عرض مشاركة واحدة
قديم 07-27-2023, 10:47 PM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: *إلى أين أمضي* - قصة قصيرة

*الفصل الثاني*
*حـــــلم الثــــــــــــــــــــراء*
وبدأ آدم الحديث مع أبيه يشرح له الموضوع لأخذ رأيه ، ولكنه فوجىء بسرعة موافقة والده على المشروع كله "لا مانع لدي سيكون بإمكانكم العيش بمستوى أفضل ، وبإذن الله لن ينقصكم شيء".
ولم تمض سوى أشهر قليلة حتى كان البيع قد تم ، والثروة الكبيرة قد توزعت على الأولاد الأربعة ، وصاروا فعلاً من الأثرياء.
تغلغل الشعور بالثراء في قلوب الأبناء وعائلاتهم ، وبدأت زوجة الابن الأكبر بالكيد لزوجها وتزينت له وألحت عليه ، "لقد مكث والدك عندنا قرابة السنتين معززاً مكرماً ، وقد تقدم في السن وزادت احتياجاته ، وقد قمنا نحن بنصيبنا وجاء الدور على إخوتك ليقوموا بدورهم" ، ولكن الابن الذي تعود أن يطيع زوجته فيما تريد ، لم يجد في نفسه الجرأة أن يتناول مثل هذا الموضوع مع والده أو حتى مع إخوته .
ولما يئست زوجته وعلمت أن زوجها لن يتجه إلى فتح الموضوع ، اتخذت لنفسها سبيلاً آخر ، فهي ستظهر الود لوالد زوجها عندما يكون زوجها في البيت أما حين يغيب الزوج فإنها ستحيل حياة العجوز إلى غم وقسوة ، وشعر أبو آدم بالخطة كلها ، وكان يعاتب ابنه بنظراته عسى أن يتصرف ، ولكن الابن ترك الخطة تسير في نهجها ، وكان تأثره في أحسن الأوقات أن يغادر الصالة إلى الداخل ، فلا يجد العجوز بداً من أن ينسحب أيضاً إلى غرفته ليترك الصالة لصاحبة البيت.
وبعد مرور اسبوعين لا أكثر ، وبعدما عانى الوالد المسكين من زوجة ابنه ومن عدم اكتراث وعدم تدخل ابنه ، فقد قرر قراراً فجائياً أن يغادر إلى بيت ابنه الأصغر ، الذي كان يحبه جداً ، والذي اقترح عليه سابقاً أن يقيم عنده ، وصل الأب إلى بيت ابنه الأصغر ، فاستقبله الجميع بالبشاشة والترحيب ، ولكن تلك الفرحة انقلبت إلى عبوس ونفور حالما عرف سبب حضوره ، بأنه ليس للزيارة وإنما للإقامة ، ولم يتمالك العجوز نفسه من البكاء ، ولم يتحمل الوضع أن يكون في بيت ابنه ويكون غير مرغوب فيه ، فهذا الشعور لا يمكن احتماله ، وما أن مرت شهور قليلة حتى قرر العجوز أن ينتقل لبيت ابنته الذي كان يحبها ويدللها كثيراً منذ أن كانت طفلة صغيرة ، وكم أكرم زوجها حين تزوجت ، فكان مطمئناً في خطوته التي قررها ، بل كان متأكداً أنها الخطوة الصحيحة التي كان عليه أن يلجأ إليها منذ البداية. في بداية انتقاله كان الوضع مريحاً ، ولكن بعد حين ، كشر الصهر عن أنيابه وصار يتحين الفرص لابتداع الخلاف مع زوجته ومع الأولاد ، أما العجوز فقد سمع حديثاً هاتفياً بين ابنته وشقيقتها تشكو لها أن زواجها سينهار بسبب وجود أبيها عندها في البيت ، وفهم أيضاً أن ابنته الصغيرة متخوفة أيضاً من أن ينتقل أبوها للإقامة عندها ، وأن زوجها يقول أن الأولاد الذكور هم الأولى بوالدهم واحتياجاته ، وهو لا يقبل بإقامة أبيها عندهم ، لأنه هو غير مسؤول عنه ، وقد نسي هذا الصهر أن كل العز الذي يحيا به هو نتيجة لموافقة العجوز على بيع بيته وتوزيع ثمنه على الأخوة.
أسقط في يد العجوز ، المفجوع في حياته ، ولم يدر ماذا يفعل أو ماذا بإمكانه أن يفعل ، وهو الضعيف الذي لا مدخول له ولا بيت ، ولكنه وبعد مرور وقت قصير ، اتخذ قراراً جريئاً وخطيراً ، وقرر أن يسير قدماً في تنفيذه بدون أن يبلغ أحداً. ....... يتبع ...