عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2010, 08:20 AM
المشاركة 28
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ عنوان الزاد ] :
( الدعاء )
-------------------------------------

بعد أن نرفع رؤوسنا من الركوع نقول : ( سمع الله لمن حمده ) !..
إن كلمة " سمع " في اللغة العربية هي فعل متعدٍّ ؛ أي أنه لا يحتاج إلى حرف جر، بل فعل وفاعل ومفعول به ..
مثلا : تقول : سمعت صوت فلان ، ولا تقول : سمعت لصوت فلان ..
فإذن ، إن اللام في غير محلها ..
ولكن أيضا في اللغة العربية، الفعل بعض الأوقات يعطى معنى فعل آخر؛ فيعامل معاملة الفعل الجديد.. مثلا: "سمع" الذي هو الفعل الأصلي كان متعديا، فأصبح هنا لازما؛ أي يحتاج إلى حرف جر.. وهنا : الفعل " سمع " خرج عن كونه سمع ؛ بل تضمن معنى " استجاب " ..
لذا فإنه من الواضح أن يتعدى باللام ..
استجاب الله لفلان ، واستجاب الله لمن حمده .

إن الأمر الواقع لا محالة ، يعبر عنه بالفعل الماضي .. مع أن الروم غلبوا بعد حياة الرسول (صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم )، ولكن القرآن الكريم يقول :
{ غُلِبَتِ الرُّومُ } ؛ بمعنى أن القضية محققة الوقوع ..
وكذلك ( سمع الله لمن حمده ) ، أي الذي يحمد الله ، فإن رب العالمين استجاب له دعاءه ؛
أي سمع الله لمن حمده ودعاه ..
ولكن الذي يحمد الله ، ما طلب شيئا ؛ فكيف استجاب رب العالمين له وسمع نداءه ؟..
الجواب:
هناك طلب بلسان المقال ، وهناك طلب بلسان الحال .. رب العالمين إذا رضا عن عبد، دبر أمره، واستجاب له ، وإن لم يصرح بالطلب .. فشعاره :
( علمك بحالي يغنيك ، عن سؤالي ) .

لطالما دعونا في حياتنا اليومية ، وكذلك تحت الميزاب ، وعند الحطيم ؛ في مواطن الاستجابة ، ولم نر إجابة ..
فكيف يجتمع ذلك مع هذه الآية الكريمة : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ، إذ أن الله -عز وجل-لم يقيد الدعاء بشيء ..
والحال أن أكثر الحوائج عندنا غير مقضية ؟..
الجواب : إن كل دعاء يرتفع إلى الله –عز وجل- ولكن بشرطه وشروطه.. رب العالمين استجاب دعاءه، ولكن إجابته لا تطابق طلب العبد، بل تفوق طلبه.. مثلا: إنسان بحاجة إلى سكن، فيق
دم طلبا إلى وزير الإسكان .. فهذا الوزير تارة لا يقبل الطلب ، فيكتب تحته : للدارسة ؛ أي يجمد .. وتارة يقبل الطلب ، ويريد أن يعطيه سكنا .. هو يريد بيتا لذوي الدخل المحدود، ولكن الوزير استجاب له ، فأعطاه قصره .

وعليه، فما على الإنسان إلا أن يقدم الملف !..
قال الله تبارك وتعالى : ( يا بن آدم! .. أطعني فيما أمرتكَ ، ولا تـُعلـّمني ما يـُصلحك ) .. عبدي! .. ادعوني ولا تعلمني .. قل : يا رب !.. عافني في نفسي وأهلي وولدي ..
ولكن كيف يعافيك ؟.. فإن هذا الأمر إليه !..

فإذن ، إن حوائجنا مستجابة ، ولكن لها ثلاث شقوق :
1- إما أن نعطى الحاجة معجلة.
2- وإما أن نعطى الحاجة مؤجلة، قال الله - عز وجل - لموسى ( عليه ِ السلام ) : { قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا } ، ولكن أربعين عاما كان بين الوعد الإلهي والإجابة .
3- وإما لا نعطى الحاجة لا معجلة ولا مؤجلة ، بل يعوض في الآخرة .. ينظر العبد يوم القيامة إلى الحوائج التي قضيت في الدنيا ، وإلى الحوائج التي لم تقض ، ويرى التعويض الإلهي ..
عندئذ يتمنى لو لم تستجب له دعوة واحدة ، لما يرى من التعويض في ذلك العالم ..
لذا، فإن على المؤمن أن يدعو الله دائما ، وبأعصاب باردة .


12 / 9 / 2010