عرض مشاركة واحدة
قديم 08-12-2010, 11:35 PM
المشاركة 12
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المشهد الرابع ( أسباب طول الأمل )




السلام عليكم أيها السادة الأموات عما قريب

ومرحبا بكم في المشهد الرابع من مشاهد الرحلة الى المقابر


= لا زلت أخي المستمع أحدثك عن طول الأمل

ولمن فاته ما تقدمت به – طول الأمل معناه : استبعاد الموت -

ترى ما هي أسباب طول الأمل ؟

يقول لله تعالى ( انما اموالكم وأولادكم فتنة )

أي اختبار وامتحان للعبد ليرى رب العزة

هل يشتغل بها عن الله فينساه ويعصيه ؟

والأموال والأولاد كما هو معروف زينة الحياة الدنيا

فتتزين الحياة لنا بالأموال والأولاد

ونحبها ونجري خلفها لاهثين باحثين عن السعادة فيها

ناسين أن حب الدنيا يجرنا الى نسيان الآخرة .


= واعلم أن طول الأمل له سببان أحدهما حب الدنيا –

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : حب الدنيا رأس كل خطيئة -
لأنه اذا أنس بها واستلذ شهواتها وتعلق بعلائقها

ثقل على قلبه مفارقتها فامتنع قلبه عن التفكر في الموت

الذي هو سبب مفارقة الدنيا ويظل شغوفا بالأماني الباطلة

فيمنّي نفسه بما يوافق مراده وهو البقاء في الدنيا – ف
لا يزال يتوهم هذا ويقدره في نفسه

ويقدر توابع البقاء وما يحتاج اليه

من مال وأهل ودور وقصور وزروع وثمار وسائر أسباب الدنيا

فيصير قلبه عاكفا على تأمين هذا وذاك

فيلهيه كل هذا عن ذكر الموت

ولا يقدر قربه ولا يتوقع حضوره –

واذا حصل وان ذكر الموت أمامه سوّف ووعد نفسه

وقال لها : الأيام طوال طوال والعمر لا يزال في أوله –

أتوب عندما أكبر فاذا كبر

فقال في نفسه : عندما أصير شيخا واذا شاخ

- ولا زال يؤخر ويسوف ولايكاد ينهي شغلا من أشغال الدنيا

حتى ينشغل في آخر –

وهكذا الى أن يفاجأ بالموت

يحضره ويهجم عليه ويأكل عمره ويسرقه من أشغاله وأعماله

التي لم يستكملها بعد –

فلا هو أنجز لدنياه ولا هو استعد لأخراه –

في كل يوم يشيع جنازة ويحملها على كتفه

ولا يدري أنه سيحمل ذات يوم بنفس النعش
ويسير بنفس الطريق ويقبر في قبره وحيدا

ليس معه رفيق ولا صديق ولا حبيب

إلا العمل وان صح ان أسمي القبر لأسميته ( صندوق العمل ) –

= يا من بدنياه اشتغل- وغره طول الأمل

= الموت يأتي بغتة والقبرصندوق العمل

= وجاء في بعض الأخبار أن تحت العرش ملكا ينادي كل يوم وليلة

الويل لمن ترك عياله بخير وقدم على الله بشر .
سؤل أحدهم : أي الاصحاب أوفى ؟ قال: العمل الصالح –

وسئل أيهم أضر وأبلى –قال : النفس والهوى –

قيل له : فاين المخرج ؟ قال : في سلوك المنهج –
فسئل : وفيم ذاك ؟ قال : ببذل الجهد وخلع الراحات

= تذكر

حياتنا صلاة تنتهي بسجدة الموت

وأعجب العجب أن تحب الله ثم لا تحبه –
وان تسمع داعيه ثم تتأخر عن الاجابة –

وأن تعرف قدر البرح في معاملته وتعامل غيره –

وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له

وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته

= وحب الدنيا ظلمة والسراج لها التقوى

والذنب ظلمه وسراجه التقوى

والقبر ظلمة والسراج لا اله إلا الله محمد رسول الله –

والاخرة ظلمة وسراجها العمل الصالح

والصراط ظلمة وسراجه اليقين



=فحب الدنيا وحب الآخرة كالضرتان لا يجتمعان في قلب
فحب الدنيا يجر المرء الى طول الأمل

