الموضوع: وَحدة الوجود !
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-22-2013, 11:15 AM
المشاركة 4
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
. إنكارهم ثنائية الوجود:
إنَّ مما يعلم بضرورة العقل و بديهته أنَّ الوجود ينقسم إلي قسمين: وجود واجب ، و وجود ممكن ،و لكن الصوفية ينكرون ثنائية الوجود هذه ، و يعتقدون أن الوجود واحد يقول النابلسي:
ليس الوجود كما يقال اثنان **** حقٌّ و خلقٌ ، إذ هُما شيئانِ
هذا المقالُ عليه قبْحُ عقيدةٍ **** عند المحقِّقِ ظاهر البُطْلانِ
و يقول أيضاً : الوجود عندهم [أي عند الصوفية] حقيقة واحدة ).

2. اعتقادهم عدم الكائنات:
يدَّعي الصوفية أنَّ الله تعالى هو الذي له الوجود وحده ، أمَّا الكائنات و المخلوقات فهي معدومة أزَلاً و أبداً ، و يرون أن عقول المحجوبين (غير الصوفية) تتوهم و تتخيل أن المخلوقات موجودة.
يقول الجيلي:
ليس الوجود سوى خيال عندَ مَنْ **** يدري الخيالَ بقدره المتعاظم
و يقولُ شيخُ الصوفية الأكبر ابن عربي: (الكونُ خيال)
و يقولُ داود القيصري : (الخلقُ موهومٌ ، لذلك يُسمى خلقاً ، فإنَّ الخلقَ في اللغة : الإفك) .
3. اعتقادهم أنَّ الكائنات هي الله:
لا يعني الصوفية بهذه الأقوال إنكار الأشياء المحسوسة ، و جحد الكائنات المشهودة ، كالبحار ، و الجبال ، و الأشجار ، و نحو ذلك ، و إنَّما مقصودهم إنكار كونها خلقاً ، لاعتقادهم أنَّ الكائنات _ كلّها _ هي الله تعالى.
يقول القاشاني : ( كلّ خلقٍ تراهُ العيونُ فهو عين الحقِّ ، و لكنَّ الخيال َ المحجوب سمَّاه خلقاً ، لكونه مستوراً بصورة خلقية) .
و يقول النابلسي: ( و ما هما [ أي : الخالق ة المخلوق ] اثنان ، بل عينٌ واحدة ) .

4 . محاولتهم الجمع بين الكثرة والوحدة:
يرى الصوفية أن هذا التعدد لا يتنافى مع الوحدة ، لأنه عندهم تعدد نسبي اعتباري ، لا تعدد حقيقي.
يقول محمد الحفناوي: ( عند السادة الصوفية [ أي : للوجود ] مفهومان: عام ، و هو الأفراد الإضافية ، خاص ، و هو حقيقة واحدة مطلقة ، موجودة وجوداً حقيقياً واجبياً ، و أمَّا العام فأمر اعتباري لا وجود له إلاَّ تخيلاً ، و هو مظهر لحقيقة الوجود الحقّ الواحد ، و اختلاف أفراد هذا الوجود العام بحسب استعدادها ؛ فلا يوجب تغيراً و لا تكثراً في تلك الحقيقة ).

5. اعتقادهم تجلي الله في صور المخلوقات:
يعتقد الصوفية أنَّ الله تعالى يظهر و يتجلى في صور المخلوقات المختلفة ، فهو _ عندهم_ الظاهر في جميع المظاهر ، لا على معنى أنه يتحد ، أو يحل في مخلوق ، بل هم يرون ( أن الله ما يتجلى إلاَّ على نفسه ، و لكن تُسمى اللطيفة الإلهية عبداً باعتبار أنها عوض عن العبد ، و إلاَّ فلا عبد و لا رب ، إذ بانتفاء اسم المربوب انتفى اسم الرَّب ، فما ثَمَّ إلاَّ الله وحده) .
أمَّا عن سبب ظهور الله في صور الكائنات _ عند أهل الوحدة_ فهو أن الله كان وجوداً مطلقاً ، ليس له اسم و لا صفة ، ثُمَّ أراد أن يرى نفسه في مرآة هذا الوجود ، و أن تظهر أسماؤه و صفاته ، فظهر في صور الكائنات المعدومة العين ، الثابتة في علمه تعالى.
و إذا قال الصوفية: نحن لا نرى الأكوان ، فإنَّما يعنون أنهم لا يرونها خَلْقاً ، و لكنهم يرونها حقَّاً .
و هذا ما كشفه لنا الصوفي المعاصر أحمد المستغانمي بقوله: ( العارف يرى واحداً في وجود اثنين ، أي : يرى الوجود من حيث ظاهره نقطة من طين ، و من حيث باطنه خليفة رب العالمين ، إن لم نقل هو هو ، و المعنى : أنه يرى الرحمن في صورة إنسان )
و ادّعاء الصوفية رؤيتهم لله تعالى في الدنيا على الدوام ، و أنهم لم يُحجبوا عنه طرفة عين ، حقيقته اعتقادهم أنهم يرون الله في الأكوان ، بل يرونه في الأكوان .
يقول شيخهم الأكبر ابن عربي : ( العارف من يرى الحقَّ في كلِّ شيء ، بل يراه عين كل شيء ) .


6. اعتقادهم أنَّ كلّ شيء هو الله:
و بناءً على عقيدة الوحدة فإن القوم يعتقدون أن الله تعالى هو كلّ ما يُرى ، بل و ما لا يُرى أيضاً .
يقوا ابن سبعين: الله فقط ، هو الكلّ بالمطابقة .
يقول الصوفي المعاصر علي اليَشْرُطي : ( الوجود هو الكتاب ، و الأنبياء سُوره ، و أكابر المسلمين و الكفار آياته ، و عامة الخلق كلامه ، و الوجود الناقص حروفه ، و المجموع هو الله ) .

7. ادعاؤهم بأنّ الكائنات الدنسة هي الله :
يقولُ ابن سبعين:اختلط في الإحاطة الزَّوج مع الفردِ، و اتحد النجو معَ الورد.
و الإحاطة هي من الاصطلاحات التي يستخدمها ابن سبعين حين يشير إلي وحدة الوجود.
و يقول الشُّشْتري متغزلاً في الذات الإلهية:
محبوبي قدْ عَمَّ الوجود
و قد ظهَرَ في بيضٍ و سُود
و في النَّصارى مع اليهود
و في الخنازير مع القرود .
و الشُشتري هذا من المشايخ المُعَظَّمين عند الصُّوفية ، يصفونه بأنَّه (الإمام الكبير ، و الصُّوفي الشهير) .
و يقول شيخ الجامع الأزهر في وقته مصطفى العروسي : (الخبير اللطيف الظاهر في كلِّ المراتب ، الخسيس منها و الشريف).

8. ادعاؤهم أن الله هو الموجودات و المعدومات و الممتنعات :
يقول ابن عربي: ( العلي بنفسه: هو الذي يكونُ له الكمال الذي يستغرق جميع الأمور الوجودية و النِّسب العدمية ، بحيث لا يمكن أن يفوته نعت ٌ منها ، و سواء كانت محمودة عُرفاً و عقلاً و شرعاً ، أو مذمومة عُرفاً و عقلاً و شرعاً ، و ليس ذلك إلاَّ لمسمى (( الله )) خاصة)
و يقول النابلسي عن الله تعالى : ( قَرُبَ و بَعُدَ ، و دنا و علا ، و جمَعَ بين المثلين ، و الضَّدين ِ ، و الخِلافين ، و النَّقِيضين).


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا