عرض مشاركة واحدة
قديم 04-24-2021, 01:12 PM
المشاركة 4240
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

2731

.... أفْلَتَ فُلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقْنِ ....

أفلت‏:‏ يكون لازمًا ويكون متعديًا، وهو هنا لازم، ونصب
‏"‏جريعة‏"‏ على الحال، كأنه قَال‏:‏ أفلت قاذفًا جريعة، وهو
تصغير جُرْعَة، وهي كناية عما بقي من روحه، يريد أن
نفسه صارت في فيه وقريبًا منه كقرب الجرعة من الذقن،
قَال الهُذَلي:

نَجَا سَالِمٌ والنَّفسُ مِنْهُ بِشِدِقِه
ولم يَنْجُ إلا جَفْنَ سَيْفٍ وَمِئْزَرَا

قَال يونس‏: أراد بجفن سيف ومئزر، وقَال الفراء نصبه على
الاستثناء، كما تقول‏:‏ ذهب مال زيد وَحَشَمُه إلا سعدًا
وعبيدا، ويقولون‏:‏ أفلت بجُرَيْعَةِ الذَّقن، وبجريعاء الذقن
وفي رواية أبي زيد ‏"‏أفْلَتَني جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ‏"‏ وأفلت على هذه
الرواية يجوز أن ‏يكون متعدّيًا، ومعناه خلصني ونجاني،
ويجوز أن يكون لازمًا، ومعناه تخلص ونجا مني، وأراد
بأفْلَتَنِي أفلَتَ مني فحذف ‏"‏من‏"‏ وأوصل الفعل، كقول
امرئ القيس

وأفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءٌ جَرِيضًا
وَلَوْ أدْرَكْتُهُ صَفِرَ الِوطَابُ


أراد أَفْلَتَ منهن، أي من الخيل، وجريضا‏:‏ حال من عِلْباء،
ثم قَال ‏"‏ولو أدْرَكْنَه‏"‏ أي الخيل لصَفِرَ وطابُه‏:‏ أي لمات،
فهذا يدلُّ على أن ‏"‏أفلتني" معناه أفلت مني، وصغر
"‏جُرَيْعَة‏"‏ تصغير تحقير وتقليل؛ لأن الجُرْعَةَ في الأصل اسمٌ
للقليل مما يُتَجَرَّع كالحُسْوَة والغُرْفَة والقُدْحَة وأشباهها،
ومنه "‏نوق مجاريع‏"‏ أي قليلات اللبن، ونصب جريعة على
الحال، وأضافها إلى الذقن، لأن حركة الذقن تدل على قرب
زهوق الروح، والتقدير‏:‏ أفْلَتَني مُشْرِفًا على الهلاك، ويجوز
أن يكون جريعة بدلًا من الضمير في أفْلَتَني، أي أفلت
جريعَةَ ذقني، يعني باقي روحي، وتكون الألف واللام في
‏"‏الذقن‏"‏ بدلًا من الإضافة كقول الله عز وجل ‏(‏ونَهَى النَّفْس
عَن الهَوَى) أي عن هواها، وكقول الشاعر:

* وآنُفُنَا بين اللِّحَى وَالحواجب *


ومن روى ‏"‏بجريعة الذقن‏"‏ فمعناه خَلَّصني مع جُرَيَعْة كما
يُقَال‏:‏ اشترى الدار بآلاتها، مع آلاتها.