وأحببتُها، لكنْ أجابت: تأخَّرا
لِيَذبل حلميْ بعد أنْ كان أخضرا

فهاجرتُ نحوَ اللامكان، لأننيْ
مَكثتُ دهوراً في الصراع وأعصُرا

ولمْ أستطع نسيانَ ذلك يقظةً
وحتى الكرى، لم أنسَ ذلك في الكرى

أنا قِصة الحزن السعيدة في الهوى
وقلبيَ شاء الحب أن يتفطرا

تَعنّبتِ الأحزان لَمّا عصرتُها
فيا تعَبيْ هاتِ الكُؤوس لِنسكرا

لقد باعني أهليْ، ضلالاً سفاهةً
وكيف لمثليْ أن يُباع ويشترى؟

أقمتُ بمنفايَ الكلامَ مُفَتشاً
لنفسيْ بنفسيْ عن مَمَرٍ لأعبُرا

وإذ راوَدتنيْ الريح عنيْ صددتها
فقُدّ قميصيْ من أمام ومن وَرا

تراءى لنَصيْ بعض ما لا يُرى
لذا سأقترف التأويل ناراً لكيْ أرى

سأُبعثُ في جَمْع الضعاف مُبشِّراً
وأُبعثُ في جَمْع الطواغيت مُنذرا

فهاتيك شمسيْ في الصباحات أشرقت
وهذاك بدريْ في المساءات أقمرا

سأشتدُّ حدّ اللايقالُ لأننيْ
سأدفع كسرى عن بلاديْ وقَيصرا

لقد كنتُ فرعاً للأصولِ جميعِها
وكنتُ لِكل الإشتقاقات مَصدرا

ففي مجمع البحرينِ صحراء صِرتُها
كما صرتُ بين الرمل والرمل أنهُرا

نبتُّ بوديانِ الحياةِ وبعدها
تدفقتُ شلالاً سخياً من الذُّرى

فمن ذا الذي قبليْ هنا فاض جَدوَلاً؟
ومن ذا الذي قبليْ هناك تشجّرا؟

سأحشد كل الساكنين بعالَميْ
وأُسمِعهم من سورة الشعر أسطرا

فإمّا أقود الناس نحوَ خلاصِهم
وإما أموت اليَوم حراً فأُعذرا