عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2010, 10:32 PM
المشاركة 8
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
وتهيج الذاكرة ما بين نهاد وقصتها ..

وتدفعني الأحداث المتعاقبة والمتتالية إلى الغوص عميقا بين مفاصل هذه

الملحمة .

فمن خلال الحدث الرئيس تهيج الذاكرة وتطل أكثر من كاميرا في أكثر

من زاوية لتنقل لنا فصول الحكاية بحنكة قلم متمرس وزاد لغوي ثري

ومعرفة عميقة بمجريات الوقائع ..

وكما ينسلخ الفجر من رحم الليل , أضاءت شموع الفرح في ذاك البيت

المعدم ....

وكما ينزل المطر غزيرا يغسل جنبات الأرض العطشى , ساحت ذاكرة

بطلة القصة لترسم أجمل لوحة عن تعب الحياة ..

أو ليست كلها تعب هذي الحياة ؟

أجل ..

فحتى فرحة العمر لم تنس صاحبتنا واقعها , بل ماضيها المتجدد معها ..

وقد أحسنت الكاتبة حين أوجدت رابطا منطقيا بين الحدث الآني وبين

غايتها الوصول بنا إلى الحدث الرئيس ..

فثرثرة النسوة المحيطين بها فع بها مضطرة لسماعهن ...

قالت إحداهن : " مسكينة أمها، لم ترَ الفرح في حياتها، تعبت في

تربيتها هي وأخوتها، تحمّلت الذل والانكسار..."

لم تدر النسوة أنهن يكسرن ما بقي من ذاكرتها المنهكة ...

لم تعلمن أنهن يوجعنها في حاضرها ويزدن من عمق النزيف ..

لقد نزفت الذاكرة ..

لم تذكرينها " أيتها القميئة بحيات(ها) السابقة؟ "

وهل نستطيع أن نقطع العرق النابض فينا ؟

وكيف تنسى المسكينة وقد غزت الذكريات كامل الشاشة , وعادت

اللحظات أدراجها إلى زمن العذاب ... عذابات الأم المناضلة و"
حظها

السيئ الذي رماها يوماً في طريق " مكلل بعدد من الأفواه التي تنشد

الحياة .. طريق رميت فيه وحيدة دون سلاح ودون جناح ..

لله درك أيتها الأم كم تعاني ...

ولله درك يا نهاد ...

لقد رسمت لنا صورة الأم في أبهى حلة ... إنها أجمل من أي رسم تفنن

الأولون في نقله ..

لله درك أختاه وأنت تملكين هذه الكاميرا المحترفة تنتقلين بها من صبر

الأم ومعاناتها إلى مجون الأب ولا مبالاته , دون أن تنسي ذلك الرابط

الأزلي بين الأخت وأخيها وما يمكن أن يقع بينهما من مشاحنات تزيد

من رباط الأخوة ...

لقد أتعبت ذاكرة هذه العروس يا نهاد ...

وبالمثل أنهكت متصفحك بمداخلتي الطويلة ...

إن الكلمات تتساقط غزيرة ... لكني مضطر لألجمها حتى لا ينالك الملل

من قلمي ...

الكاتبة المتميزة : نهاد رجوب

قصة جديرة بالقراءة مرة ومرتين وأكثر

لقد نجحت في رسم هذه العائلة أيما نجاح

أشد على يمينك

وعذرا لأن قصتك أنستني الترحيب بك بيننا

ودمت بود دائما