عرض مشاركة واحدة
قديم 03-29-2011, 10:32 AM
المشاركة 4
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم الدكتور أحمد إيشرخان المحترم
تحية الأدب والمعرفة أقدمها إليك ، راجياً أن تكون في منابرنا الحبيبة موفقاً بالخيرات . .
أما بعد . .
لقد جئت بموضوع شيق جداً ، ويظهر بأنك كتبته وأنت تقصد الاختصار ليناسب المقام والنشر على صفحات منابر الخير . .
الذي لاحظته . . أنك وبحرفية كبيرة لم تظهر للقارىء رأيك الإيجابي أو السلبي بموضوع التصوف ، وقد يحتاج ذلك من واحدنا إلى مناقشات مطولة وأبحاث جادة . .
أقول وبالله التوفيق ، أن التصوف (ومعناه من يلبس الصوف-ارخص مادة نسيج متوفرة في ذلك العصر- ويتنزه عن لذائذ الدنيا ، ويهتم بعلوم الدين عن ثقافة ودراية فتصبح شاغله الأوحد ، فهذا هو المتصوف أو الصوفي ، ولا علاقة لمدينة صوفيا بالأمر بالطبع وكذلك لا علاقة للكلمة بالصف الأول في الصلاة مثلاً).
وحتى نحسن التفكير والتوجه نحو مثل هذا الأمر فعلينا أن نعود لمبادئنا الإسلامية الأصلية :
1- كل مانفعله في حياتنا يجب أن نرده للقرآن والسنة ، ثم لاجتهاد السلف قدر ما تتشابه الحالات والأحداث ثم القياس .... إلخ .
2- التصوف ليس منتقداً من أحد بحد ذاته ، فإذا أردت أن تعتزل وتلجأ إلى الله وتتفقه وتفكر وتحلل فكل ذلك جيد وجميل ، ولكن بشرط صريح واضح هو ألا تغير شيئاً في الأصول والاتباع خوف أن تخرج عن الملة .
3- الورد الذي يتبعه كل صاحب زاوية هو دعاء ديني قد لا يحوي شيئاً خاطئاً على الإطلاق ، ولكن أهميته المبالغ فيها عند المريدين تجعل البعد عنه (في هذه الحالة) مغنماً ، فلو تأخر أحد المريدين عن الورد الصباحي مثلاً لشعر بتقصير يشل يومه بالكامل ، وهذا الشعور لا يأتيه لو فاتته صلاة واجبة(وهذا كمثال فقط) .
4- فلسفة الزاوية التابعة لشيخ الطريقة قد يكون لبعض طرائقها أسباب ناسبت الشيخ حين ابتدع الطريقة ، وكل ذلك لا بأس به (إذا لم يخالف الأصول)، وتأتي المشكلة أن على المريدين المثقفين أو غير المثقفين أن يتبعوا (الطريقة)ومن يتبعها أحسن يصبح أقرب ، وأقول هنا : أقرب لمن ! نحن المسلمون الذين يتبعون منهج السلف بدون حزب ولا طريقة ولا زاوية فإننا نمثل الاسلام كما خرج من أرض مكة والمدينة ولا نخترع ولا نبتدع طرائق نخشى أن تحيد بنا عن جادة الصواب ، ومع ذلك نحن نعمل عقولنا في الدين والفقه والتحليل الديني ونقدم لمجتمعنا أنشطة وأعمالاً مختلفة ترفعه ، ونحن نظن ونعلم بأن هذا هو الصلاح.
5- يبتكر شيخ الطريقة أشياء كثيرة يلزم بها المريدين ، وبعد مرور عصور كثيرة تكتشف أن كثيراً من أوامر (الشيخ) كانت غير صحيحة وتـُخرج عن الملة.
6- قد تجد اسم عائلتي (صوفي) وقد تفكر من أين أتت هذه الكنية ، وأقول لك بأن آبائي وأجدادي كانوا على ما أشرت إليه هنا ولم يقبلوا يوماً أن تكون لهم زاوية أو أن يكونوا أقطاباً أو غوثاً ، فالغوث بيد الله لاغير هو الإله وعليه نتوكل
، وكانوا يعملون في وظائف تعنى بالعلم الديني (مدرس دين ، قاضي، مؤلف لمؤلفات دينية ، قارىء ، عاقد شرعي . . . إلخ)، وكنا قبل أربعمائة عام في جنوب المغرب (الساقية الحمراء) ، وما زالت نفس العائلة وبأعداد كبيرة هناك .
وقد أحببت أن أوضح باختصار شديد هذا الرأي للتفريق بين البدعة الحسنة المستحدثة وكيف يمكن أن تتحول إلى الخطأ لو استخدمت بشكل غير صحيح وأصبحت عرفاً من الأعراف السائدةفي المجتمع.

عزيزي . .
تقبل تحيتي وكامل احترامي . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **