الموضوع
:
المتنبي : سر بقاؤه وخلوده؟؟
عرض مشاركة واحدة
09-02-2010, 03:06 PM
المشاركة
6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
نشأة المتنبي
بقلم د . زهير غازي زاهى
في هذا العالم المضطرب المتناقض الغارق في صراعه الاجتماعي
والمذهبي كانت نشأة المتنبي وقد وعي بذكائه ألوان هذا الصراع وقد شارك فيه وهو
صغير، وانغرست في نفسه مطامح البيئة فبدأ يأخذ عدته في أخذه بأسباب الثقافة والشغف
في القراءة والحفظ. وقد رويت عن أشياء لها دلالاتها
في هذه الطاقة المتفتحة التي
سيكون لها شأن في مستقبل الأيام والتي ستكون عبقرية الشعر العربي
.
روي أنه تعلم في
كتاب. وروي أنه
اتصل في صغره بأبي الفضل بالكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله.
وروي أنه كان
سريع الحفظ
،
وأنه حفظ كتابا نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه
، وغير ذلك مما
يروى عن حياة العظماء من مبالغات
. . .
ولم يستقر في موطنه الأول الكوفة وإنما خرج برحلته إلى
الحياة خارج الكوفة وكأنه أراد أن يواجه الحياة بنفسه ليعمق تجربته فيها بل ليشارك
في صراعاتها الاجتماعية التي قد تصل إلى أن يصطبغ لونها بما يسيل من الدماء كما
اصطبغ شعره وهو صبي . .
هذا الصوت الناشئ الذي كان مؤهلا بما يتملك من طاقات
وقابليات ذهنية أدرك أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه
ومعارفه فخرج إلى بغداد يحاول أن يبدأ بصراع الزمن والحياة قبل أن يتصلب عوده
، ثم
خرج إلى بادية الشام يلقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم ويمدحهم فتقاذفته دمشق
وطرابلس واللاذقية وحمص.
كان في هذه الفترة يبحث عن فردوسه المفقود،
ويهيئ لقضية
جادة في ذهنه تلح عليه
،
ولثورة حاول أن يجمع لها الأنصار
، وأعلن عنها في شعره
تلميحا وتصريحا حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله
معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا
:
أبـا عبـد الإلـه معاذ أني
خفي عنك في الهيجا مقامي
ذكرت جسيـم ما طلبي وأنا
تخاطر فيـه بالمهج الجسام
أمثلـي تـأخذ النكبات منـه
ويجزع من ملاقاة الحمام ؟
ولو برز الزمان إلى شخصا
لخضب شعر مفرقه حسامي
إلا أنه لم يستطع أن ينفذ ما طمح إليه. وانتهى به الأمر إلى
السجن. سجنه لؤلؤ والي الأخشيديين على حمص بعد أن أحس منه بالخطر على ولايته، وكان
ذلك ما بين سنتي 323 هـ ، 324 هـ
.
البحث عن النموذج
:
خرج أبو الطيب من السجن منهك القوى . .
كان السجن علامة
واضحة في حياته
، وكان جدارا سميكا اصطدمت به آماله وطموحاته، وأحس كل الإحساس بأنه
لم يستطع وحده أن يحقق ما يطمح إليه من تحطيم ما يحيط به من نظم، وما يراه من فساد
المجتمع. فأخذ في هذه المرحلة يبحث عن نموذج الفارس القوى الذي يتخذ منه مساعدا على
تحقيق طموحاته
، وعلى
بناء فردوسه
. وعاد مرة أخرى يعيش
حياة التشرد والقلق، وقد ذكر
كل ذلك بشعره
. فتنقل من حلب إلى إنطاكية إلى طبرية حيث التقى ببدر بن عما سنة 328
هـ، فنعم عند بدر حقبة، وكان راضيا مستبشرا بما لقيه عنده، إن الراحة بعد التعب،
والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه
أحس بالملل في مقامه
، وشعر بأنه لم يلتق بالفارس
الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه، وتحقيق آماله.
فعادت إليه ضجراته التي
كانت تعتاده،
وقلقه الذي لم يبتعد عنه
، وأنف حياة الهدوء إذ وجد فيها ما يستذل
كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعرا متكسبا كسائر الشعراء، وهو لا يريد
لنفسه أن يكون شاعر أمير،
وإنما يريد أن يكون شاعرا فارسا لا يقل عن الأمير منزلة
.
فأبو الطيب لم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه من استعاد إرادته وكبرياءه
إلا أن
السجن كان سببا لتعميق تجربته في الحياة
، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض
صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذا فهو أخذ أفقا جديدا في كفاحه. أخذ يبحث عن نموذج
الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه
.
رد مع الإقتباس