عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2023, 01:36 AM
المشاركة 9
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: نساء (مجموعة قصصيّة)
بَرْدُ الانتظار

#نساء

مساءً قبل دخول الليل حجرة النهار بنبضة، سماء رمادية ومطر يتمدّد على كل الأشياء، ريح تهمس كنايٍ مذبوح، طريق طويل تمتد على جانبيه أعمدة الضوء الخافت، شجر كثير كثيف يلوّح بأغصانه، رصيفٌ يحمل غبار أحذية من مرّوا، قمرٌ خافت يقترب من بعيد يكبر يكبر يكبر.. هو بقامةٍ كالنخل وجسدٍ متوسط، وهندام أنيق بسيط تلتسق به قطرات المطر الكثيفة، عينان تملأهما قصص كثيرة، نساء على مد البصر بجمالهن وظلمهن وقسوة أريجهن، يمشي ببطء كأنه على موعدٍ بفتاة قلبه، هو لم يكن على موعدٍ مع أحد، مضى .. أشعل بخطواته حبات المطر الباردة، مضى أكثر .. أيقظ ورق الشجر الحالم على أغصانٍ لا تهدأ، وجد مقعداً، جلس، توضّأ قلبه بالمطر واقترف تنهيدةً ثمّ أخذ من سيجارته قبلةً غاضبة وصمت. لم تأتِ بعد، كانت هي في شرفتها، في ذات اللحظة، تعدّ واجبها المدرسيّ، الشرفة باردة، ما الذي يجبرها على هذا! ربما تنتظره؟ ربما تنتظر أحداً سواه، رجلاً سواه، مطراً سواه، حلماً سواه، تتابع واجبها المدرسيّ، تفقد التركيز في كلّ شيء، ضوء خافتٌ يتسلّق شرفة منزلهم، نام الناس جميعاً، وقفت هي تترقب قدومه، كان هو جالساً يدخّن، إشتعلت غيرتها، كيف يُقبِّلُ غيري؟ قررت أن تبتاع أملاً جديداً من سمائها الرمادية، جاء الحلم ميتاً، فاستفاقت على صرخات والدها:"حان موعد العشاء.." قالت:"وماذا عنه..؟" خطفت نظرةً، كان قد رحل.