والى الغفلة عن قرب أجله وتقريب الموت القريب

أما السبب الثاني فهو الجهل

أما الجهل فيدفع بالفكر الصافي والسماع للموعظة والحكمة

والعبرة ممن ماتوا

فلو دامت الدنيا لغيرك ما كنت أنت فيها-
ولو دامت للخلف لكنت عشت مع السلف

أما حب الدنيا فإخراجه من القلب شديد

وهو الداء العضال الذي أعيا الأولين والآخرين –

وعلاجه الإيمان بالله واليوم الآخر-

والإيمان المطلق بأن الموت حق – والساعة حق –

وما في اليوم الآخر من عظيم العقاب وجزيل الثواب –

فإذا تيقن الإنسان من الموت ارتحل عن قلبه حب الدنيا



= ذكر عن بعض الصالحين أنه قال :

رأيت في المنام رجلا وهو في برية
وأمامه غزالة يجري خلفها وهي تفر منه –
وأسد كأعظم ما يكون خلفه وقد هم أن يلحقه –
والرجل يرد رأسه وينظر الى الأسد فلا يجزع منه –
ثم يجري خلف الغزالة حتى لحق به الأسد فقتله –
فوقفت الغزالة تنظر اليه وهو مقتول –
اذ جاء رجل آخر قد فعل ما فعله المقتول –
فقتله الأسد ولم يدرك الغزالة – فخرج آخر ففعل كذلك -
قال : فما زلت أعد واحدا بعد واحد
حتى عددت مئة رجل صرعى والغزالة واقفة
فقلت : ان هذا لعجب – فقال الأسد : مم تعجب ؟
أوما تدري من أنا ؟ ومن هذه الغزالة ؟
فقلت : لا
فقال الأسد : أنا ملك الموت وهذه الغزالة الدنيا
وهؤلاء أهلها يجدون في طلبها
وأنا أقتلهم واحدا بعد واحد حتى آتي على آخرهم
فاستيقظ فزعا مرعوبا



تأمل في الوجود بعين فكـر ** ترى الدنيـا الدنية كالخيال

ومن فيها جميعا سوف يفنى** ويبقى وجه ربك ذو الجلال

– فان حب الخطير هو الذي يمحق من القلب حب الحقير

فاذا رأى حقارة الدنيا ونفاسة الآخرة كف عن التمسك بالفاني

والتهاون في الباقي

حتى وان أعطي الدنيا بأسرها
فكيف وليس لكل عبد إلا قدر يسير منها

فيفرح بهذا اليسير ويركن اليها وينسى الموت
ويبني القصر ولا يعمر القبر-

– فهو السكن الذي علينا أن نعد العدة لإصلاحه
لأنه المثوى الأخير



= وذكر في بعض الأخبار أن جبريل عليه السلام
هبط على نوح عليه السلام فوجده
قد عمل بيتا من القصب على البحر
فقال : ما هذا يا نوح ؟
فقال نوح عليه السلام : يا جبريل هذا البيت لمن يموت
فقال له جبريل عليه السلام :
لتأتين أمة أعمارهم من الستين الى السبعين
يبنون بيوتهم بالحصى والآجرّ والحجر
فقال نوح عليه السلام :
ما كان على هؤلاء إلا أن يستفّوا الرماد حتى يموتوا




لو كنت تعقل يا مغرور ما برقـت ** عيناك من خوف ومن حـذر

ما بال قوم سهام الموت تخطفهم** يفاخرون برفع الطين والحجر

= فهذا نوح عليه السلام الذي عاش أكثر من ألف سنة

يبني بيته من القصب لأنه يستقرب الموت ويرى أنه يكفيه

والأمة التي تعيش ستين أو سبعين سنة هي نحن

فالواحد منا يبني البيوت ويعمرها وكأنه مخلد فيها
- وكأنه لن يموت أبدا –

فبالله عليك لو علمت أنك ستموت في يوم كذا وكذا

هل كنت تبني وتشيد وتجمع المال ؟
أم تفكر في الموت وماذا تجهز للموت قبل أن تغادر الدنيا بلا رجعة



= قال صالح البراد :

رأيت زرارة بن أوفى بعد موته فقلت :
رحمك الله ماذا قيل لك ؟ وماذا قلت ؟
فأعرض عني قلت : فما صنع الله بك ؟
قال : تفضل علي بجوده وكرمه
قلت : فبأي الأعمال بلغت ما بلغت ؟
قال : التوكل وقصر الأمل .
..... الى هنا

ألقاكم غدا بإذن الله تعالى
هذا ان عشنا ليوم غد ٍ.. لا تنسوني من الدعاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






..... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف