عرض مشاركة واحدة
قديم 08-18-2010, 09:23 AM
المشاركة 19
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المشهد السابع
( تذكر الموت )



= السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها السادة الميتون عما قريب
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

= نحن مسلمون
وجميعنا نؤمن بأن الله حق والموت حق أليس كذلك
ولأنه كذلك علينا أن نضع الموت نصب أعيننا
كل دقيقة تمر من عمرنا
وعلينا أن نتخيل أننا سنموت وتخرج أرواحنا من أجسادنا
ونصبح أجسادا هامدة في أي لحظة آتية - ولكن الكثيرين منا للأسف لا يذكرون الموت إلا قليلا-

والشيطان اللعين يساهم في هذا – فكلما ذكرت الموت –
يمنيك الشيطان اللعين أن الموت ليس لك انما لغيرك
ويجعلك متأكدا ان العمر طويل طويل


=أما نبي الأمة فيروي عنه ابن عمران ويقول :
كنت جالسا مع رسول الله (ص) فجاء رجل من الأنصار
فسلم على النبي (ص)
فقال : يا رسول الله – أي المؤمنين أفضل ؟
قال : أحسنهم خلقا- قال : فأي المؤمنين أكيس ؟
قال : أكثرهم للموت ذكرا –
وأحسنهم لما بعده استعدادا اولئك الأكياس ؟

وقال عليه الصلاة والسلام :
الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت –
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله 0

والعاجز هنا المقصر الذي يتبع الشهوات ويتمنى على الله أن يغفر له –
وهذا هو الاغترار- وهذا هو الأمن من مكر الله -

فعن معروف الكرخي رحمه الله قال :
رجاؤك الرحمة ممن لا تطيعه حماقة وخذلان



يقول الامام علي :
أحسنت ظنك بالأيام اذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وعن طول الأمل – قال الغزالي رحمة الله عليه :
اعلم أنه اذا طال الأمل هاج منك أشياء :
ترك الطاعة والكسل فيها وترك التوبة وتسويفها ( أي تأجيلها )
والحرص على الجمع والاشتغال بالدنيا وقسوة القلب
ونسيان الآخرة -

ولكن لماذا طول الأمل يفعل كل هذا؟

بالمختصر اذا أحس الانسان أن عمره طويل
يبقى لديه أمل باصلاح نفسه
وتغيير سلوكه –

ولكن من يدري أنه يعيش للغد أو حتى لما بعد ساعة –

فقد يموت فجأة وهذه الميتة مكروهة للإنسان المؤمن –

أما عندما يمرض الإنسان لكأنما الله يمهد له
بأنه أشرف على الموت ويعطيه فرصة
لذلك يقال إن الجسم الذي لا يمرض يأشر ويبطر0

= وقال : لقد وعظت نفسي بالقرآن والموت0
أخي يا صاحب الأمل الطويل يا ناسي الموت -
قد تتعظ قولا وعلما أما عملا فلا

قد تستمع الى خطبة جمعة من امام المسجد
وهو يحدثك عن الموت وما أن تخرج من باب المسجد
حتى تتلهى بقشور الدنيا –
ولا تعاود الاجتهاد في التزود للآخرة
كاجتهادك في تدبير الدنيا العاجلة
ولم تستح من الله كما تستحي من الخلق
ولم تشمر للقبر كتشميرك في الصيف لأجل الشتاء
وفي الشتاء لأجل الصيف ولو فتشت
عن سبب تمادي النفس في فعل هذا
لوجدت انه الاعتقاد بتراخي الموت واستبعاد هجومه –
مع أنه لو أخبرك الطبيب أنك ستموت بعد شهر
لاستقامت نفسك
ولهزل جسمك ولاستويت على الصراط المستقيم -
تخيل انك ستموت في نهاية هذا الشهر فما أنت فاعل ؟؟
نشدتك بالله تعالى - حاول أن تجيب ؟

