الموضوع: يَبَـــــاب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-14-2021, 03:15 PM
المشاركة 10
فيصل أحمد الجعمي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: يَبَـــــاب
يَبــاب
.
.
.
حمَّلَ الريحَ سؤالًا وعِتابا
وجنى الرَّجْعَ من الوهمِ جوابا

ضربتْ عاصفةٌ من حزنهِ
لم تجدْ في رُوحهِ إلا الخرابا

أين ما أمَّلهُ من دهره؟
صارَ في مرآةِ ماضيهِ سرابا

ضيَّع الأيامَ يجنيْ لفمٍ
أكلَ الشهد شهيًّا مُستطابا

فجزى العمرَ الذي ضاعَ سُدًى
شَظفًا من ضَنَكِ العيش وصابا

وانثنى يسخرُ من غفلته
أينَ ما أنفقَ في العيشِ احتسابا؟

أين يا قافلةَ العمر يدٌ
أودعتْ في عُهْدة المجدِ كتابا؟

لم يجدْ يا ويحَهُ من جهلهِ
غيرَ أيامٍ سَبَتْ منه الشبابا

زرعَ الدُّنيا ربيعًا ومُنًى
لسواهُ وارتضى العمرَ اليَبابا

ويحَهُ من جاهلٍ أعرفُهُ
لم يزلْ يجريْ ويعتافُ الجوابا



23-2-2014
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حين تحاول الغوص في أبعاد المعاني لشاعرية كهذه.. وتحاول أن تتلمس مدلولات الألفاظ بجهد المقل ؛ يستوقفك الشعور بتصور الكم الهائل من المعاناة الإنسانية المكبوتة في قلب الشاعر ؛ تلك التي عاشت معه وله كالغصة الخانقة ؛ التي تأبى أن تغادره ، كما أنه هو الآخر ظل حريصا على عدم البوح أو حتى مجرد الاعتراف بها لفترة طويلة لسبب أو لآخر ؛ لكنه حتمًا بعد أن اصطدم بواقع الحال ، لا بد أن يفعل ، ولو بالطريقة التي يجيدها ، للتعبير عن الأشياء التي تعتلج في صدره ؛ بعد أن كان يتوقعها رصيدا له لا عليه ؛ فإذا بها قد ذهبت سدى ، وصارت كالهباء ، عند كل من لا يهم إلا نفسه وحياته ، ولو على حساب شظف العيش ومعاناة الآخرين ؛ وكم كان حري به أن يرد الجميل لأهل الجمايل ؛ لكن :
"لو كان له قلب أو ألقى السمع ..."
وأنى له ذلك .....؟!
إن كمية الحسرة والألم والندم على ما فات من أيام ضحى بها ، ليعيش غيره في بحبوحة من الرغد ، فإذا به لم يفكر حتى لمجرد التفكير من أين جاءته ؛ ولا كيف حصل عليها ؛ هو ما أثار في النفس كل هذا لتبدأ في تشخيص الواقع لها وعليها ...
مع خالص تحيتي وتقديري لشاعرنا القدير
أ.عبدالسلام بركات زريق .