عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-2022, 02:01 AM
المشاركة 481
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: يوميات ياسَمِين
الخميس 3 مارس2022

- أسكن لندن وأشعر بأنها تسكنني، أفهمها وتفهمني، أحب الخروج في جولات سير طويلة، تسمع المدينة همومي وأحزاني دون أن أبوح بها، وسط زحامها تزداد وحدتي، أشهر مضت ولم تشفِ جروحي، أسألك بالله يا نفسي ، متى تبرئين من مرض حبه وتعتقينني؟
- أسرعتُ الخطى في الشوارع وأنا أفكر، ماذا أسمي ما حدث؟!
هدأت أصوات شوارع لندن، دخل الجميع إلى منازلهم ليرتاحوا، هل سأرتاح مثلهم؟!
تقول صديقتي أم رائد : إنني يجب أن أشعر بالاستقرار بعد أن استوعبت رحيله..
نعم أشعر باستقرار زائف أُغلّف به وجهي وأدّعي أنني تجاوزت الموضوع وينمو في داخلي أمل جديد
لن يهوى قلبي غيرك، ولن ينشغل عقلي إلا بك، لندن ألا تشتاقين له؟!
تغيّر كل شيء منذ أن رحلت..
لم أعد أشتهي شيئا في هذه الحياة، وكأني زهرة ذابلة، نسي أحدهم أن يُسقيها الماء ومنعوا عنها الهواء
كل الألوان متشابهة، كلها رمادية قاتمة..
أنظر من النافذة وأتأمل نزول المطر لعله يغسل ما فيّ من هموم ويعيد البسمة الغائبة إلى شفتي الحزينتين..
معك رأيت الحياة بعيون زهرية ، معك اكتشفت نفسي وأحببتها.. معك أحسست بأنوثتي وبأني أجمل نساء العالم..
لم يعد أحد يسألني عنك، الإجابة باتت واضحة على محياي، أشعر بأبي يحمل قهري، يعجنه ويخبئه في كفه, يمسح على رأسي فيسري في جسده همي، ألمح في عينيه دموعا متجمدة، يمسكها حتى لا يزيد حزني، كأني الجزء المكسور في بيته ، ويعجز هو عن إصلاحه، ليت الأيام تنتهي بسرعة حتى نعود..
- هذا المساء اشتد المرض علي، قضيت ساعات طويلة في المستشفى، أدعو أن تخف الحمى التي تشعل جسدي نارا، يطلب الطبيب من أبي أن يبقى خارج الغرفة ..
مرضي هو ذكرياتي معك في لندن، لأول مرة أزورها وأنت لست في حياتي، افتقدناك كثيراعبدالله، كنت في حياتنا شمعة ، ودونك حياتنا مظلمة، تنام ياسمينة كالحمامة الصغيرة في حضنك ، تضع يدك على رأسها وتقرأ القرآن عليه، أنظر إليكما بصمت، وأتمنى أن لا ترمش عيناي حتى لا أحرم رؤيتكما معا..
- تمر ساعتان وتبدأ الحرارة بالانخفاض.
يطمئن الدكتور أبي بأن حالي أفضل ، يصرح لي بالخروج…
- وصلت غرفتي وفورا أغمضت عيني حلمتُ بأنني أعوم وسط بحر كبير، أرى عبدالله جالسا على الشاطئ يلّوح لي بكلتا يديه وفجأة يثور الموج بفعل عاصفة قوية، أحاول أن أسبح ضد التيار وأصل إليه دون فائدة، بعدها شاهدتُ نفسي وحيدة والبحر يحيط بي من كل الجهات، لم يعد هناك شاطئ ولا أثر لعبدالله، استسلمت للبحر وشعرت بنفسي أغرق ببطء وبالماء يتسرب إلى رئتي، أشهق وأصحو من النوم وأدعو: اللهم اجعله خيرا..