= إليك هذه الحكاية : قال الشافعي :
الشحم لا ينعقد مع الحزن والغم ثم قال :
كان بعض ملوك الأرض قديما كثير الشحم لا ينتفع بنفسه –
فجمع الأطباء وقال لهم :
احتالوا بحيلة يخف بها لحمي هذا قليلا –
فما قدروا على شيء فجاءه رجل عاقل وقال للملك : أ
نا سأعالجك – قال الملك : عالجني ولك الغنى – قال :

أصلح الله الملك انما أنا منجم ولست بطبيب –
فدعني أنظر الليلة في طالعك لآرى أي دواء يوافق حالتك
ولما أصبح – قال : أيها الملك أعطني الأمان ؟
فلما أمنه الملك قال له :

رأيت طالعك يدل
على أنه لم يبق من عمرك غير شهر واحد
فاذا أردت عالجتك –
واذا أردت أن تتأكد من كلامي فاحبسني عندك شهرا
فاذا كان قولي صحيحا فخل عني واذا كنت كاذبا فاقتص مني
وعاقبني بالذي تريد – فحبسه الملك –
وبدأ يفكر في نفسه ويقول شهر واحد بقي من عمري
لا بد من أن أصلح من شأني فرفع الملاهي
وتوقف عن شرب الخمر وساعد المحتاجين
واحتجب عن الناس
وخلا مغتما كئيبا حزينا
يلوم نفسه على ما فعل في السر والعلن
وكلما اقترب الشهر على نهايته
زاد حزنه وخوفه من الموت والقبر
وبعد ثمانية وعشرين يوما بعث الملك الى المنجم
وأخرجه من سجنه وقال له : ماذا ترى ؟
قال: أعز الله الملك – أنا أهون على الله من علم الغيب !
والله اني لا أعرف عمري ولا متى سأموت
فكيف لي أن أعرف عمرك
و لم يكن عندي دواء لبدانتك وشحمك
سوى الغم وانتظار الموت –

فمن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها
اذا أقبلت كانت على المرء حسرة وان أدبرت كانت كثيرا همومها



= أخي المستمع 00 كل هذه المشاهد وأنت لم تمت بعد

لا زلت على قيد الحياة – ولم تسقط ورقتك بعد !!
ولم يأت ملك الموت ليأخذ روحك ولما يحفر قبرك بعد
هل مررت ذات يوم بالمقابر ورأيت قبرا محفورا؟

هل جربت أن تلقي نظرة
وتتفقد أرضه التي ستلقى عليها ذات يوم
ما رأيك أن تذهب اليوم الى المقابر لزيارة أحد أقربائك

وتنزل في أحد القبور الفارغة وتتخيل أنه مسكنك الجديد

وماذا يمنعك من الاستلقاء فيه؟



= وقد أسمعتكم في المشهد السابق
كيف بات يحيى عليه السلام في قبر احتفره لنفسه فمكث فيه ثلآثة أيام وهو يبكي من هول القبر
ويغيب فيه عن الدنيا ويعيش مشهد الموت
وحيدا بعيدا عن الدنيا وأهلها

= فاذا كان هذا نبي الله يخاف من القبر ووحشته ويحسب حسابا لليوم الذي يكون فيه تحت التراب فكيف بنا نحن

= وهذا سفيان الثوري كان لديه قبرا في منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى ( رب ارجعون – رب ارجعون )
ثم يقوم منتفضا ويقول لنفسه : ها أنت قدر رجعت يا سفيان فماذا أنت فاعل ؟

زرع أعماركم قد أذن بالنفاد ونوم غفلتكم قد أطال الرقاد
فأين الحسرات على فوات الأمس
وأين العبرات على مقاساة ظلمة الرمس-
أين ما أعددتموه ليوم لا تجزي نفس عن نفس؟



أأمل أن أخلد والمنايا يثبن إلي من كل النواحي
ولا أدري إذا أمسيت حيا لعلي لا أعيش الى الصباح

= نعم لعلي لا أعيش الى الصباح –

= أخي المستمع – في المشهد القادم سأحكي لك قصة حقيقية عن رجل ذهب الى المقابر ونام ليلة في القبر –

انتظرونا في المشهد التالي من مشاهد الرحلة الى المقابر في الغد
هذا ان عشنا ليوم الغد



يتبع .... ناريمان