عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
5097
 
حنان آدم
مداد فكر

اوسمتي


حنان آدم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
189

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة
مصر - القاهرة

رقم العضوية
7624
11-17-2011, 03:19 AM
المشاركة 1
11-17-2011, 03:19 AM
المشاركة 1
افتراضي أسرار سطوة الشعر وهوية شياطينه ..
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

العنوان بالفعل ملفت .. ولكنه لذيذ ..
وهو ما اكتشفنا به سر الوحى الشعرى عند الشعراء الذي تاه خلفه المريدون ...


حيث أخبرني إبراهيم السامرائي وكشف لي من صفحات الماضي أخبار أصحاب هذه السطوة
التى غلبت بقوتها أي قوة لأصحاب أي فن من أنواع الفنون الأخرى للأدب .. كالخطابة والنثر وغيرها ..
وأكبر أصحاب هذه السطوة الخليل بن أحمد ( كبيرهم الذي علمهم السحر نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة ) لما تفاخر -
: " إنما أنت تم معشر الشعراء تبع لي , وأنا سكان السفينة إن قرظتكم ورضيت قولكم نفقتم وإلا كسدتم " .. -
في ساعة تمر بهؤلاء الكبار يعرفون فيها لأنفسهم علو مكانتها دون وصولهم للزهو المذموم

فأصحابنا الشعراء كانوا نقادا يتقنون صنعتهم ويدركون أن غيرهم من أهل المعرفة لم يبلغوا مبلغهم في معرفة الشعر .
قال الصاحب بن عباد : " وحدثنى محمد بن يوسف الحمادى , وقال حضرت مجلس عبيد الله بن عبد الله بن طاهر وقد حضر البحترى فقال : يا أبا عبادة , مسلم بن الوليد أشعر أم أبو نواس ؟ فقال : أبو نواس , لأنه يتصرف في كل طريق ويتنوع في كل مذهب , إن شاء جدّ وإن شاء هزل , ومسلم يلتزم طريقا واحدا لا يتعداه , ويتحقق مذهبا لا يتخطّاه , فقال عبيد الله : إن احمد بن يحيى ثعلبا لا يوافقك على هذا , فقال : أيها الأمير ليس هذا من علم ثعلب وأضرابه , ممن يحفظ الشعر ولا يقوله , وإنما يعرف الشعر من دفع إلى مضايقه , فقال : ورويت بك زنادي يا أبا عبادة , لقد حكمت في عمّيك حكم أبي نواس في عميه جرير والفرزدق , فإنه سئل عنهما ففضل جريرا , فقيل إن أبا عبيدة لا يوافقك على هذا , فقال : ليس هذا من علمه وإنما يعرفه من دفع إلى مضايق الشعر " ..

وقد ذهب الشعراء إلى هذا وكأنهم أبوا على أهل النقد من اللغويين والادباء أن يكون لهم رأي صائب فيهم , وفي هذا يحسن بنا أن نعرض لما وقع للفرزدق مع عبد الله بن اسحاق الحضرمي ,
قال يونس : " وكان ( ابن ابي اسحاق ) يرد كثيرا على الفرزدق , ويتكلم في شعره , فقال فيه الفرزدق :
فلو كان عبد الله مولى هجوته .. ولكن عبد الله مولى مواليا
فقال له ابن ابي اسحاق : ولقد لحنت أيضا في قولك " مولى مواليا " وكان ينبغى ان تقول" مولى موال " والحليف عند العرب مولى , ومنه قول الأخطل ....
" ووما رواه أبو عمرو بن العلاء : إن ابن ابي اسحاق سمع الفرزدق ينشد :
وعض زمان يا ابن مروان لم يدع .. من الناس إلا مسحتا ً أو مجلّف ُ
فقال له ابن اسحاق : على أي شيء ترفع " مجلف ", قال : " على ما يسوءك وينوءك ... "

لذلك أدركنا ما كان الفرزدق يشعر به من سطوة الشاعر , ذلك الشعور الذي جعله يقدم على شيء من رداءة التأليف , وهو غير مبال بما يقوله اللغويون وما عابوه عليه ..

إذا .. هو الشعر .. صنعة فنية .. وشاعرية .. فتلك هي الصنعة ولكن أين الشاعرية ؟!

قد زعم - أصحابنا الشعراء - أن الشعر يأتيهم وحيا وإلهاما , ومن هنا أشاروا إلى شياطينهم ..
أو رئي من الجن فيوحى إليه فيقول الشعر ..
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أشار الأعشى إلى شيطانه " مسحل " فقال :

وما كنت ذا خوف ولكن حسبتنى .. إذا مسحل يسدى لى القول أفرقُ
شريكان فيما بيننا من هوادة .. صفيان إنس وجن موفّــق ..
يقول فلا أعيا بقول يقوله ... كفاني َ لا عِي ولا هو أخرق

وقال أيضا : " حبانى أخى الجني نفسي فداءه .. بأفيح جياش العريشات مرجم "

ويذهب عويف أبعد من ذلك فيذكر أن ردفه , أي تابعه من الجن قد دعا القوافى فأجبنه وارعوين لصوته فيقول :
دعاهن ردفى فارعوين لصوته .. كما رُعَت بالجوت الظماء الصواديا
وجوت : يقال للبعير إذا دعوته للماء ..

وأما أبو النجم الراجز فيرى أن شيطانه غير شياطين الشعراء فهو يفوقهم , فيقول في هذا إن شياطنه أقوى من شياطين الشعراء لأنه " ذكر " وشياطين غيره إناث - حتى التفريق له دور هنا ! - :
إنى وكل شاعر من البشر ..شيطانه أنثى وشيطانى ذكر
فما رآنى شاعر إلا استتر .. فِعل نجوم الليل عاينّ القمر

فهو يفاضل بين شيطانه وشياطين الشعراء الآخرين , وإلى شيء مثل هذا ذهب أعشى سليم حين وصف شيطان الفرزدق بأنه لم يكن قدوة بين شياطين الشعراء :
وما كان جنّي الفرزدق قدوة .. وما كان فيهم فحل المخبّل
وما في الخوافى مثل عمرو وشيخه ..ولا بعد عمرو شاعر مثل مسحل

وقال صبي بدوي :
إني وإن كنت صغيرا سنّى .. وكان في العين نبوّ عنى
فإن شيطانى أمير الجن ّ .. يذهب بي في الشعر كل فنّ
.. حتى يزيل عنّى التظنى

ويبدو أن توهمهم لشيطان الشاعر وهم يوشك أن يكون اعتقاداً اسطوريا ً ..
فكان الشاعر الكبير هو " الفذ " وهو " الخنذيذ " وإن شعره " رقية شيطان " لأنه مؤثر تأثير السحر .. ومن أجل هذا
كان عجب جرير أن " رقى شيطانه لم تستفز " عمر بن عبد العزيز :
رأيت رقى شيطانى لا تستفزه .. وقد كان شيطانى من الجن راقيا

ويرى صاحبنا جرير أنه أشعر الشعراء , وأن شيطانه لذلك قد اكتهل .. وأنه " إبليس الأباليس " فيقول :
وإنى ليلقى على الشعر مكتهل .. من الشياطين إبليس الأباليس

وذهب أحد الشعراء إلى أنه إذا عرض له الشعر .. أطلعته الجن على أشعارها فيصطفى منها ما يريد .. بعد أن يوردها عليه شيطانه فيقول :

وكنت إذا ما أردت القريض .. تخبّرني الجن أشعارها
أروض صعاب قوافي القريض .. حتى تذل فأختارها
قوافٍ يورّدها صاحبى .. إلي ّ وأكفيه إصدارها ..

فلم ينس أنه صانع ماهر وإن قوافيه تدرك الخفى من المعانى حين يرمى له شيطانه بشعره فيختار الأجود منها
لقد ذهب طرفة بن العبد إلى أن شعره أدرك الخفى من المعانى فهو يدخل مداخل لا تصل إليها مغارز الإبر . فيقول :
رأيت القوافى يتلجن موالجا .. تضايق ُ عنها إن نولّجها الإبر ُ

لذلك كثر فخرهم بالشعر وسيرورته حتى صار نهجا يسلكونه على تقارب أقدارهم ! , قال المسيب بن علس :
فلأهدين مع الرياح قصيدة .. منى مغلغلة إلى القعقاع
ترد المياه فلا تزال غريبة .. في القوم بين تمثّل وسماع

ومثله قول الأعشى :
وإن عتاق العيس سوف يزوركم .. ثناء على أعجازهن معلق
به تنفض الأحلاس كل منزل .. وتعقد أطراف الحبال وتطلق

ونقرأ قول تميم بن أبي مقبل فنلمح قدرة الشعر في شاعرية صاحبه وسطوته :
إذا مت عن ذكر القوافى فلن ترى .. لها تاليا مثلى أطبّ وأشعرا
وأكثر بيتا ماردا ضربت له .. حزون جبال الشعر حتى تيسرا
أغرّ غريبا يمسح الناس وجهه .. كما تمسح الأيدى الأغر المشهّرا

فكان فخرهم بالشعر وبناء القوافى من مواد الفخر المتفضلة لا يختلف درجة عن الفخر بالنسب وبالصفات الحميدة


!!
تلك هي أسرار أصحابنا الشعراء .. قد وقفنا منها على خير

لكنا نقول

..

" وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين "

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
" وأعوذ بك رب أن يحضرون "

" والشعراء يتبعهم الغاوون "

صدق الله العظيم .. صدق الله العظيم