عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2011, 07:31 PM
المشاركة 2
نايف المطلق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
صيف 2010 ...



مرضت تلك الزجاجة وأخذت تصنع الإعذار الواهية تلقي به يوماً في الأطلسي ويوماً في بنفيكا البرتغالية وكأنه يتصدى للحملة الصليبية مع صلاح الدين الايوبي...حاول الإقناع مراراً وأخذ يجسد شخصية محمود ياسين في ثنائياته مع فاتن حمامة ولكن الطريق إلى المستحيل طويل يا صديقي هذا ما يقوله لنا الراحل نزار قباني.



عاد إلى منزله أخذ يقلب الأوراق ويفتح الأدراج يبحث هنا وهناك حتى أنه كاد يكسر باب أحدى خزانات ملابسه أخذ يردد أين الزجاجة أين العطر أين ذهبت قنينتي الثمينه ونظرات "كهلته" يملئها الحزن وأخته المسكينة ترفق بحاله وتبتسم قد تكون في سيارتك أو نسيتها مع أحد أصدقائك لا تقلق "مال الحلال مايروح" وخرجت وهي تهمس في أذن والدها يصعب الآن علاج العشاق.



أغلق الغرفة على نفسه وهو يبكي كالاطفال ويردد أين زجاجة العطر أريد القنينة الجميلة إنها فاخرة إنها ذات رائحة زكية أين هي.




شتاء 2010



إختفى صديقي أخذ الكل يبحث عنه رغم وجوده بيننا كنا نتحدث معه يجيب ويضحك ويبتسم ولكن دون روح دون عقل وقلب وكأنهم رحلوا مع رحيل زجاجة "الملعونة" في آواخر الصيف فكتب والصمت يملئ مهجته المتبسمة:



أظلمَ نور المنارة داخلي , فتاهَ بصري ولمْ يعد


خطواتي ما زالت هناكَ علىالشاطئ

فلقد كفّ الموج الآن عن ردم أي شيء أمامه !
وهذا يعني ألاّ يغادرناالألم
وهذا يعني ألاّ يُمحى الوشم
تلك نبوءة البحر القديم ألقاها الحوتُ ؛
لا إله إلا أنتَ سبحانكَ إني كنتُ من العاشقين






كان الكل يشعر بأنه قد أصبح صورة طبق الأصل لليمامة والتي قتلوا حبيبها فسودت حياتها واخذت تسير في براح الصحراء وتقول :الهوينَ كان يمشي فوق رمشي إقتلوه بهدوء وأنه أعطيه نعشي.



أخذ صديقي أدوار كل المشاهير لم يكتفي بهذا فقط بل مازال يضع يديه على أنفه متوهماً بأن زجاجة العطر لا ينتهي عبيرها بل وقد يجعل من نفسه وهو لا يشعر شخصية "أرثدوكسية" تحفز أبناء هذه المعتقدات الواهية بأنه إن إشتم عبيرها دون أن يحملها سيكون رجلاً صالحاً.



زاد حاله والشتاء مازال ينشد موسيقاه الحزينة التي يعزفها الموسيقي الذي يطرب سمعه له "ياني" صديق صديقي والمقرب له دون أن أعلم سبب هذه العلاقة التي لا تقل عن تلك الزجاجة. قررت الخروج هنا عن صمتي وأبتدعت قصة له ليفتح عينيه وتتسع حدقتيه لينظر كأطفال الريف في العيد وخنقته العبرة ...صمت قليلاً وقال:أمل حياتي "جوتشي" ثم جعلني أتحدث كالمذياع وهو يعيش في عالم قنينة العطر الفاخرة..فانشد دون استئذان قصيدته الشهيرة والتي يتراقص على مسمعها الفاتنات والحسنوات حتى الساقطات تراقصن عليها فقال:



أول ليلة في الصيف


كنتُ أبدو مثل رجلٍ قدمَ من الريف

لا يعرف كيف يستمع لآنسة
وكنت أدعكِ تتكلمين
تركتُ كلماتكِ تسقطُ على الأرض
وانشغلتُ بجمع صوتكِ





إني أحبكِ في مكانٍ , سقطَ من الجنةِ


وقد أتاني هذا الحبّ مثل صوتٍ






تأملت وجهه الشاحب الوهمي والعرق يتصفد من جبينه الريفي رغم صقيع الشتاء إلا أنه عاش مع قصيدته الصيفية ...صرخ القدر في وجهه فأنطقني ربي: ..صديقي إننا في الشتاء فما بالك تنشد صيفاً



وكأن رصاصة أصابة قلبه فنظر إلي صدقت لم يكن هناك من الأساس عطر ولا قنينة وتوجع رأسه أخذ كعادته "برشامة" الصداع وارتشف قهوته ونظر إلى السماء الممطره وطلب الرحيل إلى منفاه في تلك الصومعة...و إستجبت لأمره.




نهاية شتاء 2010 -2011



ركبت سيارتي متجهاً إلى عملي وفتحت درجها الأمامي فوجدت "زجاجة جوتشي" تأملتها قليلاً وسحقتها وكأني متصوف حرم هذه البضائع "هذه ملعونة إنها اللعنة بذاتها"




تمت

نايف المطلق