عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2010, 05:26 AM
المشاركة 25
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ عنوان الزاد ] :
( النية )
-------------------------------------


إن الصلاة تتكون من واجبات ركنية ، وواجبات غير ركنية ..
والواجبات الركنية هي التي تبطل الصلاة بنقصانها عمداً وسهواً ..
ومن هذه الواجبات النية، التي هي حركة في القلب ..
فالتكبير ، والقيام ، والركوع ، والسجود ؛ أعمال خارجية ..
أما النية ؛ فإنها عملية في القلب ، وهي قوام الصلاة ..
يقولون :
بأن النية بالنسبة إلى العمل ، كالروح إلى الجسد : مهما كان الجسد قويا ، فهو ميت لا قيمة له ..
وأعمالنا كذلك .
أثر النية في الخلود ..
إن طاعات الإنسان في الحياة الدنيا ، تكون لسنوات محدودة ؛ فكيف يعطى الأبدية في الجنة ؟..
والأعجب من ذلك ، إذا كان هناك مسلم ارتد عن الإسلام ، ثم مات بعد الارتداد بثوانٍ قليلة ؛ هذا جزاؤه جهنم خالدا فيها ؛ لأنه أشرك بالله - عز وجل - { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } .. هذا الشرك كان لثوان فقط، ولكن الجزاء هو الخلود في جهنم ..
وكذلك بالنسبة إلى الطاعة :
إذا كان هناك إنسان كافر وأسلم ، ثم مات بعد ثوان ؛ فإن هذا الإنسان يدخل الجنة خالدا فيها ..
والذي أوجب لهذا الخلود في النار ، ولهذا الخلود في الجنة ؛ هي النية ..
أي يا رب ، لو أبقيتني إلى أبد الآبدين ، لكنت لك مطيعا وبك مؤمنا ، أو العكس ..
هذا تأثير النية.
الرياء المبطل للعمل ..
إن من شرائط الصلاة النية الصحيحة ؛ أي أن لا يكون الإنسان مرائيا في عمله ..
إن البعض يصلي جماعة ، فتأتيه خاطرة : أن الناس ينظرون إليه بارتياح ، ونظرتهم هذه توجب له زيادة في المعاش .. أو أن شابا يذهب إلى المسجد ، فيكون ذلك مدعاة لتزويجه .. هل هذه الخواطر مبطلة أو غير مبطلة ؟..
إن هناك فرقا بين الخواطر ، وبين ما استقر في صفحة النفس ..
فالرياء المبطل ، هو الرياء المستقر ، وليس الذي يرد على نحو الخاطرة ..
قال تعالى في كتابه الكريم :
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } ..
قال تعالى : { إِذَا مَسَّهُمْ } ؛ أي اتصال سطحي .. { طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ } ؛ لم يقل : شيء استقر من الشيطان ..
هل من موجبات عدم الإخلاص ، أن يعبد الإنسان ربه طمعا في الجنة ، أو خوفا من النار ؟..
إن عبادتنا هي إما عبادة العبيد الخائفين ، أو عبادة التجار .. فهل هذا يخل بالإخلاص ، أم لا ؟.. فقهيا : لا ، الصلاة صحيحة .. أما عرفياً وأخلاقياً ؛ فإن هذا بعيد عن الإخلاص ..
أين نحن وعبادة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) الذي كان يقول :
( إلهي !.. ما عبدتك خوفاً من عقابك ، ولا طمعاً في ثوابك .. ولكن وجدتك أهلاً للعبادة؛ فعبدتك ) ؛ هذه هي عبادة الأحرار ..
والإنسان المؤمن يحاول أن يترقى في عبادته ، ليصل إلى هذه الدرجة .
إننا عندما نتوضأ في الصيف بالماء البارد ، أحدنا يتوضأ وهو يعلم أنه ضمنا سوف ينتعش وتسري البرودة إلى بدنه .. هو لا ينوي ذلك ، ولكن البرودة تأتيه قصرا .. وكذلك في قربك لله - عز وجل - لا تنوي الحور ولا القصور، بل قل : يا رب !.. أحاول أن أعبدك عبادة الأحرار .. إن استطعت ذلك ، فإنه - عز وجل - يعطيك ما لا يخطر على بال بشر ..
عندما يدخل الإنسان الجنة ، فإنه يرى من الجمال الإلهي ما تندهش منه العقول ، يقال له : اذهب إلى القصور وإلى الحور ؛ ولكن قلبه لا يطيق فراق هذه الحالة ، لأنه يرى أن ما هو فيه من الانشغال بهذا الجمال الإلهي ، لا يقاس بالجمال المادي ..
ومن هنا قيل :

{ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ
} !..


8 / 9 / 2010