عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
1072
 
أحلام المصري
من آل منابر ثقافية

أحلام المصري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
440

+التقييم
0.10

تاريخ التسجيل
Aug 2012

الاقامة

رقم العضوية
11448
09-25-2021, 07:15 PM
المشاركة 1
09-25-2021, 07:15 PM
المشاركة 1
افتراضي ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
/
.
/
.
.
توطئة //
.
في حقل أبي..كانت حياة،
و حقل أبي يشبه كل الحقول حينها..إلا أن أبي كان هو المختلف!
.
.
حقل أبي..هو الوطن!

/
/

في حضرة الأحزان ،جاءت الذكريات تتهادى،
مد أبي نظره بعيدا، و استعاذ!
انتبهت..حين ألقى بحجرٍ صغيرٍ -كان يداعبه بين أصابعه- في النهر، فتشكلت دوائرٌ متتابعة و متشابكة و بعض فقاعات..لم تلبث أن اختفت..
ابتسم أبي ابتسامته الباهتة التي تلازمه منذ عقود..و قال:
سينتهي!
ثم ركن رأسه إلى جذع شجرة التوت العتيقة التي لم تبرح مكانها منذ زرعها جدي منذ ...ثمـــ.. تسعـــ... أو مائة عام كما يروي لي أبي!
سألته في همسٍ ، خشية أن أعكر لحظات تأمله :
ما الذي سينتهي يا حبيبي!!
نظر أبي إليّ و كأنه لم يكن يعلم أني برفقته، ثم ابتسم ابتسامةً أخرى، قديمة..لم أرها في عينيه منذ كنت طفلة..ابتسامة برائحة البرتقال و لون الشمس..ابتسامة فيها فرح النخيل حين يعانق الفضاء..و فيها رقص الريحان عندما تداعبه نسائم صبح..
ابتسم ، و ضمتني ابتسامته القديمة..ثم مد يده نحوي، فاقتربت منه و كما كان يفعل منذ عقود..أخذني في صدره، ربت على كتفي..و مسح على شعري ، ثم قال:
الفرح يا بسمتي..الفرح سيعود
الحزن سينتهي!
ثم همس لي بصوتٍ قديم:
أأحكي لك حكاية؟
فقلت بلهفة كنت قد نسيتها :
نعم ،حبيبي
احكِ لي حكاية، فقد اشتقت حكاياتك منذ زمن!
بيده الأخرى تناول بعض التراب من تحت قدميه، و قربه في كفه نحو أنفه..و قال:
هذا التراب لم تتغير رائحته قط..لكنه اليوم حزين!
غدا..سيفرح التراب..و سيغني الطين حين يضحك فيه القطن من جديد..و ترقص على صدره سنابل قمح..!
/
آهٍ يا أبي..ما تزال تحلم بأيامك القديمة!
أوجعك جدب الأرض و جفاف المطر..و النيل وحده غير قادر!
آهٍ يا أبي !
يا لهذا الوجع الممتد على درب الخروج ذي الاتجاه الواحد..
هل تنسى يا أبي!
أتنسى يا حبيبي..كم من طيرٍ هجر أرضك!
و كم من فراشةٍ اغتالتها نار الغياب!
أتنسى يا سيدي..كم من سنبلةٍ ماتت قبل أن تنعم بولادة القمح..!
حبيبي أنت و صابرٌ حد الموت تحت شجرة التوت التي دفن تحتها أبوك كما أوصى!
لماذا يا أبي أراك مؤخرا لا تفارقها..!!
لماذا يا سيدي تعيد اجترار الحزن ، رغم محاولتك لصنع رغيف أملٍ لا يكفي لسد جوعنا جميعا..!
سيدي..
بات زمن الفراشات بعيدا..و شجرة الورد الأبيض التي زرعتها لي..سرقتها يد الطوب،
و أما شجرتنا العتيقة..فهي قائمة و قد اعتصمت بالأرض و النهر..
لكنها يا حبيبي لم تعد تدرك كيف تضم الفراشات!
.
.
خروج //
ما تزال شجرة التوت تنادي،
و الفراشات عرفت الدرب ذا الاتجاه الواحد!

.
.