث ادعوا حلول الله أو اتحاده به ، كما ظهرتا في العالم الإسلامي عند بعض غُلاة الطوائف ، و بخاصة الفرق المُظهرة للتشيع ، الذين زعموا حلول الله تعالى ، أو اتحاده بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أو ببعض ذريته.
فالحلول عند من يعتقده : هو نزول الذات الإلهية في الذات البشرية .
و الاتحاد عند من يعتقده : هو اختلاط و امتزاج الخالق بالمخلوق.

موقف الصوفية من الحلول و الاتحاد:
لقد نُسب القول بالحلول و الاتحاد إلي بعض الصوفية و الواقع أني لا أعرف طريقة من طرق التصوف ، و لا داعيةً من دعاته يؤمن حقيقة بالحلول أو الاتحاد لأن هاتين العقيدتين تخالفان أصلاً مُهماً عند الصوفية و هو (الوَحدة) ، فإن الحلول يستلزم حالاً و محلاً ، و الاتحاد يستلزم شيئين يحصُل اتحادهما ، و هذه اثنينية ، و هي منفية عندهم ‘ فإذا كان الوجود واحداً فلا حلول و لا اتحاد.
قال ابن عربي: (واحذر من من الاتحاد في هذا الموضع ؛فإن الاتحاد لا يصح )
و قال أبو حامد الغزالي: ( العارف الكامل كالمتحد بمذكوره، لستُ أقول: متحداً بالذات ، فلا تغفل و تغلط ، و تُسيء الظن)

و الصوفية يرون أن القول بالحلول و الاتحاد شرك أو كفر (2)، أمَّا أنه شرك : فلأن مَن اعتقَدَهما قد جعل الله موجوداً آخر ، و أمَّا كفر : فلأنه قد أنكر وَحدة الوجود ، و جَحَدها.
قال أحمد الفاروقي السرهندي: ( الحلو و الاتحاد كفر)
و قال الحلاج:
و الشرك إثبات غيرٍ **** و الشرك لا شكَّ جحد

- و ليس هذا لصحة في طريق الصوفية ، و لا لاستقامة في عقيدتهم ، و إنَّما لأن الصوفية يعتقدون ما هو أسوأ من الحلول و الاتحاد ، و هو وَحدة الوجود.


_______________________

(1) ذكر الدكتور سفر الحوالي في موقعه في مقالة(الخرقة عند الصوفية) من كتابه(نظرات في كتاب المختار لمحمد علوي مالكي) ما نصه: ( ننتقل الآن إلى قضيَّة مهمَّة عند الصوفية وهي قضية أنَّ أعلى سند عند الصوفية ينتهي إلى علي رضي الله عنه، يقولون: إنَّ علياً أخذ الخِرقة مِن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!! فهذه الخرقة يتناقلونها يداً عن يدٍ إلى علي رضيَ الله عنه، ويتعلق الصوفية بـعلي رضي الله عنه تعلُّقاً شديداً يشبه تعلُّقَ الرافضة . وبهذا تظهر لنا الصلة الوثيقة بين دين الشيعة الذي أسَّسه عبد الله بن سبأ وبين التصوف، فتأليه البشر، أو الحلول والاتحاد -الذي ادَّعاه عبد الله بن سبأ موجودٌ لدى الطائفتين جميعاً، وأصله -كما نعلم- مِن اليهود؛ لأنَّ عبد الله بن سبأ يهوديٌّ؛ فأصلُ هذا الحلول مِن اليهود، واليهودي بولس شاؤل هو الذي أوجد هذا الحلول في دين النَّصارى، وقال: إن الله -جلَّ وتعالى عن ذلك- حلَّ في عيسي عليه السلام، فهو مبدأ يهودي أدخله اليهود في هذه الأديان. ..) أ.هـ
(2) مع كلِّ هذا التأكيد على كفران الصوفية بعقيدتي: الحلول ، و الاتحاد ، إلا أن بعض أئمتهم ورد في كلامه ما يدل على اتيانهم ما ينهون عنه كقول الحلاج:
أنا من أهوى و من أهو أنا **** نحن روحانِ حللنا بدنا .
و ابن الفارض يقول:
و هامت به روحي بحيث تمازجا أتْــَّ ــحادا ، و لا جُرم تخلَّله جِرمُ
-و يقول أحد شعراء وحدة الوجود المعاصرين و لا أسميه؛ لعلَّ الله يهديه:
لو كان لي أمْرُ الوجودِ عِنايَةً**** لأَمَرْتُهُ بالحُبِّ أنْ يَتَزَوّدا
وَلَعَلَّ أجْمَلَ ما يكونُ عِبادَةً **** قَلْبٌ .. تَوَحّدَ بالجَمالِ فَوَحّدا

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا