الموضوع
:
قتل الشقيق المختلف
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
2
المشاهدات
2382
محمد عبدالرازق عمران
كاتب ومفكر لـيبــي
المشاركات
850
+
التقييم
0.18
تاريخ التسجيل
Jul 2011
الاقامة
البيضاء / ليبيا
رقم العضوية
10226
11-18-2011, 06:59 PM
المشاركة
1
11-18-2011, 06:59 PM
المشاركة
1
Tweet
قتل الشقيق المختلف
( قتل الشقيق المختلف )
[justify]يختار ( لِخْ ) أحد الشخصيات في رواية ( الطائر المصبوغ ) طائرا قويّا من القفص ، ثم يقوم بصباغته كاملا بألوان قوس قزح ، في المرحلة التالية يُضغط على الطائر كي يُصدر زقزقة تجتذب سربا من النوع ذاته ، وحينها يطلق الطير .
تشرح الرواية ما يحدث حينها : دار الطائر المصبوغ من أحد طرفي السّرب إلى الآخر ، يحاول عبثا إقناع الطيور بأنه واحد منها ، ولكنها إذ بهرتها ألوانه المتألقة ، طارت حوله غير مقتنعة ، فكان من شأن الطائر المصبوغ أن يضطر إلى الطيران لمسافة أبعد فأبعد وهو يحاول بحماسة أن يدخل في صفوف السّرب ، وسرعان ما رأينا بعد ذلك أن طائرا بعد آخر أخذ ينحرف عن السّرب للانقضاض في هجوم عنيف .
في رواية ( ييجي كوشينسكي ) الصادرة عن الهيئة السورية للكتاب بترجمة / محمود منقذ الهاشمي ، يأخذنا الكاتب إلى الجانب المريع من الحرب العالمية الثانية من خلال طفل في السادسة من عمره ، أرسله أبواه من المدينة إلى قرية بعيدة حماية له من ويلات الحرب ، تموت المرأة التي ترعاه بعد شهرين من وصوله ، فيهيم من قرية لأخرى باحثا عن الأمان ، كان الطفل قاتم الشعر ، أسود العينين ، وسط فلاحين منعزلين مولودين من زواج الأقارب ذوي البشرة الناصعة والشعر الأشقر والعيون الزرق ، لذا بدا أمامهم كمثل الطائر المصبوغ الذي ينبغي الانقضاض عليه .
لم يتفهّم ( سرب ) الفلاحين انتماء الصبي ( المصبوغ ) إليه ، فقد نُظر إليه في كافة القرى التي شهدت رحلة هروبه على أنّه إمّا غجري أو يهودي ، وهاتان الفئتان منبوذتان اجتماعيا ، فضلا عن التعليمات النازية التي تقضي بإنزال أقصى العقوبات بمن يؤوي أحدا منهما .
تحتوي الرواية على كمّ هائل من العذابات التي يتعرض لها الصبي ، مما يجعل منها ملحمة في الصمود والتصميم على البقاء ، لكنه مجرد البقاء ، إذ من المتوقع أن تخلّف العنصرية التي واجهها الطفل الكثير من العاهات ، ليس أهمها الخرس .
يمكن القول إن هذه الرواية بمثابة نشيج موجع من أجل الحق بالاختلاف ، وقد نالت جائزة أفضل رواية في فرنسا ومن ثم نال مؤلفها جائزة ( المعهد القومي للفنون والآداب ) عام 1970 ، المؤلف ( كوشينسكي ) بولوني ، هاجر إلى الولايات المتحدة ، وشهد نجاحا كبيرا في الرواية والمسرح ، كان يعاني من عدم انتظام دقات قلبه ومن الإعياء العصبي والجسدي ، إلى أن مات منتحرا في عام 1991 ، كتب في كلمة وداعه : إنّني ذاهب لأخلد إلى النوم مدة أطول قليلا من المألوف ؛ سمّوها الأبدية . [/justify]
* ويأتيك بالأخــــبار من لم تزوّد .
( طرفة بن العبد )
رد مع الإقتباس