عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
4770
 
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


رشيد الميموني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
597

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Dec 2010

الاقامة
تطوان / شمال المغرب

رقم العضوية
9563
07-20-2011, 11:14 PM
المشاركة 1
07-20-2011, 11:14 PM
المشاركة 1
افتراضي المارد و حمية الدم
[justify]

أظلم الجو و اكفهر ، وغامت السماء ، ودمدمت الرياح مثيرة نقعا وأسى في نفوس ثائرة جامحة . ماذا يهم إن غنم الأسد أو اندحر؟ إن فاز الحصان أو خسر؟.. طفح الكيل وبلغ السيل الزبى والقلوب الحناجر . حتى البحر لم يعد ملاذا من أجل السكينة وبث الشكوى ، وصار عرضة للارتجاج قبل أن ترتج قشتالة أو كاليسيا أو كاطالونيا .. الداء وبيل والشر مستطير و الحمية لا تجديها " العزائم" و لا الولائم نفعا .
الحمية تكتنفها بعض الغرابة في زمن متخم بكل ما لذ وطاب ، وبكل ما يدغدغ البطنة ويمحو الفطنة . لكنها حمية تبعث على الأمل بعد أن استشرى الداء في العظام حتى طال النخاع ... جسد مثخن ، دوده يثير الغثيان .. والبحر ؟.. آه لو كان هذا البحر الذي فقد نصاعته منا يسد رمقه ، وليت سماؤه تعج بسلوى تطهر بطنه من العفن . هل يكفي ؟..لا ، فللحمية طقوس ومراسيم يجب اتباعها بخشوع وابتهال... الدم.. أول وصفة لها .. يسفك دم عجل له خوار ، و بقرة صفراء ذات أوصاف محددة ، ثم يخلط الدمان ، ويحمل الخليط إلى ضريح ناء حيث يملأ شمعدان منه بعد أن تنتزع شمعاته . يلي ذلك انتظار اكتمال البدر ليعج أديم السماء بالنجوم المتلألئة . ينتقى منها واحدة ، ويرش عليها بالسائل القاني قبل أن ينتهي الليل...
الليل... مهد الأحلام ومنبع أنات النفوس الصامتة ، الرازحة تحت وطأة العيون المتربصة . سينتهي الليل بعد أن ينام الوطواط منهكا ، ويستيقظ الديك مؤذنا ، وينطلق الهدهد عابرا المسالك والممالك ليعود بأشهى الأخبار، عل وعسى يبرأ هذا الجسد العليل الذي حارالحكماء في تشخيص دائه قبل أن يسعفهم القدر ودنو الخطر ببصيص من نور اهتدوا به إلى كون هذا الجسد مملوكا ، وأن مالكه مارد من أخبث المردة الذين عاثوا في كل الأجساد فسادا .
قال حكيم من الذين غاصوا في أعماق الأسفار وحفظوا المتون ودرسوا كل الألواح:" لا يهم الزمن.. أربعون حولا ، أو مائة ، أو حتى ألف لا يعني خلود المارد في الجسد ، شرط أن تتبع الحمية بكل عناية و إصرار.. عندئذ – يؤكد الشيخ الوقور- إما النزوح وإما الحلول والذوبان.."
أما زميله ، وهو خبير في اصطياد المردة بطريقته الخاصة ، فأردف قائلا :" كم من مارد حل وارتحل ، تشبث ونزح... كيف؟... أنا أضيف إلى حمية الدم عملية استئصال مضغة سوداء تعري المارد و تظهره على حقيقته ، فلا يبدو منه سوى سوأ ة تزكم الأنوف ، ومذلة تثير الاشمئزاز... والويل كل الويل لمن تثير المسكنة شفقته أو تحرك الذلة أوتار رحمته ."
وحين يتشنج الجسد وتلتحم مفاصله ، يكون مفعول الحمية قد بدأ يسري ، في انتظار اليوم الموعود حيث يلفظ المارد إلى غير رجعة ، تائها إلى ما لا نهاية .

[/justify]